الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

وثيقة جديدة لقاضي البحرين عثمان بن جامع





الوثيقة رقم (24): رحلة كتاب "مدارج السَّالكين" بين الأحساء والزبير والكويت ونجد


تمهيد: إنَّ الحراك الثقافي في المجتمعات المنفتحة على التعلم من الضرورة أن يستجمع مقومات أساسية للنجاح والاستمرار؛ حيث كان في أعلاها الأساتذة المعلمون "الشيوخ" ويليهم التلاميذ والمتعلمون، ويتمِّم العملية التعليمية وجود المصادر المعرفية: "الكتب والمكتبات"، وهي -إنْ توفَّرت- دالةٌ على نشاط حركة التأليف والنسخ والإقراء ورواج أسواق الكتب بيعاً وشراءً وإجارةً ، في فترة صعبة تعاني شحاً في أوراق الكتابة وقلَّتها في الأسواق. ومن تلك المجتمعات العلمية في شبه الجزيرة العربية: منطقة "الأحساء"؛ فلقد كانت أرضاً خصبةً لكثير من المدارس الفقهية والمحافل الأدبية، وعلى وجه الخصوص "مدينة المبرّز" العامرة بالخير.حيث كانت مكتباتها الخاصة من أهم الموارد العلمية لمناطق الجوار، واعتبر خرّيجوها العلماء من أبرز منابع الإمداد بالقضاة والفقهاء المفتين لبلدان البحرين والكويت وقطر والزبير، وقلما يخلو عصرٌ أو زمنٌ من أثرها العلمي (مهما قلَّ أو كثُر) فيما حولها. وإنَّ وثيقتنا ترصد جانباً مهماً من الحركة الثقافية المتلاقحة بين المناطق المختلفة في شبه الجزيرة وجنوب العراق حيث يتعلق موضوع الوثيقة برحلة كتاب من الكتب المرجعية الهامة؛ استمرت هذه الرحلة في تجوالها لأكثر من سبعين عاماً ، هي "رحلة كتاب مدارج السَّالكين بين الأحساء والزبير والكويت ونجد "، إذ كشفتْ لنا معلوماتٍ مهمة عن طبيعة تدوال الكتب في تلك الحقبة ورصدت الشخصيات العلمية النشطة في تلك الفترة؛ حيث اشتملتْ غاشية الكتاب(وثيقة هذه الدراسة) على أربعة نصوص تشرح تنقلات الملكية بين أهل العلم، مما يوضح اهتمام العلماء بالكتب النافعة ويبيّن المكانة العالية التي يتسنَّمها كتاب مدارج السالكين لابن قيم الجوزية بين سائر المصادر في المدرسة الحنبلية.



النَّص الأول: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين. وبعد؛ فقد دخل هذا الكتاب الجليل وهو "شرح منازل السائرين" لشيخ الإسلام شمس الملة والدين، أبو عبدالله محمد بن أيوب الزرعي، الشهير بابن قيم الجوزية، قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه، في ملك الأكرم المكرم الأخ: الشيخ عبدالمحسن بن علي بن عبدالله بن نشوان بن شارخ الحنبلي النجدي، غفر الله له ولوالديه، (...) العبد الضعيف (...) صالح بن سيف بن حمد بن محمد العتيقي (...)"اهـ

النَّص الثاني: "[الحمد لله] سبحانه.

(...) الكتاب وهو مدارج السَّالكين في شرح منازل السائرين؛ قد وَهَبَه مالكهُ الشَّيخ عبدالمحسن بن علي بن شارخ (...) لابن أخيه: "علي"، وذلك بشهادة رشيد بن ناصر وسليمان بن سليم أهل الزبير، ثم بعد ذلك استأجر مولانا الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله بن فيروز هذا الكتاب -وهو شرح منازل السائرين- من علي ابن عبدالمحسن ورشيد ابن ناصر مدة أربعةَ عشَرَ سنة، أولها اليوم الثامن من شهر شعبان سنة 1188هـ بأجرة قدرها لجميع المدة: "زر محبوب" و"نصف زر".

وأيضاً استأجر منه "لطايف بن رجب" بأجرة قدرها "نصف زر" والمدة أربعةَ عشرَ سنة، والتاريخ كما ذكر.

شهد على ذلك: الشيخ عبدالعزيز بن فيروز، والشيخ عثمان بن جامع، وسليمان بن سليم، وعبدالرحمن بن حمد بن عبدالله بن فيروز، وكاتبه صالح بن سيف العتيقي، وصلى الله على سيِّدنا محمَّد، وآله وصحبه وسلَّم. وجرى ذلك كلُّه بمدينة سيِّدنا الزبير رضي الله عنه، آمين"اهـ

النَّص الثالث: "صار إلى يد الفقير إلى الله -عزَّ شانه تعالى- محمَّد بن علي بن الشيخ "محمَّد بن عبدالوهاب" سنة 1250هـ"اهـ

الوصف: الوثيقة تصدرت غلاف كتاب مدارج السالكين للحافظ ابن قيم الجوزيَّة[751هـ] رحمه الله؛ اشتملت هذه الورقة على توثيق معاملات وعقود متعددة تتعلق بالكتاب وغيره؛ يستفاد من خلال نصوص التوثيقات وما ورد فيها من الأسماء والتواريخ والبيانات: الكثيرُ من الفوائد التاريخية، فأما أنواع العقود المرتبطة بالكتاب؛ فهي إجمالاً أربعة أنواع: (بيع وهبة، ووكالة، وإجارة). ومن حيث التفصيل فهي ستة عقود من أنواعٍ أربعة؛ وهذا يدل على أهمية الكتب قديماً وندرتها ومدى حرص المتخصصين في العلوم من الناس على العلم والثقافة . يتضمن النص الأول: إثبات تملك الكتاب للشيخ عبدالمحسن بن علي ابن شارخ (1)؛ وعادة ما يكون ذلك بالشراء "فهذا هو العقد الأول" ولم يرد التصريح به. ويحتوي النص الثاني على أربعة عقود شرعية ؛ أولها: عقد هبة كتاب المدارج من الشيخ عبدالمحسن بن علي ابن شارخ لابن أخيه الشيخ علي بن عبدالله ابن شارخ (2) وهو العقد الثاني، وثانيها: عقد لم يصرح به ولكن يفهم من السياق وهو عقد الوكالة وهي وكالة لرشيد ابن ناصر ليقوم بإبرام العقد مع المستأجر وهو العقد الثالث (3).وثالثها عقد إجارة الكتاب من وكيل المالك "علي بن شارخ" للشيخ محمد بن عبدالله ابن فيروز وهو العقد الرابع، ورابعها: عقد إجارة كتاب لطائف المعارف(4) للشيخ محمد ابن عبدالله بن فيروز أيضاً وهو العقد الخامس، ويتضمن النص الثالث إثبات تملك محمد بن علي بن الشيخ محمَّد بن عبدالوهاب لمدارج السالكين بعقد لم يقع التصريح به، وغالباً ما يكون ذلك بالشراء والابتياع فهذا العقد السَّادس وبه تمام العدد.

التاريخ: هذه النصوص تتفاوت في تواريخها وهي على هذا التفصيل: النص الأول: مجهول التاريخ تفصيلاً، وأما الإجمال فالمنطق يفرض أنْ يكون قبل انتقال الشيخ "عبدالمحسن بن شارخ" إلى مدينة الزبير؛ لأن الشيخ عبدالمحسن قبل هذه الرحلة كان مستقرّاً بصحبة شيخه ابن فيروز مع موثق النص الشيخ "صالح العتيقي" في الأحساء حتى سنة 1178هـ الموافق: 1764م (5)، والنَّص الثاني: كُتِب في 18 شعبان سنة 1188هـ الموافق: 24/10/1774م وهذا تاريخ عقود الإجارة: إجارة كتابَيْ "المدارج واللطائف"، أما عقد الهبة فقد كان قبل ذلك لأن الواهب ابن شارخ قد توفي في آخر ذي الحجة سنة 1187هـ بالطاعون الذي حلَّ ببلد الزبير الموافق: 1774م، والنَّص الثالث: تملك حفيد "الشيخ محمد بن عبدالوهاب" مؤرخٌ في سنة 1250هـ الموافق: 1834م. ويلاحظ أن بين تملك ابن شارخ وتملك ابن الشيخ أكثر من سبعين عاماً.

الشهود: شهد على "عقد الهبة" رشيد ابن ناصر، وسليمان بن سليم؛ من أهل الزبير. وشهد على عقود "التأجير" الشيخ عبدالعزيز بن فيروز، والشيخ عثمان ابن جامع(6) وسليمان ابن سليم، وعبدالرحمن بن حمد بن عبدالله ابن فيروز، والشيخ صالح بن سيف العتيقي.

الثمن: استُؤجِرَ الكتابُ الأول بـ(زر محبوب ونصف زر)، واستُؤجِرَ الكتابُ الثاني بـ(نصف زر)، وهي عملة ذهبية عثمانية كانت تعرف في نجد بالأحمر أو أحمر زرر (7)؛ واستمر تداولها مدة طويلة حتى النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري.

مدة عقد الإجارة: أربعة عشر سنة هجرية، بدايتها يوم التوثيق، وهو 8 شعبان 1188هـ، الموافق: 24/10/1774م.

الموثق: وفق ما جاء على غلاف الكتاب: فإنَّ الشيخ "صالح بن سيف بن حمد بن محمد العتيقي" الحنبلي موثقُ النصين الأول والثاني. وكان النص الثالث بقلم: الشيخ "محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب"؛ رحمهم الله تعالى.

الأختام: 1- ختم الشيخ علي بن عبدالله ابن شارخ. 2- ختم الشيخ محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب. 3- ختم آخر غير واضح. 4- وختمان للمكتبة المركزية؛ "قسم المخطوطات": بجامعة الإمام محمَّد بن سعود.

قيود أخرى: قيود تملك أخرى مشطوبة.

المصدر: المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم: (8991/خ).

الفوائد المستخلصة:

1- كان لمنطقة الأحساء، ومدينة المبرَّز منها تحديداً؛ عنايةٌ فائقة بالمصادر العلمية والكتب الفقهية، حيث كانت العناية المكتبية فيها ذات نشاط واضحٍ دؤوب، من القراءة والإقراء والاستنساخ والعرض والمقابلة والتصحيح في مجالس الدروس. وكانت الكتُبُ قديماً من الثروات العزيزة والمقتنيات العلمية النفيسة؛ في فترةٍ خلت مجتمعاتها من المطابع ودور النشر. وكان التعويل على وجود النُّسَخ الجيّدة من الكتب قليلة التحريف والسقط وتحصيلها بالشراء أو الاكتراء أو الاستعارة وإعادة استنساخها. والوثيقة أوضحت حال المدارس العلمية المشهورة من جهة الحرص على توفر المراجع والمصادر العلمية بخزائنها.

2- ومن فوائد الوثيقة: أن (مدرسة آل فيروز) قد نجحت في تأهيل مجموعة من طلبة العلم النجديين الذين ارتحلوا إليها طلباً للعلم الشرعي والتفقّه في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، حيث كانت مقصداً للكثير من طلبة العلم والعلماء المجاورين الوافدين عليها من كل مكان بسبب اشتهارها وذيوع صيتها(8). وبعدما انتهى واستكمل الشيخ عبدالله بن فيروز وابنه "الشيخ محمد" على إثره؛ من تأسيس قاعدة ثابتة من المدرّسين المتأهلين وتخريج مجموعة من العلماء ذوي الملكة الفقهية: صار خريّجوها يُطلَبون من مختلف البلدان والأقاليم والمدن لتولي الإفتاء والإمامة والقضاء وتوثيق العقود، والقيام بدورهم الديني والتعليمي، ومن هؤلاء الشيخ عبدالمحسن الشارخ الحنبلي، وقد ألمحتْ الوثيقة إلى وجوده السابق في الزبير.

3- كان الشيخ "عبدالمحسن بن علي ابن شارخ" موفداً من قبل أستاذه (9) الشيخ "محمد بن عبدالله بن فيروز": للإمامة والخطابة والإفتاء لأهالي مدينة الزبير(10). فلما توفي في آخر سنة 1187هـ ترك مجموعة قيمة من الكتب، فتجشَّم عناء الرحلة والسفر إلى الزبير -بعد ذلك- بعضُ أصحابه العلماء؛ مؤدِّين حقَّ المواساة بالفقيد، وللاستفادة من هذه التركة الغنية بالشراء و التأجير من ورثة الشيخ. والوثيقة -التي وثقها الشيخ العلامة صالح العتيقي- تعبِّر عن ذلك أيَّما تعبير وتدل على كثافة النشاط العلمي والثقافي الذي تولد في بلد الزبير من زمن مبكر.

4- ومن الفوائد الجليلة: أن التتابع التوثيقي يؤكد على كون "الشيخ صالح بن سيف العتيقي" هو الموثق المعتمد عند شيخه ابن فيروز والقائم على النسخ والتوثيق والتسجيل، وهذه الوثيقة هي إحدى الشواهد التي تبيِّن اختصاص الشيخ العتيقي "بالكتابة والتوثيق" لمؤسسة الحنابلة العلمية بالأحساء بما يجعله بمثابة الكاتب الرسمي لها (11)؛ حيث ثبَّتَ ملكية المالك الأصلي بألفاظ التقدير والأخوة التي كانت تربط بينهما. وشرح كيفية انتقال الملك منه بالهبة ثم نسخ عقد الإجارة باستيفاء تام لأركان التوثيق، وهذا من باب حفظ الحقوق والحرص عليها من الضياع (12)، ومن الجدير بالذكر أن للشيخ صالح العتيقي نظائر عديدةً من التوثيقات الشرعية والمستنسخات العلمية المقيَّدة عن شيخه ابن فيروز وما اهتم بتدوينه عن زملائه وأقرانه من طلبة الشيخ ابن فيروز (13) وقد كتب بخطه المميز ما لا يحصى من العقود والمخطوطات والرسائل، حيث إنَّه أحد المتولين للتدريس والإقراء في مدرسة شيخه.

5- ومنها: الشخصيات العلمية التي حضرت مجلس "عقد الإجارة" كانت ذات نشاط علمي وشرعي متميز. وقد تجمعوا من بلدان مختلفة لتكوين مجلس التعاقد؛ فبعضهم قدم من الأحساء مثل: "محمد ابن فيروز وصالح العتيقي وعثمان ابن جامع"، والبعض الآخر منهم مستوطني مدينة الزبير.

6- ومن فوائد النص أيضاً: إثبات وجود شخصية علمية من أعلام (علماء الحنابلة)؛ هي الشيخ عبدالعزيز ابن فيروز الحنبلي، وهو ذو قرابة مع المستأجر: "الشيخ محمد"، و مع الأسف لم نعثر له على ترجمة مفصَّلة فيما بين أيدينا من المصادر(14) فينبغي استداركه على كتب طبقات الحنابلة.

7- ومنها: الأثر العلمي لمدارس الأحساء العلمية في تنمية وتكوين وتغذية ما حولها من المدارس العلمية، مثل: الكويت ونجد والزبير. وإنَّ هذه الوثيقة إثباتٌ كافٍ على طبيعة ودور (الإمداد الثقافي) الذي كانت تؤديه الأحساء بشكل واضح، من حيث انتقال الكتاب وتداوله من مدينة الأحساء إلى الزبير ثم رجوعه إليها من جديد (بالاستئجار)، ثم العودة به للزبير (بعد نهاية مدة الإجارة)، ثم الانتقال به إلى الكويت (لاستقرار علي ابن شارخ فيها)، ثم انتقال المخطوط واستقراره بعد ذلك في نجد (15).

8- ومنها: أنَّ رحلة كتاب المدارج مثالٌ على وجود التواصل العلمي النشط بين علماء بلدي: "الزبير والكويت" و أقرانهم في: "نجد ". والتصرفات المقيدة على صفحة الغلاف تدل على تداول الكتاب بين تسعة أفراد على الأقل، قبل حفظه بمكتبة جامعة الإمام.

9- ومنها: أنَّ النص الثالث يوفر "عينة نادرة من خط" الشيخ محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، تعبر عن شخصيته واهتماماته العلمية وتاريخ نشاطه المعرفي والثقافي (16) رحمه الله تعالى.

10- ومنها: أنَّ استقرار الكتاب عند الشيخ "محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب" رحمه الله وبقاؤه محفوظاً في خزانة من بعده(17) يدل على القيمة العلمية الكبيرة للكتاب، وليس ذلك بمستغرب على كتاب أحد العلماء المحققين كالإمام ابن القيم، فلهذا امتدت عناية الشيخ "محمد بن علي" إلى أعمال علمية أضافها على الكتاب المخطوط؛ حيث قسَمَهُ لقسمين لكونه سفراً ضخماً وقام بصناعة فهرسة لموضوعات الكتاب، أثبتها عليه (18).

11- ومنها: أنَّ قول الشيخ صالح العتيقي في توثيقه للتملك: " لشيخ الإسلام شمس الملة والدين (...)الشهير بابن قيم الجوزية، قدَّس الله روحَه ونوَّر ضريحَه" يدل على المكانة الدينية العظيمة لهذا العالم في نفوس المـتأخرين من الحنابلة، وأنَّ الحرص على تداول الكتاب والعناية به؛ يكشف عن قضيةٍ مهمةٍ بين علماء المدارس المختلفة من متأخري الحنابلة، مهدت الطريق لتقريب وجهات النظر وتجسير الفجوات بينهم: هي أن مصادر "الأخذ والتلقي" كانت مشتركة عندهم، حيث كان لكتب شيخي الإسلام: "ابن تيمية وابن القيم" الحظ الأوفر من استفادة الجميع وتأصيلهم.

12- ومنها: وصف الموثق الشيخ العتيقي لبلد الزبير بالمدينة في قوله:"وجرى ذلك كلُّه بمدينة سيِّدنا الزبير رضي الله عنه "اهـ يدل على اتساع العمران فيها واستقلال البلد من الناحية الإدارية والاقتصادية في ذلك الزمن المبكر. وهذا الوصف له مدلولات تاريخية كبيرة؛ من وجهين: أولاً: لأن تاريخ التوثيق (1188هـ/1774م) كان قبل الهجرة الجماعية لسكان "بلدة حرمة" النجدية، وهذا يدل على اتساعها مبكراً بالسابقين من النازحين النجديين. وثانياً: لأنه كان قبل دخول بلد الزبير رسمياً في التنظيمات الإدارية العثمانية، فهي مدينة ذات وضع سياسي في هذا التاريخ.


وكتبه أ.د. عماد بن محمد العتيقي

الكويت محرم 1432 الموافق ديسمبر 2010م.

---------------------------

الهوامش:

(1) الشيخ عبدالمحسن بن علي بن عبدالله بن نشوان ابن شارخ الحنبلي الأشيقري، ونسبه يرجع للمشارفة من قبيلة الوهبة، وكان رحمه الله نسابة، ينظر في ترجمته: (السحب الوابلة لابن حميد وعلماء نجد للبسام).

(2) الشيخ علي بن عبدالله بن شارخ الحنبلي نشأ في بلد الزبير، وتولى القضاء فترة في وجيزة في مدينة الكويت؛ المعروفة في أيامه أيضا: بالقرين.

(3)أخذاً من قوله في الوثيقة: " من علي ابن عبدالمحسن ورشيد ابن ناصر "اهـ، فكان الاكتراء منهما معاً، وجه ذلك أن علي الشارخ هو المالك الأصلي وابن ناصر وكيل عنه؛ فكان الاستئجار منهما كلٌّ بحسب صفته. وفي النص فائدة جواز نسبة الرجل إلى عمه أوشيخه إذا أمن الخلط.وكان ذلك من الموثق ملائما للمناسبة والعلاقة الحميمة التي ربطت بين الواهب عبدالمحسن وابن أخيه علي.

(4) كتاب اللطائف يقصد به: "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف " للإمام الحافظ عبدالرحمن ابن رجب الحنبلي [ت795هـ].

(5) جاء ذلك في قيد تملك على مجموع أحسائي محفوظ بجامعة ليدز؛ (قسم المخطوطات العربية)، [ق 32] منه.

(6) الشيخ عثمان بن جامع الحنبلي من أصحاب وتلاميذ "ابن فيروز"، وتولى الإفتاء في مدينة الزبارة بقطر. وله سلالة علمية في بلد الزبير.

(7) أحمر زرر: الرَّاءان رسمها في العامية القديمة بالتكرار: "بسبب فَكِّ الإدغام كتابةً "، وحديثاً تكتب إملاءً براء واحدة مشدَّدة كما أثبتها هنا الموثق العتيقي.

(8) من أشهرهم الإمام "محمَّد بن عبدالوهاب"؛ فقد اجتمع بعدد من علماء الأحساء وأبدى إعجابه بمعرفة الشيخ عبدالله بن محمد ابن فيروز الحنبلي في العقيدة وحيازته لكتب ابن تيمية و ابن قيم الجوزية . ولمزيد من التفاصيل في تأثير مدرسة الأحساء واستقطابها للمتعلمين والعلماء؛ ينظر: مي بنت عبدالعزيز العيسى "الحياة العلمية في نجد منذ قيام دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب .." إصدار دارة الملك عبدالعزيز.

(9) ولم يكن الموفد الوحيد من طلاب هذه المدرسة النجباء فغيره كثيرون؛ كأمثال الشيخ عثمان ابن جامع الحنبلي، فقد أوفده شيخه لأهل البحرين"الزبارة" للأسباب نفسها، انظر السحب الوابلة (2/306).

(10) قال ابن فيروز: "ثم طلب مني أهل الزبير أنْ آذنَ له أنْ يأتيهم؛ فيكون لهم إماماً وخطيباً ومفتياً، فأذنتُ له فسار إليهم وكان هناك مكرَّماً معظَّماً في تلك الجهات، مقبولَ القولِ حتى توفاه اللهً"اهـ انظر السحب الوابلة (2/274)، ومخطوط "رسالة ابن فيروز للكمال الغزي" في تراجم الحنابلة (ق: 21)؛ وهي بخط الشيخ صالح العتيقي.

(11) مكنت هذه المهارات الشيخ العتيقي ليكون : رئيساً متولياً لـديوان الكتابة عند الوجيه أحمد ابن رزق الحنبلي، وكذلك التدريس بالمسجد والخطابة في بلد الزبارة، انظر: سبائك العسجد لابن سند.

(12) فإنَّ المحافظة عند الشيخ العتيقي على النتاج الفكري لأهل عصره ومحيطه الثقافي: سمةٌ بارزة في شخصيته العلمية، حيث كان له الحظ الأوفى من ملازمة الشيخ ابن فيروز –وهو الأب المشفق على طلابه- قال: "منهم ممن ربيناه وهو صغير تربيةً علمية: صالح بن الشيخ سيف بن حمد العتيقي (...) وكان عندي معدوداً كأحد أولادي؛ واشتغل بالعلوم حتى بلَغَ مرامه"اهـ ينظر:"رسالة ابن فيروز للغزي" في تراجم الحنابلة (ق: 21).

(13) كما فيه إشارة جميلة لسلامة صدر الشيخ العتيقي من أدران الحسد والاستكبار ومنافسة الأقران ومغالبتهم وذلك بوصفه لمالك الكتاب "الأكرم المكرم الأخ الشيخ عبدالمحسن..."، ولذلك بورك له في قلمه فحفظ لنا الكثير من فوائد العلم.

(14) ولكن جاء اسم الشيخ "عبدالعزيز ابن فيروز" -ببعض الوثائق- شاهداً على (وقف الفداغية) في محرم سنة 1242هـ، مما يوحي بأنه استقرَّ في البصرة -على الأرجح- أو في الزبير، وأنه كان من العلماء والوجهاء الثقات الذين يُستشهَدون في العقود.

(15) ومن المصادر الحديثة التي أوردت ما يؤكد هذا المعنى؛ كتاب: "مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة" للباحث: حمد بن عبدالله العنقري، ط الدارة 2009م؛ فقد كانت المخطوطات الأحسائية عنصراً أساسياً في تكوين الثقافة بنجد (خصوصاً الدرعية).

(16) ذكره الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ في "مشاهير علماء نجد وغيرهم" في معرض ترجمة والده ووثَّقَ استيطانه لمدينة: "الرياض" زمن الإمام تركي بن عبدالله ص51، وترجم له البسام في "علماء نجد" على أنه من علماء: (آخر القرن الثالث عشر الهجري)، والنص الحالي يدل: على أنه من علماء النصف الأوسط من القرن الثالث عشر.

(17) آلت مخطوطة الكتاب لخزانة: "الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ"، وهي مصنفة ضمن مجموعته الخزائنية في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود.

(18) انظر التفصيل في مقال: "المخطوطات في نجد" للباحث: عبدالعزيز بن سعد الزير، مجلة (دارة الملك عبدالعزيز)، العدد: 3، السنة: 1431هـ.




انظر





http://alateeqi.com/index.php?page=backdoc24

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...