السبت، 1 يونيو 2019

إبراهيم حسن كمال.. الصحفيّ المناضل بقلم سليم مصطفى بودبوس


صحيفة الأيام العدد 10981 الجمعة 3 مايو 2019 الموافق 28 شعبان 1440
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ العام 1993، يوم الثالث من مايو/‏ أيار يومًا عالميًا لحرية الصحافة. ومنذ ذلك الحين تحتفل الدول الأعضاء في هذا اليوم في كل عام بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك. ومن أبرز ما جاء في هذه الوثيقة الدعوة إلى أن تكون وسائل الإعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية في جميع أنحاء العالم، معتبرة أنّ الصحافة الحرّة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وإنّنا إذْ نعتز بهذا اليوم ونُجلـُّه محلياً لما تحقّقَ ويتحققُ في مملكة البحرين للصحافة والصحفيين في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، فإنّنا نرى من باب العرفان وردّ الجميل لروّاد الإعلام في البحرين ومؤسسيه أن نستحضر سيرة رجل عظيم وهب نفسه للبحرين حبا وعطاء لا في مجال الإعلام فحسب، وإنّما في سائر الأعمال الوطنيّة وعلى رأسها العمل الخيري. لكن سنكتفي هنا بسيرته الإعلامية بوصفه علما من أعلام الإعلام في البحرين، وأعني هنا الصحفيّ الراحل، أو «شيخ الصحفيّين» كما أطلق عليه، الأستاذ إبراهيم حسن كمال مؤسس مجلة (صوت البحرين) منذ عام 1950م.
ولد إبراهيم حسن كمال بالمحرق سنة 1915 حفظ قسطًا وافرًا من القرآن الكريم، وتخرج من مدرسة الهداية الخليفية بتفوّق، كما درس لدى العالم الشيخ محمد بن علي بن يعقوب الحجازي النقشبندي. ثم عمل سكرتيرًا لدى مدير إدارة المعارف الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة. وكان لإبراهيم كمال نشاط ثقافي ورياضي واجتماعي بارز، حيث ترأس نادي البحرين الثقافي والرياضي لدورات عديدة، وبرز أكثر في مجال الصحافة وَعْيًا منه بأهميتها في تلك الفترة وأسوة بالنهضة الإعلاميّة في البلدان العربيّة. وقد ترأّس مجلة (صوت البحرين) من العام 1950 حتى العام 1954م تاريخ توقّف صدورها، وقد التفّت حوله زمرة من الشباب المهتمين بالثقافة والأدب، يجمعهم حلم جميل يتمثّل في إصدار صحيفة قادرة على استيعاب طموحات الشباب البحريني. وقد استطاع بفضل عزيمته ووطنيّته الصادقة من إصدار (صوت البحرين) التي اهتمّت بشؤون الأدب والاجتماع وعزّزت الاتجاه القومي. وقد تعاونت معه ثلة من الكتاب والإعلاميين من جيله من الرعيل الأول على غرار محمود المردي، حسن الجشي، وعبدالرحمن الباكر. 
ولم يكن حدث إصدار صحيفة بالأمر الهيّن بل كانت تواجهه صعوبات شتى، لم يكن من الهيّن التغلب عليها لولا الإرادة الشبابية الوقادة في إبراهيم حسن كمال ومن معه، وكذلك لولا تلك الوقفة الوطنية العظيمة من حاكم البحرين آنذاك المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الذي آمن بمشروع إبراهيم حسن كمال وشجعه وسانده حين منحه مكتبا للمجلة عند مبنى البلدية القديم في المنامة.
ومع صدورها لقيت مجلة (صوت البحرين)، «إقبالاً شديدًا من القراء بل لقد كانت توزع بشكل لم نكن نتوقّعه في البدء كنا نبيعها بـ100 فلس ولقد كان القراء يستعجلونها لأخذ أعدادهم حتى قبل أن يتمّ توزيعها في السوق.. وتعتبر صوت البحرين أبرز صحيفة محلية في خمسينات القرن الماضي ومفخرة في تاريخ الصحافة في البحرين لما امتازت به من أسلوب رفيع ولغة رصينة، وما زخرت به من مقالات أدبية متعددة الجوانب والاتجاهات، وعالجت قضايا الفكر والثقافة والأدب بأسلوب حديث ونظرة عصرية». على حد قول الباحث بشار الحادي. 
 ولا تقف مسيرة إبراهيم كما الصحفية عند (صوت البحرين)، فقد أصدر (مجلة المجتمع الجديد) منذ 1970 حتى عام 1973م وهي مجلة أسبوعية اجتماعية سياسية مصوّرة، تعنى بالأمور الاجتماعية والثقافية والرياضية بشكل كبير، أمّا السياسة فلا تتناولها إلا من زاوية الأخبار سردا واستعراضا لا تحليلا ونقدا. ولعلّ من أبرز أسباب توقّفها عدم تفرّغ مؤسسها إبراهيم كمال بسبب كثرة مشاغله حيث انشغل بعمل التجارة، وانضمّ إلى غرفة تجارة البحرين، ويوضّح هذا بقوله: «أيّام صوت البحرين لم أكن أعمل في التجارة، كنت متفرّغا لها، بعد ذلك انشغلت في أعمالي وتركت (المجتمع الجديد) لمدير تحريرها.. ولقد انشغلت كذلك بأعمال كثيرة فقد كنت سكرتير غرفة التجارة لفترة طويلة، وكنت الأمين العام لاتحاد أندية البحرين وهذه جميعها تأخذ من وقتي وجهدي الكثير».
 وبعد مساهمته الكبيرة في تأسيس جمعية البحرين الخيرية العام 1979، أصدر إبراهيم كمال مجلة (البحرين الخيرية) عام 1983 وترأسها، وهي مجلة اجتماعية ثقافية تصدر عن جمعية البحرين الخيرية، ويستمرّ صدورها إلى اليوم بشكل فصليّ، حيث يرأس تحريرها ابنه حسن إبراهيم كمال، وأتشرّف، أنا كاتب المقال، بإدارة تحريرها. 
 وقد سعى إبراهيم كمال من وراء تأسيس هذه المجلة إلى إرساء قواعد الإعلام التخصّصي، ولا سيما في مجال العمل الخيري والاجتماعي، وأراد أن تكون هذه المجلة على حدّ عبارته: «كشف حساب ومحاسبة بيننا وبين أفراد هذا المجتمع في توضيح كافة أمورنا». وكان المرحوم شيخ الصحفيين يأمل أن تصبح أسبوعية حيث قال: «وإننا على يقين تامّ من أن الجميع سيتعاونون حتى تتطوّر المجلة من شهرية إلى أسبوعية وحتى تتضاعف صفحاتها». وبقي رحمه الله على رأس المجلة يرعاها بفكره ودعمه وخبرته حتى توفاه الله سنة 2000م. 
نعم هو ذاك «شيخ الصحفيّين» أو «الصحفيّ المناضل»: آمن بالكلمة وأخلص لها وأعطاها من ماله وفكره وجهده ووقته. نعم هو ذاك إبراهيم حسن كمال نُحَيِّيه اليوم ونحن نحتفل مع العالم بحرية الصحافة، وندعو الصحفيين الشبان في مملكة البحرين والعالم العربي أن يستلهموا سيرته الإعلامية الزاهرة بالمواقف المشرفة، وأن يقتدوا بنضالات هؤلاء الرواد ولا سيما شيخ الصحفيين إبراهيم حسن كمال، خاصة مع ما تشهده المملكة حاليا من ازدهار ثقافي وإعلامي وشفافية وموضوعية.

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...