للباحث المؤرخ مصعب الجهنـي
يجول في خاطري بعض الأسئلة عن سبب وجود قبائل مجهولة النسب ؟؟ وما الأسباب التي أدت إلى ضياع نسب تلك القبائل ؟؟عقد السويدي في كتابه سبائك الذهب فصلاً خاصاً لهذا الموضوع وعنونه بـ : ( ذكر القبائل التي ذكرها النسابون ولم يلحقوها بقبيلة معينة ) فذكر في هذا الفصل اكثر من خمسين قبيلة من قبائل العرب لم يعرف أصلها ؛ وقد ساعد على ضياع أنساب تلك القبائل الأمور الآتية :1- أن هناك بعض القبائل أصولها من غير العرب .2- تحضر بعض القبائل العربية وسكناهم للمدن والقرى وتشتت القبيلة بسبب ترك حياة الحل والترحال مع الإختلاط بغير العرب كل ذلك أدى لضياع نسبهم .3- إشتغال بعض القبائل بمزاولة المهن كالزراعة والفلاحة والإنتساب للمدن والقرى4- إن أنساب العرب قديماً كانت تحفظ في الصدور والذاكرة العربية؛ ولم تكن لتستوعب أنساب مئات القبائل وملايين البشر من العرب وحدهم .5- إن العرب كانت تغير أنسابها تبعاً للظروف السياسية التي تعيشها .6- إن بعض قبائل العرب كانت تدخل في تحالفات مع قبائل أقوى منها وبمرور الزمن تذوب القبائل الضعيفة وتصبح جزءاً من القبائل القوية وجزءاً من نسبها أيضاً .7-إن بعضاً من العرب لم يكونوا يأنفون أن ينسب اليهم أولاد غيرهم من الرجال أو أن ينسبوا إلى آباءٍ غير آبائهم .8- عندما وصلت الأنساب إلى عصر التدوين بعد الإسلام كانت محملة بالكثير من الأخطاء والأوهام .9- إنَّ وجود هذا العدد من القبائل العربية مجهولة النسب يفند المزاعم القائلة بأن الذاكرة العربية كان لها القدرة ان تستوعب كل انساب العرب10- الحلف بين القبائل من أسباب ضياع النسب11- الثارات والتخفي بسببها12- هجرة القبيلة من ديارها والنزوح عنها من بلد إلى بلد13- السفر الى بلاد بعيدة والزواج منها ثم ترك الاولاد اما لموت الاب بسرعة أو لحادث طارئ فيضيع نسب الاولاد اذا كانت الام غير ملمة في تفاصيل نسب الاب14- عدم الاهتمام بحفظ سلسلة الاباء .. يتسبب ضعف معرفة الاولاد بنسب ابيهم ، ثم يطول العهد في الذرية فيختلط الامر مع الزمن15- التحضر والتمدن وهو في عصرنا كثير يسبب اهمال الانساب16- انشار الجهل وعدم العناية بتدوين الأنساب وتسجيلها بالكتب والوثائق والمشجرات17- قلة وجود الرواة الحفاظ في القبيلة؛ مع عدم الإهتمام بامور النسب والأصل؛ كل ذلك ينشئ عنه نسيان أو ضياع النسب .18- وجود اللقيط؛ وذلك ناشئ عن الزواج غير الشرعي أو إضاعة الطفل؛ فيجدة رجل من قبيلة أخرى فيضمه إليه ويتبناه؛ وله أمثلة عديدة .مداخلة للباحث إسماعيل بن علي المدغريمن بين الأسباب في نظري :1- التحالف الذي يقع بين القبائل ؛ فقد تكون قبيلة صغيرة و تدخل ف حلف مع قبيلة كبيرة , و تنسب إليها .2- الموالي كذلك غالبهم ينسبون مع طول الزمن للقبيلة .3-الهجرة خارج الأوطان مع الأمية و الجهل .4-الهرب خوفا من بعض الثارات و التخفي وسط بعض القبائل .5- إهمال الأنساب من قبل بعض الأجداد .6- الخوض في الأنساب بغير علم وقع فيه بعض من ينسب لعلم الأنساب .7- عدم وجود من يحقق الأنساب و يضبطها و يحفظها في الكنانيش .8- الطلاق بين الزوجين يسبب أحيانا في ضياع نسب الأولاد .9-تغيير اسم العائلة و نسبتها للحرفة المزاولة أو الأرض المسكونة .10-طول الزمن و قدم العهد يؤدي أحيانا إلى ضياع سلسلة النسب .قال العلامة الأديب و المؤرخ الباهر سيدي محمد المختار السوسي رحمه الله تعالى : ....فكم من بطن من بطون قريش من بكري و عمري و علوي , وهم أكثر و جعفري و غيرهم ممن التجأ إلى تلك الجبال هاربا , وتوغل في قممها العالية عن حريته مدافعا و محاربا , لاسيما أولاد المولى إدريس بن إدريس بن عبد الله لما تغلب عليهم بنو العافية من زناتة في القرن الرابع الهجري و تشتتوا في كل وجه , منكرين لذلك النسب الشريف حقنا لدمائهم , فتسرب جمهورهم إلى جبال جزولة ( ولتيتة ) و ( مانوزة ) إلى بلاد القبلة من جهة القبلة و إلى هيلالة –إيلالن – إلى جبال درن من جهة الشمال , ومثلهم أيضا الأشراف السعديون أوائل القرن الحادي عشر , وقد وقعت بينهم الفتنة فشتت بعضهم بعضا , إلى أن قضت على بقيتهم الباقية عاصفة الشبانات , وهبت ريحها العاصف من عبد الكريم المسمى كروم على أولاد محمد الشيخ منهم , فاستأصل بقيتهم , و هرب باقيهم إلى سوس , لجهة صحرائها و أكثروا من التنقلات في تلك الرمال , و الاتجاهات إلى تلك الجبال و أكثرهم بنواحي درعة , و انفصلت منهم طائفة قليلة إلى ( مانوزة ) أيام المولى إسماعيل بن الشريف , في حدود التسعين بعد الألف هجري و هم أشهر من قفا , و سنعرض لذكرهم إن شاء الله و ممن اتجا إلى الناحية السوسية أيضا , طائفة من العلويين أيام المولى إسماعيل و ابنه عبد الله و ابنه محمد إلى هلم جرا , فإنهم مع ماهم عليه من الملك الحاضر يهرب بعضهم من بعض , و ينتجعون إلى سوس أيضا من غير خوف و لا فتنة بينهم , و هم أيضا أشهر من نار على علم , و الله عليم بذات الصدور .....( من كتاب المعسول الجزء 03 / الصفحة 249-250 ) .فبين رحمه الله من خلال هذه السطور أن الحروب و الفتن الواقعة سواء بين قبيلة و قبيلة أخرى أو بين أبناء القبيلة نفسها و البطن الواحد نفسه قد كانت سببا في تشتيت الأنساب و ضياعها.و أضيف إلى هذا أيضا :الحسد و التنافس الشديد بين البطن الواحد أو بين قبيلة و أخرى و خير دليل على هذا ما وقع لسيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام و أيضا ماوقع فيه اليهود من الطعن في نسب عيسى عليه الصلاة و السلام و ما وقع فيه أيضا النصارى من نسبته إلى الرب عز جلاله -سبحانه و تعالى عما يقولون - و هذا جهلا منهم و غلوا فيه عليه الصلاة و السلام .وقد يقال أن أول من نسبه للرب عز جلاله من النصارى كانوا يهودا في الباطن و إنما أظهروا التنصر و قالوا ماقالوه حتى يطعن الناس في دين النصارى حسدا منهم , و هذا يرجع بنا أيضا إلى هذا الداء العضال وهو الحسد .عودة إلى الباحث مصعب الجهني:قال شيخنا النسابة حمد الجاسر في كتابه (قبيلة باهلة المفترى عليها) /مِن أهم ما اتجه إليه حينما أتحدث عن الأنساب البحث عن الوسائل التي تقوي ما بين القبائل العربية من روابط؛ ومحاولة إثبات أَمرٍ لا يختلف فيه من عُني في البحث في علم الأنساب؛ وهو أَنَّ جميع سكان هذه الجزيرة تقوم أنسابهم على درجة من الصحة والصراحة؛ تعتبر هي الأساس عند البحث في نسب أية قبيلة؛ إذ هذه البلاد هي مهد العرب منذ أَن عرِف لهم تاريخ؛ ولو فُرض أَن قبيلة في هذه الجزيرة أصبحت مجهولة النسب الآن؛ فليس معنى هذا أنها ليست عربية ذات أصل صحيح؛ فالقاعدة ثبوت ذلك الأَصل؛ وأَن ما طرأَ هو الجهل به؛ والجهل لا يصح أن يتخذ أساساً لإثبات الحقائق؛ بل ينبغي إزالة غشاوة ذلك الجهل ليتضح نسب تلك القبيلة المجهولة .وقال عبد السلام هارون في كُنَاشَة النـَّوادِر :النسبةُ إلى البلاد : لم يكن العرب القدماء يعرفون نسبة الرَّجال إلى البلاد؛ إذ كانت حياةُ جمهورهم بين الإنتجاع والارتياد؛ لا يَقِرُّ لهم في ذلك قرار؛ وإنما كانوا ينتمون إلى شيء ثابت هو القبيلة؛ التي يَقرُّون بها؛ ويحتمون بها؛ ويخضعون لقوانينها؛ فالعربيُّ : قـرشيَّ ؛ وتمـيميَّ ؛ وهُـذليَّ ؛ وجُـهنيَّ ؛ وبكـريَّ ؛ وإذا عزَّ عليه الإنتماء إلى الفخذ انتمى إلى البطن؛ ثم إلى العمارة؛ ثم إلى الفصيلة؛ ثم إلى القبيلة؛ ثم إلى الشعب الكبير: العدناني ؛ أو ؛ القحطاني؛ أو ؛ القضاعي .ومِنْ النادر جداً أنْ ينتمي العربيُّ إلى موطن معين؛ فمن هذه النوادر ما ذُكر في نسب الشاعر: (عارق الطائي) واسمه قيس بن جروة؛ قالوا في نسبته: (الطائي الأجئى) فاحتفظوا بنسبته الأصلية؛ وهي الطائي؛ وأضافوا إلى نسبته (الأجئى) وهي نسبته إلى أجأ؛ أحد جبلي طيىَّ : أجأ وسلمى؛ وفي الخزانة: ويقال لولده: الأجئيون؛ لإقامتهم بأجأ؛ وعارق هذا شاعر جاهلي؛ وكان يعاصره شاعرٌ آخر هو ابن عمَّه؛ وله هذه النسبة البُلدانية أيضا .وقال ابن الصلاح في علوم الحديث /وقد كانت العربُ إِنَّمَا تَنْتَسِبُ إلى قبائلها؛ فلما جاء الإسلام؛ وَغَلَبَ عليهم سُكْنَى الْقُرَى والمدائن؛ حدث فيما بينهم الِانْتِسَابُ إلى الْأَوْطَانِ؛ كما كانت العجم تَنْتَسِبُ؛ وأضاع كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْسَابَهُمْ؛ فلم يَبْقَ غير الِانْتِسَابِ إلى أوطانهم .وقال ابن تيمية في تعداد أقسام أنساب العرب النازلين في الأمصار التي فُتحت /- وقَومٌ مجهُولو الأصل؛ لا يُدرَى أمِنْ نَسلِ العَربِ هُمْ؛ أمْ مِن نَسلِ العَجمِ ؟؛ وهُمْ أكثرُ الناسِ اليومَ؛ سواءً كانوا عرب الدار واللسان؛ أو عَجماً في أحدهِمَّا .المصدر: ملتقى أهل الحـديث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق