بقلم راشد الجاسم
@rashidaljassim
البحرين هذه الدولة الصغيرة بالحجم والكبيرة بعطاء أبناؤها، فهذا الشعب الأبي ومنذ بداية القرن العشرين وبالرغم من عدم وجود أجهزة اتصالات متقدمة وقنوات فضائية تنقل الأخبار، كان هذا الشعب مساندا لقضايا أمتيه العربية والاسلامية، فكانوا على تواصل دائم بمحيطهم العربي والاسلامي بالرغم من وجود الاستعمار الانجليزي في بلدهم، فهذا لم يثنيهم عن النضال في الداخل والخارج بمبدأ وحدة المصير.
فلو نستعرض شيئا منذ ذلك التاريخ ونستذكر الدور التاريخي لأبناء هذا الشعب ورجالاته في قضايا هذه الامة منذ بداية القرن العشرين وحتى منتصفه ولنذكر الجيل الحالي بأجدادهم وبهويتهم العربية الاسلامية التي بدأت تتشوه وتتقلص، في جيل أجدادنا كانت هويتنا من المحيط الى المحيط (من جاكرتا الى طنجة)، وفي جيل آباؤنا أصبحت من المحيط الى الخليج، وفي جيلنا خليجنا واحد، أما الجيل الحالي فيردد في المدارس شعار البحرين أولا فالهوية تتقلص جيلا بعد جيل، فلذلك نريد أن نعود معكم لتاريخ أجدادكم ولو بشكل يسير لتكتشفوا حقيقة هويتكم العظيمة، ولو كان على شكل نماذج تشكل أنماطا مختلفة من أوجه الدعم:
أولا: مساندة الشعب الليبيي ضد الاحتلال الايطالي عام 1911:
قيام عدد من وجهاء البحرين ومنهم الشيخان عبدالعزيز لطف علي الخنجي(1) والشيخ مقبل الذكير(2) بتقديم المساعدات للمجاهد أحمد بن السيد الشريف السنوسي، ونص خطاب الشيخ المجاهد أحمد السنوسي للشيخ عبدالعزيز الخنجي (3) :
نسخة من الرسالة مأخوذة من كتاب اعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الأول صفحة 516 و517 للباحث بشار الحادي
ومن ضمن الأمور الجميلة والتي تعكس مدى تطور النهضة الفكرية بقضايا الأمة هي اقامة مسرحية بعام 1940 بالنادي الأهلي وبالتعاون مع المدرسة الخليفية توضح القيم النضالية للشعب الليبي الشقيق في مقاوممة الطليان (4):
ثانيا: دعم الشعب المغربي ضد الاحتلال الفرنسي1925:
ذكر العدد الثالث لمجلة صوت البحرين في عددها الثالث الموافق لشهر ربيع الأول سنة 1370 بصفحة 31 ،اي بديسمبر عام 1950 بأن الأمير عبدالكريم الريفي وهو زعيم الثورة المغربية كتب وفي مذكراته بأنه استطاع محاربة الفرنسيين 15 يوميا بالمال الذي وصله من الحاج عبدالعزيز العوضي.
نسخة من مجلة صوت البحرين العدد الثالث صفحة 31
ثالثا: دعم فلسطين الحبيبة:
كانت التبرعات الأولى من أهالي البحرين لفلسطين الحبيبة عام 1924، فقد نشر المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى في فلسطين بيانا دعاهم فيه الى دعم ترميم وبناء الحرم القدسي الشريف، وبناء على هذا النداء استجاب أهل البحرين بحملة تبرعات كبيرة آنذاك وقد نشرت جريدة المنار عدد البلدان الاسلامية التي تبرعت وكان في مقدمتها البحرين بالرغم من قلة عدد السكان وتواضع شعبها ماديا (5).
نسخة عن تقرير صحيفة المنار مأخوذ من كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) صفحة 21 للاستاذ خالد البسام
وفي بداية عام 1939 حدثت عدد من المحاولات من أجل تشكيل لجنة لمساندة ثوار فلسطين(6)، الى ان تحقق ذلك في الخامس من شهر يونيو 1939، وتم الاعلان عن تأسيس لجنة لاعانة أيتام فلسطين، وهي صيغة الوحيدة التي تمكن من خلالها وطنيون وتجار وشيوخ وأهل البحرين ومعهم أهالي نجد المقيمين في البحرين لاتنزاع الاعتراف بها من قبل المحتل الانكليزي آنذاك وكان يوما تاريخيا لم يسبق له مثيل وعم الفرح كافة ارجاء البحرين(7)، واما اعضاء اللجنة التي كانت برئاسة الشيخ عبدالله آل خليفة ومنهم عبدالعزيز البسام واحمد فخرو وعبدالعزيز القصيبي وخليل المؤيد وخليل كانو ومحمد القاضي وقاسم كانو ومحمود عبدالنبي وعبدالرحمن الزياني ويوسف بوحجي وابراهيم الجودر والشيخ اسحاق واحمد بن حسن ابراهيم ويوسف زليخ وعبد علي العليوات وحسن المديفع ومحمد السرور ومحمد البحارنة ومحمد الجشي ومحمد العريض وقاسم الشيراوي وعلي أبل وحسين يتيم ويوسف بن عبدالله محمود وعبدالله الزائد وآخرون.(8)
وتشكلت اللجان وكان الاقبال غير مسبوق للتبرعات في مختلف قرى ومدن البحرين وكانت التبرعات تأتي من جميع أبناء هذا الشعب رجالا ونساء شيوخا وشبابا(9).
ومن ابرز الفعاليات الحاشدة التي دعت اليها اللجنة مع الشخصيات الوطنية في الثاني من ديسمبر عام 1947 كانت ضد التقسيم وكانت الجماهير الحاشدة تهتف تسقط الامم المتحدة وأمريكا وروسيا.(10)
صورة مأخوذ من غلاف كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام
أهالي البحرين يحتجون ضد قرار تقسيم فلسطين ديسمبر عام 1947
رابعا: دعم الجيش المصري عام 1955:
بعد تنامي الخطر الصهيوني على الأمة شكلت لجنة من مجموعة من أبناء هذا الوطن لاعانة مشروع تسليح الجيش المصري البطل باعتباره صمام أمان لهذه الأمة، فشكلت اللجنة من (11):
1-الحاج يوسف بن عيسى بوحجي
2-الحاج ابراهيم المسقطي
3-الاستاذ عبدعلي العليوات
4-الاستاذ عبدالعزيز الشملان
5-الاستاذ ابراهيم حسن كمال
وقد بدأت اللجنة عملها 12 نوفمبر 1955 وتمكنوا من جمع تبرعات من وجهاء وأعيان البحرين تقدر ب 107300 روبية(12).
ولا يخفي على الجميع تعلق الشعب البحريني بمصر آنذاك وزعيمها جمال عبد الناصر الذي استقبله شعب البحرين استقبالا حاشدا وهو في الترانزيت بمطار البحرين متوجها لمؤتمر عدم الانحياز بباندونغ عام 1955.
ختاما هذه هي نماذج نريد توصيلها لهذا الجيل لنذكرهم بهويتهم الحقيقية، فالبحرين ليست المحرق فقط وليست المنامة فقط وليست الرفاع فقط، فالبحرين هي شبه الجزيرة العربية والبحرين هي العمق العربي الاسلامي، وما يمس أي فرد من هذه الأمة العظيمة يمسنا، فمصيرنا مشترك وتاريخنا مشترك، ونصرتنا لقضايا هذه الأمة واجبة وهي ارث من الاجداد وسنورثه للأحفاد.
—————————————————
المراجع
1- كتاب أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الأول للباحث بشار الحادي صفحة516
2- كتاب أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الثاني للباحث بشار الحادي صفحة 973
3- كتاب أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الأول للباحث بشار الحادي صفحة 516 و517
4- صورة المسرحية من صحيفة الوطن صفحة 16 من العدد رقم 2764 بتاريخ 15 يوليو 2013
5- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 20 و21
6- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 40
7- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 42 و 43
8- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 45 و46
9- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 51
10- كتاب كلنا فداك (البحرين والقضية الفلسطينية 1917-1948) للاستاذ خالد البسام صفحة 133 و134
11- كتاب أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الرابع للباحث بشار الحادي صفحة 202
12- كتاب أعيان البحرين في القرن الرابع عشر الهجري الجزء الرابع للباحث بشار الحادي صفحة204
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق