السبت، 21 يوليو 2012

رقمنة نصف مليون صفحة من الأرشيف البريطاني

أعلنت، أمس، مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع توقيعها شراكة طموحة مع المكتبة البريطانية، وذلك إيذانًا بإطلاق مشروع معرفيٍ رائد يهدف إلى رقمنة أكثر من نصف مليون صفحة من سجلات الأرشيف البريطاني والتي من شأنها أن تلقي بمزيد من الضوء على تاريخ منطقة الشرق الأوسط والخليج، وتعمق الفهم بالعلاقة التاريخية للمنطقة مع بريطانيا وغيرها من دول العالم. وقد جرى الإعلان عن هذا المشروع الرائد في المبنى الرئيس للمكتبة البريطانية في سانت بانكراس بلندن، والذي سيتم بمقتضاه رقمنة ما يزيد على 500.000 صفحة من مواد الأرشيف المستخرجة من سجلات مكتب الهند، و25.000 صفحة من المخطوطات العربية التي يرجع تاريخها إلى القرون الوسطى وإتاحتها للجمهور على شبكة الإنترنت. ويتم تنفيذ المشروع في المكتبة البريطانية بالتعاون الوثيق مع مكتبة قطر الوطنية الجديدة والتابعة لمؤسسة قطر، وسيستغرق تنفيذ المشروع وتحميله على شبكة الإنترنت ثلاث سنوات. وبمجرد أن يتم إطلاق الموقع الإلكتروني الخاص بذلك فسوف تصبح الفرصة متاحة أمام متصفحيه لإضافة رواياتهم الخاصة ذات الصلة بمنطقة الخليج، كما سيمكنهم المساهمة في جمع البيانات، عن طريق تبادل الذكريات والصور الفوتوغرافية القديمة، أو من خلال قصص نقلت عن أجدادهم، حيث سيتم إضافة عناصر تاريخية من الذاكرة الشخصية إلى الأرشيف. وتتضمن سجلات مكتب الهند، التي يرجع تاريخها إلى الفترة من منتصف القرن الثامن عشر وحتى العام 1947، ثروة من المعلومات والرسوم البيانية التي ترصد بدقة الحياة اليومية للسكان والأماكن والعلاقات الثقافية وحركة التجارة والجمارك في منطقة الخليج في تلك الحقبة، كما ستوفر المعاجم الجغرافية التي تعود إلى مطلع القرن العشرين، والتي كانت في الأصل وثائق سرية ومخصصة لكبار الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين، كنزاً من المعلومات الأساسية التي توضح الأهمية الاستراتيجية والتجارية القصوى لمنطقة الخليج بالنسبة إلى الدول الأوروبية بما فيها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والتي كانت ذات أثر ملحوظ في المنطقة في ذلك الوقت. وسيتيح هذا المشروع الضخم للباحثين في جميع أنحاء العالم، وعقب رقمنة المواد وتحميلها على الموقع المخصص لها على شبكة الإنترنت، معرفة الأسماء والأماكن والأحداث التاريخية للمنطقة عبر البحث على شبكة الإنترنت، وذلك بعد أن كانت معرفة هذه المعلومات تتطلب من الباحثين وغيرهم زيارة قاعات المطالعة في المكتبة البريطانية في لندن، وهو الأسلوب السائد حتى الآن. كما يمتد المشروع ليشمل أيضًا رقمنة آلاف المخطوطات العربية التي تعود إلى العصور الوسطى والتي تدل على أهمية مساهمات العلماء المسلمين في مجالات العلوم والطب والرياضيات والهندسة. وتعليقًا على هذه الشراكة، قالت السيدة لين بريندلي، الرئيس التنفيذي في المكتبة البريطانية،: «إن سجلات مكتب الهند التي تحتفظ بها المكتبة البريطانية، تضم سجلات من أغنى مصادر المواد التاريخية المتعلقة بمنطقة الخليج على مستوى العالم»، وستكون هذه السجلات من بين هذه المواد المرقمة. وأضافت: «نحن فخورون بهذه الشراكة مع مؤسسة قطر، والتي يمكن من خلالها لأي شخص لديه اتصال بشبكة الإنترنت، الحصول على هذا الكنز المليء بالمعلومات، والذي يلقي الضوء على العديد من الموضوعات المتنوعة، مثل الأحوال السياسية للقبائل في المنطقة وعلم الفلك في العصور الوسطى وتاريخ العائلات». وسوف يوفر المشروع 43 فرصة عمل جديدة، فضلاً عن إشراك فريق عمل مكون من أكثر من 30 موظفًا في المكتبة الحالية. وأوضحت السيدة بريندلي: «بفضل رؤية مؤسسة قطر، فإننا نتطلع إلى إطلاق المحتوى الغني والمثير الموجود في سجلات موادنا الأرشيفية، مما يجعل المزيد من هذه الوثائق الفريدة متاحة على شبكة الإنترنت، ويمنح الباحثين في جميع أنحاء العالم فرصة غير مسبوقة ليستكشفوا بأنفسهم المخطوطات الأولى لقرون من تاريخ الخليج العربي». وقال سعادة السيد إد فيزي، وزير الاتصالات والثقافة والصناعات الإبداعية البريطاني،: «لقد باشرت المكتبة البريطانية ومؤسسة قطر العمل على هذا المشروع العظيم والذي ستثبت فائدته البالغة للجميع لدى اكتمال عملية ترقيم المخطوطات، وإنه لمن المثير للإعجاب أن نعلم أن هذا الكم الهائل من المعلومات والذي يوضح خطوط العلاقة بين بريطانيا ومنطقة الشرق الأوسط سيصبح متاحًا للجمهور بشكل مطلق وإني لأثمن هذه الشراكة الطموحة». كما صرح سعادة السيد خالد المنصوري، سفير دولة قطر لدى المملكة المتحدة، قائلاً: «إن هذه الشراكة والتي ستزيد من معرفة أهل الخليج بمنطقتهم لا تقدر بثمن، فهذا الكم الهائل من المعلومات والذي سيتاح على شبكة المعلومات الدولية سيثري الدراسات والبحوث والكتب الدراسية التي تبحث في تاريخ الخليج والمنطقة، إن ذلك المشروع من شأنه أن يغير من مفاهيم الكثيرين حول العالم». وقالت الدكتورة كلوديا لوكس، مديرة مكتبة قطر الوطنية،: «ليس هناك شك في أن سجلات مكتب الهند في المكتبة البريطانية تمتلك واحدًا من أقسام الأرشيف الرائدة في العالم بما يحويه من معلومات ذات صلة بمنطقة الخليج، ومكتبة قطر الوطنية فخورة جدًا بالعمل جنبًا إلى جنب مع المكتبة البريطانية في تطوير الأرشيف الرقمي الأول في المنطقة». هذا ومن المتوقع افتتاح مكتبة قطر الوطنية في العام 2014، وسوف تقدم مجموعة واسعة من المعلومات والبيانات المطبوعة والرقمية لسكان دولة قطر، كما ستعمل المكتبة على إتاحة مواد من ثقافات العالم على شبكة الإنترنت بعدة لغات، وتعمل حاليًا على تطوير قدرتها على رقمنة العديد من الوثائق المهمة. وتهدف المكتبة الوطنية إلى نشر المعرفة، والتحليق في فضاء الخيال وخلق روح الإبداع والحفاظ على تراث الأمة من أجل المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...