الاثنين، 23 فبراير 2015

العبدالجليل والسديراوي والإبراهيم والمرزوق كانوا أول من فتح مكاتب تجارية في الهند



كتب باسم اللوغاني
عندما تم إبلاغي في عام 1992 من قبل وزارة الإعلام بتعييني ملحقاً إعلامياً في الهند كانت ردة فعلي... ولماذا الهند؟ لقد درست في أميركا وعملت في واشنطن مدة أربع سنوات... فلماذا لا يتم تعييني في واشنطن أو لندن؟ وفكرت في الأمر يوماً واحداً ثم وافقت على عرض الوزارة، ولم أندم أبدا على قراري، بل إنني وبعد مرور أكثر من عشرين سنة أعتقد أنني محظوظ أن أكون أول إعلامي كويتي في نيودلهي. فقد أتيحت لي الفرصة أثناء عملي هناك للتعرف على هذا البلد العريق وأهميته الكبرى للكويت. هذه المقدمة أحببت أن أسطرها في مقال اليوم بعد أن عرفت أن الأستاذة حصة الحربي حصلت على إجازة الماجستير من جامعة الكويت وموضوعها: «العلاقات الكويتية الهندية منذ عام 1896 حتى عام 1964م».

لقد اطلعت على الدراسة قبل إجازتها وأعجبت بها أشد الإعجاب، نظرا لتسليطها الضوء على التاريخ الطويل للعلاقات بين البلدين وعمقه وشموليته. لقد وثقت الأستاذة حصة في البداية العلاقات التجارية وركزت في هذا الصدد على ظهور الشركات التجارية الملاحية العاملة بين الكويت والهند، والمبادلات التجارية بين الطرفين وعوامل نموها. ومما فصلت فيه في هذا الشأن الدور الذي لعبه التجار الكويتيون في الهند في تعزيز العلاقات الكويتية الهندية، ودورهم الاجتماعي والثقافي في المجتمع الهندي، ومدى تأثير الحياة الهندية على حياتهم في الهند.

وأشارت في بحثها إلى دور التاجر سليمان بن إبراهيم العبدالجليل، والتاجر سالم السديراوي، والتاجر محمد المرزوق، والتاجر جاسم الإبراهيم وأخيه عبدالعزيز، وهم من أوائل التجار الكويتيين الذين أسسوا مكاتب تجارية لهم في الهند بغرض القيام بأعمال الاستيراد والتصدير لأنفسهم وللتجار الكويتيين الآخرين، وكانوا يحصلون على عمولة قدرها 2 في المئة مقابل سعيهم، إضافة الى أعمال أخرى.

وقد وثق التاريخ لنا أن الشيخ مبارك الصباح كان له وكيل في بومبي وهو محمد سالم السديراوي، وله وكيل في كراتشي وهو مرزوق محمد المرزوق، وهناك العديد من الوثائق النادرة الدالة على ذلك، منها ما نشرته في هذه الزاوية قبل أكثر من سنتين. وتقول الباحثة أن التجار الهنود ألفوا على نقل بضاعتهم بالأبوام الكويتية بين الموانئ الهندية, لثقتهم التامة في وصول بضاعتهم كاملة من غير نقصان أو عيب, ولشهرة الكويتيين بالأمانة والإخلاص والنزاهة، كما أشارت إلى دور عوائل كويتية أخرى في تعزيز التجارة بين الكويت والهند كعائلة العبدالرزاق، وعائلة البسام، وعوائل القناعات، وعائلة الشايع، وعائلة الغانم، وعائلة الخرافي، وعائلة الحميضي، وعائلة الفليج، وعائلة الجسار، وعائلة السعد، وغيرهم الكثير.

أما عن تواجد الكويتيين وتجارتهم، فتقول الباحثة في بحثها القيم إن بومبي كانت أهم المدن الهندية في التجارة بين الطرفين، وتليها كراتشي، ثم كاليكوت والنيبار، ثم خورميان، ثم براول او براوة، ثم غوا، وبعض الموانئ الأخرى الصغيرة. وكان بعض التجار الكويتيين يقيمون في بومبي على مدار العام لمتابعة العمل التجاري ومنهم حسين بن عيسى القناعي, والشيخ عبداللطيف العبدالرزاق, وحمد القاضي, وحمد سلطان بن عيسى القناعي, وعلي حمود الشايع، وخالد الخميس, وسليمان الصانع, ومساعد الساير, بينما كان عبدالعزيز حمد الصقر ومحمد عبدالمحسن الخرافي يمكثان قرابة من 8 إلى 9 أشهر ويعودان إلى الكويت صيفاً, حيث تميزوا بالإقامة المحدودة والتي تنتهي بمجرد انتهاء مصالحهم التجارية والعودة إلى الكويت. في المقال المقبل إن شاء الله سأتناول جوانب أخرى من هذا البحث المهم، الذي لا شك أنه يسد فراغاً كبيراً في تاريخ العلاقات الكويتية الهندية.

انظر

http://www.aljarida.com/news/index/2012690499/%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9--%D9%84%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE--%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82-%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%85%D9%86-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF

الأربعاء، 18 فبراير 2015

جاسم بن عبدالرحمن الزياني في لقطات قديمة..







جاسم الزياني: الجَدُّ من التجارة إلى المنفى... والأب مُمهِّداً للأبناء توسُّع الأعمال (1-3)



الشيخ عبدالرحمن الزياني ووالده الشيخ عبدالوهاب الزياني
الوسط - جعفر الجمري


يُمثل التأريخ للأعمال التجارية، بكل ما يكتنفها من نجاحات حيناً، وفشل حيناً آخر، وتمدّد، وتراجع أحياناً أخرى، وائتلاف واختلاف أيضاً، أمراً جديداً في منطقة الخليج العربية، ربما حتى ما قبل ثلاثة عقود.

لم تكن الكتابات تلك في واقعها إلا إضاءة لمساحات كبرى من النجاح المتواصل، وتسليط للضوء - وبخجل وتردد - على فشل اعتراها في مسيرتها. ثم إن ذلك النوع من الكتابة فيما يتصل بالشركات العائلية خصوصاً، يكاد يكون نادراً حتى ما قبل تلك الفترة. تُحاط مثل تلك الأعمال بسريّة شبه تامة. قليلاً ما تظهر بعض التفاصيل على السطح.

خلقت البيئة التي ولدت فيها الشركات جواً من التحفظ ظل مع مرور الوقت أمراً عادياً. الأمر غير العادي أن تظهر سيَر ومذكرات فيها الكثير من الوضوح والشفافية والأهم من ذلك اكتنازها بالعِبَر والدروس؛ وليس الاستعراض للنجاح فحسب، الذي يحاول إقناع الناس بأن تلك الأعمال لم تعرف الفشل!

الابن الثالث للشيخ عبدالرحمن عبدالوهاب الزياني، جاسم الزياني، يكاد يخرج على القاعدة تلك في كتاب السيرة الصادر للعام الجاري (2014)، وحمل عنوان «الشركة العائلية... سيرة وتجربة عملية».

يقدّم الفصل الأول من الكتاب تعريفاً لعائلة الزياني، رابطاً بين واقع ومكانة وطبيعة العائلة من ناحية، والتطورات التي حدثت لشركة العائلة، مضيئاً جانباً من سيرة الجد الشيخ عبدالوهاب الزياني، والنشاطات التي خاضها من سياسية وتجارية وتعليمية ودينية، والظروف التي أدَّت به إلى المنفى.

السيرة فيها الكثير من التجارب الناجحة والفارقة في الزمن الصعب. زمن فيه الفرص شبه نادرة، في ظل بدائية التجارة من جهة، وشح الإمكانات من جهة ثانية، والظروف التي تحيط بالمنطقة من جهة ثالثة، إضافة إلى تحولات عرفتها بعد الكساد الذي تعرضت له منطقة الخليج بعد أن كانت تعتمد على اللؤلؤ الطبيعي في كثير من مواردها، باكتشاف اللؤلؤ الاصطناعي؛ وتدفق الثروة النفطية بعد اكتشافها مطلع ثلاثينيات القرن الماضي؛ وسبق ذلك الاكتشاف منح الامتياز في عشرينيات القرن نفسه.

كما تتناول السيرة شركة عبدالرحمن الزياني وأولاده، «الاسم العريق والمعروف في المنطقتين الخليجية والعربية وفي الهند ودول أخرى، والتي بدأت عملها على يد مؤسسها الأول الشيخ عبدالوهاب الزياني، ثم من بعده راعيها ومثبّت انتشارها في عدد من البلدان، الشيخ عبدالرحمن عبدالوهاب الزياني، عندما دشنا عملها بتجارة بينية كان يمارسها الشيخ عبدالوهاب الزياني وتجارة اللؤلؤ التي كانت مزدهرة في ذلك الوقت، ويعتمد عليها كعصب اقتصادات وإيرادات دول المنطقة قبل أن يتدفق النفط في أراضيها ويظهر اللؤلؤ الاصطناعي، وتحدث التحولات الاقتصادية والتجارية الكبيرة في الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية».

لم تكن الشركة بمنأى عن تلك التحولات، فعملت على استيعابها والتكيف معها، وكانت الاستفادة منها حاضرة بالتوسع الذي حدث للأعمال.

يتناول الوجيه وصاحب الأعمال المعروف جاسم الزياني في مقدمة كتابه رؤية المؤسس الثاني للشركة، بإبرام اتفاقات وتعهدات «بين أطراف الشركة (راشد، أحمد، وجاسم)، تحصيناً لهم من نشوب الخلافات وحدوث الانقسامات».

حدثت الخلافات، وتدخل وسطاء على مستوى كبير برعاية المغفور له أمير دولة البحرين وقتها، الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكان أمين سر لجنة المصالحة الأميرية، محمد عبدالله المناعي، لتوزيع أعمال ووكالات الشركة على الأشقاء بتراضٍ منهم، وخصوصاً أن الأعمال تمتد إلى معظم دول الخليج العربية، وتضم وكالات كبرى لأشهر السيارات والمعدَّات في العالم. اكتنف العملية الكثير من التعقيدات ولسنوات، لم تعرف الحسم إلا في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وبعضها ظل ربما إلى التسعينيات من القرن نفسه.

في المقدمة، يشير الزياني إلى تعريف بالكتاب ولأهميتها أخذت مكانها في الغلاف الأخير ونصها: «هذا الكتاب يسلّط الضوء على مسيرة شركة عائلية بحرينية، هي شركة عبدالرحمن الزياني وأولاده، منذ أن كانت متجراً صغيراً، ثم تحولت إلى شركة ضمت أشهر الوكالات التجارية، وكذلك رحلة توسعها بدول الخليج العربي، كما يتعرض الكتاب للانتكاسة التي حدثت لهذه الشركة بحيث لم تفلح معها العديد من الاتفاقيات ولجان المصالحة في إيقاف تدهورها ابتداء من إغلاق الفروع ثم النزاع بين الشركاء، وانتهاء بانقسام الشركة العريقة إلى ثلاث شركات تقاسمت موجودات الشركة الأم».

بعد أن يمر الكتاب على سيرة الجد الشيخ عبدالوهاب من العام الذي ولد فيه (1863)، وهو رابع بين ستة أبناء لحجي الزياني، وإرساله إلى الأحساء مُلتحقاً بالمدرسة المباركية لدراسة علوم الشريعة والتاريخ والحساب والأدلة، وعودته إلى البحرين وبنائه مسجداً يحمل اسمه في فريق الزياينة بالمحرق، عروجاً إلى بناء أول مدرسة نظامية (مدرسة الهداية الخليفية) بافتتاحها في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1919، والتي اتخذت من منزل الحاج علي بن إبراهيم الزياني مقراً لها، والمشكلات التي اعترت إقناع كثير من الآباء لإلحاق أبنائهم بالمدرسة.

تشكيل لجنة الفرْضة

كان الإرباك في بداية عمل مؤسسات الدولة وقتها سمة بارزة. بعض تلك المؤسسات يشرف عليها بشكل مباشر أو غير مباشر بحرينيون، وأحياناً مقيمون. كانت عين المندوب البريطاني وقتها على الكوادر التي تنتمي إلى بلده، أو إلى المستعمرات التابعة إلى التاج البريطاني ممن يقيمون في البلاد.

في فترة حكم الشيخ عيسى بن علي، وبحسب كتاب الزياني «صادف أن حصل بعض الارتباك غير المتوقع في عمل الميناء، وتحصيل الرسوم الجمركية، فاستغل الحاكم البريطاني هذا الأمر، وأوعز إلى وكيل البواخر الإنجليزي (جْرَى ماكنزي) الذي يقيم في البحرين أن يتقدم إلى سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين بشكوى حول الفوضى التي أحدثها المسئولون البحرينيون عن «الفرْضة» وهي الميناء الرئيسي، عارضاً عليه أن يتولى هو مسئولية الميناء والجمارك منعاً لأي تأخير في استيراد وتصدير البضائع والسلع، زاعماً لسمو الشيخ عيسى بن علي بأن ذلك فيه مصلحة عليا للبلاد».

تمّت الاستجابة بحسن نية. كان الشيخ عبدالوهاب الزياني وقتها خارج البلاد ضمن سعيه في تجارته في بلاد الله الواسعة، وما أن بلغه الأمر حتى قطع رحلته عائداً إلى البلاد، مُلتقياً بسمو الشيخ عيسى بن علي، وبعد أن اتضح اللبس في الأمر وأقنعه الشيخ عبدالوهاب بإمكانية تولي شخصيات بحرينية للمهمة، سارع الشيخ عيسى بن علي «بإخطار شركة جْرى ماكنزي بأن مدة الاتفاق الذي تم معهم بشأن إدارة الميناء والجمارك هي ثلاثة أشهر فقط، بعدها تتولى هذه المهمة حكومة البحرين الوطنية، كما أصدر الحاكم مذكرة تضمنت أمراً بعدم تجديد ولاية الشركة الإنجليزية على الفرْضة بعد انتهاء مدة الثلاثة أشهر».

مرت محاولات تشكيل لجنة الفرْضة بممانعات وتردد من قبل عدد من الأعيان؛ الأمر الذي دفع الشيخ عبدالوهاب إلى أن يقول لبعضهم «إما أن توافقوا على قبول المنصب، أو سأنزع عمامتي وأتولاه بنفسي».

بعد ذلك الإجراء وبالمشاورات المستمرة بين الشيخ عبدالوهاب وقبل انتهاء الاتفاقية مع الشركة، تم التوصل إلى قرار واتفاق بأن تتولى إدارة الجمارك أسماء تجارية معروفة وتكونت وقتها من كل من: أحمد علي يتيم، عبدالله القصيبي، وأحمد سلمان كيكسو لتنبثق عن اللجنة تلك فيما بعد «شجرة النظام الإداري والمالي في البحرين».

المواجهة والنفي إلى الهند

يعرض الكتاب للفترة من العام 1341هـ (1923م) للحركة الإصلاحية في تلك الفترة، وخصوصاً في الفترة التي أعقبت الموافقة على تشكيل مجلس شورى برئاسة الشيخ عيسى بن علي ليعينه على تصريف شئون البلاد، والمحاولات التي بذلتها بريطانيا لإجهاض ذلك المشروع، مروراً بالحكم العسكري الصادر ضد الشيخ عبدالوهاب وأحمد بن لاحج، الذي تلاه المعتمد البريطاني الميجور ديلي بحضور الزياني، بالنفي إلى الهند.

عبدالرحمن الزياني يتحدث عن نفسه

في لقاء أجرته الصحافية في مجلة «البحرين اليوم» سبيكة الزائد في 30 يونيو/ حزيران 1976، كشف الشيخ عبدالرحمن الزياني عن جوانب من حياته. كان وقتها في الثامنة والثمانين من عمره، ويكون بذلك من مواليد العام 1888 ميلادية؛ إذا ولد في مدينة المحرق، والدته سبيكة بنت خميس الزياني.

كان المهر 150 روبية، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، أنجب من ابنة عمه 3 بنات و 3 أولاد. ويوضح عبدالرحمن الزياني في اللقاء أن قبيلة الزياينة تنقسم إلى أربعة أقسام، الأول، آل عبدالوهاب الزياني، وهو رئيسهم وشيخ قبيلتهم، عندما قدموا إلى البحرين، ثم الحمَد، ورئيسهم مساعد بن خليفة الزياني، ثم الجاسم، ولهم رئيس، ثم الحسن، مشيراً إلى أن قبيلة الزياينة من القبائل العربية التي سكنت الشواطئ الغربية للخليج، وكان مجموع تلك القبائل يقدّر بسبعة وعشرين قبيلة.

حرص عبدالرحمن الزياني على تعليم أولاده من الذكور والإناث على رغم طبيعة تفكير المجتمع وقتها؛ وخصوصاً بالنسبة إلى تعليم الإناث. يذكر أول محل تجاري فتحه؛ وكان يبيع فيه كل شيء. لا بضاعة محددة. الأعمال الخيرية التي قام بها الزياني اكتسبها من والده، فكان حريصاً على رعاية طلبة العلم الشرعي في بلاد عربية وإسلامية إضافة إلى الداخل؛ وتوجيه أموال زكواته في رعاية آلاف المحتاجين ومن بينهم الأيتام.

أيتام يرفعون دعوى

ويذكر بعض مفارقات ما حدث بعد وفاة والده الشيخ عبدالوهاب الذي كان يرعى عدداً من الأيتام بالقول: «فلما توفي أقام هؤلاء دعوى ضدي بحجة أن الوالد أوصى لهم بعد مماته، ولكنني قدمت لهم الوصية وكل ما ترك الوالد، فلم يصدّقوا، وأيام المحاكمة كنت أطلب من الله أن ينصرني عليهم وأكسب القضية، وبالفعل؛ ولأن موقفي كان واضحاً، قدرت أن أكسب القضية لأني كنت عازماً على مواصلة ما بدأه والدي لهم من مساعدات بعد المحاكمة».

علاقاته مع علماء ووجهاء العالم الاسلامي

تعددت علاقات عبدالرحمن الزياني وامتدت إلى خارج بلاده ومنطقة الخليج العربي، وصولاً إلى العالم الإسلامي، فبالإضافة إلى بروز اسمه وحضوره في مجال التجارة والأعمال كان الزياني من علماء الدين الذين تحصلوا على قدر واسع منه، ومن بين العلاقات الوطيدة التي جمعته، معرفته وعلاقته بمفتي الديار المصرية الشيخ العلامة حسنين مخلوف، والواعظ العام للشئون الدينية في مصر فضيلة الشيخ محمد المحفوظ الخزرجي، والعائلة العلمية الأشهر في منطقة الأحساء آل مبارك، هذا إضافة إلى علاقاته الوطيدة مع التجّار والأعيان في منطقة الخليج وخارجها «الأمر الذي مهّد لأبنائه فيما بعد التوسع في الأعمال التجارية في كل أنحاء دول الخليج والشام والهند».

امتدت علاقات عبدالرحمن الزياني إلى مؤسسات وهيئات إسلامية في ستينيات القرن الماضي، وتحديداً العام 1961؛ إذ في 5 ديسمبر/ كانون الأول «تسلّم الشيخ عبدالرحمن رسالة من المكتب الدائم للمؤتمر الإسلامي العام في بيت المقدس الذي كان تحت السيطرة الأردنية في تلك الأيام، تضمنت دعوته إلى اجتماع الندوة العامة للمؤتمر الإسلامي العام بالقدس الذي عقد في 3 يناير/ كانون الثاني 1962». في الجزء الثاني من استعراض الكتاب، والذي يحمل عنوان «تاجر منذ الصِغَر»، سيتم تناول بدايات ارتباط جاسم الزياني بالعمل التجاري، والتجارب والمصاعب التي واجهته، والخبرات التي اكتسبها من الممارسة، ومرافقة والده




المصدر




http://www.alwasatnews.com/4414/news/read/926740/1.html

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

جاسم الزياني: تتابع فك الوكالات في الخارج... وانهيار الشركة العائلية (3-3)


جاسم الزياني مع نجليه
الوسط - جعفر الجمري

انتهى الجزء الثاني من مراجعة «كتاب الشركة العائلية... سيرة وتجربة عملية» لجاسم الزياني، بالتغلب على مشكلة موزّع السيارات لحساب شركة عبدالرحمن الزياني في الكويت، بالتوصل إلى اتفاق يدفع بموجبه الزياني 150 ألف روبية للموزّع. في هذا الفصل يسرد الزياني فصولاً متتابعة من خسارة عدد من الفروع في منطقة الخليج، كانت تمثل عصب الأعمال، وصولاً إلى الخلافات التي نشبت بين الشركاء وأدّت إلى انهيار الشركة العائلية.

في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخصوصاً في دبي والعاصمة (أبوظبي)، وبحكم اختلاف قوانين الاستثمار بين بقية الإمارات؛ إذ لم تشترط دبي وقتها وجود شريك مواطن، وكانت سوقاً مفتوحة منذ وقت مبكّر، يقف ذلك الشرط عائقاً في أبوظبي، وذلك ما يفسر القفزة الهائلة التي حققتها دبي على رغم التباين الهائل في الثروة النفطية بين الإمارتين.

في أبوظبي وقع الاختيار على مانع سعيد العتيبة وكان وقتها وزير النفط والثروة المعدنية، وبحكم منصبه الذي يحول بين ممارسة العمل التجاري، تم تثبيت ابنه أحمد شريكاً، وكان قاصراً وقتها؛ ما جعل جده الحاج سعيد العتيبة وصيّاً عليه وفي واجهة وإجراءات الاتفاق.

بعد تأسيس الشراكة، حقق العمل أرباحاً كبيرة من بيع السيارات، وبالحسابات التي يضعف أمامها الإنسان في كثير من الأحيان انقلب مزاج الشراكة من أحد الطرفين إلى الاستئثار والاستقلال بالوكالة «لما وجد الشركاء العتيبة هذه النتيجة المذهلة، أرادوا أن تكون كل الأرباح لهم، فقرروا الاستيلاء على الشركة وإخراجنا منها، وكان أن استدعوا ممثلنا هناك وسلّموه شيكاً بمبلغ 500 ألف درهم (قيمة الاتفاق المبدئي للتأسيس)، وقالوا له هذه حصتكم في الشركة التي أصبحت لنا بالكامل».

بعد تلك التطورات تحرك جاسم الزياني على أكثر من مستوى بدءاً بوالد مانع، سعيد العتيبة، كي يحول دون النهاية التي يبدو أنها كانت مرسومة ولا رجعة فيها، إلى أن وصلت إلى أروقة المحاكم، لتستغرق خمس سنوات، وصدر الحكم لصالح شركة الزياني، وبوصوله إلى مرحلة التنفيذ،

أصدرت المحكمة قرارها بأن يدفع الشريك (العتيبة) مبلغ 32 مليون درهم «تعويضاً عن الخمسمئة ألف درهم التي تم دفعها كحصة للزياني في الشركة». لم تقف الأمور عند ذلك الحد، ليأتي قرار رئيس الدولة، حاكم أبوظبي، سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتشكيل لجنة ثلاثية للنظر في الموضوع والوصول إلى حل عادل. وبعد إجراءات ومحاولات، عرض جاسم الزياني «التنازل عن ثلث المبلغ تقريباً، على أن يخفض المبلغ المحكوم به من 32 مليون درهم إلى 21 مليوناً».

تتكرّر النوايا في قطر

استمر محمد المانع وكيلاً لشركة عبدالرحمن الزياني وأولاده لفترة، وبحسب جاسم الزياني في الكتاب، إلى أن دخل على الخط الشيخ أحمد بن محمد آل ثاني، وبحكم العلاقة التي تربطه بالوالد الشيخ عبدالرحمن، طلب أن تسحب الوكالة من المانع لتكون له، وذلك ما حدث، مع منحه مكافأة سنوية مقابل كفالته من دون أن يدفع حصة في رأس مال الشركة، إلى أن حدثت التدخلات من قبل أبنائه في إدارة الفرع؛ الأمر الذي دفع إلى تأسيس شركة بين الطرفين بواقع 51 في المئة للشيخ أحمد آل ثاني، و 49 في المئة لشركة الزياني. أتاحت تلك الشراكة في صيغتها الرسمية حقاً للطرف القطري الاطلاع على حسابات الشركة، وحركة العوائد والأرباح؛ ما ولّد رغبة في الاستحواذ على الشركة بشكل كامل، فكان القرار الاستباقي من قبل شركة الزياني بعد التنبّه إلى النوايا ونهاياتها، بفض الشراكة، مع استرداد مبلغ 500 ألف دينار. كان ذلك في العام 1980 وبحسب الزياني «بما يعادل اليوم 5 ملايين دينار».

دبي وقانون «الوكالة للمواطن»

حدثت تحوُّلات في القوانين الإماراتية وحّدتها بين الإمارات السبع تتعلق بحصر الوكيل التجاري على المواطنين الإماراتيين «شكّل القانون الاتحادي الذي شمل تطبيقه الإمارات كافة، خطراً علينا وعلى وجودنا هناك كوكلاء سيارات».

كان لابد من البحث عن شريك مواطن، بعد كل المحاولات والاستشارات القانونية التي تابعها جاسم الزياني. كان يمكن للوكالات في دبي أن تظل بوجود ذلك الشريك، ومن حسن الحظ أن المدير العام لفرع شركة الزياني وأولاده هناك، حسين الصبَّاغ، بحريني الأصل، إماراتي الجنسية، وتحصل عليها قبل 30 عاماً، عرض أن تسجَّل الوكالات باسمه من دون مقابل، وعلى الورق فقط كي تستمر الأعمال، وكانت فرصة سيكون التفريط بها ضرباً من الكارثة. كان على جاسم الزياني أن يرجع إلى أخويْه الشريكين للموافقة على الصيغة الجديدة بعد صدور القانون المذكور. بدا التردد من الأخوين، ولم يتبقَ على المهلة لتسوية الأوضاع الجديدة غير شهر واحد، ولا حل في الأفق إلا بمشاركة إماراتيين. نتحدث عن وكالات ثلاث كانت لشركة الزياني هناك: رولز رويس، ميتسوبيشي، ولاندروفر. من بين التجّار الإماراتيين الذين تم التواصل معهم كي يكونوا شركاء، مجموعة الحبتور، ومجموعة الطاير، وبحسب ما ذكره الزياني في كتابه «هؤلاء كانوا يعلمون بشرط القانون وبقرب انتهاء المهلة المعطاة لنا فقاموا بالاتصال بالشركات المنتجة في بلدانها الأصلية والتفاوض معها من أجل الحصول على وكالات سياراتها». وبذلك يُسدل الستار على واحد من أكبر فروع شركة الزياني. ولم تقتصر الخسارة على الفرع بل «امتدّت لتشمل تفريطنا في عدد من الأراضي في دبي والشارقة في مواقع رئيسية، وبمساحات تقدر الواحدة بعشرات الآلاف من الأمتار المربعة، فبدلاً من الإبقاء على هذه الأراضي، باعها أحد الشركاء بسعر التراب، وأضاع علينا أصولاً تقدّر اليوم بالمليارات».

إغلاق فرع السعودية

على رغم ازدهار المحل التجاري في المملكة العربية السعودية، فترة الستينيات من القرن الماضي، إلا أن البيئة المحيطة وواقع منطقة الخبر، وافتقارها إلى الخدمات المكمّلة لتنشيط الاقتصاد والتجارة كالفنادق على سبيل المثال وغيرها، جعل بيئة العمل صعبة «كانت البضاعة التي نستوردها نبيعها بالجملة،وأحياناً في الميناء ونقداً، وكان الطلب على كل شيء تقريباً؛ لكن بالمقابل، كانت الحياة الاجتماعية صعبة، فليس هناك فندق، ولا يوجد إلا مطعم واحد صغير (...) وليست هناك كهرباء مركزية، والشوارع عبارة عن كثبان رملية (...) وهذه الحياة الصعبة هي التي جعلت أفراد عائلة الزياني يعزفون عن الذهاب إلى المنطقة الشرقية بالسعودية للإشراف على إدارة فرعنا والمحل التجاري».

40 عاماً... وما بعد غزو الكويت

طال خسف الغزو العراقي للكويت في العام 1990، كل مرافق الحياة فيها. وأول ما تم العبث به وسرقته وتخريبه هو المصارف والشركات ومعارض السيارات. باختصار، كان القطاع التجاري هو الأكثر تضرراً جراء ذلك الغزو. بعد تحرير الكويت، عاد جاسم الزياني وولداه (محمد ونائل) لتفقد الممتلكات هناك «والمكونة من قسيمتين مساحة كل واحدة 5 آلاف متر مربع، كنا قد أقمنا على القسيمة الأولى معرض السيارات ومكاتب الإدارة، وعلى القسيمة الثانية الورش ومكاتب لموظفي الورش، ما وجدناه أن الغزاة قاموا بتحطيم وحرق معرض السيارات ومكاتب الإدارة ومحتوياتها».

كان الوضع مُحبطاً بالنسبة إلى جاسم الزياني جراء الخسائر التي حلّت على الشركة. تسلل اليأس إلى نفسه «للمرة الأولى في حياته» بحسب تعبيره؛ إذ أمامه وقت طويل لإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه، وعزّز من ذلك أنه بعد تلك الفترة الطويلة من الإقامة شبه الدائمة في الكويت، شعر برغبة في العودة إلى البحرين.

كان عليه أن يجتمع بولديْه، ووضعهما في صورة الإحباط الذي يمر به، وكان مباشراً معهما حين أسَرَّ لهما بأنه يفكر في بيع الشركة. كان رأي محمد ونائل في الجهة المعاكسة، لأن المؤسسة كبيرة وكرّست لها اسماً في الشارع التجاري الكويتي وعدد الوكالات التي لديها، والعلاقات والمعاملات الكثيرة والمتشعبة، كل ذلك بمثابة أسس و «أصول قوية وثابتة يمكن أن نعتمد ونبني عليها عملنا ونواصله، ولا نفكّر في التخلي عنه أو بيعه».

بين التخلي أو البيع، وضع جاسم الزياني محمد ونائل أمام امتحان بتسليم أمور الشركة إليهما وكان صريحاً معهما «لا أستطيع أن أقدم لكما أي عون... هل أنتما على استعداد لتحمل مسئولية العمل؟».

عَمَدَ الزياني وبحضور المستشار القانوني إلى تغيير عقد الشركة على أن تتكون من شركاء ثلاثة: جاسم، محمد ونائل، مع تمتعهما بالصلاحيات كافة. لم يمضِ وقت طويل حتى «أبليا بلاء حسناً في الفترة اللاحقة وأخرجا الشركة من غرقها إلى بر الأمان والنجاح».

فقط نشير هنا إلى أن وكالة السيارات التابعة إلى الزياني في الكويت تشمل: بنتلي، فيراري، بوغاتي، جاكوار، مازيراتي، دايهتسو، وغيرها، إضافة إلى المعدات.

قسمة العام 1975 واتفاق التخارج 1978

بتقاعد المؤسس وعميد العائلة الشيخ عبدالرحمن الزياني في العام 1970، لم يترك أمور الشركة بعيداً عن متابعته ووضع ما يحول دون التلاعب في إدارة الشركة ومقدراتها، ولم يكتفِ بالاتفاق الذي تم في العام 1963، ليبادر في العام 1975 باقتراح اتفاق آخر يتم بموجبه التخارج «من ثلاثة أقسام بالشركة يختص كل واحد من الشركاء بإدارة قسم منها لتوظيف أبنائه في هذا القسم كما يشاء».

يعدد الوجيه جاسم الزياني الأقسام التي تتكون منها شركة عبدالرحمن الزياني وأولاده في تلك الفترة، وهي: شركة الزياني للفنادق (فندق ديلمون)، ومصانع بلاستيك الخليج، ووحدة الكويت، وقسم السيارات، بالإضافة إلى الوكالات التجارية الأخرى، وشركة الخليج للهندسة والتجارة المحدودة. ذهبت إدارة فندق ديلمون إلى أحمد، فيما تولى إدارة شركة بلاستيك الخليج راشد، ومنح فرع الكويت لجاسم.

«كان أهم ما تضمّنه اتفاق التخارج العام 1975، ذلك البند الذي نص على وقف المسحوبات الشخصية للشركاء من أموال الشركة».

مع وفاة الوالد المؤسس وعميد العائلة الشيخ عبدالرحمن، بأقل من ستة شهور «نجحت الوساطة في تصفية الخلافات التي نشأت بين أبنائه الثلاثة، وتم إعادة طرح اتفاق القسمة الذي سبق أن وافق عليه الجميع»، وتم تحرير اتفاق جديد شامل ونهائي وقع عليه الجميع في 2 مارس/ آذار 1978.

المبادرة الأميرية

تطور الخلافات دفعت الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة إلى تكليف لجنة مصالحة لحل الخلافات التجارية بين الشركاء الثلاثة. لم تحل اللجنة دون بروز الخلافات فكان لابد أن تصل الأمور إلى ساحات القضاء، لامتناع الشركاء عن التوقيع على محضر اتفاق القسمة الذي توصلت إليه اللجنة. مرت أكثر من عشر سنوات على اتفاق القسمة «وطول أمد النزاع أمام المحاكم، وما ترتب عليه من بقاء الحراسة القضائية المفروضة على الشركة، اقترحت على كل شريك استلام القسم المخصص له، وعلى رغم أن الاقتراح لم يلقَ قبولاً عند طرحه لأول مرة إلا أنني واصلت إثارة الموضوع حتى اقتنع به أحد الشركاء».

الحكم بحل وتصفية الشركة

مرت الشركة بتحولات وصولاً إلى الحكم بحلها وتصفيتها، وهنا يشير جاسم الزياني إلى أن كل شريك «تسلم قسمه بموجب اتفاق موثق أمام كاتب العدل أبرم مع الحارس القضائي القائم على الشركة، ولم تتبق في الشركة إلا الديون الشخصية للشركاء، وبعض العقارات المسجلة على الشيوع والمقيدة ضمن أصول الشركة، لذلك طلبت من الأخويْن في العام 1995 بضرورة تصفية الشركة، وهو السبيل الوحيد للتخلص من التزاماتنا الشخصية تجاه الشركة بعد أن انتهى كلياً الغرض الذي أنشئت من أجله».

عصارة التجربة

يوجز الوجيه جاسم الزياني عصارة التجربة تلك بعد كل الإخفاقات التي حدثت كي تنجح وتستمر الشركة العائلية، في عشرة عناصر، نوردها هنا دون الدخول في التفصيل الذي قدمه لضيق المساحة:

رأس مالها البشري، رأس مالها الاجتماعي؛ أي شبكة العلاقات الخارجية المكملة لمنظومة مهاراتها الداخلية، التمويل الرأسمالي الصبور، سواء لرأس مال المنشأة أو لسداد التزاماتها من خلال أعضاء العائلة، رأس المال الإبقائي؛ إذ تدير المنشأة بقاءها واستمرارها بتقديم ما يلزم من قروض وعمل بلا مقابل حين يكون بقاء المنشأة مهدداً، الكلفة المنخفضة للإدارة، سلاسة التعاقب الجيلي، ويرتبط هذا بدستور المنشأة ونظامها الأساسي، الفصل بين الملكية والإدارة، وتبني صيغة الإدارة بالأهداف المراقبة من الملّاك، مع وجود إدارة محترفة حتى لو كانت من خارج العائلة، الفصل بين مالية العائلة ومالية المنشأة وخضوع الأخيرة لاعتبارات العمل فقط، إمكانية التحول إلى شركة مساهمة مُدرجة في سوق الأوراق المالية، وتبنّي معايير حوكمة الشركات العائلية في الإفصاح والشفافية والمحاسبة والتمويل والتوصيف الوظيفي.

الكتاب ممتع بتنوع التجارب التي مر بها مؤلف الكتاب، وممتع بالقدرة على تجاوز الكثير من اللحظات الصعبة والفارقة من عمر المحاولات والتمدّد في الأعمال، وممتع بقدرته على إيجاز خلاصة التجربة؛ علاوة على شفافيته وتعاطيه مع التجربة من دون مواربة وترميز

المصدر
http://www.alwasatnews.com/4416/news/read/927167/1.html

الياقوت يتسلم نسخة من كتاب جاسم الزياني

أهدى رجل الأعمال المعروف الوجيه جاسم الزياني كتابه الجديد بعنوان (الشراكة العالمية سيرة وتجربة عملية) إلى نائب رئيس المراسلين الصحفيين بمملكة البحرين عضو هيئة الصحفيين السعوديين عضو الاتحاد الدولي للصحفيين جمال الياقوت من خلال استقباله في مكتبه بمحافظة العاصمة.

وأشاد الياقوت بمحتويات الكتاب عن السيرة الذاتية والعملية والمشوار الاقتصادي والتجاري لرجل الأعمال الوجيه جاسم الزياني في تجاربه الرائدة بمساهماته في قيام شركة تجارية عائلية بحرينية ساهمت في نمو الاقتصاد والتجارة والصناعة في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والنجاح الذي تحقق في التحولات الاقتصادية والتجارية في المنطقة، وقد أعرب الصحافي جمال الياقوت عن شكره وتقديره لرجل الأعمال جاسم الزياني على مبادرة الإهداء والحفاوة وحسن الترحيب.

المصدر
http://www.albiladpress.com/article261057-1.html

«الشركة العائلية... سيرة وتجربة عملية» لجاسم الزياني



انتهى الجزء الأول من المراجعة بامتداد علاقات عبدالرحمن الزياني إلى مؤسسات وهيئات إسلامية في ستينيات القرن الماضي، وتسلّمه رسالة من المكتب الدائم للمؤتمر الإسلامي العام في بيت المقدس الذي كان تحت السيطرة الأردنية في تلك الأيام، تضمنت دعوته إلى اجتماع الندوة العامة للمؤتمر في القدس، الذي عقد في 3 يناير/ كانون الثاني 1962.

قبل الدخول إلى استعراض الفصل الثاني من الكتاب، نشير إلى الأيام الأخيرة للشيخ الزياني، وقبلها عادته فتح منزله في شهر رمضان المبارك من كل عام.

في العام 1977 وبحسب الكتاب “بدأت تظهر على صحة عميد عائلة آل الزياني علامات التعب والإرهاق، وضاعف من تدهور صحته أنْ صادف حلول شهر رمضان المبارك في فصل الصيف من ذلك العام، فأصرّ أبناء الشيخ عبدالرحمن على والدهم أن يسافر إلى مصر كعادته لقضاء عطلة الصيف (...) وبعد أخذ وردٍّ معه تم إقناعه (...) وأول ما وصل سارع إلى إمام المسجد في الحيّ الذي كان ينزل به، وأجرى ترتيباً خاصاً لإقامة مائدة الرحمن في المسجد على نفقته؛ ولكن لم يمضِ من الشهر الكريم إلا بضعة أيام حتى أخذ الشيخ عبدالرحمن يشعر بألم في معدته (...) وقد تبيّن بعد عرض التقرير على أحد الأطباء المختصين في العاصمة البريطانية أن الشيخ عبدالرحمن بحاجة إلى عملية جراحية سريعة”.

في 23 يوليو/ تموز 1977، وصل الزياني إلى لندن، وفي سيارة الإسعاف التي كانت تنتظره في المطار إلى مستشفى خاص، تعرّض إلى أزمة حادّة، وتمت محاولات لإسعافه لكنه فارق الحياة عن عمر ناهز التاسعة والثمانين عاماً.

الفصول التالية من الكتاب ستتناول النقلة النوعية التي حدثت لشركة عبدالرحمن الزياني، من تجارة التجزئة والعمل في بضائع لا تجانس بينها ومتنوعة، من “النِعِل” والبصل والبطاطس والأحذية والقمصان، إلى تجارة السيارات والحصول على وكالتها الحصرية، لتمتد بعد ذلك إلى دول الخليج.

ابن «الدخْتَرَةْ»

ثالث الأبناء هو وبحسب الترتيب: راشد، أحمد، جاسم. يقول إن أحمد يكبره بعشرة أعوام. أنجب عبدالرحمن الزياني 4 بنات إضافة إلى البنين.

في “المَقِيض” فترة الصيف كان الناس، خصوصاً الميسورين بمقياس تلك الفترة من عشرينيات القرن الماضي كانوا ينتقلون إلى بيوت العريش لبرودتها النسبية. القضيبية كانت وقتها موضعاً للتصييف يأتيها مالكو تلك البيوت من مناطق شتى. كان البحر بخير وقتها أيضاً. وكما قيل له، فهو من مواليد صيف العام 1928.

وقيل له أيضاً، إن مولده بات متعسراً “على يد القابلة التي كان يعتمد عليها لتوليد النساء في بيوتهن، وأن هذا التعثر جعل العائلة تستنجد بمستشفى الإرسالية الأميركية، وهو المستشفى الوحيد في البحرين في ذلك الوقت، والذي قام بإرسال ممرضة هندية إلى مسكننا لمساعدة والدتي على الولادة”، فلا الولادة تمّت على يد قابلة كما هو معتاد، ولا الاستعانة بممرضة المستشفى وإتمامها للولادة، كان أمراً معتاداً هو الآخر. كلتا الحالتين/ الاستدعائين أثارتا استغراب وتعجّب نساء الحي “ما جعلهن يطلقن عليَّ (ابن الدخْترَة) نسبة إلى الممرضة التي أتمّت الولادة”. ففي ذلك الوقت لم يكن الناس يفرّقون بين الممرضة والطبيبة التي يقال لها باللهجة البحرينية (دَخْتَرة)”.

أول المهمات: تحصيل الإيجارات

في التفاصيل، كان جاسم الزياني، مطلع القرن الماضي، تلميذاً في المدرسة. كان شقيقه الأكبر راشد في الفترة نفسها، ومع أول البعثات الدراسية خارج البحرين، يتلقى تعليمه بالجامعة الأميركية في بيروت، فيما أحمد خبير اللؤلؤ يعمل في الوساطة هناك على بعد آلاف الأميال في الهند.

كان جاسم ملازماً لوالده يتعهده ويلبي طلباته، وكان والده حريصاً أكثر على أن يكون قريباً منه في العمل؛ إذ كان في بداياته.

في تلك الفترة المبكرة، أوكل إليه والده أمر تحصيل إيجارات الدكاكين. كان الشائع وقتها “المراوغة” والتسويف من قبل المستأجرين. ركود السوق يوفر لهم الرد: “لم نبع شيئاً ولم نحقق أي دخْل، اصبر علينا يمكن تفرج”.

يأتيه الرد من والده: لا بأس يا بني، واصلْ زيارتهم، وذكّرهم بضرورة دفع الإيجارات المتأخرة”.

الأقرع والدفع بالآنة

كانت معرفة ظروف الناس كافية لأن يتحلى بعض كبار التجار بصبر وتفهّم “الوالد الشيخ عبدالرحمن كان يعرف الظروف التي كنا نعيشها في تلك الفترة، وهي ظروف الحرب العالمية الثانية، وقتها كان الشح هو السائد، فالباعة وأصحاب الدكاكين ليس لديهم ما يبيعونه بعد أن توقف الاستيراد تقريباً نتيجة امتناع الدول المصدِّرة عن التصدير”. هناك بين المستأجرين من كان لا يتخلف وفي الموعد، على رغم ظروف السوق وأوضاع الناس: حسن الأقرع، لكن، كانت له طريقته الخاصة التي لا تخلو من لؤم. لؤم برىء. مع تاريخ استحقاق إيجار محلات ثلاثة، يقوم بالدفع بالوحدات الأصغر من الروبية وقتها (الآنة والآردي) “كان يعطيني كيساً أو صرّة بالآنات والآرديات، وأنا آخذها إلى البيت وأعدّها ثم أسلّمها لوالدي الذي يحتجّ بدوره على إيجارات الخردة هذه دون جدوى”.

مُخلّص ...و«شْوَيَة نِعِلْ»

كان لشقيقه أحمد الذي اتخذ من الهند مقراً له ممارساً الوساطة في بيع اللؤلؤ، دور في إرسال بضائع متنوعة مع الركاب القادمين إلى البحرين. تبدا مهمة جاسم الزياني بوصول الباخرة من بومبي، قبلها يكون قد أرسل برقية. لا تنتهي العملية بوصول البضاعة؛ بل ربما من هنا تبدأ يقول جاسم الزياني: “مشكلتي دائماً تبدأ عند مفتش الجمارك في فرْضة المنامة، وهو هندي اسمه شودري كما أتذكّر، فقد كان هذا المفتش مشهوراً بالشدّة وصارماً في عمله، فلا صندوق يخرج من الباخرة إلا ويأمر بفتحه وتفتيشه، وأتذكّر مرة أن الصندوق الذي وصلنا كان به حوالي 25 زوج نعل، فلما سأل المفتش: ماذا بالصندوق؟

- شوية نعل عبارة عن هدايا لأفراد العائلة.

- هذا أكثر من عشرين نعلاً، لا يمكن أن تكون كل هذه النعل هدايا - هذا تجارة وعليكم أن تدفعوا عليها رسوماً.

الدراسة في الهند

الوسط - جعفر الجمري

مع بداية ازدهار التجارة وانتعاش السوق، وجد الأخ الشقيق راشد في ذلك فرصة كي يترك الوظيفة الحكومية ويتفرغ للتجارة مع والده الشيخ عبدالرحمن، وضمن ترتيب الأوضاع تم قرار سفر جاسم إلى الهند لتلقي التعليم. كانت اللغة الإنجليزية والمحاسبة المادتين الرئيستين. أقام هناك عامين وبوجود أخيه أحمد، كانت الأمور أكثر يسراً، أتيحت له أوقات ليقترب من عالم الوساطة في اللؤلؤ. بعد العودة ولفترة بسيطة قرر والده إرساله إلى الهند مرة ثانية. الطريق إليها يتم عن طريق الباخرة وعليها أن تمر على كراتشي أولاً، حيث قُدّر له هناك أن يتعرف على وجوه المال والأعمال والأعيان في بلدانهم، وخصوصاً التاجر المعروف محمد المرزوق.

صفقة الدكّان

بعد العودة من الهند في المرة الثانية، عمد الأب عبدالرحمن إلى إبرام صفقة مع صاحب دكان هندي (رامو دارداس) كان يصفي أعماله لمغادرة البحرين، بشراء محله. يقع الدكان في شارع باب البحرين، وبلغت قيمة الصفقة وقتها 4000 روبية. كانت الصفقة بداية لدخول جاسم الزياني عالم التجارة بشكلها المباشر، إذ سيترك له والده حرية التصرف والتعامل مع الزبائن والوقوف مباشرة على التفاصيل. لم يتدخل الأب في أي من تلك التفاصيل. يرجع ذلك بحسب جاسم في الكتاب إلى أن “مكانة تاجر اللؤلؤ المعروف لا تسمح له بأن يمارس عمل تاجر التجزئة وبيع القمصان والأحذية وغيرها. ولذا فما أن أبرم الصفقة مع رامو دارداس حتى أوكل مسئولية إدارة المحل التجاري وأعطاني الصلاحيات كافة”.

بدأت تحركات جاسم للتعامل مع التجار الذين سبقوه في السوق. المحل كبير ويكاد يكون شبه فارغ لندرة البضاعة فيه، بدأت عمليات البيع والشراء التي لم تخْل من فطنة وذكاء، وتطلعاً إلى تثبيت سمعة في السوق؛ إذ قام في إحدى العمليات تلك بشراء بضائع من تاجر هندي (كرمستجي)، ليقوم ببيعها بالسعر نفسه، مثل ذلك الصيت أتاح له انتشاراً في السوق، ومعرفة الناس برخص بضاعته؛ ما أغضب التاجر الهندي الذي شكاه إلى والده “هذه الأخبار وصلت إلى كرمستجي فجاء محلنا غاضباً، ودخل على والدي (...) وقال له:

- شيخ عبدالرحمن (...) نحن نبيع عليكم معجون كولينوس بتسع آنات وأنتم تبيعونه أيضاً بتسع آنات، وتبيعون أمواس ناست بخمس آنات، وهو نفس السعر الذي نبيعه لكم (...) أنتم تخربون السوق علينا، وعليكم أن تتوقفوا عن ذلك”.

وكالات السيارات

صار اسم عبدالرحمن الزياني علامة كبيرة يوم أن تم رفع اليافطة على المحل الواقع بباب البحرين. تنوعت وتعددت البضائع، فكان لابد من الانتقال إلى مستوى أكبر وأشمل بالاتجار بسلع تفتقدها البلاد ودول المنطقة.

زيارة الهند أوحت لجاسم الزياني مثل تلك النقلة، حين وقعت عينه على سيارة من طراز أوستن. تمت مراسلة الشركة للحصول على الوكالة، وحين جاءت الموافقة قام الزياني بطلب ثلاث سيارات من أحجام: أوستن 8 و 10 و 12، الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

يقود إعلان لسيارة لاند روفر في إحدى الصحف الإنجليزية، وهي ذات دفع رباعي، جاسم الزياني أيضاً لمراسلة الشركة، لتقوم بإرسال سيارة واحدة.

بعد وصول السيارة قام الزياني بالاتصال بقصر الحاكم وكان وقتها المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، يسرد تفاصيل ما حدث بشكل مطول، لكنه في نهاية المطاف يوفق في بيع السيارة على القصر، بعد أن تم من قبل رفض شراء إحدى سيارات أوستن. ولإعجاب الحاكم بالسيارة تم ترتيب مأدبة عشاء في القصر احتفاء بالمناسبة، وكانت إيذاناً بافتخار الأب بابنه ونجاحه بتحقيق مثل تلك الصفقة. بعد ذلك تعددت الوكالات الحصرية التي حصلت عليها شركة عبدالرحمن الزياني ومن بينها، أوستن القلّاب، وميتسوبيشي، وكرايزلر، وقتها كانت الوكالة لأربع سيارات بإضافة اللاندروفر.

وكلاء الزياني في الخليج

في العام 1960، وبعد استقرار تجارة السيارات التي كانت تمثل عصب الأعمال التجارية لشركة عبدالرحمن الزياني تم إرسال الابن جاسم إلى قطر، لتوكيل شركة توزيع لسيارات اللاندروفر، التي كانت وقتها تناسب طبيعة دول الخليج التي لم تعرف في تلك الفترة رصْف شوارعها؛ إذ كانت السيارة عملية لتلك البيئة وزحف الكثبان الرميلة على الحواضر في تلك الدول.

في دولة قطر تم اختيار التاجر المعروف خالد محمد المانع ليكون الموزع لتلك السيارات.

بعد إنجاز تلك المهمة توجه جاسم الزياني إلى دبي، والتقى التاجرين المعروفين صالح العصيمي وجاسم المدفع، وكانا شريكين في التجارة؛ إذ تم توقيع اتفاق وكالة التوزيع معهما للسيارة نفسها، ليستمر تمدد الشركة وصولاً إلى عُمان، ليتولى الوجيه جعفر عبدالرحيم الدرويش توزيع اللاندروفر. وإلى السعودية لافتتاح فرع للشركة هناك لتوزيع اللاندروفر والأوستن، إضافة إلى المكائن والآلات، وضم فرع السعودية تنوعاً في البضائع وصولاً إلى البصل والبطاطس!

كانت المحطة التالية هي الكويت، في الفترة التي بدأت فيها النهضة التنموية والازدهار يتضح في كثير من مرافق الحياة والخدمات. مكث جاسم الزياني سنوات هناك، ليصبح واحداً من وجوه المال والأعمال. كانت رسالة التوصية التي حملها من سمو الشيخ سلمان بن حمد إلى سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح، لمساعدته ومنحه ترخيصاً لتأسيس فرع تجاري لشركة عبدالرحمن الزياني في الكويت، سهّلت مهمته؛ حيث تم منح الترخيص للشركة.

كانت المشكلة في المقر؛ ما دفع إلى الاتفاق مع أحد كبار التجّار هناك وهو عبدالله العلي العبدالوهاب، ليكون وكيلاً للشركة لبيع السيارات وغيرها من البضائع. مع ارتفاع وتيرة الازدهار وازدياد الطلب على السيارات، وجد وكيل الزياني “من الأفضل له والأكثر مكسباً أن تصبح الوكالة باسمه وكل الدخْل له، وليس لشركة عبدالرحمن الزياني وأولاده، وما لبثت الفكرة أن قادته إلى الاتصال مباشرة بشركة أوستن للسيارات ويفاوضهم على أن تقوم بسحب الوكالة من الزياني ومنحها له، خاصة وأن شركة الزياني لا تلك محلاً تجارياً في الكويت”. تم التغلب على تلك المشكلة بعد تفاصيل يوردها جاسم الزياني في الكتاب بالتوصل إلى اتفاق يدفع بموجبه الزياني 150 ألف روبية للموزّع في الكويت.

في الحلقة الأخيرة من الاستعراض، ستتم تكملة الفصل الرابع الذي يتناول عدداً من المشكلات التي واجهت فروع وكالة السيارات في عدد من دول الخليج وما تبقى منها، فيما سيتم في الفصول الثلاثة، الخامس والسادس والسابع، التطرق إلى خسران أو إغلاق معظم الفروع باستثناء الكويت، وفي الفصل السادس، يتم استعراض مرحلة التراجع والانفصال، ويقف الفصل السابع عند انهيار الشركة العائلية

الشيخ عبدالرحمن بن عبدالوهاب الزياني ونجله جاسم الزياني

المصدر

http://www.alwasatnews.com/4415/news/read/926976/1.html

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...