الأحد، 29 يناير 2017

صدر مؤخراً كتاب بيت القصيبي .. قصة عائلة عربية عريقة تأليف بشار بن يوسف الحادي


أسرة القصيبي من الأسر الكبيرة والعريقة والتي على الدوام تذكر بأعمالها الطيبة ومكارم أخلاقها ومناقبها، ولعل الصدف المحضة أبرزتها إلى ساحة الأحداث كما في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى من جلاء العثمانيين من المنطقة وتوسع النفوذ البريطاني واستعادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه لحكم أجداده.
ولعل تلك المصادفات والظروف المواكبة لها من سوء تصرفات الولاة العثمانيين وانقطاع الأمن في المنطقة جعلت من أسرة القصيبي وكلاء للملك عبدالعزيز آل سعود في البحرين والأحساء ومستشارين مؤتمنين له ومعاونين ملبين لاحتياجاته وطلباته في أمور متنوعة سواء كانت اجتماعية أو ذات طابع عسكري أو سياسي، أو حتى معلوماتي أو دبلوماسي رغم انغماسهم في تجارتهم التي وصلت إلى الهند ودولتي بريطانيا وفرنسا خلال الثلاث عقود الأولى من القرن العشرين.
ورغم شهرة البعض منهم دون الآخرين بأسباب انغماس بعضهم في الحياة العامة، إلا أنا وجدناهم من بحثنا يؤدون أدواراً مُتباينة ومتفاوتة كأسرة واحدة تجارية متداخلة فيما بينها مساندة متعاضدة مع الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه.
ولعلنا في هذا نسرد بداية شيئاً بسيطاً عن تاريخ وأفراد هذه الأسرة ناقلين ما وجدناه مكتوباً في مشجرتهم "يمتد تاريخ أسرة آل القصيبي إلى القرن العاشر الهجري حيث وجد مستقراً في منطقة نجد من الجزيرة العربية جد الأسرة محمد القصيبي قادماً من الحجاز. وتنقل أحفاده بين عدد من المدن فيها والتي منها مدينة القصب وحريملاء والدرعية والزلفي وحائل. وقد تنقل أغلب أفرادها ومنذ القرن الثالث عشر الهجري وبالتدرج إلى المنطقة الشرقية والبحرين حيث يتواجد حالياً أغلب أفرادها ولأسرة آل القصيبي إسهامات ومبادرات تجارية وسياسية واجتماعية وأدبية عديدة. كما لديها مساهمات متنوعة خيرية كما في بناء ورعاية العديد من المساجد ودور تحفيظ القرآن الكريم، وذوي الاحتياجات الخاصة. وكذلك مساهمات خيرية في تشييد المراكز التعليمية والجامعات ومن دعم للجمعيات الخيرية إلى غيرها من أعمال بر وخير ترتجي بها أسرة آل القصيبي من الله حسن الخاتمة والأجر والثواب.
ويعود أقدم ذكر لأسرة القصيبي إلى القرن العاشر الهجري حيث وفد منطقة نجد من وسط الجزيرة العربية قادماً من مكة المكرمة حوالي منتصف القرن جد الأسرة محمد بن أحمد القصيبي. وقد سكنت الأسرة لفترة من الزمن منطقة القصب حيث تحالفت مع السيايرة من بني خالد حتى رحلت عنها إلى مدينة حريملاء وقد ورد ذكر منطقة القصيب القريبة من مدينة القصب في أحداث عام 1015هجري في الوقائع النجدية عن غزو أحدهم المنطقة وقتل أهلها. وهناك خلط واضح في بعض المراجع التاريخية المطبوعة عن أحداث عام 1015هجري بين (مدينة القصب ومنطقة القصيب) وبرجوعنا وجدنا أن المخطوطات القديمة المكتوبة عن الأحداث في تلك الفترة تفصل بينهما ولعل بعض من نقلوا اعتقدوا بخطأ الكاتب لتقارب الأسماء إلا أن هناك أطلالاً قديمة تعرف بمنطقة القصيب كما يذكرها سكان بلدة القصب ليست بعيدة عنها، ولعلها المنطقة التي سكنتها الأسرة بداية وعرفت بهم بدلاً منها لهم.
ومما يذكر من أحدث تلك الفترة أنه في سنة 1015هجري "سعى .. عبدالله بن محمد بن أحمد القصيبي بالصلح بين الشريف محسن بن أبي نمي وأهل القصيب بعد أن فعل بهم الأفاعيل من حرق وقتل واستطاع .. القصيبي أن يردهم من حيث أتوا وكفى الله المؤمنين القتال".
كما يذكر البعض أن سبب التسمية بالقصيبي هو تصغير لمدينة القصب التي قدموا منها إلى مدينة حريملاء إلا أن المراجع التاريخية العائدة للقرن الحادي عشر والثاني عشر وأيضاً المخطوطات القديمة التي تحتفظ بها الأسرة، تفيد أن الأسرة عرفت بذات الاسم وحتى في تلك المدينة، بل وحتى قبل قدومهم إلى القصب مما ينفي تلك المقولة. ولا زال أهالي مدينة القصب يذكرون منزل القصيبي ومكانه وحي برزان المجاور للمسجد. كما يذكرون زيارة الشيخ إبراهيم بن حسن القصيبي لهم من ضمن قافلة حجاج قادمة من الأحساء ورؤياه منزل أجداده ومن ترحيبهم واحتفائهم فيه كما مع آل رشيدان الذين لا زالوا يتداول أفرادها قصص تلك الزيارة القديمة.
وتذكر الأسرة على الدوام جدهم الأكبر الشيخ عبدالله القصيبي كما يذكر الكتاب عن الأسرة أنه من قدم إلى مدينة حريملاء ولا يذكر عمله وأخباره وأسباب قدومه ولا زال المنزل القديم مملوكاً لأسرة القصيبي في مدينة حريملاء متيممين بمنابتهم النجدية ومن جذورهم التاريخية.
كما وجدنا خارج مدينة عنيزة في بلدة العوشزية مقبرة يطلق عليها بمقبرة القصيبي وشعيب على ضفافه يجري به الماء. ولا يعرف أهالي المنطقة سبب التسمية إلا أنه لعل أحدهم من بيت القصيبي مقبور بها وهي قديمة جداً وتأسست قبل بلدة العوشزية على حد قولهم.
وقد اشتهر في مدينة حريملاء من الأسرة الشاعر حسين بن محمد القصيبي والذي يذكره أهالي مدينة حريملاء في مساجلة شعرية مع شاعر الهجاء النبطي المعروف بحميدان الشويعر "حمد بن ناصر السياري" المتوفى عام 1188هـ. ومما يذكره أهالي مدينة حريملاء أنه كان لا يترك مدينة أو قرية إلا هجاها. وعند مجيئه إلى مدينة حريملاء تصدى له الشاعر حسين القصيبي في مساجلة بالعامية يبدأ مطلعها "شعري عليكم قاصعه" إلى أن قال له حميدان "لا يستوي في هالمدينة شاعرين". فحمى المدينة من قصائد حميدان الهجائية.
وقد ضاع أغلب شعر حسين القصيبي المروي حيث لم يدون. ويذكر أبناء حريملاء أنه كان له قصيدة طويلة فيها أكثر من ستون بيتاً كانت متداولة وتحفظ له. كما اشتهر بتلك المدينة عبدالله بن حسين القصيبي والذي عمل مع قاضي مدينة حريملاء في جمع الزكاة.
وكانت أعمال الأسرة التجارية آنذاك تجميع الحطب من نواحي المدينة وبيعه. كما توجد بعض الأوقاف القديمة التي لا زالت قائمة في المدينة لصالح صائمي مسجد راشد كما تشير أحد الوثائق القديمة المحفوظة لدى الأسرة. ومما يذكر أبناء حريملاء من القصص التي تروى بأن آل القصيبي في الأحساء خصصوا في الأزمنة القديمة وبعد رحيلهم من المدينة دوراً لإيواء الزائرين من مدينة حريملاء كما يذكر أحد المسنين من بيت آل سره ويتداولها أحفاده أنهم أول من أخذ القصيبي من حريملاء بجمالهم إلى الأحساء ليستقروا فيها.
وإثر سوء المعيشة والكساد الذي صاحب منطقة نجد اضطر بداية حمد بن أحمد القصيبي الرحيل مع أبناءه أحمد ومحمد إلى مدينة الجهراء في شمال الكويت. واستقر لاحقاً محمد في مدينة الزلفي متنقلاً في تجارته إلى مدينة حائل. وعاد لاحقاً ابنه حمد إلى الأحساء لفترة إلى أن استقر في منطقة جازان جنوب المملكة كأمير بداية لمدينة بيش ثم جزيرة فرسان ثم مدينة الشقيري حيث أسس أول مراكز حكومية بتلك المدن. وكان عمل أبناء أحمد وهم محمد وحمد وإبراهيم وسليمان وعبدالرحمن في تجارة المواشي والحبوب متنقلين بين البصرة والزبير، إلى أن عاد محمد وإبراهيم وحمد إلى مدينة الجبيل واشتروا مركباً لصيد اللؤلؤ ومزرعة كبيرة تعرف بطوي الشلب خارج الجبيل إلى أن انهارت أسعار اللؤلؤ فرحلوا إلى البحرين والأحساء ولحقوا أبناء عمومتهم الذين سبقوهم إليها. أما بشأن عبدالرحمن فقد استقر بالبصرة حيث كان له متجر بها. وكان لدى سليمان شغف بالخيول العربية قاده للذهاب إلى دولة عمان ومنها إلى مدينة بومباي بالهند حيث توفي بها.
وأول من قدم إلى منطقة الأحساء كما تذكره الأسرة محمد بن عبدالله القصيبي حيث توجه من مدينة حريملاء إلى جزيرة دارين حيث كان مقر تاجر اللؤلؤ الكبير والشهير في زمانه عبدالرحمن بن عيدان وعمل لديه لفترة من الزمن، وكان حينها يبحث عن من يفك الخط بمعنى بمن يكتب ويقرأ ولم يكونوا كثيرين في ذلك الوقت حيث كانت الأمية منتشرة. ومنها توجه إلى البحرين حيث عمل كاتباً في دكانه إلى أن تولى إدارته والبيع بالنسبة نظراً لحركته وما شاهده بن عيدان منه من إخلاص في العمل. ودأب يشتري المزارع في الأحساء مستقراً في النهاية مع إخوته في الأحساء إبراهيم وحسن بعد وفاة ابن عيدان. وتشير الوثائق العثمانية المؤرخة في عام 1308 هـ (1890) إلى شكوى قدمها أهالي وتجار الأحساء إلى الوالي العثماني يوجد عليها ختمه على أنه كان من كبار تجار المدينة، وقد عمل الإخوة في التجارة واستقدام البضائع من الهند عن طريق البحرين والتي كانت مركزاً تجارياً كبيراً للبضائع الواردة إلى الجزيرة العربية قادمة من الهند. ومما زادهم ثراء تأمين قوافل الجمال الحاملة لبضائعهم ويروي أحد أفراد أسرة القصيبي كيف أن إبراهيم القصيبي أعطى محصول التمر كاملاً مجاناً من أحد المزارع مقابل إرساله مرافقين حراساً لقوافله. كما يروي أبناء الأحساء أيضاً أن العثمانيين كانوا ينقلون الفضة والذهب ومرتبات العساكر التركية مقابل تحصيل نسبة منها مع جماميل القصيبي المؤمنة بالحراسة خشية سرقتها. وقد عملت الأسرة في تجارة اللؤلؤ في البحرين والقطيف من خلال شرائهم اللؤلؤ وبيعه في الأسواق العالمية أو من خلال قوارب الطواشة لتزويد سفن الغوص بالمؤن وشراء اللؤلؤ منهم قبل عودتهم وانتهاء الموسم كما مع أبناء حمد بن أحمد القصيبي وإخوته إبراهيم ومحمد في مدينة الجبيل الساحلية.
وكان لأسرة القصيبي دور كبير مع الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حيث كانت الأسرة وكلائه في الأحساء وتربطهم مع أبيه الإمام عبدالرحمن علاقة وطيدة إبان العهد العثماني وقبل استعادة الرياض للحكم السعودي وتروي الأسرة كيف أن الملك عبدالعزيز أُصيب في أحد غزواته بالقرب من قارة في الأحساء وكيف أنه عُولج وتطبب لديها وأقام لمدة ثلاثة أشهر قبل عودته للرياض للتجهيز لاستعادة حكم الأحساء وجلاء العثمانيين عنها. كما كان لأسرة القصيبي دور كبير في فتح الأحساء من تأمين المؤن والإقامة قبل الشروع في الاستيلاء على المقر العثماني وقد شارك إبراهيم بن حسن القصيبي في المعركة ذاتها مخبئاً نفسه بالرمال ليلاً مع الأمير بن جلوي وآخرين متسلقين السور تحت وابل الرصاص من الجند العثماني لفتح الباب إثر قدوم الملك عبدالعزيز مع ركابه. وقام إبراهيم القصيبي بالتفاوض مع العثمانيين مضحياً بنفسه فداء للملك عبدالعزيز آل سعود كما تذكر الأسرة حيث خشي الناس قتل الباشا . وقد ذكرت الوثائق البريطانية أن الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه حزن حزناً كبيراً لوفاة إبراهيم بن حسن القصيبي وقد استمرت الأسرة تمارس أدواراً متعددة منها سياسية ومنها دبلوماسية ومنها عسكرية الطابع وتموينية وكذلك استشارية لتساهم بدورها داعمة للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وتقدم الغالي والنفيس تجاه مليكها وأبنائه.

أما الشخصيات التي تناولها الكتاب فهي:
الوجيه عبدالعزيز بن حسن بن عبدالله بن حسين القصيبي.
الوجيه عبد الرحمن بن حسن بن عبد الله بن حسين القصيبي.
الوجيه عبدالله بن حسن بن عبد الله بن حسين القصيبي.
الوجيه حسن بن إبراهيم بن عبدالله بن حسين القصيبي.
الوجيه سعد بن إبراهيم بن عبدالله بن حسين القصيبي.
الوزير الدكتور غازي بن عبدالرحمن بن حسن بن عبدالله بن حسين القصيبي.
الوجيه حمد بن أحمد بن حمد بن أحمد بن محمد القصيبي.
الوجيه أحمد بن حمد بن أحمد بن حمد بن أحمد بن محمد القصيبي.
الوجيه عبدالعزيز بن حمد بن أحمد بن حمد بن أحمد بن محمد القصيبي.
الوجيه سليمان بن حمد بن أحمد بن حمد بن أحمد بن محمد القصيبي.
الوجيه عبدالعزيز بن حمد بن أحمد بن حمد بن أحمد بن محمد القصيبي.
الوجيه سعود بن عبدالعزيز القصيبي
الوجيه حمد بن محمد بن حمد القصيبي.
الوجيه خالد بن حمد بن محمد القصيبي.
الوجيه عبدالعزيز بن حمد بن محمد القصيبي.


الكتاب صدر مؤخراً ويباع في المكتبة الوطنية ومكتبة الأيام بشارع المعارض المنامة البحرين ويحتوي الكتاب على سيرة شخصيات من الأسرة كما يحتوي على مشجرة للأسرة وفيلم وثائقي عن تاريخ الأسرة وتنقلاتها وبعض إنجازاتها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...