الأربعاء 21 جمادى الأولى 1431هـ - 05 مايو 2010م
( العربية نت ) دبي- فهد سعود
أوضح في وصف دقيق قصة وصول السيف للبحرينباحث عماني: "الأجرب" كان هدية من الأمير سعود للشيخ أحمد بن خليفة الغتم آل خليفةبعد المبادرة التي قام بها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، عندما اهدى "السيف الاجرب"، الذي تعود ملكيته لمؤسس الدولة السعودية الثانية، الامام تركي بن عبدالله، للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، عادت التساؤلات التي خاص فيها المؤرخين كثيرا عن كيفية وصول هذا السيف الى البحرين منذ اكثر من 150 عاما. ومع تعدد الروايات، وتراكم الشائعات، يعيد هذا التساؤل نفسه الى حيز الذكرى والمسائله من جديد، بعد عودة السيف الى دياره بعد اكثر من مئه وخمسين عاما، وفي هذا الصدد يشاركنا المؤرخ والباحث العماني الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، برأيه، ليوضخ لنا القصة الحقيقية عن كيفية انتقال هذا السيف إلى البحرين .البداية وفي وصف دقيق، لم يسبق أن طرح في وسائل الإعلام، تحدث الدكتور الهاشمي عن تفاصيل عميقة حول تلك المرحلة الحساسة من تاريخ الجزيرة العربية، والتي شهدت استعمار عثماني وبريطاني واشتهرت بكثرة حروبها ومعاركها، حيث أكد المؤرخ العماني أن السيف وصل للبحرين بعد أن اهداه الأمير سعود بن فيصل بن تركي للشيخ أحمد بن خليفة الغتم آل خليفة، الذي رفض الانصياع لأوامر الانكليز بعدم مساعدة الأمير سعود على استعادة الرياض من أخيه عبدالله، وخرج معه وخاضا معركة وانتصرا بها، وعرفانا من الأمير سعود بن فيصل للشيخ أحمد على وقفته الشجاعه لاستعادة الرياض، أهداه السيف.في بداية حديثه، يذكر الهاشمي بعض المعلومات حول السيف، فيقول: "ينسب هذا السيف للإمام تركي بن عبدالله آل سعود (ت:1249هـ/1833م) الذي حكم الرياض قبل انسحاب القوات المصرية, ووصل تركي إلى الرياض كان بحد السيف وأعوانه, وعندما استولى عليها داهن العثمانيين بأنه خاضعا لهم, ولكنه قتل على يد ابن اخته. ثم انتقل هذا السيف بالوراثة إلى نجل الإمام فيصل بن تركي وعند وفاته حازه ابن الأمير سعود بن فيصل عام 1865م, لكن سعود وقع منه خصام مع أخي عبدالله ودخل في حرب دام سنوات عدة.ويضيف الهاشمي، الاستاذ المشارك في جامعة السلطان قابوس حول تفاصيل دقيقة من تلك الحقبة: "أثر هزيمته في مدينة الديلم عاصمة منطقة الخرج, نزح الأمير سعود نحو سواحل الأحساء وقطر, ومنها عرج إلى البريمي, التي توا سقطت في الإمام عزان بن قيس إمام عمان, لطف فاستلطفه وأستأنس به, وعرض قضيته عليه, فقد إليه مساعدة مادية, ثم خرج إلى البحرين بعد مراسلات بينه والشيخ عيسى الذي اعتلى الحكم عام 1869م, فأمنه ووعده بالمساعدة".السيف .. هدية للشيخ الغتمويكمل الدكتور الهاشمي في كشف تفاصيل وصول السيف الأجرب للبحرين: " عند وصوله البحرين عام 1870م, وجد الأمير سعود كل الترحيب من الشيخ عيسى الذي يبلغ من العمر 22 ربيعاً, ولكن بريطانيا هددت الشيخ عيسى إن حاول أن يساعد الأمير سعود ضد أخيه عبد الله الذي خاطب السلطات البريطانية بالوقوف الشيخ عيسى بجانب أخيه, وحذرهم من سلوكه، ولكن مستشاره الأول ووزيره الشيخ أحمد بن خليفة الغتم آل خليفة, تعهد بمساعدة الأمير, فسار معه أولا إلى قطر وتمكنوا من إجلاء حامية الأمير عبد الله وطردها من قطر, ثم انتقلا إلى العقير وتمكنا من الاستيلاء على القطيف, وهزيمة قوات أخيه في معركة جودة في شهر رمضان 1287هـ/ ديسمبر1871م, انفتح إليه الطريق إلى الرياض. ويكمل قائلا: " قبل مغادرته قدم الأمير سعود السيف الأجرب للشيخ أحمد بن خليفة الغتم آل خليفة هدية له نظير مساندته, كما عينه أمير على القطيف ثم نقله أمير على قطر. وعند عودة الشيخ أحمد بن خليفة الغتم إلى البحرين قدم السيف إلى الشيخ عيسى, هذه هي حقيقة قصة وصول السيف إلى البحرين. وأهتم شيوخ البحرين بهذا السيف لأنه يحكي قصة نضال وذاكرة أمة, حيث زين مقبض هذا السيف وغمده بالذهب على يد الصائغ عبد العزيز بن باني, ثم أضيف على طرف مقبضه لؤلؤة".تعدد الرواياتوقد كثرة الروايات حول قصة هذا السيف منها أن الأمير سعود بعد أن وصل الرياض أرسل وفدا يحمل هذا السيف للشيخ عيسى, ومنها أن الأمير سعود جاء بنفسه إلى البحرين وقدمه هدية للشيخ عيسى وهذا الرأي يعود إلى صاحب كتاب "تاريخ آل خليفة"، الذي يذكر أن الأمير سعود أثناء زيارته للبحرين قدم هذا السيف هدية للشيخ عيسى. عن هذه الرواية يقول الدكتور الهاشمي: "لكن هذه الرواية خالية من الصحة ومجرد تخمين لأن ليس هنالك من سبب أن يأتي الأمير إلى البحرين وهو على رأس حكومته في الرياض وأن الأمير سعود لم يزور البحرين خلال هذه الفترة أي بعد انتصاره في موقعة جودة في رمضان 1287هـ/ ديسمبر1870م, بل سار إلى الرياض واستولى عليها, ولكنه على أثر هزيمته أمام العثمانيين في رجب 1288هـ/سبتمبر 1872م تنحى عن الحكم وابعد عن الرياض ولجأ إلى منطقة الخرج ولكنه بعد أربعة أشهر أي في ربيع الثاني من عام 1290هـ/ يونيو 1873م عاد إلى الحكم, وبقى حاكما بالرياض لم يقم بأية زيارة إلى البحرين حتى وفاته في 18 ذي الحجة 1981هـ/26 يناير 1875م, فكيف يكون زار البحرين"؟.ويضيف: " لم يكن له سبب وجيه يرسل الأمير سعود وفدا إلى الشيخ عيسى مهمته فقط تسليمه السيف, نعم أرسل الأمير سعود ابنه عبد العزيز في بداية 1872م وهو ابن الخامسة عشر ربيعاً, وكان الهدف من زيارته خوفه عليه من القتل ومن ثم تأمين المؤن إليه في حربه على الدولة العثمانية الداعمة لأخيه عبد الله, ولم يكن في وضع يقدم الهدايا للآخرين".وبناء على هذه الحقائق التاريخية, و الأقرب للحقيقة لما ذكرناه سابقا بأن الأمير سعود قدم هذا السيف للشيخ أحمد بن خليفة الغتم هدية عند مغادرته الأحساء إلى الرياض, وبذلك إما أن يكون هدية من الأمير سعود إلى الشيخ عيسى أو أن الشيخ أحمد بن خليفة الغتم قدمه هدية للشيخ عيسى نيابة عنه وهو المقصود في بعض الروايات بالوفد دون أن يذكر اسمه مع أن صاحب كتاب "تاريخ آل خليفة" حدد تاريخ الموفود دون أن يسميه, ولمن رواياته متضاربة لاختلاف الأحداث التي ساقها عن تلك العلاقات .قصائد في مدح "الأجرب "ويعتبر السيف شقيقا للفارس ورفيقا في الدرب فلا يكتمل الفارس العربي ابدا دون حصانه وسيفه، ومنذ عهد عنتره بن شداد والغزل بالسيوف هو احد سمات الشعراء، وحتى عهد قريب كان سببا من اسباب الغزل لدى فرسان البادية الذين انطلقت منهم شرارة الدولة السعودية في جزيرة العرب.وكتب الامام تركي بن عبدالله قصيدة لابن عمه مشاري، الذي ذهب الى مصر، بأمر العثمانيين، وطلب منه العودة بعد ان طرد العثمانيين واسس الدولة السعودية الثانية، امتدح فيها سيفه الأجرب، ومن أبياتها: سر ياقلم وإكتب على ماتورّاأزكي سلام لإبن عمي مشاري شيّخ ٍعلى درب الشجاعة مضرّامن لابة ٍ يوم الملاقا ضواري يوم إن كل ٍ من خويه تبرّاحطيت (الأجرب) لي عميل ٍ مباري نعم الرفيق إلى سطا ثم جرّايودع مناعير النشامى حباريوللإمام أيضأ أبيات في هذا السيف الشهير :جلست في غار على الطرق كشافعلي طريـقٍ نايـفٍ فـي عليّـهوطويق غرب وكاشفٍ كل الأطرافوخذيت بـه وقـتٍ ولـه قابليـهخويي (الأجرب) على كل خـواففي يد شجاعٍ مـا تهبـي ضويـهقطـاع بتـاعٍ ولانيـب خــوافوفي دبرة الله مـا نهـاب المنيـةوالجدير بالذكر أن الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة الذي وصل اليه السيف بعد تنقله من حاكم الى حاكم، أراد أن يعيده للملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن، إلا أن مؤسس الدولة السعودية الثالثة قال جملته الشهيرة: "هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم". حتى عاد إلى غمده في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق