إعداد : ظاهر الشاهر
• «عبدالله جمعدار» البلوشي.. أول رئيس للنواطير
• للبلدية الدور الكامل في تعيين الحراس وتصريف شؤونهم
• التسلح بعصى فقط نظراً لبساطة الحياة
• المسروقات مسؤولية رئيس الحرس.. يغرمها في حالة السرقة
• «صاحي» للتأكد من الإنتباه
• استقال سليمان الفاضل وعين بن خزام حتى تقاعد
في الماضي لم يكن هناك نظام شرطة للمحافظة على الامن.. فالأمن بطبيعة الحال مستتب اصلا في ارجاء البلاد، الا انه في عهد الشيخ مبارك الصباح كثرت الاسواق، بسبب الرخاء التجاري، واصبح من الحاجة استحداث نظام حراسة الاسواق عرف بالنواطير، واصبح رئيس النواطير رجلا يدعى «عبدالله جمعدار» من البلوش، حيث كان جميع الحراس من البلوش، لا يتجاوز عددهم عشرين حارسا.
اقفال احتياطية
كانت مهمتهم تبدأ عند حلول المساء.. يطوفون على المتاجر والمحال داخل السوق والتأكد من احكام اقفالها، فان وجدت الاقفال غير محكمة او غير سليمة، يضعون اقفالا تحمل معهم احتياطيا، ويستمرون بالتجول بالاسواق حتى الفجر.
حي البلوش
وفي اواخر عهد المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح، اعفي عبدالله جمعدار من منصبه، ومنحه الشيخ هو وجماعته أرضا كبيرة مسورة في أقصى حي الشرق للسكن فيها سميت فيما بعد «حي البلوش».
صباح بن دعيج
تولى الشيخ صباح بن دعيج مهمة رئاسة الحرس، وقد ارتبطت باسمه حتى سمي «صباح السوق» وكان ذلك عام 1917م، كان يقظا صارما سريع الملاحظة عصبي المزاج، يرسل دوريات الحرس ويحل المشكلات، ما ان يسمع بنبأ حادثة او سرقة حتى يثور ويغضب، ويذهب بنفسه على رأس مجموعة من رجاله لاقتفاء اثر السارق او اي كان فاعل الجرم والبحث عنه، ولا يهدأ له بال حتى يكشف عن الجاني، غير معتمد الا على نفسه في مثل هذه المهام.
سرعة الملاحظة
كان يجوب المدينة من جميع اطرافها كل ليلة حتى الصباح مشيا على الاقدام، وقد بلغ من سرعة ملاحظته ان سأله الشيخ سالم المبارك الصباح، مرة بقوله.. أين كنت ليلة البارحة؟
- فأجابه على الفور: كنت معه، ياطويل العمر، لم أتركه حتى نام..
ويقصد به طفلا ما، كان يصيح في بيت من البيوت!!..
العصى
كان مقر رئاسة الحرس وسط المدينة، وهو بيت صغير مؤجر يجتمع به الحرس ثم يعاد توزيعهم على الاسواق، وقد كانوا يتسلحون بالعصى نظرا الى بساطة الحياة، وعدم الحاجة الى حمل سلاح كالبندقية مثلا او المسدس.
شيخوخة
وقد اشتهر صباح بن دعيج خاصة في اوائل توليه منصب رئاسة الحرس بالرقابة الساهرة والحذر مما ساعد على استتاب الامن في البلاد، ولكن بعد خدمة قاربت ربع قرن، بدأت الشيخوخة تؤثر على ادائه، وأدى ذلك الى التراخي مما نتج عنه حالات اختلال الامن، وازدياد السرقات.
حرس البلدية
وفي عام 1930م وعند انشاء بلدية الكويت، بحث المجلس البلدي حالة الامن والانفلات الامني، ووضع حلولا لاستتاب الامن، وبالفعل تم التعاون مع الشيخ صباح بن دعيج، فكانت البلدية تقوم بارسال اسماء الدوريات للشيخ صباح بن دعيج الذي يقوم بنشرهم في الاسواق ولابد من ذكر ملاحظة مهمة وهي ان «صباح السوق» عندما بدأ العمل كان لديه عدد من الحراس واستمروا بالعمل حتى مع حرس البلدية.
ربع قرن
واستمر التعاون مابين الشيخ صباح بن دعيج والبلدية حتى عام 1938 عندما شكل مجلس شورى «المجلس التشريعي» الذي تصدى لمهمة الامن التي تعد ناحية مهمة من نواحي الحياة العامة والاستقرار في البلاد هنا فصل موضوع الحراسة عن الامن وانهى خدمات الشيخ صباح بن دعيج لكبر سنه واستيفائه مدة الخدمة المقررة التي بلغت ربع قرن تقريبا
سليمان الفاضل
اسندت رئاسة الحرس بعد ذلك الى سليمان الفاضل ابن اخ الشيخ صباح بن دعيج ثم انيطت مهمة الحراسة بالمجلس البلدي واصبح للبلدية الدور الكامل في تعيين الحراس وتوزيعهم وتصريف شؤونهم وقامت باصدار القرارات التي تنظم الحراسة وشؤون الاسواق وحدد المجلس البلدي بعض مسؤوليات رئيس الحرس فالسرقات التي تحدث ليلا في الاسواق وقبل الظهر بساعة حتى العصر هي مسؤولية رئيس الحرس وسوف يغرم رئيس الحرس ثمن المسروقات.
عبدالله بن خزام
استمر سليمان الفاضل في مهام عمله الا انه قدم استقالته عام 1943 وقبلها المجلس البلدي وعين بدلا منه عبدالله بن خزام الذي كان مساعدا للشيخ صباح بن دعيج في مهمة رئاسة الحرس مما اكسبه في ذلك خبرة طويلة هيأته لتولي المنصب ومكث في منصبه هذا حتى عام 1959 ثم احيل الى التقاعد.
دورية الليل
اطلقت تسمية «نواطير السوق» على حرس الاسواق في أول الامر وكانت مهمتهم الاساسية حراسة الاسواق والمحافظة على الناس وحماية الاموال والاداب ومراقبة السلوك العام وايضا مراقبة المقاهي وخصصت مجموعة من هؤلاء الحرس لحراسة الساحل وتسمى «دورية الليل».
غرامة
حرصت البلدية على تطبيق القانون وشرعت في معاقبة المخالفين حتى انها فرضت غرامة قدرها عشر روبيات على كل من يهمل وينسى دكانه دون قفل محكم.
«صاحي»
أما طريقة عمل الحراس في السوق فقد خصص لكل سوق اربعة حراس ولتلاصق الاسواق وصغر حجم المدينة خصص حارسان عند اول السوق وآخران عند اخر السوق ووضع صندوق خشبي لكل حارسين توضع به الأواني وبعض الملابس والسلاح واشياء اخرى يحتاجونها ويحمل الحراس مصباحا يدويا لعدم وجود الكهرباء للانارة وكانوا يخاطبون بعضهم بكلمة «صاحي» للتأكد من الانتباه، ثم اعطي الحراس فيما بعد اجراسا للانتباه والتعارف فيما بينهم خصوصا في نوبة الليل.
ثقة متبادلة
اهتمت البلدية بأحوال الحرس وكانت بين فترة واخرى تزيد رواتبهم التي تتراوح مابين 5-8 روبيات ونظرا الى بساطة الحياة لم تكن هناك قضايا كبيرة معقدة ذلك بسبب صغر المدينة والثقة المتبادلة والتمسك بالدين، فما ان يحصل اي نزاع حتى ينتهي بالصلح سريعا ولقد كان من السهل القبض على المجرمين لصغر المدينة ومعرفة السكان بعضهم بعضا، بالاضافة الى ان البلد محاط بسور يصعب على الجاني الهروب منه خصوصا مع وجود الحرس على بوابات السور وهم ما يسمى بـ«الفداوية».
زي تقليدي
لم يكن لهؤلاء الحرس زي معين سوى الزي التقليدي للبلاد «الدشداشة والغترة والعقال» ولا وجود لشعار الدولة، وقد ظهر الزي الخاص والشعار والتسلح ببندقية فيما بعد نظرا الى الحاجة لتمييز هؤلاء الحرس بزي خاص بعد ازدياد السكان واتساع المدينة.
ملاحظة
وهنا يلاحظ انه لم تكن هناك حتى ذلك الوقت قوة للشرطة بالشكل الذي نعنيه ولكن يوجد الحرس الشخصي للشيخ وخدمة ثم الفداوية، وان الحراس الليليين وهم حراس الاسواق يتبعون البلدية وهي الجهة المسؤولة عنهم.
المصادر: من هنا بدأت الكويت.. تاريخ الشرطة في الكويت
في دكان الدبس حتى الصباح
كان صباح بن دعيج كله عين ساهرة، لا يكل ولا يمل، فالحراس يحرسون الاسواق، اما هو فانه يحرس المدينة والاسواق، واذا صادف ليلا من يشتبه به، احاله فورا الى «دكان الدبس» وعند الصباح يحقق معه، فان كان ممن يشتبه بهم اتخذ معه الاجراءات اللازمة، والا اطلق سراحه على ان لا يعود الى دكان الدبس مرة اخرى.
بايق البوقة
سطا احد اللصوص على بيت «احمد بن علي بن شملان» وتمكن من فتح ثغرة تحت حائط احدى غرف البيت، ونفذ منها الى الداخل، وما ان احس به اهل الدار حتى لاذ بالفرار مع مسروقاته، التي لفها بسجادة.
علم «صباح بن دعيج» بالحادث، فقام على الفور بالتحقيق والبحث عن السارق، وبينما هو كذلك، لاحظ بعض الصبية طرف سجادة تحت احد التوانكي الخشبية، فاخبروا «صباح الدعيج» الذي وجد المسروقات المخبأة داخل السجادة.
وفي منتصف الليل اتى اللص وهو في غاية الاطمئنان الى التانكي محاولا قلبه لاخذ المسروقات، واذا به يفاجأ برجال «صباح» وقد احاطوا به من كل جانب واعيدت المسروقات الى اهلها دون نقصان، اما السارق فقد نال جزاءه.. وطاف به الخدام في اسواق المدينة وخلفه جمهور غفير من الناس وهم ينادون بصوت واحد.. «بايق له بوقة مهدلي» ومهدلي هذا عريق في اللصوصية والاجرام.. وهو ايراني الجنسية.
رسائل الحوادث من المعتمد البريطاني
كانت هناك رسائل ترد من المعتمد البريطاني بين الحين والاخر الى الشيخ احمد الجابر الصباح ينبئه فيها بحوادث سرقة تعرض لها افراد غير كويتيين ويطالب بالتحقيق بشأنها، والشيخ احمد الجابر يقوم بدوره بإحالة مضمونها الى الشيخ صباح بن دعيج.
وقد يستغرب البعض انه كيف يكون المعتمد البريطاني اول العارفين بوقوع مثل هذه الحوادث؟
والجواب: ان هناك بين الافراد غير الكويتيين من يذهب الى المعتمد على اعتبار ان حكومة بريطانيا هي الدولة المسؤولة عنهم وعن حماية مصالحهم خارج بلادهم لوقوع المنطقة تحت النفود الانجليزي.. وليس الدافع لهم الى ذلك هو عدم الثقة بالحكومة المحلية، وانما القصد هو اطلاع المعتمد فقط.. كما هو مدون في جوازات سفرهم.
وفاة بن دعيج
في عام 1973م، انتقل الى جوار ربه مدير حرس الكويت الاسبق، الشيخ صباح بن دعيج، عن عمر ناهز المئة، وقد كان مثالا للتفاني والحزم والاخلاص في مهنته، فلا اقل من الاعتراف بأعماله الطيبة التي لاتزال ماثلة في اذهان من عاصروه.
• «عبدالله جمعدار» البلوشي.. أول رئيس للنواطير
• للبلدية الدور الكامل في تعيين الحراس وتصريف شؤونهم
• التسلح بعصى فقط نظراً لبساطة الحياة
• المسروقات مسؤولية رئيس الحرس.. يغرمها في حالة السرقة
• «صاحي» للتأكد من الإنتباه
• استقال سليمان الفاضل وعين بن خزام حتى تقاعد
في الماضي لم يكن هناك نظام شرطة للمحافظة على الامن.. فالأمن بطبيعة الحال مستتب اصلا في ارجاء البلاد، الا انه في عهد الشيخ مبارك الصباح كثرت الاسواق، بسبب الرخاء التجاري، واصبح من الحاجة استحداث نظام حراسة الاسواق عرف بالنواطير، واصبح رئيس النواطير رجلا يدعى «عبدالله جمعدار» من البلوش، حيث كان جميع الحراس من البلوش، لا يتجاوز عددهم عشرين حارسا.
اقفال احتياطية
كانت مهمتهم تبدأ عند حلول المساء.. يطوفون على المتاجر والمحال داخل السوق والتأكد من احكام اقفالها، فان وجدت الاقفال غير محكمة او غير سليمة، يضعون اقفالا تحمل معهم احتياطيا، ويستمرون بالتجول بالاسواق حتى الفجر.
حي البلوش
وفي اواخر عهد المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح، اعفي عبدالله جمعدار من منصبه، ومنحه الشيخ هو وجماعته أرضا كبيرة مسورة في أقصى حي الشرق للسكن فيها سميت فيما بعد «حي البلوش».
صباح بن دعيج
تولى الشيخ صباح بن دعيج مهمة رئاسة الحرس، وقد ارتبطت باسمه حتى سمي «صباح السوق» وكان ذلك عام 1917م، كان يقظا صارما سريع الملاحظة عصبي المزاج، يرسل دوريات الحرس ويحل المشكلات، ما ان يسمع بنبأ حادثة او سرقة حتى يثور ويغضب، ويذهب بنفسه على رأس مجموعة من رجاله لاقتفاء اثر السارق او اي كان فاعل الجرم والبحث عنه، ولا يهدأ له بال حتى يكشف عن الجاني، غير معتمد الا على نفسه في مثل هذه المهام.
سرعة الملاحظة
كان يجوب المدينة من جميع اطرافها كل ليلة حتى الصباح مشيا على الاقدام، وقد بلغ من سرعة ملاحظته ان سأله الشيخ سالم المبارك الصباح، مرة بقوله.. أين كنت ليلة البارحة؟
- فأجابه على الفور: كنت معه، ياطويل العمر، لم أتركه حتى نام..
ويقصد به طفلا ما، كان يصيح في بيت من البيوت!!..
العصى
كان مقر رئاسة الحرس وسط المدينة، وهو بيت صغير مؤجر يجتمع به الحرس ثم يعاد توزيعهم على الاسواق، وقد كانوا يتسلحون بالعصى نظرا الى بساطة الحياة، وعدم الحاجة الى حمل سلاح كالبندقية مثلا او المسدس.
شيخوخة
وقد اشتهر صباح بن دعيج خاصة في اوائل توليه منصب رئاسة الحرس بالرقابة الساهرة والحذر مما ساعد على استتاب الامن في البلاد، ولكن بعد خدمة قاربت ربع قرن، بدأت الشيخوخة تؤثر على ادائه، وأدى ذلك الى التراخي مما نتج عنه حالات اختلال الامن، وازدياد السرقات.
حرس البلدية
وفي عام 1930م وعند انشاء بلدية الكويت، بحث المجلس البلدي حالة الامن والانفلات الامني، ووضع حلولا لاستتاب الامن، وبالفعل تم التعاون مع الشيخ صباح بن دعيج، فكانت البلدية تقوم بارسال اسماء الدوريات للشيخ صباح بن دعيج الذي يقوم بنشرهم في الاسواق ولابد من ذكر ملاحظة مهمة وهي ان «صباح السوق» عندما بدأ العمل كان لديه عدد من الحراس واستمروا بالعمل حتى مع حرس البلدية.
ربع قرن
واستمر التعاون مابين الشيخ صباح بن دعيج والبلدية حتى عام 1938 عندما شكل مجلس شورى «المجلس التشريعي» الذي تصدى لمهمة الامن التي تعد ناحية مهمة من نواحي الحياة العامة والاستقرار في البلاد هنا فصل موضوع الحراسة عن الامن وانهى خدمات الشيخ صباح بن دعيج لكبر سنه واستيفائه مدة الخدمة المقررة التي بلغت ربع قرن تقريبا
سليمان الفاضل
اسندت رئاسة الحرس بعد ذلك الى سليمان الفاضل ابن اخ الشيخ صباح بن دعيج ثم انيطت مهمة الحراسة بالمجلس البلدي واصبح للبلدية الدور الكامل في تعيين الحراس وتوزيعهم وتصريف شؤونهم وقامت باصدار القرارات التي تنظم الحراسة وشؤون الاسواق وحدد المجلس البلدي بعض مسؤوليات رئيس الحرس فالسرقات التي تحدث ليلا في الاسواق وقبل الظهر بساعة حتى العصر هي مسؤولية رئيس الحرس وسوف يغرم رئيس الحرس ثمن المسروقات.
عبدالله بن خزام
استمر سليمان الفاضل في مهام عمله الا انه قدم استقالته عام 1943 وقبلها المجلس البلدي وعين بدلا منه عبدالله بن خزام الذي كان مساعدا للشيخ صباح بن دعيج في مهمة رئاسة الحرس مما اكسبه في ذلك خبرة طويلة هيأته لتولي المنصب ومكث في منصبه هذا حتى عام 1959 ثم احيل الى التقاعد.
دورية الليل
اطلقت تسمية «نواطير السوق» على حرس الاسواق في أول الامر وكانت مهمتهم الاساسية حراسة الاسواق والمحافظة على الناس وحماية الاموال والاداب ومراقبة السلوك العام وايضا مراقبة المقاهي وخصصت مجموعة من هؤلاء الحرس لحراسة الساحل وتسمى «دورية الليل».
غرامة
حرصت البلدية على تطبيق القانون وشرعت في معاقبة المخالفين حتى انها فرضت غرامة قدرها عشر روبيات على كل من يهمل وينسى دكانه دون قفل محكم.
«صاحي»
أما طريقة عمل الحراس في السوق فقد خصص لكل سوق اربعة حراس ولتلاصق الاسواق وصغر حجم المدينة خصص حارسان عند اول السوق وآخران عند اخر السوق ووضع صندوق خشبي لكل حارسين توضع به الأواني وبعض الملابس والسلاح واشياء اخرى يحتاجونها ويحمل الحراس مصباحا يدويا لعدم وجود الكهرباء للانارة وكانوا يخاطبون بعضهم بكلمة «صاحي» للتأكد من الانتباه، ثم اعطي الحراس فيما بعد اجراسا للانتباه والتعارف فيما بينهم خصوصا في نوبة الليل.
ثقة متبادلة
اهتمت البلدية بأحوال الحرس وكانت بين فترة واخرى تزيد رواتبهم التي تتراوح مابين 5-8 روبيات ونظرا الى بساطة الحياة لم تكن هناك قضايا كبيرة معقدة ذلك بسبب صغر المدينة والثقة المتبادلة والتمسك بالدين، فما ان يحصل اي نزاع حتى ينتهي بالصلح سريعا ولقد كان من السهل القبض على المجرمين لصغر المدينة ومعرفة السكان بعضهم بعضا، بالاضافة الى ان البلد محاط بسور يصعب على الجاني الهروب منه خصوصا مع وجود الحرس على بوابات السور وهم ما يسمى بـ«الفداوية».
زي تقليدي
لم يكن لهؤلاء الحرس زي معين سوى الزي التقليدي للبلاد «الدشداشة والغترة والعقال» ولا وجود لشعار الدولة، وقد ظهر الزي الخاص والشعار والتسلح ببندقية فيما بعد نظرا الى الحاجة لتمييز هؤلاء الحرس بزي خاص بعد ازدياد السكان واتساع المدينة.
ملاحظة
وهنا يلاحظ انه لم تكن هناك حتى ذلك الوقت قوة للشرطة بالشكل الذي نعنيه ولكن يوجد الحرس الشخصي للشيخ وخدمة ثم الفداوية، وان الحراس الليليين وهم حراس الاسواق يتبعون البلدية وهي الجهة المسؤولة عنهم.
المصادر: من هنا بدأت الكويت.. تاريخ الشرطة في الكويت
في دكان الدبس حتى الصباح
كان صباح بن دعيج كله عين ساهرة، لا يكل ولا يمل، فالحراس يحرسون الاسواق، اما هو فانه يحرس المدينة والاسواق، واذا صادف ليلا من يشتبه به، احاله فورا الى «دكان الدبس» وعند الصباح يحقق معه، فان كان ممن يشتبه بهم اتخذ معه الاجراءات اللازمة، والا اطلق سراحه على ان لا يعود الى دكان الدبس مرة اخرى.
بايق البوقة
سطا احد اللصوص على بيت «احمد بن علي بن شملان» وتمكن من فتح ثغرة تحت حائط احدى غرف البيت، ونفذ منها الى الداخل، وما ان احس به اهل الدار حتى لاذ بالفرار مع مسروقاته، التي لفها بسجادة.
علم «صباح بن دعيج» بالحادث، فقام على الفور بالتحقيق والبحث عن السارق، وبينما هو كذلك، لاحظ بعض الصبية طرف سجادة تحت احد التوانكي الخشبية، فاخبروا «صباح الدعيج» الذي وجد المسروقات المخبأة داخل السجادة.
وفي منتصف الليل اتى اللص وهو في غاية الاطمئنان الى التانكي محاولا قلبه لاخذ المسروقات، واذا به يفاجأ برجال «صباح» وقد احاطوا به من كل جانب واعيدت المسروقات الى اهلها دون نقصان، اما السارق فقد نال جزاءه.. وطاف به الخدام في اسواق المدينة وخلفه جمهور غفير من الناس وهم ينادون بصوت واحد.. «بايق له بوقة مهدلي» ومهدلي هذا عريق في اللصوصية والاجرام.. وهو ايراني الجنسية.
رسائل الحوادث من المعتمد البريطاني
كانت هناك رسائل ترد من المعتمد البريطاني بين الحين والاخر الى الشيخ احمد الجابر الصباح ينبئه فيها بحوادث سرقة تعرض لها افراد غير كويتيين ويطالب بالتحقيق بشأنها، والشيخ احمد الجابر يقوم بدوره بإحالة مضمونها الى الشيخ صباح بن دعيج.
وقد يستغرب البعض انه كيف يكون المعتمد البريطاني اول العارفين بوقوع مثل هذه الحوادث؟
والجواب: ان هناك بين الافراد غير الكويتيين من يذهب الى المعتمد على اعتبار ان حكومة بريطانيا هي الدولة المسؤولة عنهم وعن حماية مصالحهم خارج بلادهم لوقوع المنطقة تحت النفود الانجليزي.. وليس الدافع لهم الى ذلك هو عدم الثقة بالحكومة المحلية، وانما القصد هو اطلاع المعتمد فقط.. كما هو مدون في جوازات سفرهم.
وفاة بن دعيج
في عام 1973م، انتقل الى جوار ربه مدير حرس الكويت الاسبق، الشيخ صباح بن دعيج، عن عمر ناهز المئة، وقد كان مثالا للتفاني والحزم والاخلاص في مهنته، فلا اقل من الاعتراف بأعماله الطيبة التي لاتزال ماثلة في اذهان من عاصروه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق