نص
تاريخي جديد ومهم جداً
يحتمل
أنه يشير إلى قبيلة "بني ياس" عام 1675
يكشف عنه لأول مرة
بقلم الباحث
بشار بن يوسف الحادي
مملكة البحرين
أقدم خريطة تشير
إلى بني ياس وهي مؤرخة عام 1559
أقدم
إشارة وردت عن قبيلة بني ياس فيما نعلم هي الإشارة التي وردت في خريطة للعالم
مرسومة على شكل قلب مأخوذة من خريطة منحوتة على خشب أعدها الرسام كستانلي سنة
1559م وتم ترجمتها إلى اللغة التركية، حيث تبين بها ذكر منطقة ليوا باسمها السابق،
إضافة إلى ذكر اسم "ياس عرب" لأول مرة، وفي عام 1580، ذكر الرحالة
البندقي، غاسبارو بالبي وصفاً لمنطقة الخليج العربي، والساحل الخليجي من قطر إلى
رأس الخيمة، بالإضافة إلى القلعة البرتغالية في منطقة كلباء. وكان لهذا التاجر
اهتمام شديد بتجارة اللؤلؤ، مما أدى به إلى الوصول إلى جزيرة صير بني ياس أو (Sirbeniast) كما
ذكر في مخطوطاته. والنتيجة من هذه الكشوفات
أن تواجد قبيلة بني ياس في هذه المنطقة يعود إلى أقدم من هذا التاريخ 1559 بكثير.
الصفحة الأولى من كتاب الرحالة
البندقي غاسبارو بالبي
أما الكشف الجديد والذي وقفت عليه - بحمد الله - فهو أنه
في عام 1086هـ الموافق 1675 أرسل شيخ بني ياس - فيما يظهر - مجموعة من كبار أتباعه
إلى الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، والإمام
المتوكل على الله إسماعيل
بن القاسم بن محمد كان إماماً يمنياًحكم
في الفترة من عام 1644 وحتى العام 1676، وخلال عهده تمكنت القبائل اليمنية من طرد العثمانيين من عدن عام 1644 والسيطرة
على ظفار وحضرموت عام 1654 ، وفي
تاريخ 1086/6/1 هجري الموافق 1675/8/23 وصل الوفد إلى الإمام اليمني وتم وصف المكان
الذي قدم منه الوفد بأنه "من أطراف بلاد عُمان من المشرق على مطايا"
، ويصف هذا النص التاريخي المهم موقع هذه الجماعة بأنها أولاً "من أطراف
بلاد عمان" أي أنها على أطراف الحدود العمانية وليست داخلة فيها، ولا
يوجد لبلاد عمان أطراف من الجهة الشرقية إلا البحر، أما الجماعة المذكورة فهي
تتواجد غرب بلاد عُمان، ثم يصفها النص التاريخي وصفاً آخر بأنها "من
المشرق" وهذه اللفظة تذكرني بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول
فيه "أَتَاكُمْ وَفْدُ عَبْدِ
الْقَيْسِ خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ" والذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، ومعلوم أن وفد
عبدالقيس كان يسكن بنواحي إقليم البحرين قديماً، والذي يمتد من جنوب البصرة حتى
عمان لكن وصفت هذه المنطقة التي أتى منها الوفد بأنها من أطراف بلاد عمان فإذن
أقرب شيء إلى هذا الوصف هو "الظفرة" و"بينونة" التي وصفها
ياقوت الحموي في "معجم البلدان" بقوله: "بينونة
بزيادة الهاء موضع سمي بالمصدر من قولهم بان يبين بينونة إذا بعد وهو موضع بين عُمان
والبحرين وبينه وبين البحرين ستون فرسخاً قاله أبو علي الفسوي النحوي" .
خريطة للخليج العربي رسمها الرحالة كارستن نيبور وتشير إلى تواجد
"قبيلة بني ياس" بين
عمان وقطر عام 1761
خريطة
عثمانية تشير إلى بني ياس ومناطق نفوذهم بين عُمان وقطر
أما
الهدف من زيارة هذا الوفد إلى إمام اليمن فهو أنهم: "أخبروا الإمام أن سبب وصولهم إليه هذه الأيام أنهم كانوا
في سالف الزمان مستقلون في بلادهم، وأنهم مشائخ على أصحابهم، ثم إن صاحب عُمان
طالت يده إليهم، وقهرهم وتسلم منهم وعشرهم" معنى النص أن الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي ثاني
الأئمة من دولة اليعاربة والذي تولى الإمامة سنة 1050 الموافق
1640، ومات على أرجح الأقوال سنة 1091هـ/1680. بعد أن انتهى من معاركه
مع البرتغاليين قام وهدد هذه القبيلة الكبيرة - وهي قبيلة بني ياس فيما نعتقد - بالتبعية
له، وبدفع العُشر من أموالهم، "وهم مستقلون طوال أعمارهم" كما وصفوا
أنفسهم في النص التاريخي السالف، كما أنهم "شيوخ على جماعتهم" فكان
الهدف من زيارتهم كما يذكر النص التاريخي: "وأنهم يريدون الإعانة على تقوية بلادهم ومنعها منهم".
أي أن الوفد الذي قدم من تلك النواحي وهي أطراف بلاد عُمان ونرجح أنه من بني ياس أكبر
قبائل تلك النواحي يريد الإعانة من الإمام المتوكل
على الله إسماعيل
بن القاسم بن محمد إمام اليمن على ردع إمام عمان سلطان بن سيف اليعربي، وربما أنه مما شجعهم على ذلك
أن إمام اليمن المتوكل على الله قد سيطر على نواحي ظفار، فكان لدى شيوخ هذه
القبيلة الأمل في نصرتهم من قبل إمام اليمن وإعادة استقلالهم عن إمام عُمان كما
كانوا في سالف الزمان، وإبعاد يد إمام عُمان عنهم، ونكمل النص التاريخي الذي يقول:
"فما زال يواعدهم ويماطلهم، لأن هذه البلاد نائية ولا مصلحة فيها ولا عائدة،
لا تصلح إلا للبدوان، ومن قرب إليهم كصاحب عُمان. فأما صاحب اليمن فبينه وبينهم
مقاطع ومسافات، لا تقوم بالنفقات" وهنا يفسر النص التاريخي أن إمام اليمن
المتوكل على الله لم يستجب لطلب الوفد الياسي وأخذ يماطله حيث إن محاربة
إمام عُمان فيها من المشقة وكثرة النفقات الكثير، ولا فائدة ترجى منها خصوصاً مع بُعد
المسافة وفقر تلك النواحي ويختم النص التاريخي بقوله: "وكان وصول هؤلاء
المذكورين بأول شهر جمادى الآخرة 1086/6/1هجري الموافق 1675/8/23م) "
انتهى. هذا هو النص التاريخي والذي أعتقد أنه يكشف عنه لأول مرة أضعه بين أيديكم إخوتي القراء الكرام وأتمنى أن يحوز
على رضاكم وإن كان من ملاحظة أو استفسار فأرجو التكرم بالتواصل معي مباشرة على
البريد الإلكتروني:
منطقة نفوذ "بني ياس"
قديماً على أطراف عُمان كما ورد في النص التاريخي
وكما يظهر من خلال هذه الخريطة
المصادر والمراجع:
1-خريطة عثمانية تشير إلى
قبيلة بني ياس، نشرها د. زكريا كورشون.
2-معجم البلدان، ياقوت
الحموي.
3-صحيح الإمام مسلم.
4-مقال بعنوان : توزيع
القوى الاقليمية في الخليج كما جاء في خريطة الرحالة نيبور بقلم الباحث د. جلال
الهارون الأنصاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق