الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

الشيخ عيسى بن علي آل خليفة يصدر بياناً يحرم فيه استيراد الخمور إلى البحرين

في 28 سبتمبر 1900 أصدر الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين البيان التالي: ليكن معلوماً لكل من يطلع على هذا البيان أنه نظراً لما سمعته عن استيراد الخمور إلى البحرينب بغرض التجارة، ونظراً لأن هذا مما تحرمه الشريعة الإسلامية، ولما يسببه من أضرار على صحة الإنسان، فإنني أحظر استيرادها إلى البحرين. وإذا نما إلى علمي أنه تم استيرادها بغرض التجارة ، فسوف تتم مصادرتها وسوف أصدر أوامري بإلقائها في البحر.

الأحد، 19 ديسمبر 2010

كتاب الباذل بصمت للصديق الباحث د. عبد المحسن الجارالله الخرافي

القاهرة: كمال حسن
ضمن سلسلة كتاباته عن العمل الخيري ورواده في دول الخليج العربي، يرصد الدكتور عبدالمحسن عبدالله الجارالله الخرافي في كتابه "الباذل بصمت .. ناصر عبدالمحسن السعيد" أربعة أبعاد جوهرية في شخصية الراحل ناصر السعيد، الملقب بـ"أمير العمل الخيري الخليجي"، تتضمن البعد الشخصي، والاجتماعي، والاقتصادي، والخيري في الراحل الكبير صاحب الرحلة الحافلة بالعطاء والأعمال الإنسانية في مختلف المجالات، حيث يصفه المؤلف ـ وهو كاتب وأكاديمي مخضرم في كتابة السير الذاتية لرواد العمل الخيري الخليجي ـ بأنه كان ـ رحمه الله ـ مبدعاً على المستوى الاقتصادي، وصاحب نظرة ثاقبة للمستقبل القريب والبعيد، وصاحب مبادرات خيرية عديدة امتدت للعديد من الأقطار العربية والأقليات المسلمة في آسيا وإفريقيا. فيما يعد ناصر عبد المحسن السعيد، المتوفى يوم الاثنين 17 رمضان 1427هـ، الموافق 9 أكتوبر 2006، بعد حياة حافلة بالعطاء، يعد أحد رجالات الكويت المتميزين في العمل الخيري من حيث البذل والعطاء، بلا ضوضاء ولا أضواء ولا شهرة ولا سمعة.
وتتضمن مقدمة الكتاب نعيا من أبناء الراحل الكبير، تقول بعض فقراتها: " إلى روح الوالد المرحوم بإذن الله تعالى ناصر عبدالمحسن السعيد، الذي شق طريقه في صخور الحياة الصلبة يتيماً وحيداً بإرادة لا تعرف اللين، وتصميم على النجاح لا يعرف الكلل؛ فتخرج من مدرسة الصحراء بكل قسوتها، ومن مدرسة البحر بكل أهوالها، ومن مدرسة الحياة بكل ما فيها من قيم شريفة ومبادئ إسلامية لا يحيد عنها مهما تغيرت الظروف ومهما اختلفت المصالح. وإلى روح الوالدة الوفية التي عاشت معه قرابة الخمسة والستين عاماً، فكانت نِعْمَ الزوج، وكانت نِعْمَ الراعي لبيته ولأولاده، دعاؤنا بالرحمة والمغفرة". بجانب بعض الأبيات الشعرية التي تنعى الراحل، منها:

بعض العرب لا مات نبكي لفرقــــاه لا مات شيخ القوم ما ظن ننساه
أبكي على أهل الطيب وأقول عزاه العـــم نــاصر كلنا اليـــوم ننعـــاه
بلا ضوضاء أو أضواء
ويصف مؤلف الكتاب المغفور له ـ بإذن الله ـ ناصر عبدالمحسن السعيد بأنه شخصية فذة، تمثل فخر المجتمع الكويتي والعمل الخيري، وأصبحت نادرة بيننا فعلاً، لم نكن نسمع عنها إلا في عصور الإسلام المتقدمة من حيث البذل العظيم، ولكن بصمت، وبلا ضوضاء ولا أضواء ولا شهرة ولا سمعة. عارضا لمحطات في سيرته الشخصية بأنه ينتسب إلى آل نصار من الحباشين من آل بوحسن من المشاعرة من الدراسر، وولد في قرية جلاجل في هضبة نجد عام 1908م - 1326هـ، توفي والده عندما كان عمره ثلاث سنوات، انتقل بعدها إلى حضانة أجداده عبدالكريم وعلي الإبراهيم السليمان السعيد، حيث كان في رعاية جدته عائشة الزكري، ودرس ـ رحمه الله ـ عند معلم الصبيان أحمد الصانع في عام 1340هـ في مدينة المجمعة، حيث نقله عمه إبراهيم العبدالله السعيد.
وتلقى ـ رحمه الله ـ تعليمه الأولي في مدرسة الشيخ أحمد الصانع في المجمعة، و بعد إتمامه لقراءة القرآن سافر مع عمه إبراهيم إلى الشمال ( قرية الحجرة ) وزاول التجارة هناك حتى عام 1348هـ. و شارك مع الملك عبدالعزيز في معركة ( خبارى وضحاء ) في عام 1348هـ. و في أواخر عام 1348هـ عمل في الغوص في مدينة الجبيل. وفي عام 1349هـ انتقل إلى الكويت، وبدأ العمل مع السفن التي تنقل تمور الكويت والعراق إلى الهند، ولمدة خمس سنوات، حصل منها على مكسب مقداره ( 1500 ربية )، و قرابة عام 1353هـ ترك السفر بالسفن وفتح دكاناً للمواد الغذائية. و في عام 1357هـ انتقل لتجارة التمور والعيش بالجملة، حيث كان يبيع على قوافل البادية، وكان يقرضهم ما ينقصهم من مال ويستوفي حقوقه منهم عند استلامهم لشرهاتهم من الملك عبدالعزيز في الرياض. وبعد بداية الحرب الألمانية الإنجليزية توقفت قوافل البادية، فانتقل بعدها لتجارة الزل، حيث كان يستورده من إيران ويصدره إلى الرياض ومكة المكرمة حتى عام 1370هـ. وفي عام 1370هـ بدأ يتاجر في العقار مع بداية الحركة العقارية بسبب ظهور البترول في الكويت.
اليتيم الذي أدرك حقوق المحتاجين في مال الله
وكان اليتم المبكر دافعاً للنجاح والفلاح؛ فلم يذل نفسه إلا لله، ولم يطرق إلا باب الكريم تعالى، فدخل مجال الغوص على اللؤلؤ، وخاض لجج البحار، وواصل الليل بالنهار. ومن أهم الصفات التي تحلى بها المرحوم ـ بإذن الله ـ حسبما جاء بالكتاب كرمه وسخاؤه، فكان يعطي السائلين مبالغ تسد حاجتهم هبة لا ترد، وكان يتنازل عن الديون للمعسرين، وكان وجهاء الكويت يحيلون إليه كل المؤسسات الخيرية الإسلامية، وكان يحرص على عدم رد أحد خائبا أبداً. ومن أهم صفاته الشخصية - يرحمه الله - أمانته، حيث كان معظم معارفه من أهل الكويت والمملكة العربية السعودية يحبون مشاركته؛ لأمانته وأخلاقه. ومن مظاهر إحسانه تبرعه للحكومة بأرض تقام عليها مدرسة في منطقة جليب الشيوخ عام 1957، أي في وقت كان يسعه فيها أن يبيعها للحكومة أو للأفراد ويجني منها الملايين. ويعادل هذا التبرع اليوم ما قيمته أكثر من 5 ملايين دينار كويتي، وهو ما يدل على جزالة العطاء، وضخامة التبرع. ومن مظاهر إحسانه ـ كذلك ـ بناؤه عمارتين كاملتين في ميدان "حولي "، ثم سلمهما بنفسه لوزارة الأوقاف؛ لينفق من ريعهما على وجوه الخير المتعددة التي تقوم عليها، وتبلغ قيمتهما ـ حالياً ـ نحو مليون دينار كويتي.
واتسم الراحل الكبير بأنه كان طيب النفس، حريصاً على الأجر، يخلط الاستثمار الدنيوي بالاستثمار الأخروي؛ فأثمرت أنشطته العقارية ثماراً يانعة، وعوضه الله خيراً منها أضعافاً، مصداقاً لحديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «ما نقص مال من صدقة». ففي عمارة المساجد كان للفقيد الراحل نصيب وافر من عمل الخير، كما كان له باع كبير في التبرع لحفر الآبار الارتوازية، والتي تقدر بالعشرات في إفريقيا عن طريق لجنة العون المباشر. وعندما صدر مرسوم إنشاء الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تبرع بمبلغ مليون دولار. وكان ـ رحمه الله تعالى ـ يدعم بشكل ثابت وسنوي الهيئات الخيرية العاملة في الميدان. أما عن التبرعات المقطوعة فقد كانت كثيرة تصعب على الحصر، خصوصاً للشعب الفلسطيني، والسوداني، والبوسنة والهرسك، ولأهل الصومال، ولجنة مسلمي إفريقيا، ودعم صندوق الأسرة...
صندوق لتزويج غير القادرين
وعرف عنه الحرص على صلة الرحم؛ حيث خصص نصف بيته لضيوفه من أبناء عمومته الذين يفدون من السعودية للكويت، فكانوا يقيمون في ديوانه ما شاؤوا، وكان يطيب لهم المقام إلى جانب عصاميته. وأدرك حق القرابة وذوي الرحم، فما أن أنشأت العائلة صندوق الأسرة، التي ينتمي إليها الآن ما يزيد على الألف في الكويت والسعودية، حتى سارع إلى دعمه بمبلغ كبير. وتقضي فكرة الصندوق بأن يتبرع كل فرد في العائلة بمبلغ 10 آلاف ريال سعودي، ينفق منها على إعانة الشباب الراغبين في الزواج الأول وسائر الاحتياجات الأخرى، وإنفاق الأموال على المحتاجين في الأسرة، ودعمهم، والتخفيف عنهم، وبناء استراحة تكون بمنزلة ناد للأسرة، وسارع بالتبرع بمبلغ مليون ريال سعودي لدعم الصندوق العائلي.
بناء مساجد ووقفيات خيرية
ومن مظاهر البر و الإحسان للراحل الكبير التبرع للحكومة بأرض تقام عليها مدرسة في منطقة جليب الشيوخ عام 1957، أي في وقت كان يسعه فيها أن يبيعها للحكومة أو للأفراد ويجني منها الملايين، لكنه اقنع شركاءه فيها، وهما أخواه من أمه محمد وعبدالله الزامل، بأهمية ووطنية وخيرية هذا التبرع. كما قام ببناء عمارتين كاملتين في ميدان حولي من أجل التبرع بهما، بمساحة تقارب 750 مترا مربعا، وتضم كل منهما ثلاثة طوابق، بناها على أفضل وجه، ثم سلمهما بيده إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ لينفق ريعهما على وجوه الخير المتعددة التي تقوم عليها. وفي مجال عمارة المساجد بنى المساجد على أحسن وجه في الكويت وخارجها، ومنها مسجد في خيطان بالكويت، ومسجد في جلاجل بالمملكة العربية السعودية، و مسجد ومركز إسلامي في جاكرتا بإندونيسيا. وقام بحفر الآبار الارتوازية، حيث حفر ـ رحمه الله ـ عشرات الآبار الارتوازية الرئيسية في إفريقيا عن طريق جمعية العون المباشر( لجنة مسلمي إفريقيا سابقا)، وقد حفرها باسم والديه وجده وعمه إبراهيم؛ وفاء للأربعة الذين كانت لهم بصمة واضحة في حياته.
وقدم المنح الدائمة للجهات الخيرية، فرحمه الله كان يدعم بشكل سنوي ثابت كلا من الهيئات الخيرية العاملة في الميدان الخيري، سواء من زكاة أمواله التي تبلغ في العادة 150-200 ألف دينار سنويا، أو من صدقاته وتبرعاته التي شملت كلا من الجهات الخيرية التالية:
جمعية عبدالله النوري الخيرية بمبلغ عشرة آلاف دينار سنويا. هذا بالإضافة إلى تبرعه للجنة فلسطين الخيرية بمبلغ 30 ألف دينار عام 1986، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بمبلغ 40 ألف دينار كل عام. وجمعية التكافل لرعاية السجناء. وكذلك تبرعه إلى اللجنة الشعبية لجمع التبرعات بمبلغ خمسين ألف دينار كويتي لمصلحة لبنان حين اجتاحته الآلة العسكرية اليهودية عام 1982، كما تبرع بشحنة غذائية بما يعادل حينها خمسة آلاف دينار كويتي قيمة إيصال ألف كيس رز، وخمسمائة كيس سكر إلى مصر عام 1967، بعد الهزيمة العسكرية للعرب ومصر.
مجمع خيري بمصر، ودار أيتام بلبنان
وللراحل الكبير صرح خيري عملاق بمصر، هو مجمع ناصر عبدالمحسن السعيد، الذي يشمل مسجداً، ودار مناسبات، ومصلى للحريم في مدينة البراجيل، بجانب مركز ناصر عبد المحسن السعيد للغسيل الكلوي بمدينة أوسيم في محافظة 6 أكتوبر، كما له ـ رحمه الله تعالى ـ أياد بيضاء في دعم ورعاية جمعية "رعاية اليتيم" في صيدا بلبنان، وعدد من البلدان العربية؛ فحياة الراحل، التي امتدت نحو مئة عام، قضاها في العمل الخيري، مبتغياً بذلك وجه الله تعالى، وتاركاً سيرة حسنة وقدوة طيبة لأبنائه وأحفاده ومحبيه من بعده؛ لتكون نبراساً لهم يضئ الطريق، حتى خلال مرضه الأخير. وكان أثناء تلقيه العلاج الطبيعي يذكر الله كثيراً، ويقسم مشيه إلى 3 أشواط: استغفار، وتسبيح وتحميد، وتكبير. ولما توسم فيه الطبيب المعالج الخير والصلاح طلب منه أن يعظه ويوصيه ببعض أعماله الخيرة من أجل تحصيل الحسنات التي تنفعه يوم القيامة.
قصة مؤلف أدرك قضية الإعلام الخيري
يشار إلى أن مؤلف كتاب " الباذل الصامت " الدكتور عبدالمحسن عبدالله الجارالله الخرافي" هو من أبرز الكتاب العرب في توثيق الأعمال الخيرية ورصد رواد هذا المجال، رغم أن دراسته في مجال الرياضيات، حيث حصل على درجة الدكتوراة في الرياضيات من جامعة لفبرة- المملكة المتحدة – عام 1986م.
ومن مؤلفاته:
1- موسوعة "محسنون من بلدي"، في ثمانية أجزاء.
2- "الأيادي البيض ".
3- سجل الوفاء للمحسنين الكويتيين في مجال دعم الخدمات الصحية - 2004م.
4- عائلة العثمان. ... مدرسة السفر الشراعي في الكويت – 2003م.
5- عبد الوهاب عبد العزيز العثمان ... ريادة عائلة وتميز إنسان – 2003م.
6- حمد عبد المحسن المشاري ... سيرة وعطاء – 2006م.
7- اللجنة الشعبية لجمع التبرعات ... سفينة الخير الكويتية وعطاؤها بين موانيء النكبات – 2007م.
8- الباذل بصمت ... ناصر عبد المحسن السعيد - 2007م.
9- مؤسسو الاقتصاد الإسلامي المنطلقون من تجربة بيت التمويل الكويتي – 2007م.
10- عبدالله العلي العبدالوهاب المطوع .. رائد العمل الخيري الكويتي والعالمي: تعريفات وإحصاءات – 2008م.
11- عائلة الغنام ... رمز الضيافة الأصيلة للديوان الكويتي – 2008م.
12- عائلة البابطين ... رمز الضيافة الأصيلة للديوان الكويتي – 2008م.
13- سلسلة "قوافل شهداء الكويت الأبرار" ( 8 أجزاء ).
وللمؤلف اهتمامات بإحياء شعيرة الوقف؛ فهو معد ومقدم برامج "نجوم في سماء الوقف"، "الوقف في العالم الإسلامي"، "إشراقات الوقف"، وكذلك برنامج "مربون من بلدي" في البرنامج العام لإذاعة الكويت، وغيرها من البرامج الجادة في الإعلام الخيري.

الجمعة، 17 ديسمبر 2010

وثيقة تشير إلى فريج الهولة في المنامة عام 1882

هذه وثيقة تشير إلى أنه قد اشترى التاجر جمعة بن إبراهيم التميمي من نورة بنت عبد الله غيلان، ومن أختها عايشة بنت عبد الله غيلان الدكانين الكائنين في فريج الهولة من المنامة بثمن قدره مايتان روبية وثمان وعشرين روبية ( 228 روبية) ويسكن هذا الفريج مجموعة أسر من بني تميم كأسرة يتيم وأسرة جمعة وأسرة الوزان وغيرهم وهذا نص ما ورد في الوثيقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
موجبه هو أنه اشترى جمعة بن إبراهيم لنفسه من عبد الله بن أحمد بوبشيت البايع بوكالته عن نورة بنت عبد الله غيلان وعن أختها عايشة بشهادة محمد بن حسن المؤذن وعبد الله بن راشد وذلك جميع وجملة استحقاقهما من الدكانين في فريج الهولة من المنامة يحد الدكانين قبلة قهوة الطواويش بينهما طريق، وشمالاً مخزناً الوقف الذي على المقبرة ومسجد أحمد بن عبد الرحمن الصحاف بينهم الطريق، وشرقاً الطريق، وجنوباً دكاكين سعد بن عامر بما للمبيع من حد وحق وتابع ولاحق وأرض وبناء وسقوف وأبعاد وحيطان وطريق وكل حق وحد لذلك داخل فيه أو خارج عنه أو يعد منه أو ينسب إليه شرعاً وعرفاً عموماً وإطلاقاً وذلك بعد سبق الرؤية المعتبرة شرعاً من المتعاقدين له بثمن قدره مايتان روبية وثمان وعشرين روبية من نقد البلد للتعامل به مقبوضة قبضها البايع لموكليه فبرئة ذمة المشتري من الثمن براءة صدق واستيفاء حق بيعاً بتاً فصلاً لا ثنيا فيه ولا خيار بل بالطوع والرضا والاختيار بإيجاب وقبول وإخلا وتخلية من غير إكراه ولا إلجا وإلا إجبار فبموجبه ومقتضاه وصريحه وفحواه سار المبيع المذكور للمشتري المزبور يتصرف فيه كتصرفه في أملاكه ولم يبق للبايع ولا لموكيله في المبيع ولا في ثمنه حق ولا مستحق ولا دعوى ولا طلب بوجه ما ولا سبب حرر في يوم 20من شهر رمضان سنة 1299هـ (5/8/1882م).

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

العرضة رقصة الحرب

العرضة النجدية هي نتاج تطور لعادة عربية قديمة عرفها العرب منذ الجاهلية في حالة الحرب، رغم عدم وجود نصوص في التراث العربي القديم، يمكن من خلالها الربط بينها وبين واقع العرضة التي تعرف اليوم، إلا أن الملاحظ وبكل وضوح، أن أركان العرضة الأساسية كانت ملازمة للحرب منذ الجاهلية، فالطبول تقرع منذ القدم في الحرب، والسيف يحمل، والشعر الحماسي عنصر أساسي من عناصر الحرب. وتعد العرضة النجدية ـ وكما هو معروف ـ فناً حربياً كان يؤديه أهالي نجد بعد الانتصار في المعارك، وذلك قبل توحيد أجزاء البلاد عندما كانت الحروب سائدة في الجزيرة العربية. ومن مستلزمات هذا اللون من الفن الراية والسيوف والبنادق لمنشدي قصائد الحرب، بينما هنالك مجموعة من حملة الطبول، يضربون عليها بايقاع جميل متوافق مع انشاد الصفوف، ويطلق على أصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف طبول التخمير، أما الذين في الوسط، فهم الذين يؤدون رقصات خاصة لطبول الاركاب، كما يوجد بالوسط حامل البيرق (العلم). وتقام في وقتنا الحاضرالعرضة النجدية في مواسم الأعياد والأفراح. بالنظر إلى طريقة أداء العرضة السعودية فإننا نجد أنه يغلب عليها أداء الكورال الذي يكرر أبياتا معينة ثم تليها الرقصة التي عادة ما تكون عبارة عن رفع للسيف وتمايل جهة اليمين أو جهة اليسار مع التقدم لعدد من الخطوات إلى الأمام. ويكون عادة المنشدون في صف واحد وتستخدم فيها أنواع مختلفة من الطبول يطلق على الكبيرة منها اسم طبول التخمير، والصغيرة طبول التثليث التي اكتشفت مع العرضة السعودية في نفس الوقت بهدف رفع المعنويات، وكذلك لاستعراض القوة قبل الخروج إلى الحروب. وعندما اكتشف المحاربون أن الأصوات لا تكفي لأداء الغرض تم وبالعودة إلى الأزياء التي تستخدم في العرضة النجدية ادخال عنصر الإبهار الجمالي في تشكيلات هذه الرقصة، لذا فقد اهتم الراقص بإظهار الأسلحة وأدوات الحرب والقتال طوال هذه الرقصة، إضافة إلى وجود زي خاص يستخدم فيها وهو زي فضفاض واسع يسمح بسهولة الحركة للراقصين. ويصنع من قماش أبيض اللون خفيف حتى يتلاءم مع الطبيعة المحيطة التي تؤثر فيها عوامل الطقس، ويرتدى عادة فوق هذه القطعة قطيفة سوداء تسمى القرملية وتكون أحيانا ذات أكمام طويلة وتلبس مع الشماغ والغترة والعقال. ومن المستبعد أن تتم العرضة دون حضور السيف الذي يعتبر عماد الرقصة. ويلبس الراقص في الوقت الحاضر (محزماً) وهو عبارة عن (جله) يوضع بشكل متقاطع وكان قديما ذا أهمية في وضع الرصاص للبنادق. وكان يتم تسخين طبول التخمير أو طبول التثليث تحت الشمس أو تحت نار هادئة. ومن أشهرها: "نحمد الله جات على ما نتمنى.. من وليّ العرش جزل الوهايب" بهذه الكلمات يردد السعوديون هذا البيت جماعياً مغنّى ومطعّم بأصوات الطبول ولمعان السيوف في كل احتفالاتهم الوطنية وغير الوطنية. ويشكل هذا البيت واحداً من أبرز سمات الثقافة النجدية السعودية حيث يأتي مطلعاً للعرضة النجدية الشهيرة، وهي أشبه بالرقصة الرسمية للبلاد، والحاضرة الدائمة في كل المناسبات، يشارك بها الملك والأمراء والمواطنون، رقصاً بالسيوف وعلى أصوات الطبول، ويجدون فيها تعبيراً عن الفرح والسلام. ويشتهر أهالي الدرعية وضرماء والخرج وحائل باتقان هذا الفن.
انظر رقصة آل بن علي على هذا الرابط http://www.albinali.net/vb/showthread.php?t=13356&page=2
انظر رقصة الشيخ عبدالله الجابر على هذا الرابط http://www.youtube.com/watch?v=7orax704PqM

الأحد، 12 ديسمبر 2010

وثيقة تشير إلى قضية بين الشيخ أحمد بن علي الخليفة والتاجر أحمد بن مهدي

وقائع هذه القضية هي باختصار كالتالي:
اشترى أحمد بن علي (آل خليفة) 10000 قلّة من التمور من أحمد بن مهدي (نصر الله) بسعر 2.5 قران(9) للقلّة الواحدة، وكانت القيمة الإجمالية 10000 روبية [احتسب القران بما قيمته 40% من الروبية. وتمّ التعهّد بتسليم هذه الكميّة بهذا السعر حين يحين وقت التسليم (انظر رقم 96 / خارجي A ، مايو 1888، رقم 93 ـ 111).
وحين نضجت التمور، لم يسلّم أحمد بن مهدي ـ بناءً على ذلك ـ إلاّ 4717 قلّة من التمور بدلاً من الـعشرة آلاف قلّة المتفق عليها. والآن فإن أحمد بن علي (آل خليفة) يطالب بـ 5283 قلّة من التمور بسعر 6.5 قران للقلّة الواحدة.
رفعت الدعوى الى المقيم (البريطاني في بوشهر) في مايو 1886، عن طريق وكيل المعتمدية البريطانية في البحرين، والذي بيّن أن التقارير تفيد بأن أحمد بن مهدي (نصر الله) قادر تماماً على دفع ما يطالب به أحمد بن علي (آل خليفة)، ولكن نظراً لاحتمائه بالمسؤولين الأتراك في القطيف، فقد تمكّن من التمنّع عن الدفع.
رفع الكولونيل مايلز هذا المطلب الى الكولونيل تويدي في مايو 1886، ولما لم يأت رد عليه، فقد أرسل تذكيراً به في سبتمبر 1886. ردّ الكولونيل تويدي في أكتوبر يقول إنه أحال الموضوع الى القنصل البريطاني المساعد في البصرة، طالباً منه بذل مساعيه الحميدة بهذا الخصوص.
وفي شهر نوفمبر 1886 كتب سيرجنت ميجور بومان، القائم بأعمال المقيم في بغداد يقول، إنه يتفق تماماً مع المستر روبرتسون في اعتقاده بأن على الشيخ أحمد بن علي (آل خليفة) أن يرفع قضيته أمام محكمة قضائية تركية، وطلب إبلاغ الشيخ أحمد بمضمون الرسالة.
نظراً لعدم اقتناع الكولونيل روس بهذا الرأي الذي يفترض وجود محاكم، وحتى لو وجدت فإنها لا تنظر في قضية شيخ بحراني، فقد أوضح الكولونيل مدى هذه الصعوبة، فتمّ إتخاذ إجراءات أخرى بصورة غير رسمية أولاً، قام بها المعتمد السياسي المساعد في البصرة بموافقة الكولونيل تويدي. وقد حصلنا على وعود من والي البصرة والمسؤولين المحليين الآخرين هناك، ولكن هذه الوعود لم تثمر.
وأخيراً في يونيو من عام 1887، كتب المستر روبرتسون خطاباً رسمياً الى والي البصرة حول الموضوع، وظل منذئذ يلحّ على إجراء تسوية له.
وبناءً على اقتراح من الكولونيل روس، أرسل شيخ البحرين ونيابة عن أخيه ممثلاً له الى متصرف الاحساء ليعرض القضيّة أمامه، ولكن المتصرف لم يعره أيّ اهتمام.
وكانت هناك صعوبات كامنة في طريق الوصول الى تسوية سهلة حقيقية وقائمة. فمن ناحيته لم يكن بإمكان شيخ البحرين القيام بأيّ عمل انتقامي ضد أحمد بن مهدي القطيفي عن طريق مهاجمته من البحر. وقد اقترح الشيخ (عيسى بن علي آل خليفة) هجوماً على أملاك أحمد بن مهدي في البحرين، ولكن جرى ثنيه عن خطوته هذه لأنها قد تزيد من غضب الباب العالي عليه. ومن ناحية أخرى، رفضت الحكومة التركية الإعتراف بحقنا في حماية الشيخ(10) .
بعد وفاة كل من أحمد بن علي وأحمد بن مهدي مباشرة، توصّل ممثلاهما لتسوية للنزاع بفضل نفوذ وكيل (أحمد بن مهدي) في البحرين الحاج أحمد بن عبد الرسول في يناير 1889.
مصدر الفقرة:
PRESI'S OF BAHREIN AFFAIRS [1854 - 1904]
BY J. A. SALDANA, 1904
CHAPTER 30 : P. 80
Claim of Ahmed-bin-Ali (brother) of chief of Bahrein against Ahmed-bin-Mahdi,1886-1889
I.O.R L/PS/2/C241

رحلة ألن فاليرز إلى البحرين العام 1939م

القبطان ألن فاليرز الأسترالي الجنسية والذي عمل قبطاناً وقام بشراء سفينة شراعية تدعى كونراد وقادها في رحلة حول العالم ولقد كتب كتاباً عن رحلته هذه أسماه (رحلة السفينة كونراد) ثم قرر الركوب مع العرب في إحدى سفنهم الشراعية للوقوف على الطرق الملاحية التي يتبعونها في رحلاتهم الموسمية وكان يومهاً عضواً في الجمعية الملكية الجغرافية البريطانية فسهلت هذه الجمعية مهمته وحين وصل إلى عدن أواخر عام 1938م لجأ إلى مكتب التاجر خالد الحمد الكويتي وقد قدمه شقيقه علي الحمد إلى النوخذة الكويتي علي بن ناصر النجدي نوخذة السفينة (بيان) والذي كان موجوداً في عدن حينها لإكمال رحلة شراعية موسمية بدأت من الكويت إلى شط العرب ثم إلى مسقط ثم إلى عدن وبعدها إلى بنادر الساحل الإفريقي الشرقي، ثم العودة إلى البحرين وأخيراً الكويت، وهو موضوع هذا الكتاب وكان عمر المؤلف لا يتجاوز 35 عاماً في ذلك الوقت وهذا نص ما ورد في رحلته عندما وصل إلى البحرين:
بعد يومين كنا نلقي مراسلينا في ميناء المنامة الضحل في جزيرة البحرين، وكان أول ما رأينا هناك سمحان بوم يوسف بن عيسى وهو يرفع علم الكويت تحية لنا. وفي داخل الميناء على مقربة من الشاطئ كان يقف بوم حامد يوسف الإيراني القادم من ديمة، كما كان بوم عبد الوهاب خليفة الكبير قد بدأ يظهر في نور الصباح الباكر، وهو يسير خلفنا في عرض البحر، محملاً بأعمدة الجندل أيضاً، ومتجهاً إلى الميناء نفسه. وفي خلال الأيام القليلة التالية وصل نصف أسطول الكويت من المراكب العائدة إلى أرض الوطن من إفريقيا والهند، بما فيها الداو الكبير بوم عبد الوهاب بن عبد العزيز، وبغلة سليمان الروضان، وبغلة ناصر بن عيسى المسماة القطة والتي لم يكن هو يدعوها بهذا الاسم، ومركب أخيه حمود المحمل بخشب الساج ومواد صنع الحبال قادماً من ماليبار، بالإضافة إلى ثلاثة أو أربعة مراكب إيرانية أخرى.
عندما وصلنا إلى البحرين ورأينا الميناء مكتظاً بهذا الشكل خيمت الكآبة على النجدي وأعلن في الحال بأنه عازم على العودة والاتجاه إلى عرض البحر ثانية ليواصل سيره الشاق صعوداً في الخليج، ويحاول أن يسبق المراكب الأخرى إلى البصرة. فقد دفعت الريح الشمالية بجميع تلك المراكب إلى البحرين، كما دفعتنا نحن أيضاً. ولكن يشاء حسن الطالع أن يحالفنا الحظ لأول مرة، لأنه لم يمض على وصولنا إلا ساعات قلائل، حتى كنا قد بعنا جميع حمولتنا من خشب البناء. كما لم تجد المراكب الأخرى أية صعوبة في التخلص من حمولتها أيضاً، وذلك لأن عبد العزيز بن سعود ملك المملكة العربية السعودية، كان قد زار المدينة قبل مدة وجيزة، وترك تعليمات مع أحد الوسطاء المحليين بأن يشتري حمولة عشرين راكباً من الأخشاب الصالحة للبناء. فقد كان الملك قد بدأ برنامجاً لإعمار مدينة الرياض، ومدن أخرى في مملكته، بعد أن زادت موارده زيادة محسوسة من بيع النفط الذي اكتشفته الشركات الأمريكية في البلاد، وكانت البحرين هي المكان الطبيعي للحصول على المعدات والمواد اللازمة لذلك البرنامج. لقد كنا محظوظين فعلاً، وشاء الله أن تكون الريح الشمالية نعمة لا نقمة. وكانت أسعار ابن سعود جيدة، أفضل مما يمكن أن نحصل عليه في أي مكان آخر، فقد كان الملك دائماً كريماً. وهكذا تمكنا من بيع حمولتنا عن طريق وسيط إيراني بسعر عشرين روبية لكل عشرين عاموداً، ولم نكن قد دفعنا ثمناً، لأكبر وأفضل تلك الأعمدة، أكثر من عشر روبيات لكل عشرين منها فكان ربحاً مجزياً، بعد طول انتظار، وانقلبت الرحلة فأصبحت موفقة، بعد أن كنا لا ننتظر منها خيراً.
لقد كان الحر قاتلاً في ميناء البحرين الذي كان يبدو أقل عروبة حتى من ميناء عدن. فقد كانت المنامة ميناء نشطاً كثير الحركة، ولكنه لم يكن عربياً فقد كان يعج بالهنود والإيرانيين والأمريكيين بينما كان العرب يغوصون على اللؤلؤ، والإيرانيون يقومون بالأعمال المرهقة وهو ميناء حار ورطب لدرجة لا يستحق بذل الجهد الكبير لاستكشافه. فلم تكن البلدة تبدو لي أكثر من مركز تجاري لتوزيع البضائع الرخيصة السيئة الصنع إلى الأحساء ونجد وإيران دون أن تتدخل سلطات الجمارك كثيراً ، وللحصول على أي أموال يتكرم الكفار المشرفون على صناعة النفط بإنفاقها، أو تبديدها هناك. وكانت هذه الأموال ، برغم كفاءة الأمريكيين، نبدو مبالغ طائلة، بحسب رواية العرب. فقد كانت السيارات الحديثة الأنيقة تتجول هنا وهناك في سوق المنامة، ولم تكن جميعها ملكاً لرجال النفط، بينما كان البحارة يجوبون الطرقات حفاة الأقدام ، وبجدون أن أسعار الحاجيات في هذه الأيام تفوق طاقتهم على الشراء.
أما وقد تم الاتفاق على بيع حمولتنا بهذه السرعة فقد أعلن نجدي أننا لن نمكث في المنامة أكثر من ثلاثة أيام فقد كان متلهفاً للعودة إلى الوطن.وعلى الرغم من كل ذلك فقد بدا لي أن نجدي أخذ يسمح لنفسه بالاستمتاع بوقته بشكل معقول في المنامة. فقد ذهبت معه بضع مرات إلى البر، كما زرنا بضعة مراكب أخرى. وكان واضحاً أن نوعية الحياة التي يحياها نواخذة هذه المراكب الكبيرة أخذت تميل إلى التحسن كلما اقتربوا من الوطن.فقد كنا نذهب في قارب الماشوه في الصباح الباكر، حين يكون الجو بارداً نسبياً لأن التجول في المنامة بعد الساعة العاشرة صباحاً، مشياً على الأقدام، يشبه الدخول في حمام تركي، وننزل إلى الشاطئ على طرف رصيف طويل مبني من الحجارة المرجانية. وكان هذا الرصيف في طور التحسين والتطويل، ومن هنا كانت القوارب الصغيرة التي تنقل الحجارة، وهي تنساب على سطح الماء، تسوقها أشرعتها المثلثة العالية، تم من أمامنا واحداً بعد الآخر، كأنها في حلبة سباق. وفي جميع أنحاء الأجزاء الداخلية من الميناء، كان العمال يقفون عراة في الماء، ويكسرون الصخور المرجانية، ويحملون قطعها في تلك القوارب، التي كانت تقوم بنقلها إلى الرصيف. وفي طريقنا إلى الشاطئ، كنا دائماً نتوقف عند المراكب الكويتية الأخرى ونصطحب معنا أية نواخذة يرغبون في النزول إلى البر. وفي العادة كان الجميع يرافقوننا. أما الفترات التي كانت تمتد ما بين سباق الصباح وسباق المساء فقد كنا نقضيها في التجول في أرجاء السوق، والاسترخاء في المقاهي، وتناول الطعام في بيوت التجار، والاستلقاء على سجادهم في البرودة النسبية للغرف الظليلة. أما السوق نفسه، فقد كان فسيحاً مسقوفاً، وكان فيه كل ما يخطر على البال، من العباءات العربية الجميلة، إلى الملابس الداخلية الأمريكية الصنع، ومن عطور باريس، إلى ربطات العنق الخاصة بالسهرات الرسمية، ولذلك كان باستطاعة المرء أن يشتري أي شيء يحتاجه من سوق المنامة، فقد كان ازدهار المدينة واضحاً للعيان. إلا المكان كان حديث عهد بالنعمة، وكان الازدهار يعود بشكل رئيس إلى النفط، مما جعل البحرين تنقل من لا شيء إلى أكبر ثاني عشر حقل للنفط في العالم. أما في الماضي، فقد كانت صناعة اللؤلؤ هي الصناعة الرئيسة في البلاد، إلا أنها كانت في كساد منذ مدة طويلة:
أولاً: بسبب الكساد الذي كان يسود العالم ولكن بدرجة أكبر، بسبب المنافسة الحادة للؤلؤ الاصطناعي الياباني. أما الزراعة، فقد كانت مهمة في يوم من الأيام، إلا أنها الآن أصبحت مهملة بوجه عام، وتركزت ثروة البلاد في النفط فقط. وقد بدأت أساءل وأنا أتجول مع نجدي في السوق وأرى الحوانيت المملوءة بالبضائع، ما إذا كان هذا الرخاء المفاجئ والعارض نعمة بالنسبة للبلاد ، ولكنني لم عثر على واحد يقول إنه يمانع في ذلك أو يعترض عليه. بل إن نجدي أجابني عن تساؤلي بقوله: ستصبح الكويت كالبحرين عما قريب. ولكني أجبته قائلاً: لا سمح الله ولا قدر! أليست الكويت مدينة عربية! فنظر إلي ملياً ثم قال: نعم ولكن فيها نفطاً وفيراً إلا أنه بعد لحظة أضاف قائلاً: ربما كنت على حق. فهذه المدينة ليست عربية، ولم يزد على ذلك شيئاً.وفي إحدى المرات قمنا بزيارة واحد من كبار التجار، وكان له صلة قرابة بعيدة بنجدي. وكان رجلاً محترماً قليل الكلام، يتصرف بشيء من التعالي، ويرتدي أفخر الملابس. وعندما زرناه في مكتبه في السوق ، كان مشغولاً في حديث مع عدد من الصرافين من البونيان. وهو يحاول إفهامهم بكلمات قليلة ليست كلها لطيفة مهذبة، لماذا لا يستطيع الموافقة على عروضهم. وهنا كما كان الحال في كل مكان آخر جرى الترحيب بنا بتقديم الحلوى والشراب والقهوة العربية غير المحلاة، والشاي الشديد الحلاوة. وقد دعانا الرجل لتناول طعام الغداء في منزله، إلا أننا لم نلب الدعوة. وكان تعليق نجدي على الرجل: أنه تاجر وأن التجار قوم غلاظ القلوب كل همهم جمع المال. فسألته: وماذا عن النواخذة؟ وكان جوابه: النواخذة لهم البحر. أما المال فهو لمراكبهم.
أمضينا بعض الوقت في مكتب ذلك التاجر، ولكن ما لبثنا أن أخذنا نتجول في الأزقة الضيقة التي تقع خلف السوق، حيث كانت الحمير تجري، وهي محملة بجميع أنواع البضائع، وأصحابها يركضون خلفها وهم يصيحون أفسحوا الطريق أفسحوا الطريق! ثم قمنا بزيارة بعض المكاتب الأخرى، وكانت أقل أهمية من المكتب الأول. ورأيت فيها العرب الوقورين الجادين يجلسون إلى مكاتبهم لا يفعلون شيئاً بينما كان عدد من أتباعهم يجلسون على المقاعد الطويلة يحملقون بأصحاب المكاتب ولا يفعلون شيئاً أيضاً. وكانت هذه المكاتب غرفاً عارية، لم استطع أن اكتشف نوع التجارة أو الأعمال التي كانت تقوم بها. وقد أخبرني نجدي بأن هؤلاء كانوا وسطاء، وقد بدا لي أن أي تاجر في الجزيرة العربية يستطيع أن يصبح وسيطاً إذا لم يكن باستطاعته أن يفعل أي شيء آخر.
وكان الحديث في تلك المكاتب، التي كنا نزورها زيارات مجاملة، دائماً يدور عن الأعمال التجارية، ولم يكن نجدي يشارك فيها أبداً. إلا أننا عندما كنا نتمشى في السوق أو على الشاطئ ، كنا كثيراً ما نلتقي بعدد من النواخذة الآخرين، وكان الحديث يدور معهم طبعاً عن المراكب، وكان نجدي دائماً يدلي بدلوه. وكان في هذه المواقف، يعود إلى وضعه الطبيعي ويصبح رجلاً كاملاً واثقاً من نفسه، بينما كان يصغر ويتقلص عندما يكون في مكتب أحد التجار.
عندما كنا نلتقي مع النواخذة، كنا سرعان ما نتجه إلى المقهى، وكان هذا هو نفس المقهى دائماً، وكان مقهى فسيحاً يقع في عمارة الهلال على الشاطئ وكانت شاة سوداء كبيرة تدخل إلى المكان وتخرج منه وكأنها حيوان أليف، بينما كانت الجدران مغطاة بصور غريبة. وكنا دائماً نقضي الوقت في أحاديث البحر وتدخين النارجيل. وكانت صور الجدران تتألف من صور بعض الشيوخ، وصور بعض الفتيات المصريات الجميلات ذوات العيون الجريئة، وبين هذه وتلك، صور دعاية لفتيات يدخن السجاير الأمريكية، وبعض الصور الهزلية المقطوعة من إحدى جرائد يوم الأحد التي تصدر في شيكاغو. أما الصورة الرئيسة فقد كانت صورة فظيعة ملونة، يظهر فيها بعض الشرقيين وهم يعذبون النبي عيسى بن مريم. وفوق هذه، كانت صورة مطبوعة لشاه إيران، وكان يجلس تحتها، في إحدى زوايا المقهى عدد من الإيرانيين وهم يتذمرون من تصرفات حكومتهم. وفي ركن آخر كان هناك جهاز حاك يزعق وعدد من العرب متكئين على المقاعد الطويلة، وهم يشربون الشاي ويدخنون السجاير. وكان نجدي عادة يخلع نعليه، ويبدأ بالحديث الجاد عن رحلتنا التي نقوم بها. وهكذا كنا نقتل الوقت في هذا المقهى، لأن الوقت في المقاهي العربية لم يكن يعني شيئاً للزبائن ولا لصاحب المقهى، فبإمكانك إذا شئت أن تنام أو تقضي النهار وأنت تلعب إحدى لعب الدامة الشائعة.
وفيما بعد كنا نتناول طعام الغداء في مطعم عربي يقع على الناحية الأخرى من الشارع. حيث يقدم وجبات شهية من اللحم والسمك والخضار واللبن الرائب. وبعد ذلك، كنا عادة نعود إلى المقهى لندخن نارجيلة أخيرة، قبل أن نعود أدراجنا إلى المركب لننام قليلاً. وهناك كنا نقضي القيلولة حيث الحرارة في أوجها. وعند العصر، كان النسيم يتسلل بلطف إلى مكان رسونا، فيوقظنا لتناول الشاي وأداء الصلاة. ومرة ثانية كان الحديث يدور حول المراكب والمغامرات البحرية ، بينما كل منا يداعب حبات مسبحته، ويدخن نارجيلته، ويشير بيديه لتوضيح حديثه. ولم يكن نجدي يهدأ أو يمل من الحديث، وكثيراً ما كان يقص على مستمعيه ما حدث له خلال الرحلة.
أصبحنا في آخر يوم من أيام شهر مايو (أيار) ومازلنا راسيين قبالة المنامة، وعلى الرغم من أن البوم أصبح خالياً من الحمولة ، فلم يكن هناك ما يشير إلى أننا سنغادر الميناء قريباً.
وكنا أحياناً بدلاً من أن نعود أدراجنا إلى المركب لننام القيلولة ، نقضي تلك الفترة في شقة تاجر كويتي شاب يدعى بدر الساير، في بناية هلال. وكانت هذه الشقة تطل على الشاطئ كما تطل على جزء من السوق، وكانت الحركة في كليهما تسر الناظرين.
وعندما تنكسر حدة الحر عند العصر، تدب الحياة ثانية على الشاطئ وفي السوق. فكنا نرى قطعان الأغنام الكويتية السمينة. وهي تنزل من بوم صغير إلى الرصيف وتساق من هناك إلى حيث تذبح، فتصبح لحماً للآكلين من أهل البحرين. كما كانت هناك أرتال الحمير بأجراسها التي لا تنقطع عن الرنين، وهي تهرول محملة ببالات الجلود، أو أكياس الأرز، أو جلل التمر، كما كنا نرى مجموعة من الإيرانيين ذوي الأصوات العالية المنكرة ، وهم يرتدون السراويل والقلانس الروسية الرهيبة، ويتناقشون مع رجال الجمارك بشأن إدخال عدد من رزم السجاد المنوعة. كما كانت جميع أجهزة الحاكي الموجودة في السوق تنطلق من عقالها معاً. وهكذا كانت الحياة تعود إلى المنامة ، وتعود تلك القوراب الصغيرة إلى حمل الصخور المرجانية إلى طرف الرصيف لزيادة طوله، بينما ترى على البعد مراكب الغواصين عائدة من مهمتها في البحر والسنابيك والجوالبيت عائدة من الأحساء.
وكان يتجمع في الشوارع جمهور مختلط من أبناء الشرق. فكان هناك الإيرانيون، بعضهم يرتدي ما تسمى بالملابس الأوروبية في بلادهم، والبعض الآخر يرتدي الجلاليب والعمائم الملفوفة بعناية، كما كان هناك أناس من البنيان ومن البنجاب وعدد قليل من بلوخستان، فضلاً عن العرب من عمان، والساحل المتصالح والأحساء ونجد والكويت وقطر والبحارة الزنوج الأشداء من الكويت وهم يؤرجحون مسابيحهم ويمشون كما يمشي الرجال والبدو ذوو الشعور الطويلة القادمون من البادية والمساجين يرسفون بأغلالهم وهم يسيرون في الشارع ومن خلفهم حراسهم، وواحد أو اثنان من الصوماليين النحيلي الجسم الطوال القامة المحبون للشغب والصخب الحريصون على استقلالهم في الرأي والتصرف.
تمشينا نحن عبر الساحة متجهين إلى الحمامات الإيرانية خلف المنزل، على مقربة من بستان الفاكهة وكانت هذه الحمامات رحبة وصالحة للسباحة وقد ألقينا بأنفسنا فيها وسبحنا ساعة من الزمن.. وكثيراً ما كانت البركة تمتلئ بالنواخذة يطرطشون ويلعبون كالأولاد . لقد كان المكان جيداً تهب عليه الروائح العطرة من الرياض ومن أزهار الشجر، يحملها نسيم البحر. إلا أن الطقس في الخارج كان رطباً بشكل مخيف، بحيث إن المرء يسبح في العرق حتى لو وقف جامداً لا يحير حراكا. وعلى وجه الإجمال فقد كان نواخذة المراكب العربية الكبيرة يحاولون الاستمتاع بأوقاتهم ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
في إحدى المرات ذهبنا لزيارة حوض صناعة المراكب وهو مكان صغير يقع على أحد أطراف المدينة ، فوجدنا أن صانعي المراكب ومساعديهم يكسبون مالاً من صنع النماذج الصغيرة وبيعها لرجال النفط الأمريكان أكثر مما يكسبون من صنع المراكب الحقيقية وبيعها إلى الملاحين العرب. ويبدو أنهم كانوا فيما مضى يصنعون نماذج متقنة جداً، إلا أن كثرة عدد الزبائن، الذين لا يميزون بين الغث والسمين وكثرة الطلبات، كان لهما تأثير واضح على مستوى الصناعة. فقد كانت النماذج التي رأيتها سيئة على الرغم من أن المراكب الحقيقية التي كانت تقف هناك غير مكتملة الصنع، كانت في منتهى الجمال. وكان بعض من هذه يقف هناك منذ أربع سنوات أو خمس ، فلم يكن لها سوق رائجة، وكان حال البحارة سيئاً. وكانت أفضل الأعمال تشتمل على توزيع البضائع إلى الأحساء والتهريب إلى إيران، إلا أن تجارة اللؤلؤ التي هي عصب الاقتصاد للبلاد قد تقلصت إلى حوالي النصف.
وبالإضافة إلى هذه الزيارة وتمضية الوقت قمنا بزيارة الآثار البرتغالية . كما تناولنا طعام الغداء مرة مع أحد الإيرانيين في بلدة المحرق. وكان الطعام من اللحم والدجاج والسمك والفاكهة مبسوطاً فوق السجاد على سطح المنزل تحت ضوء القمر، وكنا من هناك نرى سفن نقل الماء وهي تضخ الماء العذب من الينابيع الواقعة تحت البحر. كما كنا نقيم الولائم ونحضر غيرها، ونسمر وحدنا ومع الآخرين، ونتجول في السوق ونتفرج على الحياة في البحرين. فيما كان بحارتنا يعملون، كنا نحن نستمتع بأوقاتنا.
وقد قمنا بزيارة حقول النفط وهي قطعة من تكساس مقامة في وسط البحرين، حيث الطقس أشبه بنار جهنم. ومع أن الأمريكان كانوا يسكنون في أكواخ مكيفة الهواء إلا أنه لم يكن ممكناً بالطبع تكييف المنشآت الخارجية، وكان الانتقال من الخارج إلى داخل تلك الأكواخ كالانتقال من الصحراء إلى برد شيكاغو، وذلك بمجرد أن تفتح الباب، وكان الانتقال المفاجئ غير المتوقع مخيفاً. وكان حقل النفط مكاناً شاسعاً حسن الإدارة ولكنه كان يبدو لنا نحن أبناء البحر مجموعة رهيبة من الخزانات الهائلة الحجم والمراجل الضخمة والأنابيب المعدنية الغريبة ذات الأشكال المعقدة يشرف عليها رجال يمكن أن يكونوا قد أتوا من كوكب المريخ ، رغم الأمور المشتركة التي تجمع بينهم وبين من حولهم من العرب. وقد شاهدنا كل شيء إلا النفط، مع أنهم كانوا يشحنون منه كميات هائلة تصل إلى عشرات الألوف من البراميل يومياً. كما لم نر أية براميل أيضاً، إلا أننا شاهدنا ناقلات النفط وهي تعبأ بالنفط لتنقله إلى الخارج . وكان النفط من الناحية الجغرافية يخص البحرين كما كانت الأرباح التي تجنى منه تنعكس رخاء على البلاد ولكنه في الحقيقة كان يمكن أن يكون في المكسيك أو فنزويلا. وكان الحقل معزولاً عن سائر الجزيرة بالأسلاك الشائكة. ولكنه كان منعزلاً بحد ذاته دونما حاجة إلى تسوير.
وكان من الممكن أن يقف المرء على مكان مرتفع في إحدى الأمسيات الصافية ، ويشاهد حقل النفط القريب الواقع على البر الأصلي التابع للعربية السعودية، والذي لم يكن يبعد عنا أكثر من عشرين ميلاً. وهناك كانت تقوم مدينة أخرى مكيفة الهواء، يسكنها رجال النفط القادمون من تكساس وجنوب كاليفورنيا ويضخون الذهب السائل من باطن الأرض. وقد علمت أن ابن سعود نفسه كان قد زار المكان قبل بضعة أيام خلت، بمناسبة شحن أول كمية كبيرة من النفط من الميناء الجديد في رأس تنورة . كما أنه كان قد قدم إلى البحرين بدعوة من شيخها صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة قبل بضعة أيام من وصولنا إلى البلاد. وقد روي لي كيف أتى إلى البحرين في قافلة مؤلفة من 300عربة شحن كبيرة و2000من الجنود البدو، الذين يأكلون الأخضر واليابس، فقد قيل إن كلاً من أولئك البدو قد استهلك خلال إقامته في البلاد تصف دستة من الغنم، وصندوقين من عصير الأناناس.
وفي هذا الوقت الذي كنا خلاله في البحرين كان النفط يدر على البلاد ما يقرب من خمسة ملايين روبية سنوياً، يذهب ثلثها إلى الأسرة الحاكمة. وكان نجدي يقول: إن البحرين قد تغيرت في السنوات العشر الماضية بحيث لم يعد بإمكان المرء أن يتعرف عليها، وإن كان يقر دائماً بأن ذلك التغيير كان نحو الأفضل. إلا أن حقل النفط وأبراج الآبار العالية والسيارات التي تمر بسرعة كبيرة كل هذه كانت تذهله وتقلقه . وكان يشكو من أنه لم يشاهد أحداً في السوق لا يرتدي على الأقل بعض الملابس من صنع أوروبا . وحتى النساء أصبحن يرتدين الجوارب والأحذية، وكان يتساءل : ما الذي دها العرب؟ ولماذا يقلدون الأوروبيين كالقردة. ويضيف قائلاً: إن النساء سيخرجن دون حجاب في وقت قريب جداً. كما سيهمل الرجال تأدية الصلاة وفي يوم قائظ من أيام الأسبوع الأول من يونيو أتى أحمد برفقة وكيل مكبنا وهما يحملان كيساً فيه ستة آلاف روبية ثمناً لأخشابنا وقد أقلعنا في المساء نفسه.

رحلة من بومباي إلى البصرة من 1916م – 1917م لكرستجي

" جزر البحرين
تعتبر الرحلة من دبي إلى البحرين أطول مسافة تفصل بين مينائين في الخليج ، وقد قطعت الباخرة "زياني" هذه المسافة في غضون ثلاثين ساعة . وكان الطقس غائماً بينما هبت الريح المعاكسة الباردة القوية طوال النهار ، وقد تساقط رذاذ من المطر عند وصولنا إلى وجهتنا . وفي اليوم التالي لمغادرتنا دبي ما بين الساعة الثانية إلى الثالثة بعد الظهر ترآى لنا إلى جانبنا الأيسر ساحل البحرين بسلسلته الطويلة من الحواجز المرجانية المنخفضة وجزره الممتدة على مدى بضعة أميال نحو مدخل المرفأ أو المرسى بين عوامتين طافيتين مخصصتين لهداية السفن ، أحدهما يعلوها مصباح أحمر يرسل نوراً بعد حلول الظلام .
وفي الساعة 5.30 بعد الظهر ألقت باخرتنا مراسيها في مياه منخفضة على بعد ما يقارب ثلاثة أميال قبالة أكبر جزيرتين في أرخبيل البحرين . ومن الأفضل المجيء إلى هنا قبل الغروب لأن الاقتراب من المرفأ يتطلب قيادة حذرة جداً للدفة بسبب وجود سلسلة طويلة من الحواجز والصخور المرجانية ، والمياه الضحلة والتيارات المتقلبة .
وحال اقترابنا من هذا الموضع توقف القبطان عن العمل ، كما توقف الرجال المكلفين بسبر غور البحر عن طريق اسقاط المسبار عن العمل أيضاً . وقد لزمت منصة الربان منذ اللحظة التي ترآت لنا فيها اليابسة حتى اللحظة التي اطلقت فيها الإشارة النهائية لايقاف الباخرة وهوت على إثرها المراسي مصلصلة تشق طريقها إلى القاع . وعندما اقتربنا من الساحل الممتد إلى يسارنا بدا لنا منخفضاً تكسوه العديد من بساتين النخيل الكثيفة والمتفرقة حيث يشاهد من بينها بيوت القرويين ، وقد أفصح هدير الأمواج المتكسرة على الصخر وارتطام الأمواج بالشاطئ عن وجود العديد من الجزر الصغيرة ، والحواجز المرجانية ، والصخور المغمورة في الماء ، مما يجعل الإبحار بينها في الليل شديد الخطورة .
وتتجمع حول أرخبيل البحرين سبع جزر متقاربة واقعة بين رأسين بريين أو لسانين بارزين عن اليابسة مما يشكل مدخلاً إلى خليج واسع عميق ذو ثلاث زوايا ، ومن على ساحل الأحساء المجاور الواقع في الشمال الشرقي لشبه الجزيرة العربية مما يمنحها اسمها الشائع والذي هو عبارة عن الصيغة العربية المزدوجة للفظة البحرين وتعني بحران .
وتعتبر هذه الصيغة في تسمية الأماكن والمواقع ميزة عربية إلى حد ما ، فعلى سبيل المثال اسم بلاد ما بين النهرين هو التطابق الدقيق للاسم العربي الذي أطلق على تلك البلاد الواسعة ، فكلمة النهرين تعني ما بين المائين أو الرافدين ، وهما دجلة والفرات . ومن بين هذه الجزر السبع أو السباعية كما قد يطلق عليها تقليدياً هذا الاسم الذي استخدمه بطليموس وهو الاسم المشار إليه في خريطة مكتب شركة الملاحة بمدينة بومباي فإن أكبر هذه الجزر هي تلك الجزيرة التي تبلغ حوالي 27 ميلاً طولاً ولها عرض واسع والتي تقع فيها مدينة المنامة العاصمة التجارية للبلاد . وإلى جوار هذه الجزيرة تقع جزيرة أخرى وهي المحرق ويفصلهما ذراع مائي ضحل أو قناة بحرية صغيرة تجري بينهما ، وتتميز جزيرة المحرق عن شقيقتها الجزيرة الأولى بكونها مقراً لاقائمة الشيخ وأفراد عائلته والوجهاء والبحرينيين الميسورين الحال . ولا تمثل الجزر الأخرى المتجمعة حول هاتين الجزيرتين سوى صخور أشبه بنقاط على صفحة ماء البحر ، يقطنها القليل من الصيادين الفقراء ، وجامعي بلح البحر والطحالب البحرية الصالحة للأكل ، كما أنها تمثل موطناً لأعداد هائلة لا تحصى من طيور النورس البحرية ، وطيور الغاق ، والطيور الغاطسة صائدة الثعابين ، وطيور مائية أخرى . وقد توقفت باخرتنا قبالة مدينتي المنامة والمحرق حيث بدا منظرهما من بعيد من فوق ظهر الباخرة جميلاً للغاية . كما بدت واضحة للعيان العديد من المباني البيضاء العالية من بينها قصور الشيخ ، ومقر المعتمدية الذي يرفرف عليه العلم البريطاني ، ومنازل التجار الأثرياء ، واعمدة البرق واللاسلكي التي تم تركيبها مؤخراً .
وكان الطقس عاصفاً وغائماً في البحر بالأمس الأول وقد تحول إلى صاف وبهيج بمرفأ البحرين في المساء ، وبالرغم من أن تلك الليلة كانت حالكة السواد وباردة إلا أنه سرعان ما أصبح سطح السماء سميكاً مرصعاً بأغشية من الذهب البراق كما أنشد أوتغنى الشاعر العظيم ، لذا فإن التنزه على سطح الباخرة كان ممتعاً للغاية في تلك الأمسية ، كما تلألأت أنوار المدينة من بعيد .
ومن الواضح أن وكيل الشركة المالكة للباخرة في البحرين رجل أعمال حاذق ، إذا صعد مديره على متن الباخرة بمجرد أن أطلقت صفارتها إشارة الوصول رغم الظلام الدامس الذي أرخى سدوله حولها . وتبعه حالا وصول مراكب الصنادل إلى جانب الباخرة ، كما قام العمال بتفريغ الحمولة حتى ساعة متأخرة من الليل إذ أن الباخرة أحضرت معها إلى هذا المرفأ كمية كبيرة من الحمولة تزيد على 10.000 رزمة .
وفي الصباح الباكر من اليوم التالي جاء إلى الباخرة المسئول الصحي بالمرفأ وأنجز جميع الإجراءات المتعلقة بفحص أوراق الباخرة ، فهو يعتبر شخصية مهمة في حد ذاته ، إذ أنيطت به جميع المهام في مجال عمله ، فهو بمثابة المسئول الصحي بالمرفأ ، وهو الطبيب المعالج في دار المعتمدية البريطانية عند الضرورة ، وهو الطبيب الخاص للشيخ وعائلته الكبيرة العدد ، وهو مسئول عن نوع من العيادة المجانية إلا أنه يمارس العلاج الخاص أحياناً من أجل زيادة دخله ويحصل على مردود مادي مقابل قيامه بمعالجة عرب المدن الذين لديهم على أي حال استحياء ديني نحو الطب الغربي ولا يلجأون إليه إلا في حالة الضرورة القصوى.
فهذا الطبيب الشاب المتعدد المهام والذي قام بزيارة رسمية لباخرتنا ينتمي إلى طائفة "الخوجة" وقد تم نقله مؤخراً من مدينة " ريتنغاري" الهندية إلى هذه البقعة المنعزلة والمرهقة . وقد صعد على ظهر الباخرة وهو يرتدي معطفاً ثقيلاً واسعاً ، ويطوق عنقه لفاع عجيب من الصوف ، كما يلتف شال دافئ كالسحابة حول رأسه . وقد ارتعش وسعل معبراً عن عدم رضاه بوظيفته الجديدة . وبالنظر إلى الحال الذي يعيش فيه بحكم كونه رجل جديد في بقعة ليس له فيها صلة أو صديق ، كما أنه يجهل لغة البلاد ، ويقيم في موضع يخلو من كل أسباب الترفيه والتسلية والاستجمام ، كما يعج السكن بجميع أسباب الإزعاج ، فهو يستحق دون شك راتباً كبيراً بقدر كاف يرضيه ويعوضه عن ذلك الحال أودعنا نأمل أنه يحصل على مثل ذلك الراتب . وقد اعتبرنا من جانبنا أنا والقبطان " أكورجي " وجود الطبيب الجديد – وهو شاب قدير كفء – محل الطبيب السابق بمثابة مفاجأة مؤسفة . فقبل مجيء هذا الشاب إلى هنا كان يشغل منصب طبيب الشيخ شخص مجوسي يحمل درجة " إجازة في الطب والجراحة " من بومباي اسمه الدكتور " فردونجي بوميليه" وهو صديق حميم لنا ، وقد مكث في هذا الموضع خمس سنوات متواصلة عجيبة عند وصفها ، وقد غادر إلى بومباي دون علمنا قبل وصولنا إلى البحرين بثلاثة أيام فقط . وقد أصابنا إحباط شديد وشعرنا بالأسى نتيجة لذلك فقد كنا مرهقين من رتابة الطعام الذي كان يقدم إلينا في الباخرة ، إذ كان الطهاة المهرة في الباخرة "زياني" يقدمون طعاماً جديداً ووافراً إلا أنه يتكرر على نحو ثابت لا يتغير ، وكنا نتطلع بشغف لامتاع أنفسنا بوجبة طعام متقنة تعدها لنا زوجة الطبيب التي شاركت زوجها بشجاعة في منفاه طيلة هذه السنين في هذه البقعة النائية المنعزلة عن العالم ، فهي معروفة بمهارتها الفائقة في تحضير وجبات المطبخ المجوسي ، إنها حقاً وليمة وهمية جئنا من أجلها فكان علينا أن نتخم البطون الجائعة بتخيل تلك الوليمة الرائعة إلا أننا عوضنا جزئياً عن هذا الاحباط بوجبة غداء على الطريقة العربية سوف أصفها بعد قليل .
يعتبر شيخ البحرين شخصية مهمة جداً ويشتهر بكونه أثرى الحكام الذين يقتسمون فيما بينهم الشواطئ العربية للخليج . ويعتبر دخله كبيراً ، كما أن عوائده من الرسوم الجمركية وضرائب الغوص على اللؤلؤ ضخمة . وتعد البحرين مركزاً مهماً للتجارة ، وهي تتولى عملية عملياً زمام القيادة في الخليج نظراً للقيمة الاستراتيجية الكبيرة التي يتميز بها موقعها ، ويحكم الشيخ عدداً كبيراً من السكان ويتمتع بنفوذ كبير في إقليم الأحساء الواسع من البر الرئيسي . وهو ذو فائدة كبيرة للحكومة البريطانية ، وقد منح وسام زميل امبراطورية الهند من الدرجة الأولى وهو شديد الاعتزاز به . ومن أجل اسعاده فقد تم التلويح له دبلوماسياً بأنه سيحظى يوماً ما بلقب ملك وهو عضو في قبيلة آل خليفة ، وينحدر من سلسلة طويلة من السلاطين العرب الذين حكموا إقليم الأحساء الواسع . ومنذ عام 1622م جرت منازعات متتالية بين عرب الأحساء والفرس من أجل السيادة على البحرين التي كانت تقع تحت سيطرة هؤلاء أو أولئك بالتناوب . وأخيراً أزاح العرب الفرس عنها إلا أنهم بدورهم أزيحوا أو تم إخضاعهم من قبل الأتراك ، ما عدا البحرين فقد ظلت في أيدي العرب .
وفي الآونة الأخيرة وبالذات في عام 1875م أثار السادة حكام عمان وكذلك الأتراك بعض المشاكل وحاولوا الاستيلاء على البحرين إلا أن البريطانيين تدخلوا في النزاع ، حيث ظهرت فوراً بارجة بريطانية في الصورة . واضطر الأتراك إلى التراجع كما جرى إبعاد العديد من الشيوخ العرب إلى الهند ، وتم اختيار الحاكم الحالي ليجلس على سدة الحكم ، وتم تثبيته في مشيخته ليحكم هذه الجزر المهمة ، إذ أنه يحكمها تحت الحماية البريطانية ، وقد أصبحت البحرين مؤخراً مركزاً سياسياً بالغ الأهمية في الخليج حيث يقيم في المنامة بصفة دائمة وكيلاً سياسياً بريطانياً ، ونظراً للموقع الجغرافي الممتاز الذي تتمتع به جزر البحرين فإنه ينتظرها مستقبل باهر ، إذ أن بغداد والبصرة واقعتان الآن في أيدي البريطانيين ، ومن المؤكد أن الكويت القريبة منهما ستصبح خلال فترة قصيرة من الزمن نهاية الخط الجنوبي لسكة حديد وادي الفرات وبغداد.
كيف رسونا على شاطئ المنامة
وفي صبيحة اليوم التالي هبت ريح الشمال بقوة مرة أخرى ، فوجدت صنادل الحمولة صعوبة كبيرة في الاقتراب من الباخرة ، لذا لم يتم إنزال الجسر الخشبي خشية أن يتهشم . وكنت على أي حال متشوقاً للنزول إلى الشاطئ من أجل مشاهدة العديد من معالم مدينة عربية كالمنامة ، لذا فقد غادرنا الباخرة أنا والقبطان في الساعة العاشرة صباحاً . وقد نزل القبطان بخفة ورشاقة على السلم الخاص بالمرشد لكنني لم أستطع أن أفعل ذلك بسبب ساقي المصابة لذا قامت إحدى الروافع بالباخرة برفعي في سلة كبيرة ضخمة تستخدم عادة لتفريغ البضائع المهشمة ومن ثم إنزالي في قارب عريض أرسله وكيل الشركة إلينا لنقلنا إلى الشاطئ . ولقد طافت بمخيلتي في اللحظة التي كنت فيها معلقاً في زنبيل مصنوع من خوص النخيل المثنية شبيه بالسلة صورة رأيتها في إحدى مسرحيات "اريستوفان" عندما علق سقراط المسكين في سلة من أجل تسلية جمهور أثينا الوقح المولع بالمسرحيات . وبما أن التيار كان مواتياً والريح كانت تهب وراءنا فقد رفعنا الشراع الكبير للقارب واستمتعنا بقضاء أجمل رحلة قطعناها مبحرين نحو الشاطئ . وقد كان الطقس بارداً لذا كانت ملابسي الداخلية عبارة عن بدلة دافئة كنت ألبسها دائماً عندما كنت في لندن خلال الشتاء الماضي ، كما ارتديت معطفاً ثقيلاً ووضعت على رأسي قلنسوة صوف مما جعلني أشعر بالراحة ، كما تألقت شمس الصباح المشرقة في مشهد حافل بهيج وكانت مياه المرفأ الضحلة المليئة بالأعشاب الخضراء شفافة تماماً ، لذا كان بالإمكان رؤية الطحالب البحرية المتعددة الألوان والصخور المرجانية في القاع بوضوح تام ، بينما حلقت فوق رؤسنا ومن حولنا أسراب من طيور النورس البحرية ، حيث كانت تدور وتحوم في الهواء أو تنزلق بسرعة فوق سطح الأمواج الصافية نصف الشفافة التي كانت تتراقص وتتلألأ في ضوء الشمس الساطعة . وقد خلقت هذه المناظر ومناظر أخرى كمنظر السماء الجميلة المتألقة فوق رؤسنا . والبحارة العرب الذين يرتدون ملابس مثيرة للاستغراب ، والعديد من المراكب الشراعية المحلية التي تبحر بقوة الرياح أو بواسطة المجاديف ، والوسط الجديد المدهش ، مشهداً رائعاً ليس من السهولة بمكان نسيانه ، حيث "يلمع فوق مقلة العين" ، لذا فإن استرجاع هذا المشهد في الذاكرة يغمرني بفرحة عارمة لا تنقطع . وقد استغرقت مدة الإبحار إلى الشاطئ ثلاثة أرباع الساعة فقط ، فقد كانت حقاً رحلة قصيرة جداً . وقد نزلنا في غرفة رديئة البناء واقعة في واجهة مدينة المنامة . ويحصل شيخ البحرين على عوائد كبيرة من جمارك المرفأ ، وبإمكانه أن يوفر موضعاً للرسو أو أرصفة للمرفأ أكثر صلاحية للاستعمال من الموضع القائم . كما أن توفير رافعتين بخاريتين لأغراض تفريغ الحمولة وإنزالها سوف يؤدي إلى توفير الكثير من الوقت وتلافي حدوث مشاكل ومنازعات حول البضائع المهمشة وبالإمكان تغطية التكلفة من رسوم الرسو .
هناك شيء آخر إذا كان الشيخ يتمتع ببعد النظر فبإمكانه بل يتوجب عليه أن يعمل في سبيل تحسين الأحوال السائدة حالياً في هذا المكان وعند توفير زورقين بخاريين والعديد من مراكب القطر البخارية التي يمكن للشيخ أن يستثمرها على أساس تجاري ، فإن ذلك سيعود بفوائد عديدة على شحن وتفريغ الحمولة ، وعلى نقل الركاب ، كما سيوفر الكثير من الوقت ، ويسهم في تخفيف العديد من الصعوبات والعوائق ، ويضيف الكثير إلى دخل الشيخ . فقد كان مشهداً مليئاً بالضوضاء والفوضى والنشاط . فهنا يتم إنزال الركاب والبضائع معاً في حالة شديدة من الفوضى والبلبلة فيختلط الحابل بالنابل . ويقع مبنى الجمارك وهو بناء منخفض قائم وسط فناء واسع يحيط به سياج . على مرمى حجر من الوضع الذي يعج بالنشاط والحركة ، ويزدحم بالرجال والحمير وأصحابها من الصبيان الصغار وهم يمضون جيئة وذهاباً في حالة شديدة من الاستعجال والتدافع .
وتشتهر البحرين في جميع أنحاء الخليج بأنواع الحمير الجيدة ، وينجذب الغريب إليها منذ الوهلة الأولى وهي غالباً ما تكون ناصعة البياض ، ويوجد لدى العديد منها شعر عند العنق وأذيالها برتقالية اللون مصبوغة بالحناء . وهي ملفتة للنظر من حيث الحجم والسرعة والقوة والأعضاء الغليظة التي تفوق أجناسها في مناطق أخرى . ويمثل الحمار هنا كما في بقية أنحاء الخليج وسيلة عامة للنقل والتحميل وهو حيوان نافع مثله مثل الخنزير في أيرلندا يرد لصاحبه جميع نفقات تربيته وإطعامه . فالغياب التام لجميع أنواع المركبات المثيرة للضوضاء من حركة السير يمنح المرء القادم من بومباي الشعور بالسكينة والإحساس بالسلام . وقتني كل فرد هنا حماراً خاصاً به أو يستأجر له حماراً . ويعهد إلى هذا الحيوان المفيد المسالم والضروري بأداء كافة مهام النقل إلا إذا قررت بنفسك بالطبع أن تسير على قديمك . وتوضع فوق ظهر الحمار قطعة من الحصير أو وسادة خشنة تربط حول ظهره حيث تقوم مقام المقعد أو السرج . أما اللجام والركاب فيعتبران ضرباً من الترف لا ضرورة لهما . ويجري الصبي صاحب الحمار وبيده سوط إلى جانبه لكي يرشده إلى الطريق ، فإذا بدا من الحيوان جموحاً أمسكه الصبي من أذنيه لكي يكبح أي تصرف عابث يصدر عنه . ولا يجلس الراكب على ظهره منفرج الساقين بل يجلس وساقيه متدليتين في جانب أو آخر . فهذا هو أسلوب الركوب المتبع هناك . وهو يمشي بتمهل مما يجعل الراكب يشعر بالارتياح . وعندما يتحول الحمار إلى حامل للمتاع ، فهو يحمل على ظهره رزم البضائع أو قرب الماء أو الجرار التي تربط في كلا جانبيه كما يحمل مواد البناء وأكياس الرمل أو أي شيء آخر يتطلب النقل .
ويعتبر الحمار في البحرين نموذجاً لجميع أبناء جنسه في كل مكان ، فهو مطيع ، وسهل الانقياد يذعن لسوط سيده أو لصرخات أوامره ، وعندما يشعر بالرضا واعتدال المزاج يطلق نهيقاً صاخباً وذلك للتنفيس عن أحاسيسه ومشاعره أو لأداء التحية لأخ عابر محمل بالأثقال والذي يرد التحية بمثلها . وهو في الحقيقة والواقع جميل للغاية ويستحق مبلغاً كبيراً من المال .
ولم نشاهد أثناء وجودنا في البحرين أية خيول لكننا شاهدنا القليل من الإبل ، ومن المعروف أن الناس الميسوري الحال هنا يمتلكون العديد من الجياد . فالشيخ يمتلك مجموعة كبيرة من خيرة الجياد الأصيلة . وغالباً ما تربى الخيول في منطقة الأحساء الواقعة بالبر الرئيسي ، وتأتي هذه الخيول في المرتبة الثانية من حيث الجمال والسرعة وقوة التحمل بعد أمير فصيلة الأفراس وسيدها الحصان العربي في منطقة نجد الواقعة بالزاوية الشمالية الشرقية من شبه الجزيرة العربية . ويستخدم التجار بالطبع الجمال لأغراض النقل البري إلا أن الحمار متوفر في كل مكان وفي كل وقت وهو يخدم في المدينة وفي القرية على السواء .
وعندما يكون الحمار المطيع خالياً من الأحمال سواء من الأفراد أو المتاع يلقي الصبي صاحب الحمار بنفسه بخفة ورشاقة فوق ظهره أو يقفز من خلفه على ظهره كالبهلوان ، ويرجح قدميه فوقه أو يهرول قليلاً ، أو يترنم ، أو يمزح مع أترابه وزملائه من الأولاد ، وينادي الزبائن والركاب بروح مرحة سمحة داعياً لهم بالركوب على ظهر حماره لكي يأخذهم أينما يشاءون .
ويعتبر الحمار في البحرين نوعاً من المقتنيات الثمينة ، بينما لا تكلف إعالته شيئاً يذكر ، وينهمك الحمار في أوقات الفراغ في التقلب على ظهره أينما يجد نفسه قادراً على تنشيط بدنه ، أو يقف هادئاً في زوايا الطريق يقضم أو يمضغ برفق شظايا القش المتناثرة والعشب وبقايا البرسيم التي قد تقع بالصدفة في طريقه. وهو ليس بحاجة إلى سائس ، ويسير بدون نعل ، وأي شيء يأوي إليه سواء مسقوف أو غير مسقوف يمثل اسطبلاً له ، وأي بساط قديم أو فضلة من القماش تكفي لايوائه واسكانه . وهو على أهبة الاستعداد لالتهام أي شيء يقع في طريقه على شكل يرقة أو علف . وهو يستمتع بأكل فضالة التمر والنوى المسحوقة المخلوطة بالأسماك الجافة المهملة ، وينمو بقوة عندما تتاح له فرصة أكل حفنة من مثل هذه الوجبة الدسمة .
مدينة المنامة
من بين المدينتين التوأمين الرئيسيتين اللتين تتكون منهما البحرين فإن مدينة المنامة قد شيدت على امتداد ساحل المرفأ بأكثر من ميل واحد طولاً ومثله تقريباً في امتدادها إلى الداخل عرضاً ، وتتكدس في داخل هذه المنطقة أحياءها السكنية ومكاتبها وأسواقها الكبيرة . وهي المركز التجاري لكل هذه الجزر ، وجميع الأعمال والمعاملات التجارية تجري في هذه البقعة . كما يوجد فيها كبار التجار ، والوكالات التجارية ووكالات البواخر ، والقنصلية البريطانية ، وجميع المكاتب المختلفة ، والأسواق الكبيرة وجميع العاملين فيها بأجناسهم وأعمالهم المختلفة . وتبدو هذه البقعة كثيفة السكان بدرجة كبيرة . وتبدو أحياءها السكنية المتعددة ومستودعاتها متراصة بعضها بالآخر . وتقع في وسطها الطرق أو بالأحرى الممرات والأزقة الضيقة .
وجميع البيوت أو المباني هنا مطلية باللون الأبيض على نحو شائع ، وذلك لكي تعكس أشعة الشمس الحارة طيلة الشهور العديدة التي يصفو فيها الجو . وتتألف العديد من هذه البيوت طابقين إلا أنها جميعاً تتميز على نحو غريب بمظهرها الواهن المتصدع . وهي تبدو متفاوتة ومتنافرة وغير مستوية ولم يستخدم ثقل الرصاص الخاص بفحص الاستقامة أثناء بنائها على الإطلاق مما جعلها في حالة غير سليمة . وأتصور أن الجير غير معروف في هذه النواحي . أما الطوب فإن وجد فإنه رديء الصنع حيث يجفف تحت وهج أشعة الشمس بدلاً من نار الفرن .
وغالباً ما تتكون مواد البناء من كتل مختلطة من المواد البيضاء ومن الرمال ومن الصخور البحرية المستخرجة من المرفأ ومن الساحل . وتحاكي العديد من البيوت هنا نمط البناء الفارسي من حيث الأسطح المنبسطة المزينة بحواجز التفاريج المصنوعة من الجبس المزخرف بالنقوش المخرمة ، أو بحواجز الشرفات ، ومن حيث الشرفات المعلقة، والأروقة العمودية ، عند المداخل مع التظاهر بشيء من الفخامة فيها ، إضافة إلى النوافذ ذات المصاريع الخشبية المزخرفة بنقوش شبكية أو ذات الألواح المنزلقة مما يضفي عليها منظراً جميلاً . ومن المدهش أن هناك عدداً من هذه البيوت في حالة خربة منذ زمن طويل . وجميع الأعمال الخشبية فيها بدائية للغاية . وبالكاد ما يتلاءم باب أو نافذة مع إطارهما أو يتوافق أحد مصراعيهما مع ثنيته الأخرى بدون أن يترك فجوة أو شق أو خلخلة أو صدع في أعلى أو في أسفل أو فيما بينهما . ويبدو أن الدهان الزيتي لا وجود له هنا . وقلما يستخدم الصقل ما عدا في بعض المباني التي تتميز بشيء من الفخامة . وعوضاً عن إصلاح هذه العيوب العديدة فإن الفرد العربي أو الفارسي يتقبلها برباطة جأش وهدوء معللاً النفس ومواسياً لها بترديد تعبيره المألوف "لا بأس من ذلك ولا داع للقلق". وقد وجدت في بعض البيوت أبواباً ونوافذ تعلوها شبابيك مروحية نصف دائرية مكسوة بألواح من الزجاج الملون الأخضر والأزرق والأحمر والأصفر ، بينما توجد في معظم البيوت نوافذ ذات حواجز منخلية مثقبة أو مصاريع خشبية ترفع وتوصد ، وتضفي هذه الشبابيك المروحية الملونة على البيت حليته الوحيدة ، وتساعد على تخفيف حدة سطوع الشمس من خلال نفاذ أشعتها عبر الزجاج الملون فتنعكس تلك الألوان على الجدران البيضاء ، كما تساعد على تهوية الغرف بصورة رائعة . ويبدو أن القرميد أو البلاط لأي غرض كان لا وجود لهما هنا على الإطلاق . وجميع الأسطح هنا منبسطة لكن الأسطح التي اتيحت لي الفرصة بزيارتها والإطلاع عليها قد صممت بطريقة متفاوتة وغير مستوية مما يجعلها شبيهة بالمرتفعات والمنحدرات . ويبدو واضحاً أن ثقل الرصاص الذي يستخدمه البناءون لفحص الاستقامة وميزان المساح ومسحاج النجار هي أدوات نادرة الاستعمال في طرق وأساليب البناء العربي. وبسبب الأحوال المناخية السائدة في جميع أنحاء المنطقة الممتدة من نهاية الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى بحر العرب فإن السطح المفتوح المنبسط هو النمط السائد في البناء منذ زمن بعيد ممعن في القدم . ويتألف السطح من غرفة نوم وغرفة جلوس ، أو فناء النزهة . وهو مكان ملائم لإعلان الأوامر الرسمية وإشهارها ونشر الأخبار وإشاعتها بين الناس . وغالباً ما يسمع صوت الواعظ من هناك ، ومن هنا جاء التعبير العام الشائع "إذهب وعظ من فوق سطح البيت" . وعادة ما يحمي السطح المنبسط جدار منخفض أو حاجز شرفة كالذي ورد ذكره منذ زمن سحيق يعود إلى أيام النبي موسى الذي أوصى قائلاً:"إذا بنيت بيتاً جديداً فاعمل حائطاً لسطحك" وبينما تتميز الغرف بالسعة والارتفاع في أفضل أنواع البيوت فإن السلالم تتميز بالخشونة بصورة استثنائية ، فهي عالية العتبات ومرهقة أثناء الصعود والهبوط ، وغالباً ما يتم تركيب أو بناء السلالم إلى جانب الجدار أو في إحدى الزوايا وذلك من أجل استغلال فسحات البيت استغلالاً حسناً إلا أنها ضيقة وملتوية وترتفع كل عتبة منها قدم ونصف القدم . ومن مميزات المساكن العربية والفارسية – حيث تهب هناك ريح السموم اللاهبة- وجود "البوادجير" أو أبراج التهوية المقامة من أجل الوقاية من متاعب فصل الصيف المرهق الذي يستمر طوال خمسة شهور في السنة ، وقد شيدت هذه الأبراج الهوائية ببراعة وإتقان وتقوم بنفس الخدمة التي تقوم بها أشرعة السفينة من حيث اصطياد الهواء وتبريد الداخل . وتخلو جميع البيوت في شواطئ الخليج من الأقواس إلا في حالات نادرة جداً مما يضفي غيابها على هذه البيوت مظهراً مميزاً . وقد شيدت أعداد كثيرة من هذه البيوت بطريقة عشوائية دونما تخطيط أو تصميم . وينطبق هذا الوصف الثابت أيضاً على جميع البيوت التي شاهدتها في مدينة بوشهر وفي أمكان أخرى أثناء هذه الرحلة . وبالرغم من أن مدينة المنامة تفتخر بوجود شيء فيها شبيه بالبلدية وذلك من خلال ما لاحظته من إعلانات ملصقة على زوايا السوق فإن القوانين الداخلية المتعلقة بالبناء تعتبر من الأمور المستبعدة ، وكل شيء يتعلق بالتدابير الصحية ليس له محل في أنظمة وتوجهات الإدارة المدنية العربية أو الفارسية .
فالطرقات في المدينة أو ما يقوم مقامها كالتي تحتاجها لأغراض السير ، قد يطلق عليها هذا الاسم من باب المبالغة في المجاملة . فمعظمها ملتوية ووعرة وضيقة (باستثناء تلك التي تفصل بين الأقسام الرئيسية من الأسواق) وغير ممهدة ومهملة وقذرة ونتنة . وعادة ما تكون الطرقات في أماكن عديدة غير متناسقة ومعقدة جداً وواقعة بين جدران أو تشرف منها نافذة مما يتطلب السكن في تلك البقعة لمدة ستة شهور على الأقل أو يتطلب تدريب دقيق للتعرف على المكان وذلك من أجل انقاذ شخص من تيه محقق في وسط تلك المتاهة من الطرقات !!
الإهمال الصحي
بالإمكان تحويل موضع الرسو وكلا جانبيه حيث يمتد المرفأ الجميل إلى منتزه خلاب تنتشر فيه المقاعد وتكسوه الأشجار الوارفة الظلال لو بذل قليل من الجهد ووظف شيء من الذوق وانفق القليل من المال ، إلا أن المفاهيم الجمالية والأفكار المتعلقة بالصحة لدى الفرد العربي ليست ذات شأن ولا يعتد بها على الإطلاق إذا كان للمرء أن يحكم – وبإمكانه ذلك – من خلال المشاهد التي وقع عليها بصري في كل صوب من هذا المركز التجاري المزدهر النابض بالحركة والواقع في وسط الخليج . فالأفكار الغربية عن تخطيط المدن والمعيشة المتحضرة لم تشق طريقها بعد نحو العقل العربي ، إلا أن التغيرات السريعة للأمور التي أحدثتها الحرب العظمى في هذا الجزء من آسيا تبشر على أية حال بأن الأمور سوف تتحسن وتسير نحو الأفضل إن شاء الله .
أما الشاطئ البحري الجميل الواقع في واجهة المدينة حيث تلمع الأمواج كالزمرد النابض بالحياة حيناً ، وكالفيروز السائل حيناً آخر ، وتتلألأ الأمواج المتكسرة المليئة بالرغوة في أشعة الشمس الساطعة أحياناً أخرى ، فقد ترك هذا الشاطئ مهملاً في حالة مزرية من القذارة والبشاعة . والطرقات هناك ليست سوى ممرات جانبية مليئة بالنفايات ومكتظة بالبضائع التي تم إنزالها من السفن أو على وشك أن تشحن إليها . وتتناثر في كل مكان وكيفما كان كتل مواد البناء والأخشاب وعتاد السفن مما يعرض المارة للخطر. ويوجد عند الشاطئ عدد من القوارب الراسية في حالة شديدة من الفوضى مربوطة بالحبال أو السلاسل في أوتاد خشبية أو مسامير طويلة مسننة الرؤوس بطريقة تؤدي حتماً إلى حدوث أضرار جسمانية لمستخدميها وكل من يقترب منها . ولا توجد هناك أشجار للتفيء في ظلها أو للاستمتاع بالنظر إليها ، كما لا يوجد هناك شيء يشيع البهجة والسرور في النفس بل العكس من ذلك كل شيء هناك يؤذي العيون ويزكم الأنوف ، إذ تتناثر في جميع أرجاء ذلك المكان الأسماك الميتة ، وجيف الحيوانات المختلفة ، وفضلات الذبائح ، كالتي تتسبب في ظهور وتفشي وباء الطاعون إلا أن الهواء الجاف المانع للتعفن يقلل بسرعة عجيبة من تلك المخاطر عن طريق منع تحلل تلك النفايات ، إلا أن أكثر المشاهد غثاثة وأشدها بشاعة من بين جميع المشاهد التي يراها الزائر هناك هو مشهد البحارة وأهالي المدينة صغاراً وكباراً وهم جالسون يلوثون الشاطئ دون مراعاة للآداب العامة ، ودون أي اعتبار للآخرين . وتبدو هذه الأمور اعتيادية جداً ومألوفة للغاية. ولم أر أحداً يقوم بأعمال الدورية في ذلك المكان ، كما أن حراس مبنى الجمارك لا يكترثون بشيء من هذا القبيل ، ولربما أنهم اعتادوا كثيراً على مثل هذه الأمور بحيث أصبحت لديهم مناعة من آثارها الضارة ، بل قد يفتقدونها إذا تم الإقلاع عنها ، فالإنسان أسير عاداته حتى الممقوت منها لا يعد مقيتا . وأتصور أن العربي رجل محترم أكثر من منافسه المغولي على الساحل المقابل . فكل ما يحتاج إليه هو القليل من التعليم النظامي والتثقيف ودعنا نأمل بأنه سوف ينال ذلك عما قريب في ظل الحكم البريطاني الذي يجب أن يسيطر حالاً على الأراضي الداخلية الواقعة فيما وراء ساحل الخليج إن شاء الله .
مضيفنا العربي
يبدو أنني استطردت كثيراً لكن ذلك على أي حال جزء من حكايتي الرمزية الغنية بالمعاني . حسنا لقد رسونا على شاطئ المنامة ، ورحب بنا هناك بعض التجار العرب الذين يعرفون القبطان ، وسرنا معهم في الفرضة المزدحمة وعبر شبكة معقدة من الممرات الضيقة والقذرة والملتوية التي تؤدي إلى المدينة متجهين نحو مكتب وكيل شركة الملاحة المالكة لباخرتنا . ويعد هذا الرجل أحد أقطاب التجارة في عالم الأعمال بالبحرين اسمه "يوسف بن أحمد كانو" وهو نموذج ملائم للعربي الوقور الوسيم القوي البنية والسليل الحقيقي لإسماعيل الابن البكر لإبراهيم الخليل . وهو حائز على ميدالية "قيصرى هند" الذهبية . وقد وقف يحيينا ويرحب بنا بحفاوة بالغة حيث إنه يكن تقديراً كبيراً للقبطان اكورجي ويعتبره أبرع ربان للبواخر في الخليج وقد أعرب عن سروره البالغ لرؤيته واستقباله.
وعند جلوسنا على المقاعد أحضر لنا الخادم القهوة التي تعتبر الرفيق الدائم لكل زيارة تتم في أي ساعة من ساعات اليوم ، وكان يمسك بإحدى يديه عدة فناجين صغيرة الحاجم كانت مصدر إحباط شديد لي عندما اكتشفت أنها أوان يابانية الصنع إذ كنت أتوقع شيئاً نفيساً من صنع الصين القديمة أو فارس ، كما كان يمسك بيده الأخرى دلة نحاسية مدهشة الصنع والشكل إذ بدت أشبه بطائر غريب المظهر قبيح المنظر . وهي صغيرة جداً في حجمها بالمقارنة مع رأسها ، وتحوي صنبور يشبه منقار طائر الطوقان أو طائر أبو قرين الذي يعيش في أدغال مليبار ، وتتدفق القهوة عبر هذا الصنبور إلى الفناجين التي تستعمل بدون صحون . وتشاهد هذه الدلال المتميزة بمنقارها الطويل في كل مكان من مدن الخليج حيث تعرض مصقولة صقلاً جيداً ولامعة براقة ، وكلما امتلك عربي المزيد من دلال القهوة كلما دل ذلك على وجاهته ومنزلته الاجتماعية . ويدل وجود خمس أو ست من هذه الدلال اللامعة البراقة حول المجمرة الملتهبة في البيوت الخاصة على ثروة ومكانة أصحابها . أما الصحون فلا تستعمل ويتضح أنها غير معروفة . وتعتبر القهوة الجيدة الصنف رحيق العرب ، وهي تشرب ساخنة وكثيفة وسوداء ومرة بدون سكر ، و غالباً ما تضاف إليها نكهة الزعفران والقرفة وتوابل أخرى . وهي تتطلب مذاقاً مكتسباً ولكنك إذا اعتدت على تذوقها فسوف تتعلق بها وتطلبها عندما تزور منزل أحد العرب . وكان يتواجد معنا في مكتب السيد يوسف أحمد كانو بعض الزوار الآخرين الذين جاءوا من أجل معاملاتهم التجارية أو جاءوا للسلام عليه والسؤال عن صحته وأحواله . ولا تزال الكراسي تعتبر من البدع الجديدة غيرة المألوفة الاستعمال في هذه النواحي !! إلا أنه إمعاناً في تكريمنا والحفاوة بنا قدم لنا كرسيين للجلوس عليهما حيث وجدناهما من صنع قديم من صناعة بومباي ، ويتميزان بالخشونة ولهما أذرع ومقاعد ومساند مصنوعة من الخيزران . ويبدو أن عادة استعمال الكراسي أو المقاعد لم تكن مجهولة في فارس والبلدان المجاورة لها قبل أكثر من ألفين سنة ماضت ، فقد شوهدت رسومات لها منقوشة في أعمال النحت بمدينة برسبوليس ويروي السير ب.سايكس في هذا الشأن رواية طريفة عن رجل فارسي كان يندب اضمحلال الحضارة الفارسية إذ أنهم اعتادوا في هذه الأيام الجلوس على الأرض في كل مكان ، إلا أن شخصاً فارسياً آخر واساه بملاحظة حكيمة موضحاً له على سبيل التملق بأن الكراسي ترمز فقط إلى التقدم المادي الذي وصل إليه الأوروبيون لتوهم بينما الفرس قد تخلوا عن الكراسي لأنهم وصلوا إلى مرتبة عالية من الروحانية !!
وباختصار لقد طاف الساقي العربي حول الضيوف وقدم لهم القهوة المعطرة المصنوعة من البن اليمني المخاوي ، ومن الأصول والقواعد الواجب عليه اتباعها أن يملأ الفنجان من القهوة مرة بعد أخرى حتى تقلب الفنجان أمامه . والفنجان صغير الحجم ومقدار السائل المسكوب فيه ضئيل جداً، لذا بإمكانك مطمئناً أن تشبع رغبتك منه أكثر من مرة عندما تقعد أو تجلس القرفصاء تتبادل الأحاديث الودية ومن أصول الضيافة العربية الترحيب حتى بالغريب عابر السبيل والسماح له بالدخول وتناول فنجان أو فنجانين من القهوة دون أي نقاش معه. ويبدو أن القهوة تترك دائماً تغلي ببطء على المجمرة الملتهبة لكي تبقى جاهزة للشرب في أي وقت يدخل فيه قادم جديد.
وتعتبر القهوة اليمنية أفضل وأثمن أصناف القهوة من حيث النوعية والنكهة وهي الوحيدة التي يمكن أن يقال لها قهوة مخا نسبة إلى ميناء تصديرها المطل على البحر الأحمر . فهذه هي حبة القهوة الحقيقية التي يعتبرها العربي الخبير بالبن الحبة الوحيدة التي تستحق التمحيص والدق لكي يصنع منها شراباً عالي الجودة . أما بقية أنواع حبوب القهوة العديدة الأخرى فتعتبر مجرد فاصوليا ، وقد وصف بالجريف في كتابه المتعلق برحلاته حبة القهوة اليمنية بأنها حبة صلبة ، مدورة ، نصف شفافة ، بنية يميل لونها إلى الأخضر ، وهي التي تنتقيها بعناية فائقة الأصباع الماهرة . وتستهلك الجزيرة العربية وسوريا ومصر بالتمام ثلثي محصولها ، أما الثلث الباقي فيقتصر استهلاكه تقريباًَ على الأفواه التركية والأرمنية . وتشحن الفضلة الباقية من أصناف حبوب القهوة الأقل جودة ونكهة المنبسطة ، والمعتمة ، الضارب لونها إلى البياض لأغراض الاستهلاك الخارجي . ويتسم العربي صاحب الثراء والمكانة الاجتماعية المرموقة والنشأة الطيبة بجودة قهوته.
والفرد العربي الذي ينتمي إلى سواحل الخليج –كما نعرفه- مثله مثل الفرد الصيني من حيث كونه متحفظاً للغاية ، وهو يفضل كثيراً – كما فضل على مدى عصور عديدة- أن يترك لوحده منعزلاً عن العالم الخارجي . وهو يفزع من تغلغل الحضارة الأجنبية ويستشعر العدوان عليه من جراء ذلك . وتعتبر احتياجاته قليلة جداً، وفي معظم أجزاء المناطق الشمالية والغربية من بلاد العرب حيث تسود الأحكام والتعاليم الوهابية أو لا تزال عالقة هناك من النادر جداً السماح باستعمال أي نوع من أنواع الترف والبذخ.
ويمنع منعاً باتاً ارتداء الحرير أو أي صنف آخر من الملابس الفاخرة ومن يفعل ذلك يقع تحت طائلة العقاب الشديد . كما يحظر في كل مكان شرب الخمور وحتى التدخين . ولا توجد في البحرين أو في أي مكان من الأنحاء المجاورة محلات لبيع الخمور حتى في الوقت الراهن الذي تراخت فيه الآداب العامة ، بينما لا يزال يعتبر التبغ أو كان يعتبر منذ عهد قريب جداً رجس من عمل الشيطان ، ويطلق عليه اسم المخزي . ويتألف طعامهم المتواضع من الأرز المسلوق مع مرق الضأن واللحم المطبوخ والخبز الخشن ، ثم يستعمل قليل من التمر أو اللبن الرائب والجبن كتحلية بعد الأكل . بينما يتألف أثاثهم المنزلي من بعض قطع السجاد أو بعض قطع الحصير المصنوع من خوص النخيل ومن الوسائل الخشنة . وكانت السجادة تمثل بالنسبة للشعوب السامية سواء في الجزيرة العربية أو سوريا أو فلسطين أو في البلدان (؟) بسهولة كيف أن المشلول "سيحمل سريره ويمشي" عندما أمره السيد المسيح أن يفعل ذلك فقد كان عليه فقط أن يطوي سجادته ويحملها على كتفه، إذ لم يك يتوفر لديهم آنذاك سرير ذو أربعة قوائم أو حتى سرير خفيف . وقد قوض التغلغل الغربي السلمي منه أو غيره تدريجياً في الآونة الأخيرة البساطة المتزمتة القديمة في التدبير المنزلي العربي . فقد أصبحت الجزيرة العربية في هذه الفترة مليئة بالاحتياجات الجديدة والأدوات الحديثة وقد دونت ملاحظات خاصة بهذا الشأن أثناء زيارتنا للبيوت والمكاتب العربية في مختلف الأماكن التي نزلت فيها بالخليج وما حوله.
وقد شاهدت في المكتب البارد الفسيح الخاص بمضيفنا بمدينة المنامة (ما يعتبره محمد بن عبد الوهاب المؤسس الكبير للحركة الوهابية ضرباً من البدع التي تسحتق الاستنكار والشجب) طاولات ومقاعداً مكتبية يستخدمها الموظفون ، وآلات طباعة لاستنساخ الرسائل ، وآلة كاتبة ، وشاهدت أيضاً تقويماً جدارياً بالانجليزية ، وساعة دقاقة أمريكية الصنع ، وخزانة حديدية حديثة الطراز ، بالإضافة إلى موظف برتغالي أو روسي الأصل تم استقدامه من بومباي للعناية بالرسائل الإنجليزية . وكانت الأقفال والمفاتيح في الماضي تتميز بأحجامها الضخمة حيث صنعت بطريقة غير عملية من الأخشاب أو صنعت دون اتقان من الحديد مما جعلها ثقيلة وصعبة عند الاستعمال .
وغالباً ما تبلغ أطوال هذه المفاتيح قرابة قدمين ، كما أنها عريضة يتعذر اخفاؤها في الجيب ، لذا كان يجب أن توضع في سلك طويل وتربط في الحزام أو تعلق متدلية على الكتف . ولكن كل هذه الأشياء قد تغيرت الآن . ويتجه العالم العربي القديم حالياً نحو تغيير شامل ، وبالإمكان الآن مشاهدة أقفال ومفاتيح أوروبية وأمريكية الصنع . وقد شاهدت في العديد من أسواق هذه الأنحاء آلات الخياطة "سنجر" معروضة للبيع ، وبعضها يقوم الخياطون العرب بتشغيلها حالياً.
وقد ذكرتني الساعة الدقاقة الأمريكية المشار إليها آنفاً بالطريقة التي يحتسب بها الوقت في هذه البلدان المطلة على الخليج ، وهي تتميز بالإنحراف عن المركز ، إذ لم تتبدد حيرتي بشأنها إلا عندما قيل لي رداً على استفساري حولها بأن العرب القاطنين في هذه الأنحاء وكما أتصور في الأنحاء الأخرى التي تحت أيديهم يبدأون احتساب الساعات من الشروق إلى الغروب . لذا فعندما تشير ساعاتنا إلى السادسة صباحاً فإن ساعتهم إن وجدت تشير إلى الواحدة صباحاً، وعند الظهر تشير ساعتهم إلى السادسة ، كما أن تشير إلى الثانية عشرة عند الغروب . أما كيف يحتسبون التوقيت ليلاً فقد فاتني التحقق من ذلك . وهذه الطريقة الخاصة باحتساب الساعات حسب النظام الشمسي تصيب الغريب بالحيرة والبلبلة حتى ولو كان قادماً من بومباي . ومن بين التغيرات الحديثة الأخرى التي طرأت في هذه البلدان المطلة على الخليج انتشار تدخين التبغ فيها على نطاق واسع وبصورة واضحة للعيان . وأصبح تدخين السيجارة التركية الضارة شائعاً بوجه عام الآن . ولم تعد النارجيلة القديمة والأقل ضرراً من الناحية الصحية تشاهد الآن بكثرة كما في السابق . ويفضل المترفين من العرب تدخين السيجار ولكن بسبب الحرب الحالية فقد توقفت مؤخراً جميع أشكال التجارة مع بغداد والقاهرة ، وتستعمل حالياً وعلى نطاق واسع من قبل الفئات الميسورة والفقيرة السيجارة المحلية الصنع المتميزة بشكلها الطويل المماثل لشكل المدخنة والمكونة من مزيج كثير من التبغ الهندي الخشن وذلك بسبب عدم توفر وسيلة أفضل للتدخين . وأتصور أن أمام تجار التبغ الهنود فرصة متاحة لتحويل أنظارهم نحو الخليج وعقد صفقات تجارية مربحة . ولم أر أي أثر لمعاقرة الخمر في هذه الأراضي القديمة من البلاد الإسلامية التي ظلت دائماً بمعزل عن الثقافة الغربية ، إذ يعيش الخليج بأكمله بمنأى عنها.
ولا تشاهد في الأسواق محلات لبيع الخمور أو المشروبات الكحولية . وأخشى ألا تطول المدة قبل أن تجد زجاجة البيرة وماء الحياة الأوروبية طريقهما إلى هذه الأنحاء كبشائر للحضارة الغربية والحياة الاجتماعية المنفتحة.
وبالرغم من التمسك التام بالأحكام القرآنية التي تنص على تحريم الخمور إلا أن هناك دون شك الكثير من المشروبات المحرمة التي تستهلك في السر . وهناك العديد من الرجال الطيبين والملتزمين دينياً الذين زارونا على متن الباخرة قد أبدوا ولعاً كبيراً وميلاً شديداً نحو الجعة الاسكتلندية واستهلكوا قدراً وافراً منها دون الحاجة إلى إضافة مادة مخففة إليها. واتوقع أن تغيراً ما سوف يطرأ حتما في هذه الأراضي التي تعيش في عزلة طويلة ، مع تغير الأزمنة والأحوال والظروف ، كما أن اختمار الأفكار والممارسات الغربية سوف يخلق رؤية جديدة أكثر شمولية عن الناس والأمور في هذه الأراضي المحافظة منذ زمن بعيد التي يقطنها أحفاد إسماعيل المنعزلين والوهابيين المتشددين ، والتي ظلت تعيش على مدى قرون عديدة وراء الكواليس معزولة عن بقية أنحاء العالم . هل ستبقى زاوية الرؤية الجديدة والتغيير الحتمي الذي يلوح في الأفق على الدوام أم لا ؟!! بقي أن نرقب ذلك ، ونرى ما سيحدث .
أسواق البحرين
ألح علينا مضيفنا وصاحبنا يوسف أحمد كانو بأدب ولطف أن نبقى لتناول وجبة الفطور معه ، وفي أثناء تحضير الفطور أوصى بنا أحد ابني أخيه ليأخذنا في جولة بالمدينة .
وقد كان دليلنا يتحدث الهندية بطلاقة وقليل من الإنجليزية أيضاً . وقد اصطحبنا في جولة طويلة في أسواق المنامة الواسعة . وقد سبق لي أن قدمت وصفاً تفصيلياً عن الأسواق في إحدى المدن الواقعة على ساحل الخليج وينطبق ذلك الوصف على معظم الأسواق في المنطقة. ولا تتمتع أسواق المنامة بمميزات خاصة تجعلها تختلف عن غيرها من الأسواق ، وبعض طرقها وممراتها المعقدة الملتوية مسقوفة إلا أن معظم طرقها وممراتها تغطيها سقوف من القش الجاف وسعف النخيل التي تجعل المكان بارداً ومحمياً من أشعة وحرارة الشمس .
ومن حسن الطالع أن كمية المطر التي تهطل سنوياً هنا شحيحة جداً وإلا فإن ممرات المشاة في هذه الأسواق سوف تتحول إلى مستنقعات من الوحل إذ لا يوفر لها هذا الغطاء سوى حماية ضعيفة جداً . وقد مررنا في الأسواق مرات عديدة بأجانس متنوعة من البشر ، من عرب ، وفرس ، ويهود ، وزنوج ، وأجناس مختلفة من أبناء سام ، إلا أنه من الملاحظ أن التركي غائب اليوم عن هذا التنوع البشري . ومن بين هذا الحشد من الأجناس يتميز العربي الجليل بسلوكه الهادئ ووسامته الشخصية ومشيته الرصينة بكونه رجلاً وقوراً محترماً.
المصدر:
رحلة بعنوان ((أرض النخيل)) أو ((رحلة من بومباي إلى البصرة والعودة إليها)) من 1916م – 1917م تأليف سي . أم . كرستجي ، ترجمة الدكتور منذر الخور من مطبوعات بانوراما الخليج .

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

إبراهيم الرياسي ومذكرات خليل المؤيد

الوجيه المحسن
إبراهيم بن أحمد الرياسي
(1272هـ -1347هـ)(1855م-1928م)
هو: الوجيه المحسن، والتاجر المشهور، الحاج إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن حسن بن عبد الله بن حسن الرياسي.
أصل الأسرة ونسبها:
أسرة الرياسي والمسماة اليوم بالمؤيد من الأسر الشهيرة في البحرين والخليج العربي، ويذكر جد الأسرة الحاج خليل المؤيد أن جذور أسرته ترجع إلى شبه الجزيرة العربية، وقد نزحت منها إلى قرية تسمى الدشتية في بلاد فارس وذلك نتيجة لمجاعة أصابت المناطق التي كانت تسكنها، ويذكر أنهم استقاموا فيها مدة طويلة ثم نزحوا إلى قرية دسبول، كما ينص الحاج خليل على نسب أسرته فيذكر أنها تنتمي إلى قبيلة مطير إحدى أشهر وأكبر القبائل العربية، كما يذكر أن أسرته في الماضي كانت تسمى بالريايسة، ينص على ذلك في (مذكراته عن تاريخ الأسرة) وهي مذكرات مُهمة ومخطوطة بخط يده كتبت في عام 1352هـ (1933م) يقول:
"في أول شعبان سنة 1352هـ (19/11/1933م) عرض علي أن أكتب عن تاريخ العائلة فأقول وبالله التوفيق: لقد أخبرني والدي رحمه الله عن أشياء كثيرة عن تاريخ العائلة، فرأيت أنه من الواجب تدوين كل ما سمعته عنه لأنه قل أن يوجد سجل صادق ومُستقيم مثله. قال رحمه الله: إنه في سنة 790 من الهجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة (1388م)، هاجر كثير من أعراب نجد وبلاد العرب إلى ساحل فارس الجنوبي، وذلك على إثر مجاعة كبيرة صارت في بلاد العرب، وكان من جملة المهاجرين أجدادنا رحمهم الله. نزلوا في الدشتية وترأس فيها المرحوم جدنا عبد الله ولهذا سميت عشيرتنا بالريايسة، وكان المرحوم ينتمي إلى عشيرة مطير، وقد ناسب أكثر وأكبر العشائر مثل الحرم، وآل مذكور. وقد تزوج من قبيلة الجواسم المشهورة وعاش رحمه الله ثمانين سنة أو أكثر، وفي سنة 870 هـ (1465م) مات وخلف ثلاث أولاد نزح كل منهم إلى قطر، وانضم بعضهم إلى العجم مُتشيعين، ثم مضت مُدة طويلة إلى أن استقر الرئيس حسن في مدينة دسبول سنة 1211هـ (1796م)".
رحيل الجد الرئيس عبد الله بن حسن إلى كشكنار:
ثم يذكر أن الجد حسن رزق بولد أسماه عبد الله، وقد سافر الرئيس عبد الله بن حسن هذا إلى منطقة كشكنار في بلاد فارس وتزوج بها، كما يذكر أن أسرته تُسمى بالمداجي وهذه النسبة هي من جهة الأم لا الأب يقول:
"في سنة 1211هـ (1796م) خرج المرحوم مهاجراً إلى كشكنار تاركاً كل ما لديه مستجيراً بالشيخ عبد الله الحرمي على شرط أن يحميه من الشيخ نصر، فصدق في وعده وكانت إقامته في كشكنار مدة ثلاث سنين تزوج في أثنائها بأخت الأمير المسماة آمنة نباش وهي من قبيلة المداجيه المشهورة بالكرم والإنسانية. فولدت له مولوداً مباركاً اسمه حسن فلقب بكناية لقب أمه (حسن مداجيه) وقد مات والده وهو في بطن أمه، وهنا نفهم القارئ أن نسبتنا إلى كشكنار بسبب زواج جدنا فيها، وإلا فنحن سابقاً من دسبول، وكنايتنا اليوم باسم قبيلة المداجي هي فقط من جهة الأم، وأما الظهر فهو من الريايسة".
وبما أن الحاج خليل المؤيد أشار إلى كون أسرته ترجع إلى مدينة دسبول فقد أحببت الإشارة ولو بإيجاز إلى هذه المدينة العريقة:
مدينة دسبول:
هي مدينة ذات ماضي تاريخي، وهي من نواحي بلاد الأهواز، فيها قامت مدرسة جنديسابور الطبية الشهيرة، وحول الفُرس اسمها إلى "ديزه فول" وإلى الجنوب الغربي منها توجد أطلال مدينة السوس التي يطلق عليها الفرس اسم الشوش وقد عثر عالم الآثار الفرنسي الشهير شيل عام 1902م (1319هـ) فيها على مسلة حمورابي التي سرقها الفرس وتقع مدينة دسبول على نهر الدز أحد روافد نهر قارون ولقربها من الحدود العراقية (قرب محافظة ميسان) أنشأ بها حلف السنتو قاعدة مركزية قوية دكها الجيش العراقي في الحرب العراقية الإيرانية، بطريقة أصبحت تُدرس في مختلف الكليات الحربية في العالم كفن حربي سجل باسم الجيش العراقي.
خبر الرئيس حسن بن عبد الله:
ثم يذكر الحاج خليل المؤيد خبر الجد الرئيس حسن بن عبد الله بن حسن وأنه تربى في حجر والدته وأخواله عشيرة المداجيه، وعندما بلغ سبع عشرة سنة قام هو وجماعة من رجال عشيرة المداجيه بالهجوم على مدينة دسبول وأخذوها وقضى الرئيس حسن بعد ذلك حياته فيها يقول:
"تربى المرحوم جدنا حسن من كشكنار في حضن أمه وأخواله البواحاجيه وكناية قبيلتهم المداجيه، وهذه القبيلة تتكون من ألف نفر، ويحتمي بها كثير من الفارين والمظلومين... ثم لما كبر الوالد حسن ووصل إلى سن 17 سنة أخذ جماعة من قبيلة أمه المداجيه وهجم على مدينة دسبول، وكانت في يد ابن عمه فأخذها وقضى حياته فيها ومن زيادة محبته إلى قبيلة أمه تزوج في كشكنار بابنة خالته آمنه فولدت له إبراهيم الأول، ويوسف الشتر، وسُمي بهذا لأنه رجل طويل ذو هيبة عالية".
تاريخ الجد إبراهيم الأول:
ثم ذكر الحاج خليل نبذة عن الجد إبراهيم الأول بن الرئيس حسن بن عبد الله بن حسن يقول:
"ولد المرحوم سنة 1220هـ (1805م) وكان أصغر من أخيه يوسف الشتر بسنتين (أي أن يوسف الشتر من مواليد عام 1218هـ (1803م) )، ولبث المرحوم في كشكنار طول حياته مُهاباً محترماً وتزوج في مدينة الدشتية بإبنة ولد عمه الرئيس محمد الذي خلف ثلاث إناث وأسماؤهن: ... الأولى: فاطمة أم الرئيس مبارك، والثانية: شريفة وهي أم المرحوم عبد الله الخاجه التاجر الكبير في اللنجة، والثالثة: وهي آمنه نباش جدتنا أم أحمد إبراهيم توفت عنده في كشكنار وهي صغيره مع أخاها محمود، أرسلت عليها خالتها أم الرئيس مبارك في الدشتية فربتها تربية عالية".
خبر الرئيس مبارك الرياسي يقول:
ويذكر هنا الحاج خليل المؤيد خبر أحد أجداده واسمه الرئيس مبارك ويذكر أنه كان على صلة وثيقة بحاكم البلاد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة يقول:
"وله صداقة كبيرة مع الشيخ عيسى بن علي حاكم البحرين حيث إن المرحوم عيسى رأى من الرئيس مبارك إكراماً زائداً أثناء رواحه إلى فارس لأجل العيد، طلب منه الوصول للبحرين فكتب المرحوم الرئيس مبارك كتاباً إلى الشيخ عيسى في 11 ذي الحجة سنة 1294هـ (17/12/1877م) : "أن سنزوركم في أول السنة القادمة لأجل السلام، وأطلب منكم ترخصوني أنزل عند ابن عمي وابن خالتي أحمد إبراهيم لأن أتباعي كثيرين"، وكتب مثل هذا إلى جدنا أحمد إبراهيم".
ومن فحوى الرسالة الآنفة الذكر نستشف أن الرئيس مبارك الرياسي زار الشيخ عيسى بن علي آل خليفة في أوائل سنة 1295هـ (1878م) ، ثم يشير الحاج خليل المؤيد إلى خبر وصول الرئيس مبارك إلى البحرين واستقبال الشيخ عيسى بن علي آل خليفة له وإكرامه إياه يقول:
"ولقد أخبرني والدي المرحوم إبراهيم أن الشيخ عيسى أرسل أحمد إبراهيم وفهمه بكتاب الرئيس (مبارك) وأخذ يكرمه زيادة على العادة بسبب أنه منهم -أن أحمد إبراهيم ابن عم الرئيس مبارك - وكان لا يعرف ذلك من قبل، وأمر له بعشرين خروف، وخمس جواني عيش، ولكن المرحوم أبى أن يقبل ذلك بسبب كثرة مروءته وغيرته، وأجابه: أن الحلال كله وما يملك هو للشيوخ، وطلب منه عند وصول الرئيس يكون يخبره، فلما وصل الرئيس زاره الشيخ عيسى وأخيه أحمد في اليوم الذي وصل فيه، وكان الوقت صيف فنزل إلى القلعة في المنامة في ضيافة الشيوخ يوم واحد، ثم تحول إلى بيت المرحوم أحمد إبراهيم، وقد لاقى الرئيس الحفاوة الكبرى من الشيخ ومن ابن عمه، وكان في معيته سبعة وثلاثين نفر من شجعان فارس".
تاريخ جد المترجم له الحاج أحمد بن إبراهيم:
وهنا يترجم الحاج خليل المؤيد لجده الحاج أحمد بن إبراهيم بن الرئيس حسن بن عبد الله بن حسن وينص على أنه خرج من كشكنار إلى البحرين سنة 1265هـ (1848م) يقول:
"إن المرحوم والدي ولد في كشكنار في أول شعبان سنة 1238هـ (12/4/1823م) وتوفي في البحرين في 14 محرم سنة 1314هـ (24/6/1896م). خرج أحمد إبراهيم من كشكنار سنة 1265هـ (1848م) ولم يتزوج وكان شجاعاً ومولعاً بالحرب، وقد انتصر ثلاث مرات في وقعات مُتعددة، وكان الشيخ محمد الحريمي يوده كثيراً ويخلصه من الأسر، ويدفع مقابله عشرة أنفار معاوضة عنه لأنه كان لا يوجد في العالم رجل مثله في الشهامة والمروءة والشجاعة. وكان كل ما يغنمه في وقت الحرب مع العجم يفرقه على الضعفاء، وعلى الذين هم أصدقاؤه، والذين لم يغنموا شيئاً في الحرب. وقد أخبرني والدي أنه رآه معظماً لا يتندم عليه أحد من جنسه قط، فلما رأى ابن عمه عبد الله أمير كشكنار وما عليه الرجل من الشجاعة والإقدام والمروءة خاف أن حكام الحرم وآل مذكور يحلونه في محله فيكون أميراً على البلد، وأشار عليه بالذهاب إلى البحرين وهو يزعم أنه يخاف أن يُقتل لفرط شجاعته التي لا توصف، والحقيقة أنه يحسده وخاف أن يحل محله. فظهر المرحوم من كشكنار ليلاً مُتخفياً تابع إلى إشارة ابن عمه خائف أن الشيخ لا يقبل خروجه أبداً. وهو كذلك وبحسن نيته وصل البحرين في سهولة وتيسير ... فنزل عند عمه المرحوم يوسف الشتر وخرج به وأخذ يقدمه على أولاده عبد الله ومحمد، وكان يفتخر به في المجلس فزوجه ابنته آمنة نباش وسميت نباش كنية إلى جدتنا الكبيرة المشهورة بإكرام الجماعات. وما لبثت حتى وضعت الوالد إبراهيم سنة 1272هـ (1855م) وماتت وهو ابن ثمانية أشهر في بطنها. وتزوج المرحوم أحمد إبراهيم بعد وفاتها بإبنة الرئيس محمد حاجي الذي هو من أشهر تجار البحرين وهو ساكن البحرين من قديم، وابن عم الأمير محمد عبد الله في كشكنار، وهو صديق أحمد بن علي بن عيسى حاكم البحرين. تزوج وأخذ ابنته فاطمة سنة 1276هـ (1859م)، وولد له حسن سنة 1282هـ (1865م) وشيخة وهي أم جاسم وعلي بن محمد كانو، فأخذ المرحوم يتاجر بإرشاد عمه المرحوم محمد حاجي الثاني، فنمت تجارته وزادت على ما كان من قبل، اشتهر أمره ووضع الخشب الكبيرة، وأول بغلة عملها سماها العوجة، والثانية سنة 1290هـ (1873م) المحمودية، وكان حمولتها الواحدة منهم ثلاثة آلاف يونية. وتقدم وصار يحسن إلى عموم جماعته وما يتعلق به إلى حد أنه يحمل الضعيف في بحر الخشب ويعطيه البضاعة من المال مساعدة ثم لا يأخذ منه نول. وكان المرحوم الوالد إبراهيم الثاني هو قبطان هذه الخشب وأخبرني أن أكثر نول الخشب يروح مجاناً إلى الفقراء".
حضوره موقعتا كزكز والدولاب:
ثم أشار الحاج خليل إلى حضور جده موقعتا كزكز والدولاب ويذكر أنه أبلا فيهما بلاء حسناً يقول:
"ولقد حضر المرحوم أحمد إبراهيم كثيراً من الوقائع الحربية مثل: وقعة كزكز مع السيد سعيد المسكتي، ويقول: إنه جرح فيها مقدار سبعين نفر من أهل فارس، وأما هو فقد سلم، ثم حضر وقعة الدولاب سنة 1270هـ (1853م) ليدافع عن البحرين برئاسة علي بن خليفة ففازوا وطردوا محمد بن عبد الله ومن معه، وأخذ الحكام يحترمونه بسبب شجاعته حتى صادق الشيخ فهد بن أحمد، وهو خال الشيخ عيسى فأخذ يمدحه ويشهد برجولته... وأخيراً أوصى حين وفاته أن لا يعتمدون أولاده على دفاتره، ولا يطلبون أحداً في دين قط، ولو كان المدينون يدفعون لهم شيء لا يأخذون منه".
سفره إلى الحج:
ثم يذكر الحاج خليل سفر جده الحاج أحمد بن إبراهيم لأداء مناسك الحج يقول:
"ولقد سافر رحمه الله سنة 1290هـ (1874م) في بغلته الكبيرة إلى الحج، وكان بمعيته ابنه إبراهيم وزوجته فاطمة، وسبعة من العبيد السود، وكان لديه 37 مملوك ومملوكة. فقام يحسن رحمه الله في سفره إلى الدراويش ومن كان بمعيته، وأنفق أكثر ماله في هذا الطريق".
وثيقة هبة:
وهذه وثيقة يهب فيها الحاج أحمد بن إبراهيم نصف البيت الكائن في فريج الشرقي من المنامة إلى نجله إبراهيم بن أحمد جاء فيها ما نصه:
الحمد لله قابل القربات ومجزل الهبات ومضاعف الحسنات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الهداة.
وبعد..
فقد وهب الرجل المكرم أحمد بن إبراهيم جناب ابنه لصلبه إبراهيم تمام وكمال نصف البيت المعلوم بينهما الكائن مستقره في فريق الشرقي أحد فرقان المنامة من أعمال البحرين المحدود قبلة وجنوباً بالطريق النافذ، وشمالاً بالبحر المستفيض، وشرقاً بالنصف الثاني من البيت المذكور ملك المتّهب إبراهيم بن أحمد، بجميع ما له من الحدود والحقوق والتوابع واللواحق والضمائم والعلائق من أرض وحيطان وجدران وسقوف وأفنية وطرق وممار وكافة المنسوبات وعامة الملحقات شرعاً وعرفاً ولغة واصطلاحاً عموماً وإطلاقاً هبة صحيحة صريحة شرعية مرعية مشتملة على أركان الصحة وشرايط اللزوم من إيجاب وقبول وقبض وإقباض بالتخلية الشرعية معوضة بالقربة لرب البرية جارية من الواهب المذكور في حالتي الصحة والكمال بالطوع والاختيار، من غير إكراه ولا إجبار، مع كمال العقل وجواز التصرف والاختيار، فبموجب ما رقم لم يكن للواهب المذكور ولا لغيره التصرف في البيت الموهوب من بيع أو وقف وغيرهما فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه والله سميع عليم حتى لا يخفى وجرى وصح عليه الإشهاد باليوم الثاني والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1310هـ العاشرة والثلاثماية بعد الألف (13/11/1892م).
صحيح أحمد بن إبراهيم الختم.
شهد بذلك الأقل أحمد بن محمد كانوه عن إقرار المذكور أحمد الختم.
شهد بذلك عن إقرار المذكور أحمد بن سلمان بن محمد كمال.
شهد بذلك عبد الله بن سلمان كمال.
شهد بذلك عن إقرار المذكور محمد بن شهاب بن فضل الختم.
* * *
وفاته:
ثم يشير إلى تاريخ وفاته وسببها وبعض مآثره فيقول:
"وتوفي رحمه الله سنة 1314هـ (1896م) بمرض البواسير، وكان المرحوم لا يحسن القراءة ولا الكتابة، وله نية حسنة يحب العُلماء والفقراء، ومن ذوي النخوة والشجاعة... ومات رحمه الله غنياً يملك ثلاثين ألفاً غير الحارات والعبيد، الذي أوصى بتفرقته في سبيل الله".
تاريخ الوالد إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم:
وهنا يترجم الحاج خليل المؤيد لوالده الحاج إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن الرئيس حسن بن عبد الله بن حسن فيقول:
"ولد رحمه الله في 14 ربيع الأول سنة 1272هـ (23/12/1855م) وتوفي في يوم الثلاثاء الساعة الخامسة عربي في 26 ربيع الثاني سنة 1347هـ (9/11/1928م) وكان مدة حياته 75سنة قضاها في الإحسان والمبرات".
كيف نشأ رحمه الله:
ثم يشير إلى نشأته وبداية دخوله البحر وتعلمه التجارة والملاحة البحرية ورحلته إلى عمان ثم إلى بلاد الهند يقول:
"ولد في بيت خاله عبد الله الشتر، وتوفيت والدته في الولادة وكفلته خالته فاطمة أم إبراهيم كانو وقيل: إنه لبث في بطن أمه سبعة أشهر وفي رواية آخرون ثمانية أشهر، وكان ميمون الطلعة، حسن المنظر، قوي البُنية مُعتدلاً في الطول، محبوباً عند الأقارب والأباعد بسبب أدبه وعقله، وكان يشكوا لي من معاملة زوجة أبيه وهي فاطمة بنت محمد حاجي ويقول إنه تكدر في أول شبابه من هذه المرأة التي ما أحسنت إليه، وهي تعامله بعين الغضب، وأما والده فهو يحبه كثيراً وأشارت عليه زوجته المذكورة بإبعاد الوالد المرحوم إبراهيم إلى الجهات البعيدة لأجل يخلى لها الجو مع ابنها حسن الذي تحبه كثيراً، فسمع الجد كلامها فسافر الولد إلى عُمان لأجل مُشترى التتن وهو التنباك أعطاه 200 ريال سافر فيها رحمه الله مع بن عثمان الزياني سنة 1287هـ (1870م). فاشترى بالدراهم المذكورة ووصل البحرين فكانت الفائدة كثيرة، وقد شكر النوخذة سيرته عند والده فزادت ثقته فيه، وبعد ذلك عمل له بغلة كبيرة حمولتها ألفين كونية سماها العوجة، سافر فيها إلى الهند، وكان قبطانها بحريني اسمه الحاج حسن من راس رمان، وفي تلك السفرة تعلم القبطانية ... فقام في تجارة الوالد إبراهيم إلى الهند وشارك المرحوم صديق عبد الله بن سلمان بوكمال .. فأخذوا يشتغلون في الحطب مال النيبار وغيره ونمت تجارتهم". ويذكر أن أبرز تجار الأخشاب في تلك الفترة إلى جانب الحاج إبراهيم بن أحمد كان الحاج يوسف بن عبد الرحمن فخرو، والحاج محمد بن عبد الله الدوي.
زوجاته وأولاده:
ثم أشار الحاج خليل المؤيد إلى زوجات والده وأسماء الأبناء والبنات وبعض تواريخ مواليدهم ووفياتهم يقول:
"توفيت زوجته أسماء وخلفت ولداً اسمه محمد مات في سنة 1314هـ (1896م) ، وتزوج بابنة إبراهيم قراطة ماتت بعد سنين من زواجها، وخلفت ابنة سماها أسمة خليل ماتت صغيره، وتزوج بابنة المرحوم أحمد كانو من غير مهر غير ليرة واحدة، وهي والدتنا سنة 1303هـ (1885م) وولدت له أربعة أولاد وأربعة بنات الأكبر علي ولد سنة 1305هـ (1887م) وتوفي سنة 1320هـ (1902م) والثاني خليل المؤيد كاتب هذه السطور، ولدت في 14 شعبان سنة 1308هـ (25/3/1891م) والثالث أحمد المؤيد ولد في 16 صفر سنة 1317هـ (26/6/1899م)، والرابع محمد كانو سنة 1322هـ (1904م).
والبنات أولهم آمنة ولدت سنة 1310هـ (1892م) وهي زوجة عبد الله محمود، وشيخة ولدت سنة 1312هـ (1894م) وماتت بالحريق الكاز سنة 1332هـ (1913م) والثالثة فاطمة ولدت سنة 1315هـ (1897م) وهي زوجة أحمد بن حسن، والرابعة ماتت صغيرة".
ثم أشار الحاج خليل إلى سنة وفاة والدته السيدة لطيفة بنت أحمد كانو يقول: "وفي سنة 1324هـ 17 ذو الحجة (31/1/1907م) ماتت والدتنا المرحومة لطيفة كانو ...ثم تزوج الوالد المرحوم بفاطمة بنت غريب وهي والدة عبد الله بن حسن الزين ومات عندها".
من أخباره:
يذكر السيد يوسف بن خليل المؤيد هذه القصة عن جده الحاج إبراهيم يقول: اتصف جدي إبراهيم بالميل إلى الانطواء وهي سمة لا زالت بارزة لدى بعض أفراد العائلة، إذ كان نادراً ما يزور أصدقائه رغم قلتهم، إلا أنه كان يستقبلهم بترحاب إذا جاءوا لزيارته ولأدلل على مدى الإنطوائية التي وصلت إليها شخصية جدي إبراهيم أذكر هذه الحادثة التي قد يستغربها البعض. أرسل مستشار حكومة البحرين تشارلز بلكريف في بداية عهده في البحرين رسولاً إلى عمارة جدي إبراهيم يطلب حضور والدي بصفته أحد التجار المعروفين. واحتار جدي كيف يصل إلى ابنه وهو لا يعلم أين يقع متجره، حيث لم تطأ قدمه السوق منذ زمن طويل، ولم يكن لديه عامل يرسله في ذلك الوقت. لذا اضطر إلى الذهاب له بنفسه ليخبره بطلب المستشار لكنه وقع في حيرة، كيف يصل إليه وهو لا يعرف الطريق المؤدية إلى متجره، أخذ يسأل كل شخص يقابله عن متجر ابنه خليل ولم يصل إلى غايته إلا بعد أن التقى بشخص يدعى عبد الرحمن البسام جالساً في متجره. سأله: ألا تدلني يا بني على متجر إبني خليل بن إبراهيم.ضحك عبد الرحمن البسام وقال: هل هذا معقول؟ ألا تعلم أين يقع متجر ابنك؟رد عليه جدي إبراهيم مستسلماً: لا يا بني، لا أعرف ، لأنني لم أخرج إلى السوق منذ ثلاثين عاماً!!
وأخذ عبد الرحمن البسام جدي وهو مندهش إلى ابنه، وفوجئ أبي بوالده قادماً إليه حيث لم يزره أبداً في متجره.. وسأله عن سبب الزيارة بعد أن رحب به، فأخبره جدي بدعوة المستشار له لزيارته، فذهب والدي لتلبية تلك الدعوة.
بلكريف يزور الحاج إبراهيم:
يذكر مستشار حكومة البحرين السيد بلكريف في (مذكراته) (ص172) أنه زار الحاج إبراهيم بن أحمد وأنه أخبره عن بعض رحلاته التي قام بها في أرجاء العالم يقول: "زرت المؤيد ولم أجده، فقد ذهب إلى المحرق، ووجدت والده الذي لم يكف عن الشكوى، كان يجلس في غرفة صغيرة، ويتحدث عن كل العالم، فقد زار الهند وشرق أفريقيا والشرق الأدنى، وقال: إن العرب لا يخططون للمستقبل إلا إذا جاء رجل إنكليزي يساعدهم في ذلك!!".
صفات وأخلاق الحاج إبراهيم بن أحمد:
ينص عليها الحاج خليل بقوله: "أخلاق المرحوم إبراهيم لا تكاد توصف ... لا يحب المجالس إلا مع الفقراء النجديين، لازم بيته وعمارته طول حياته، لا يعرف التجار ولا الحكام، قنوع بما رزقه الله يحب الرزق القليل بالحلال، ولا يحب الكثير بالحرام، أغناه الله بسبب توكله وحسن اعتقاده فيه، إذا ذهب شيء من ماله لا يحزن بل يقول: إن هذا ليس من رزقي حتى صار من أغنى أهل البحرين، وضربت به الأمثال في البلد على حُسن معاملته وسكونه، فكان يقول للناس: إن ابني خليل هذا هو رأس البركة، أما تجارته فكانت مخصوصه في أخشاب النيبار مع تجار الكويت أهل الحطب واستقامت إلى أن مات".
ويذكر أنه كان وسيم الشكل، بشوش الوجه، قوي البنية، معتدل الطول محبوباً من أهله وأصدقائه بسبب إخلاصه لهم وحسن خلقه وعقله الناضج، وزهده وتواضعه، إذ كان لا يخضع صداقاته لمصالحه التجارية.
وصيته:
وعندما أحس الحاج إبراهيم بن أحمد باقتراب الأجل كتب وصيته وأوصى فيها بثلث ماله لفعل الخير وأعمال البر والإحسان، على يد ابنيه الحاج خليل والحاج أحمد جاء فيها ما نصه:
الداعي لتحرير هذه الورقة الشرعية هو أن هذا ما أوصى به إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بعد أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، ويشهد أن الموت حق والقبر حق والسؤال حق، وأن الجنة حق والنار حق وأن الله يبعث من في القبور وأنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين قد عهد وأوصى بثلث جميع متمولاته من نقد وغيره أن يجعل ويصرف في سبيل البر والخير من صدقة وإعانة محتاج وكلما يراه المتولي للثلث المذكور من الأعمال المبرورة وقد جعل المتولي لذلك والناظر عليه أولاده خليل وأحمد يعملان فيه ما يعمل الحي للميت حسب نظرهما من أعمال الخير ويقوم مقام خليل من بعده الأرشد من أولاده، وكذلك يقوم مقام أحمد الأرشد من أولاده وهكذا يكون النظر لهما ولذريتهما من بعدهما الأرشد فالأرشد وعليهما بتقوى الله في ذلك ومراعاته والله خير الشاهدين حرر في 6 رمضان سنة 1340هـ (3/5/1922م).
إبراهيم أحمد إبراهيم.
أشهد بذلك عن إقرار المذكور كما هو مقرر مرقوم وأنا الأقل سلمان بن عبد الله العبد المحسن الختم.
أشهد بذلك عن إقرار المذكور بحال صحته وأنا الأقل أحمد بن حسن إبراهيم التوقيع.
أشهد بذلك عن إقراره بحال صحته وأنا الأقل يوسف بن عبد الله الشتر.
بسم الله الرحمن الرحيم
بتاريخ يوم التاسع من شهر رمضان سنة 1340هـ (6/5/1922م) حضر محكمة الشرع لدي ثقات وهم: يوسف عبد الله الشتر، وسلمان بن عبد الله آل عبد المحسن، وأحمد بن حسن بن أحمد إبراهيم، وشهدوا بجزم أن إبراهيم أحمد إبراهيم أشهدهم على إقراره على نفسه وهو بحال تصح منه الإقرارات الشرعية موصياً بما أمره ربه به في كتابه إن ترك خيراً الوصية أن ثلثه من جميع ما يملكه من جميع متمولاته من نقود وعقارات ومملوكه وديون موثقة وسلع تجارة وأثاث وأمتعة على يد ولديه البالغين خليل وأحمد أبنائه من صلبه يعملان له من ثلثه بأنواع البر من جميع أنواع الخير سيما الصدقة بالتمر والماء وإغاثة ذوي الحاجات سيما أهل الاضطرار والفاقات وعليهما تقوى الله جل جلاله والبر لأبيهما في هذه القربة التي تقرب بها إلى ربه قرره خادم الشرع بالبحرين قاسم بن مهزع الختم.
وثيقة أخرى:
ورد في (جريدة البحرين) بتاريخ 18 جمادى الأولى سنة 1363هـ (11 مايو 1944م) في إعلانات دائرة الطابو رقم 222-1363 إشارة إلى بعض ممتلكات الحاج إبراهيم بن أحمد التي تم رصدها لأعمال البر والإحسان وهذا نص ما ورد فيها: "أن خليل وأحمد أبني إبراهيم بن أحمد المؤيد بولايتهما على ثلث والدهما المذكور طلبا تسجيل نخل الجواهر الكائن بسيحة بلاد القديم من المنامة ليصرف حاصله في سبيل البر والخير من صدقة وإعانة محتاج وكلما يراه لمتولي الثلث المذكور من الأعمال المبرورة، ولهما التولية والنظارة عليه يعمل فيما يعمل الحي للميت حسب نظارهما من أعمال الخير ويقوم مقام خليل من بعده الأرشد من أولاده وكذلك يوم مقام أحمد الأرشد من أولاده وهكذا يكون النظر لهما ولذريتهما من بعدهما الأرشد فالأرشد وعليهما تقوى الله في ذلك ومراعاته فعلى من لديه اعتراض أن يقدمه إلى دائرة الطابو خلال 90يوماً من تاريخه".
وجاء في (جريدة البحرين) في 18 جمادى الأولى سنة 1363هـ (11 مايو 1944م) رقم 223 -1363: "إن خليل وأحمد إبني إبراهيم بن أحمد المؤيد بولايتهما على ثلث والدهما المذكور طلبا تسجيل النخل المسمى أم جدار الكائن بسيحة الماحوز من المنامة ليكون لثلث إبراهيم المذكور يفعل له بحاصله ما يفعل الحي للميت من أضحية وختمات وصدقة وأنواع القربات ولهما النظارة والتولية على الثلث ولذريتهما من بعدهما بموجب تقرير الشرع المؤرخ في سنة 1363هـ فعلى من لديه اعتراض أن يقدمه إلى دائرة الطابو خلال 90يوماً من تاريخه".
وفاته:
ثم يشير الحاج خليل إلى وفاة والده الحاج إبراهيم بن أحمد بقوله: "وتوفي في يوم الثلاثاء الساعة الخامسة عربي نهاراً في 26 ربيع الأول سنة 1347هـ (11/9/1928م) وكان لخبر موته رنة عظمى وأسف كبير، عزت جميع المحلات التجارية، ومشى خلف جنازته أكثر الأكابر والأجانب وأهل البلد عموماً وانتهى إلى رحمة الله".
مصادر ترجمته:
1-مذكرات وشجرة العائلة وتواريخها، مخطوطة بقلم خليل بن إبراهيم المؤيد كتبت بتاريخ يوم الأثنين الموافق 22 ذو القعدة سنة 1352هـ (7/3/1934م).
2-مجموعة الوثائق، خاصة بالكاتب.
3-مقابلة مع الشيخ نوار بن علي بن عبد الرحمن الوزان.
4-صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس، عبد الرزاق محمد صديق.
5-جريدة البحرين، لعبد الله الزائد.
6-إصرار على النجاح، سلوى يوسف خليل المؤيد.

دفتر يشير إلى ثلث عيسى بن أحمد سيادي كيف تم صرفه في أعمال الخير

ثلث عيسى بن أحمد سيادي
تم صرفه كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان خير
إجرا خيرات إلى المرحوم والدي عيسى بن أحمد سياديه سنة 1339هـ
15 روبية سلمنا مع ثلاث نفر من أهل فارس 15روبية طلبة علم.
23 روبية للفقراء والمساكين.
15 روبية كتاب موقوف على عبد العزيز بن حسن اليوسف من بعده الصالح من المسلمين.
200روبية إعانة مسجد المنامة.
100روبية إعانة مسجد النجادة المحرق بيد محمد حسن فخروه.
60روبية إلى جماعة من أهل فارس.
200روبية إعانة مسجد بالأحساء.
500روبية حوالة عبد الرحمن الوزان عن أمر الشيخ قاسم من طرف ابنه محمد كمال.
496روبية بنيان بيت الشيخ عيسى بن الشيخ محمود.
100روبية إعانة السيد علي بن السيد الله بن نور الدين.
200روبية إعانة حريق المحرق بيد عبد الله مسيح.
200 روبية إعانة حريق بالمنامة.
500روبية إعانة عيال بن نور الدين سيد بدر وإخوانه .
25 روبية قيمة سحارة شمع للمساجد.
110 روبية بيد عبد الرحمن بن محمد درويش لأجل بنيان بيت الشيخ سعيد.
55 روبية قيمة مداد مسجد جامع الحد.
38روبية باب عود حق بيت الشيخ عيسى.
50روبية إعانة عيسى بن الشيخ حسن لأجل الزواج.
17 روبية يونية عيش للشيخ مبارك.
266روبية صدقات.
62روبية للفقراء.
25 روبية يونية عيش حق الشيخ مبارك المبارك.
100روبية بيد محمد بوقيس وقف لمسجد الذوادي.
100روبية حق جبر الدوسري حق مسجد راس رمان.
100روبية إعانة ولد الشيخ قاسم للزواج.
60روبية إعانة الشيخ عبد الله الصحاف لأجل الزواج.
20روبية بيد صباح لأجل دكان الوقف.
100روبية إعانة ولد محمد بن علي.
30روبية بيد الشيخ عيسى بن جامع لأجل بناء بيته.
20 روبية لبوعلاي لأجل زواجه.
50 روبية بيد ولد الشيخ ملا محمد إعانة زواج.
20 روبية لملا حاجيه لأجل تصليح بيته.
5556 روبية مصاريف بناء مسجد بن ناجم.
270روبية سلمنا إلى أهل فارس أرحامنا أهل كابندية وبهده.
2000روبية إعانة المسجد الجامع مال الشيخ قاسم بن مهزع بالمنامة.
300روبية إعانة المسجد الجامع مال الحد بيد محمد بن محمود.
200روبية على يد يوسف زينل لأجل النادي بالهند.
50 روبية بيد الشيخ عيسى بن محمود لأجل إعانة بناء بيته.
300روبية إعانة المدرسة التي في السند.
20 روبية جونية عيش للشيخ مبارك بن عبد الرحمن المبارك.
3000روبية إعانة الماي لأجل حفر العين.
90روبية بيد المطاوعة القراية في رمضان عددهم 3.
40روبية قيمة كسوة العيد للمطاوعة وللفقراء.
100روبية بيد الشيخ أحمد نور.
200روبية إعانة مسجد الزلاق.
30روبية قيمة ماي سبيل.
200روبية إعانة محمد بن الشيخ قاسم بن مهزع.
30روبية إعانة الشيخ أحمد الكبيسي.
40روبية إعانة جاسم بن خلف للزواج.
44روبية تصليح دكان الوقف للمسجد.
20روبية بيد ولد مبارك بن عيسى لأجل الزواج.
30روبية إعانة زواج ولد أحمد بن عيسى بن محميد.
100روبية إعانة زواج لولد حسن بن عبد الله عاشير.
60 روبية إعانة حريق في المنامة.
69روبية حق الشيخ أحمد نور 2يونية لأجل طلبة العلم بالمدرسة.
12روبية حق مدة لمسجد مبارك بن خليفة.
110روبية بيد الشيخ أحمد نور .
60روبية قيمة كتاب نهاية المحتاج سلمناه بيد سيادي بن يوسف سيادي.
25روبية حق الشيخ محمد أبوطروف.
160روبية من طرف جلب الكتب من عمان.
26روبية قيمة صبان للمسجد.
31روبية بيد صالح من أهل دبي.
200روبية عن دفن أرض المسجد الجامع.
496روبية قيمة لحم رمضان والنوافل والاعياد.
6روبية بيد السيد محمد الأهدل.
200روبية المرسول إلى كوهج الذي فيها الشيخ أحمد حسن منها ماية إلى الشيخ أحمد نور.
240روبية على الفقراء.
496روبية لحم مال رمضان.
8روبية كفن إلى الشيخ عيسى بن محمود.
70روبية بيد الشيخ أحمد بن الشيخ حسن.
30روبية إعانة الحريق بالمنامة.
40روبية إعانة لمسجد بن شدة.
95روبية إعانة للمسجد الذي يصلي فيه عبد الرحمن بن طلحة.
10روبية قيمة 4 قلة تمر مفرقة على خليفة المعاودة والملا الأعرج وغيره.
30روبية بيد فقيرة من أهل فارس.
137روبية كساوي عيد الأضحى.
500روبية من طرف إعانة المدرسة بيد محمد علي زينل
4000روبية قيمة حب وتمر وغيره موزع على الجامعة والفقراء والمساكين في رمضان.
774روبية قيمة لحم موزع على المدرسة والفقراء.
10روبية الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف العمير.
20روبية الشيخ علي بن سعد.
200روبية المسجد الجامع بالمنامة.
5000روبية إعانة المسجد.
1500روبية إعانة المسجد الجامع.
4000روبية قيمة حب وتمر وغير ذلك موزع على الجماعة والأرحام والفقراء والمساكين في رمضان.
50روبية بيد عبد الله بن عمير.
100روبية بيد كاظم للمستشفى الأمريكاني.
40روبية بيد الشيخ علي بن سعد.
80روبية بيد الشيخ عبد العزيز الجامع.
80روبية قيمة مدات وشمع للمساجد.
25روبية الشيخ عبد الله الفارسي إمام مسجد السادة بالحد.
10روبية فقير من أهل الدمام.
70روبية حق أيتام في بلاد فارس.
50روبية بيد الشيخ أحمد بن الشيخ حسن مدرس مدرسة كوهج.
175روبية من طرف تعمير بيت الشيخ مبارك المبارك.
304 روبية كساوي لعيد الأضحى.
15 روبية بيد الشيخ عبد الرحمن بن راشد المبارك.
30 روبية بيد أحمد بن خميس الزياني لبناء مسجد.
60روبية بيد الشيخ عبد الواحد فلامرزي لأجل بركة فارس.
25 روبية بيد أحمد بن صالح الحادي.
30 روبية إعانة محمد بن حماد لعلاج الدختر.
35 روبية مداد وشمع للمساجد.
15 روبية الشيخ عبد الله الغزال.
60روبية السادة أهل حضرموت.
7 روبية محمد بن أحمد الحادي امطوع.
25 روبية قيمة أمداد للمساجد.
20 روبية بيد طالب علم من أهل فارس.
100روبية بيد جاسم بن أحمد لعلاجه.
155روبية قيمة تمر مفرق على الجماعة والفقراء.
140روبية بيد الشيخ علي بن محمد السعد.
347 روبية لحم رمضان.
3350روبية تمر وحب موزع على الفقراء والمساكين والجماعة.
10روبية بيد السيد خليفة ساكن رويس.
50روبية بيد الشيخ الذي ألف الكتب.
30روبية كساوي للعيد.
50روبية بيد محمد العمري من أهل المدينة لأجل علاجه في الدختر.
400روبية بيد يوسف شويطر.
15 روبية قيمة مداد وشمع للمساجد.
15 روبية إعانة مسجد الحالة.
195 كساوي للضعفاء والمساكين.
40روبية إعانة المسجد الذي بالحد.
93روبية لبناء مسجد المشاري.
15 روبية جص واسمنت لبناء بيت حرمة فقيرة.
100روبية بيد الشيخ عبد الله الصحاف.
20 روبية من طرف مسجد بن جودر.
500روبية إعانة فلسطين.
400روبية قيمة 200 كيس اسمنت إلى ملجأ الأيتام.
1000روبية إلى ملجأ الأيتام.
51 روبية إعانة للمسجد الذي يصلي فيه عبد الرحمن بن طلحة.
وكان مجموع هذه الإعانات مع غيرها مما لا نريد الإطالة بذكره هو: 109329.8.6روبية مئة وتسعة ألف وثلاثمائة وتسعة وعشرين وثمان آنات وستة باي.

دفتر اليومية للتاجر خليل بن إبراهيم الحسن

من الآثار المهمة التي حُفظت لنا من أوراق الحاج خليل بن إبراهيم دفتره المسمى بـ(دفتر اليومية) وهو عبارة دفتر يضم كافة تعاملاته التجارية التي يقوم بها مع غيره من التجار، والتي تحتاج إلى تسجيل فوري من قبله، ففيها البيع والشراء، وإرسال البضائع، وإقراض التجار، وتسديد بعض الديون، وما إلى ذلك وبالتالي فتحتاج هذه الأمور كلها إلى تسجيل يومي وتعديل دوري، وقد بدأ الحاج خليل كتابة هذا الدفتر بتاريخ 1303هـ (1885م)وانتهى في 1320هـ (1902م) وأنقل للقارئ الكريم بعض العبارات منه للفائدة إذ يعد من أقدم الدفاتر التجارية التي تحكي لنا واقع التجارة في البحرين قبل حوالي مئة وثلاثين سنة.
بيان خير إن شاء الله أرسلنا مع زايد بن راشد الجلاهمة خمسين قلة تمر إلى مكلا يبيعها ويأخذ بها صل، أمانة الله وحفظه في 15 ربيع2 سنة 1306هـ (19/12/1888م).
أرسلنا مع سلمان بن جاسم عشرين ربية حق مدفع وأربع تفقان وصين صحون، أمانة الله وحده.
دفعنا بيد أحمد بن حسن خمسة وأربعين روبية قيمة البقرة.
حق علي بن راشد البورميح ستين ربية أمانة حق حطب ساج وميط.
عند شاهين بن طوق ثمان جواني عيش في 10 روبية حرر 27 جماده2 سنة 1314هـ (3/12/1896م)
عند شاهين بن طوق أربع صرات تتن عن 10 قران.
عند ظاعن بن شاهين بن ضاحي قوصرة وعشر قواصر القوصرة 5 خمس ربيات وثمن في 1صفر سنة 1314هـ (12/7/1896م).
عند سيد صالح البتيل بندلة تتن 45روبية.
عند محمد ولد حسن بن حجي بندلة تتن بثمانية وعشرين روبية.
عند عبد الرحمن بن غانم السليطي بندلة تتن بأربعة وعشرين روبية.
عند سيد أحمد بن عبد القادر بندلة تتن بـ24روبية.
عند جمعة بن فاضل بندلة تتن 32روبية في 29 ذا القعدة سنة 1313هـ (12/5/1896م).
عند خليفة بن موسى القلاف تسعة وعشرين روبية باقي الحساب في 27 ذا القعدة سنة 1313هـ (10/5/1896م).
عند محمد بن مبارك المسلماني أربعين روبية ونصف اقران وذلك مكدة البوم (جوش القطيف) حرر في 15 جماده2 (3/12/1895م).
بيان خير إن شاء الله تعالى أرسلنا مع صباح بن عبد الله بن سليمان الجلاهمة في بوم مساعد بن أحمد الزياني ماية قلة وثمانين قلة تمر قطيفي في 113روبية وكذلك دفعنا بيده ثمانين ريال قرانه (فرانسي) الجميع بصناع أمانة الله وحده.
شهد بذلك صالح بن أحمد بن يوسف وشهد بذلك قاسم محمد قلداري حرر في 19جماده2 .
أيضاً أرسلنا مع صباح بن عبد الله الجلاهمة ثمانين ريال من يد الولد إبراهيم بتاريخ 19 جماده2 سنة 1314هـ (25/11/1896م).
حق علي بن عبد الله بن حايي ماية روبية وعشر روبيات أمانة في 2 الحج سنة 1313هـ (15/5/1896م).
بيان حق راشد بن مهنا النعيمي ثلاثين ربية ونصف ربية وسبع ربيات .
حق علي بن راشد الرميحي ثمانين روبية أمانة وصلت.
عند محمد بن أحمد بن سيف الدوسري قران ونصف صرة تتن لحق ربيتين.
وصلت بيد أحمد بن جاسم بن جودر 40 روبية.
وصلت واحد وأربعين روبية بيد جاسم محمد إبراهيم.
عند أحمد بن سلمان المهندي قران ونصف باقي الحساب.
عند صباح بن عبد الله بن سليمان الجلاهمة ماية ريال بضاعة في 12 جماده1 سنة 1312هـ (11/11/1894م) أمانة الله وحده.
عند عبد اللطيف بن حمود عشرين ريال وأربعين ربية بضاعة في 23 جماده1 سنة 1312هـ (22/11/1894م).
عند حمد بوصلوح الجميري عشر جواني عيش الجونية بإثناعشر روبية.
عند محمد بن عبد الرحمن الكويتي أربع جواني عيش في 30روبية.
في ماية روبية بيد عبد الله بن أحمد بن شاهين في 26 جماده2 سنة 1312هـ (25 /12/1894م).
وصل من سيد عبد الله بن إبراهيم خمسماية روبية وستين روبية من يد محمد بن يعقوب.
أيضاً وصل من السيد عبد الله أربعماية روبية وأربعين روبية من يد أبودهيش.
أيضاً قبضنا من يد سيد عبد الله بن إبراهيم خمسماية روبية.
أيضاً ستين روبية بيد حمد اللوتي.
عند محمد بن صالح بن مبارك ماية روبية بضاعة في 21 جماده2 سنة 1311هـ (30/12/1893م).
عند علي بن حسن سياديه عشرين روبية يوم سفر فارس.
عند شيخ عيسى بن إبراهيم بن جامع ستين روبية سلف.
بيان خير إن شاء الله دفعنا بيد خميس بن راشد بن سلمان ثلاثة أبياب وستين روبية بيد عبد الله بن يوسف إن شاء الله ياخذ لنا بها صل أمانة الله سبحانه في 28 جماد2 سنة 1310هـ (17/1/1893م).
عند عبد الله بن راشد المقهوي سبع روبيات سلف.
عند شمسان بن أحمد أربعة مياديف بـ3روبية.
دفعنا بيد عبد الله مسيح 40 روبية حق صندوق أمانة الله وحده.
دفعنا بيد صالح محمد عبد الملك 50 روبية حق حوايج من بندر بومبي.
دفعنا بيد يوسف محمد عبد الملك خمسة وتسعين ريال فرانسة حق ربط.
دفعنا بيد سعيد ولد الشوملي خمسماية روبية وأربعين روبية حق تمر من القطيف في 20جماده2 سنة 1310هـ (9/1/1893م).
20 قلة تمر بعشرين ريال فرانسة من يد سعيد الشوملي.
حق يوسف البنقي أربعين روبية أمانة.
عند معيوف الرميحي من صل بخمس روبيات.
عند محمد بن عيسى بن ناصر من ونصف صل 7 روبية.
عند مايد الرميحي ثلاثة أمنان صل عن 15 روبية.
عند يوسف محمد عبد الملك اثنتين وعشرين روبية بيد أهل القمرق التتن في ربيتين.
ستين روبية بيد عيسى بودهيم.
وألفين روبية وثمانماية روبية من يد ظاعن.
بيان حق يوسف بوشرود ألفين قران أمانة.
أيضاً وصلت مايتين قران بيد إبراهيم بن عافور.
بيان خير إن شاء الله تعالى دفعنا بيد عبد العزيز بن محمد بن جودر ماية قران حق سلاف البحرية أيضاً دفعنا بيده أربعماية روبية سكة منها حق أمانة الله وحده في 18 صفر سنة 1307هـ (14/10/1889م).
حق علي بن راشد الرميحي ثلاثين روبية نرسلها مع قلداري حق ربط من اليمن ، سديناها بيد محمد قلداري بحضرة صالح محمد عبد الملك.
تحاسبنا مع بشر بن عبد الله بن سليمان في 19 صفر وصح لنا ثلاث ربيات باقي.
بيان خير إن شاء الله دفعنا بيد بشر بن عبد الله بن سليمان الجلاهمة أربعين روبية وعشرين ريال فرانسة بضاعة أمانة الله وحده جرا في 11 ربيع 2 سنة 1305هـ (17/12/1887م).
عند عبد الله ولد خميس بوصندل ربيتين سلف.
عند عبد الوهاب ولد أبوشهاب ربيتين سلف.
أرسلنا صحبة بشر في بغلة عبد الله بن يوسف الزياني أولاً مايتين وأربعين قلة تمر بختنا في سيحوت وصحبته عشرين بيب خلايا عن موجب 61 روبية دفعنا بيده خمسة عشر ريال فرانسة أمانة الله سبحانه.

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...