لَقَدْ رَشَّحْتُ نَفْسِي لاَ أُبَالِي... بِمَن لا يَرْتَضي الإسْلَامَ دِينَا
يُرَشِّحُنِي بِعَوْنِ اللهِ قَوْمٌ... مَيَامِينٌ تُقَاةٌ مُصْلِحِينَا
هذان البيتان هما أشهر ما يُعرف عن الشيخ البحريني محمد صالح العباسي، ومناسبتها حين رأى الشيخ ضرورة المشاركة في المجالس النيابية ورشّح نفسه سنة 1973م.
استلمت البارحة نسخة من كتاب “القواعد المليحة في فن النحو” وهو نظم صنعه الشيخ العباسي الجناحي مولدا البحريني موطنا رحمه الله تعالى. هذه النسخة قام بتحقيقها وإخراجها الشيخ محمد رفيق الحسيني الذي يسعى حاليا لإخراج ما يتيسر له – بجهد شبه فردي - من تراث علماء البحرين. وفي الكتاب أبرز جوانب كثيرة ومضيئة في حياة العباسي وعلمه وفضله وتواضعه ورفضه للقضاء إيثارا للعلم والتعليم فكان يؤم ويخطب ويعلم بمسجد بن جمعان (جامع السوق)، ولعل في مقدمتها ما تميّز به من قريحة في الشعر ما جعله ينظمه في أغلب المناسبات ولو كانت الانتخابات البرلمانية.
“القواعد المليحة في فن النحو” كتاب سمعت عنه قديما، وذكّرنا به مؤخرا النحوي (د. علي المدني) المحاضر بجامعة البحرين، والكتاب عبارة عن نظم للمقدمة الشهيرة الأجرومية. يقول الحسيني في مقدمة الكتاب: “تاريخ البحرين لا يزال بحاجة إلى جمع أوراقه ووثائقه ومتابعة حوادثه ومجرياته.. إلى قوله.. وكم هضمنا علماء هذه المملكة حقهم، ولم نعرف لهم منزلتهم ومكانتهم من التكريم والإعزاز ولم تحظ أعمالهم وتراثهم بأية عناية وإبراز”.
والكتاب قد رأى النور بمساندة المشروع الثقافي الذي يساهم فيه الشيخ نظام بن محمد صالح يعقوبي؛ “لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام”.
وقد حدثني الشيخ نظام أثابه الله عن هذا اللقاء الذي وفق الله تعالى له مجموعة من أهل العلم قبل سنوات فتعاهدوا بالاجتماع سنويا في العشر الأخير من رمضان في صحن الحرم المكي تجاه الكعبة المشرفة، وفيهم من أهل الحرمين الشريفين، ومن البحرين، والكويت، ولبنان، وأميركا، وغيرها من البلدان.
في هذا اللقاء المبارك يقومون بمدارسة الروايات ومناقشة الفتاوى والرسائل العلمية، وعرض الكتب النافعة والمخطوطات النادرة ومقابلتها ثم نشرها عن طريق دار البشائر الإسلامية لأحد رواد هذا اللقاء وهو الشيخ رمزي دمشقية رحمه الله تعالى.
“القواعد المليحة” هي الرسالة رقم (162) من منشورات اللقاء علما أنهم لا ينشرون رسالة إلا إذا قرأت في هذا اللقاء وأمام الكعبة المشرفة.
نعود إلى الشيخ محمد صالح العباسي وإلى نظمه للأجرومية والتي يقول في بدايتها:
حمدا لربي واهب المواهب... الرافع المنّان بالمناصب
للخافض الجازم بالتوحيد... سبحانه من قادر مريد
مصليا على رسول الله... والآل والصحب بلا تناهي
وإلى جهد الشيخ الحسيني في إخراج هذه المنظمة، وقد قدم لها بترجمة متوسطة له، وألحقها بقصيدتين للعباسي، إحداها رد على الشيخ علوي المالكي واستنكر فيها وصول رواد الفضاء إلى القمر، والأخرى بعنوان مناجات إلى باب قاضي الحاجات، يقول في مقدمتها:
يا رب يا ذا العرش يا الله... يا سامع العبد الضعيف دعاه
يا من إذا ناداه مظلوم رجا... نصرا على أعدائه نجّاه
وما العباسي إلا واحد من أهل العلم ومثقفي البحرين الذين لهم رسائل علمية ومنظومات وفتاوى وخطب أهملت أو ضاعت، ولم يخرج منها إلا نزر يسير بجهود أفراد مثل بشار الحادي في سلسلة علماء البحرين وصلاح الجودر الذي أبرز تراجم بعض أهل العلم من عائلة الجودر والشيخ محمد رفيق الحسيني وأمثالهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق