الثلاثاء، 7 يونيو 2011

الحاج حبيب غيث أول ممرض بحريني

المصدر: جريدة العهد العدد رقم: 276 تاريخ الاصدار: 18-03-2009
حبيب غيث: كان الناس أيام زمان يعانون من العديد من الأمراض منها : الجدري و أبو صفار و
الدوسنتاريا و الحمى و الملاريا ، التراخوما ، و الرمد و أمراض سوء التغذية ، نتيجة الجهل و انخفاض مستوى النظافة بينهم .

كان الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان يطلق علي عبارة ( ممرض الوالد).

في حديث الذكريات التي أجرته العهد مع الحاج حبيب غيث ، روى فيه كيف كانت أيام زمان و كيف كان الناس يتعالجون من الأمراض ، ويتعلمون في وقت غابت فيه المستشفيات ، كما غابت فيه المدارس النظامية ، كما روى للعهد قصة كفاحه في الحياة ، ومشوار دربه الذي يتشرف به كل مواطن عصامي ، كما هو الحاج حبيب غيث .

و قد سألته في بداية اللقاء عن لقب العائلة غيث ؟ وأين كانت أسرته تسكن قبل السكن الحالي ؟

فقال : معنى كلمة غيث في اللغة المطر أو السحاب ، وكان هذا اللقب قد أطلق على جدتنا و أما لقب عائلتنا فهو الجد ، ونحن و عائلة الجد التي تسكن في فريق أبو صرة من المنامة أهل ، إلا أن أخي المرحوم حسن غيث عندما ذهب إلى المملكة العربية السعودية للعمل تلقب بلقب الجدة ( غيث ) ، فلما رجع إلى بلده البحرين اصبح لقب أخي غيث و لقبي الجد ، فقمت بتوحيد اللقب و جعلناه ( غيث ) و شطبنا الجد .

و ماذا عن الأسرة التي تنتسب إليها و المنطقة الأولى التي كنت تسكنها ؟

يقول الحاج حبيب غيث : أصل بيتنا و بيت المرحوم محمد دويغر و دكان خباز و بيت آخر لإمرأة اسمها لولوة يقع في المنطقة المعاكسة لبيوتنا الآن والتي يفصلها الشارع ، و كانت معظم البيوت من مواد النخلة كالجذوع و السعف و الجريد ، وكان عمري حوالي 8 إلى 9 سنوات ، عندما شب حريق في بيوتنا فأكل الأخضر و اليابس ، وأصبحنا بلا مأوى ، وكان المرحوم محمد دويغر حينها مديراً لدائرة الطابو و هي في بدايتها حينها ، و كانت أراضي البحرين ما زال الأهالي يتعاملون معها كونها رحمانية أي ملك لله فمن عمر أرضاً سكنها و استملكها ، وذلك قبل أن يضع مستشار حكومة البحرين الانظمة و الاجراءات التي تجعل الأراضي ملكاً للحكومة لا يجوز وضع اليد عليها إلا بأمر من الحكومة لذا و وفقاً للاعراف و لكون الأرض رحمانية فقد وضع المرحوم محمد دويغر يده على أرض كبيرة حدودها من الشمال إلى الجنوب ، وبقيت أسرتي بلا مأوى ، خصوصاً إننا عندما حاولنا اعادة بناء بيتنا في المنطقة التي احترقت قام صاحبها و باعها على أحد الافراد من عائلة كانو لكون صاحب الأرض تاجر لؤلؤ و قد تعرض لخسارة في أمواله بسبب ظهور اللؤلؤ الياباني الصناعي الذي تسبب في إنهيار صناعة اللؤلؤ الطبيعي و إنهيار اقتصاديات الامارات و المشيخات و الدول التي تعتبره العمود الفقري لإقتصادها و قد اعتادت والدتي في كل مساء عندما تسمع اذان المغرب تدعو الله عز وجل أن ينقذ اسرتها مما هي فيه من انعدام المأوى ، حتى تنبه لها سكرتير المرحوم محمد دويغر و نقل حالتها و مشكلتها إلى محمد دويغر ، و إنها لا تملك مأوى يؤويها و يؤوي اسرتها ، لذا قررت الحكومة أن تعطينا هذه الأرض التي عليها بيتي و بيت أختي و التي بنيناها من مال الوالدة البالغ 350 روبية حيث باعت ما تملك من مصوغات ، و المجاور إلى الأرض التي أقيم عليها أول مستشفى نظامي حديث في البحرين و هو مستشفى فيكتوريا التذكاري، وهذه المنطقة كانت في السابق يطلق عليها فريق الحياك ، لأن بعض أهاليها يشتغلون في حياكة الملابس و هذا الفريق الأن يتبع رأس رمان و تحده من الشمال السفارة البريطانية ، ومن الجنوب مركز ابن سينا الصحي و من الشرق بدايات رأس رمان ومن الغرب شارع الشيخ عيسى الكبير العام ، و كانت في الأصل عبارة عن حوطة لأحد الهولة و بها خباز و جماعة من الهنود و عائلة تسمى فكري و التي اشترت لها أرض ، أما سؤالك حول أسرتي فهي كما قلت لك أسرة بحرانية لقبها الجد و مازال اقرباؤنا يوجودون في فريق ابو صرة ( بن سلوم ) و أحدهم هو فيصل الجد الذي تزوج أحدى بناتي ، وأسرتي هذه أسرة بسيطة كانت تتكون من الوالد الذي توفى قبل الوالدة ، و الوالدة و أنا و أخي المرحوم حسن غيث الذي كان يعمل في شركة نفط البحرين ( بابكو ) و لي أخت اسمها مريم كانت خطيبة مأتم الحسين بن علي عليه السلام في مأتم يطلق عليه مأتم ( شروف ) .

ما هي قصة مبنى السفارة البريطانية الحالي؟؟

يجيب حبيب غيث على سؤالي فيقول : كانت المنطقة التي عليها مبنى السفارة الحالي تسكن من قبل جماعات الذوادة ، كما كان يوجد مسجد في المنطقة للصلاة حمل اسم مساعد ، و لما اعيد بنائه حديثاً على نفقة أحد الكويتيين اشترط أن يحمل اسمه فتحول اسم المسجد من مسجد مساعد إلى مسجد عبدالجليل ، و عندما ارادت بريطانيا إقامة دار للاعتماد في بداية القرن الماضي طلبت من عائلات الذوادة التي كانت تسكن في نفس مكان السفارة الحالي أن تنتقل إلى مكان أخر ، وكان هذا الطلب جاء عن طريق التنسيق مع السلطات المعنية بالبلاد آنذاك ، نظراً لكون البحرين تحت الحماية البريطانية ، فانتقلت العائلات الذوادية إلى الداخل في الفريق الذي يحمل اسمهم الان ، وهكذا اقيمت دار المعتمدية البريطانية ، حيث المعتمد البريطاني يقرر و المقيم البريطاني في بوشهر يوافق ، وقد شرع في إنشاء دار المعتمدية في بداية القرن العشرين ( 1901 م – 1902 م ) ، وقد مرت هذه المعتمدية البريطانية بعدة أطوار حتى أصبحت الان السفارة البريطانية في البحرين ، كما كانت في يوم ما مقراً للمجلس الثقافي البريطاني ، وكانت دار الاعتماد التي هي السفارة البريطانية حالياً تحدها من جهة الشمال البحر .

لنرجع إلى الحديث عن حياتك ، نشأتك ، تعليمك؟؟

يقول الحاج حبيب غيث : أنا تيتمت مبكراً ، و لذا اضطررت أن اعتمد على نفسي في إعالة أسرتي و خصوصاً أنني كنت الابن البكر لذا انخرطت في سوق العمل مبكراً من أجل اعالة والدتي و اخي حسن و اخواتي ،و في نفس الوقت ادركت مبكراً أهمية التعليم ، لذا دخلت المعلم و حفظت القرأن ، أما بقية التعليم فأن له قصة و هو مرتبط بالعمل ، حيث أنني في عز البرد و الرعد و المطر كنت أدرس لدى مدرسة عبدالرسول التاجر و اذهب إليها مشياً على الأقدام في اجواء الشتاء الباردة و الماطرة و الراعدة .

قصتي مع مستشفى فيكتوريا

يقول حبيب غيث كان الناس في البحرين فيما مضى من العقود يعانون من امراض وبائية متفشية فيما بينهم ، من ذلك مرض الجدري الذي يعود انتشاره في البلاد إلى بداية القرن الثامن عشر حيث كان يتسبب في موت الكثير و تشويه خلقتهم ، وكانت اخر موجة لهذا المرض عام 1957 م ، و كذلك كان مرض الكوليرا الذي انتشر في البلاد منذ عام 1821 م ، و كان اخر مرة زار هذا هذا المرض البلاد عام 1978 م ، إضافة إلى انتشار مرض الطاعون الذي يحكي عنه الأهالي قائلين ان المشيعين للجنازة التي تموت بسبب هذا المرض اذا تم تشييع الميت من قبل خمسة افراد يدفن مع الميت بين اثنين و ثلاثة من المشيعين حتى كان المشيعون يواجهون صعوبة في تشييع ميت الطاعون ، ولهذا أطلق الأهالي على سنوات الطاعون بسنوات الرحمة ، مما دفع بحكام البلاد إلى إنشاء محجر صحي يعد أول محجر صحي في بلاد الخليج ، ومن الامراض الاخرى التي كانت منتشرة في البلاد مرض الملاريا و كذلك امراض العيون كمرض التراخوما و الرمد ،و مرض الجرب و كذلك مرض السل . لهذه الاسباب وجد في البلاد بالاضافة إلى المحجر الصحي ، و جدت بعثة طبية تبشيرية زاولت علاج المرضى ، في بيت استأجرته ما بين عام 1900 و 1901 م ، حيث بني مستشفى في فيكتوريا التذكاري في منطقة رأس رمان و افتتح عام 1905 م ، في المكان المجاور لبيتنا ، جنوب مبنى السفارة البريطانية الحالية ، و كان به 15 سريراً ، صنعت من سعف النخيل ، وقد انشأته الحكومة البريطانية التي هي مسؤولة عن حماية البحرين من أي اعتداء خارجي ، بعدها اُلَحِق هذا المستشفى بدار الاعتماد البريطاني ، وكان يدير هذا المستشفى في ذلك الوقت الدكتور هولمز ، وكان من العاملين في هذا المستشفى شخص يدعى إبراهيم عبدالله المحميد ، كما كان يعمل بهذا المستشفى شخص اسمه محمود ، وهو عبارة عن ( نوكر ) أي خادم ،و شخص آخر هو الدكتور فرج و هو عجمي ، وكان هذا المستشفى أخذ يعالج الأمراض المعدية و كذلك العلاجات الأخرى ، كما كان يقوم بالتفتيش الصحي على البواخر ،و إصدار الشهادات لها ، وعلاج البحارة و المساجين ، و التطعيم ضد مرض الجدري ، ثم بدأ يعمل في مكافحة الملاريا مستمراً في اداء واجبه إلى عام 1952 م ، حيث انتقلت مسؤولية الإشراف على المستشفى إلى الحكومة البريطانية في الهند ، أما علاقتي بهذا المستشفى المجاور إلى بيتنا ، فقد أخذتني أمي في أحد الأيام إلى الدكتور فرج ، وطلبت منه أن يشغلني معه في المستشفى ، فوافق على ذلك ، وذلك بتاريخ يوم الخميس 15 سبتمبر من عام 1938 م ، و كان عدد الاطباء ثلاثة فقط ، براتب شهري مقداره خمس روبيات ، وكذلك أقوم في المستشفى بكل المهام و الاعمال الدنيا ، و انا ما زلت صبياً بما فيها الاهتمام بالزراعة و القمامة و كان عملي ليلاً و نهاراً ، إلا أن الله قد لطف بي و جعلني من المهتمين بتحصيل العلم ، حيث بعد ان درست القران الكريم و حفظته ، فقد اشتريت دفترين ، وذلك عندما لاحطت أن هناك معلماً عجمياً اسمه أبو الحسن يدرس فرج الانجليزية ، و الرياضيات فاخذت اتنصت إلى المعلم أبو الحسن و هو يدرس فرج الحروف الهجائية الانجليزية A B C D إلخ ، وكان ممن كان يعمل في المستشفى في وظيفة ناطور والد المرحوم محمود المردى ، وكان كريم العين ، كما درست في مدرسة التوراني الواقعة بالقرب من مأتم بن سلوم ، ثم التحقت بمدرسة عبدالرسول التاجر عام 1938 م ، تصور و أنا حين أسكن في رأس رمان , أعمل من أجل كسب العيش و أذهب مشياً على الأقدام إلى تلك المدرسة الأهلية البعيدة عن منزلنا خلال الحر و البرد و المطر ، فكم عانا جيلنا من أجل تحقيق ذاته و تأسيس المواطنة الصالحة بالجد و العمل من أجل أن يكونوا رجالاً و أن يستمروا في الحياة الكريمة .

اسأل محدثي عن علاقته بمستشفى النعيم الذي أمضى فيه خيرة سنوات عمره ، وهل هناك علاقة بين عمله هذا و اطلاق بيت الحكيم على بيته من قبل الأهالي ؟

فقال :ارتأت حكومة البحرين ضرورة إنشاء مستشفى حكومي للتصدي للحالة الصحية المتدهورة آنذاك في البلاد ، لذا أرسل المغفور له الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين حينها رسالة إلى القنصل البريطاني يشرح له رغبته في ذلك ، و عليه بدأ التخطيط لإنشاء و بناء هذا المستشفى في عام 1937 م – 1938 م ، و قد باشر هذا المستشفى الذي اختير موقعه في منطقة النعيم الموقع الحالي لمركز النعيم الصحي على مراحل بدءاً بعام 1940 م و إنتهاء بعام 1942 م ، على أرض بيت ملك خاص لعبدالعزيز القصيبي و أخوانه ، كما بني جناح خاص لمعالجة النساء فيه إيضاً ، هذه قصة أول مستشفى حكومي يقام في البلاد ، اما قصتي معه ، فأنني عرفت أنهم في حاجة إلى توظيف ممرضين بعد أن أسندوا مسؤولية ادارته و تشغيله إلى الدكتور ( دفن فورث جونسن ) و كانوا الذين تقدموا للعمل ستة أفراد منهم شخص اسمه بهزاد ، و أنا لست منهم ، إلا أنني ذهبت معهم لمقابلة الدكتور فورث من تلقاء نفسي بعد أن عركتني الحياة التي هي أكبر مدرسة ، بل أكبر جامعة لي ، كان الاختبار الذي أجراه لهم الدكتور بسيطاً ، مثل ما هو اسمك ؟ أكتب اسمي ( طبعاً باللغة الانجليزية ) ، فلم يجب أحد منهم على اسئلة الدكتور، فتدخلت أنا الذي دسست نفسي معهم و كنت أجيد الاجابة على اسئلته حيث كتبت اسمي باللغة الانجليزية ،و كذلك اسم الدكتور الممتحن ، إضافة إلى تهجي الابجدية الانجليزية ، فاختارني من بين المرشحين الستة براتب شهري قدره 30 روبية ، كان هذا في عام 1940 م ، وقبل أن يجهز المستشفى حيث أرسلت للعمل في عيادة تقع شرق حوطة أبل قريبة من القلعة لمعالجة الشرطة و المساجين و اليهود ، كما عملت في مستشفى الولادة أيضاً ، أنا و صيدلي اسمه اكرم ، وكنت عندما التحقت بمستشفى النعيم يوجد به طبيب واحد هو ( ديفيد بورت جونز ) الذي عمل لمدة ستة أشهر فقط ، ثم ترك العمل بالمستشفى على أثر نشوب خلاف بينه و بين ( ناير ) المواطن الهندي ، سكرتير تشارلز بلجريف مستشار حكومة البحرين في الفترة ما بين 1926 و 1957 م ، و التحق بالجيش البريطاني ، فحل محله الدكتور ( سنو ) ، و كان يعمل في مكتب المستشار في تلك الفترة : سعيد الزيرة ، السيد محمود العلوي ، ميرزا الغريفي سلمان ساتر ،و كان راتبي قد صعد من مبلغ خمس روبيات شهرياً في مستشفى فيكتوريا إلى 30 روبية في مستشفى النعيم ، وكانت أول وظيفة اشغلها في المستشفى هي وظيفة مساعد ممرض ، وأنا أول بحريني و لي الشرف أن أكون أول ممرض في البحرين اما بالنسبة إلى النساء ، فكانت المرحومة فاطمة الزياني أول ممرضة بحرينية .

و كانت الأمراض و الأوبئة التي نعالجها عديدة منها الجدري ، الدوسنتاريا ، الملاريا ، التراخوما ، السفلس ، الغرر ، الحصبة ، السل ، بالإضافة إلى الجروح و آلام المعدة و الرأس و اجراء عمليات و تجبيس الكسور و غيرها و قد تدرجت في العمل في مستشفى الحكومة حتى اصبحت في وظيفة مساعدة رئيسة الممرضات ( متمرن ) .

اسأل محدثي عن الطبيب ( سنو ) ماذا يقول عنه ؟

يقول الحاج حبيب غيث ، جيئ بالدكتور ( سنو ) في الاربعينات و كان يسكن في سكن في الطابق الثاني من مستشفى النعيم و هو شخص هادئ و حليم و مخلص في عمله و كان تحت الطلب لأي طارئ ليلاً أو نهارا ، و كان يعمل في ظروف صعبة حيث كانت الامكانيات قليلة و انعدام الاجهزة و المعدات الطبية الحديثة لذا لابد من وجود اخطاء في ظروف شهدت قلة في الاطباء و الممرضين و الفنيين و كثرة المرضى ، و اذكر لك حادثة لادلل على قولي انه في أحد الليالي و كان هو يقوم بواجبه طلب من أحمد الدرازي العامل بالمستشفى أن ينادي على أحد الاطباء و يبدو أن أحمد كان نائماً فأسرع و نادى زوجة الدكتور سنو التي إستيقظت في الحال و جاءت مسرعة و نظراً لكون الدرج خشبي سقطت على الأرض و أنكسرت رجلها ، و أجريت لها عملية التجبيس دون أن يغضب أو يقيل أحمد الدرازي الذي تسبب في الحادثة . و حول الذين عملوا معه خلال فترة عمله في المستشفى الحكومي يقول الحاج حبيب غيث هم عديدون منهم : الدكتور سيد أحمد و دكتور أدم ، محمد رحمة ، جعفر المخرق ، و إبراهيم الزياني ، حميد صنقور ، يوسف العبيدي ، حمد الجراح ، و المتمرن ( هير يوثل ) رئيسة الممرضات ، ثم توجهت الحكومة لجلب الاطباء و الممرضات من الهند، وكان راتب الطبيب 350 روبية و الممرض 90 روبية .

و حول إطلاق الأهالي تسمية ( بيت الحكيم ) على بيته يضحك الحاج حبيب و يقول : بعد ان أصبحت متمهن في التمريض حيث بعثنا في دورة إلى لندن لمدة سنتين أنا و إبراهيم الزياني ، وعرفت عن الأمراض و الأوجاع و ادويتها الشيء الكثير بحكم فترة الممارسة الطويلة ، أخذت أعالج الأهالي مجاناً عندما يأتون إلى البيت و كان الناس على الفطرة و على نياتكم ترزقون ، وكنت و الحمد لله قد أفدت الأهالي الذين أما أعالجهم مجاناً عندما يأتون إلى منزلي في أوقات غير أوقات الدوام الرسمي أو عندما يأتون إلى مستشفى النعيم أثناء الدوام ، من هنا قامت جسور من المحبة و الثقة بيني و بينهم كان ثمارها إطلاقهم عبارة ( بيت الحكيم ) على بيتي .

اسأل محدثي عن كيف تزوج إبنة خالتي المرحومة مهدية أم أولاده مع أن أسرتها تسكن في فريق أبو صرة ( بن سلوم ) و هو يسكن في رأس رمان ، أيام لا توجد مواصلات كسيارات اليوم فيقول : الزواج كما يقال قسمة و نصيب ، ونحن جيل الماضي لا نقيم علاقة قبل الزواج مع الفتاة التي نختارها كزوجة ، كما هو حاصل اليوم ، بل كنا نعتمد في زواجنا على اختيار أهلنا لنا الزوجة التي يرونها و يرتضونها ، و كانت توجد فتاة تسكن في نفس الفريق الذي أسكنه سميت لي أي أمنية عائلتها و عائلتي أن نتزوج عندما نكبر ، إلا أن أختي اشترت بقرة و أخذت تستثمرها من خلال بيع حليبها ، فتمت المنافسة من قبل عميلتنا السابقة ( أم عبدالله ) التي كنا نشتري منها حليب الصباح ، لدرجة أنها أي المرأة عميلتنا السابقة ذهبت إلى أم البنت المسمية لي و قالت لها : ويش تعطين بنتك هذا اللي ( يبول و هو واقف ) ، و أخذت تشنع علي بما لم ينزل الله من سلطان نكاية بأختي حتى نجحت في تكريه أهل البنت في ، ومضت الأيام و تتعرف أختي على خالتك المرحومة خديجة السباع لكونهما الاثنتان يبيعان حليب بقر، لكن المسافة بينهما كبيرة فلا منافسة بينهما، ومن هنا خطبت أمي إبنتها مهدية يرحمها الله و يحسن إليها ، وقد ساعدتها في مهمتها جارتنا القديمة لولوة ، وكان من ثمرة هذا الزواج المبارك أولادي و بناتي ، وهم : آمنة ( ماتت ) ، مريم ( زوجة مهدي) ، خليل ، صالح ، إبراهيم ، يوسف ، عبدالكريم ، أمال ، كريمة .

و متى أحلت إلى التقاعد ؟

يجيب الحاج حبيب غيث قائلاً : أحلت إلى التقاعد عام 1981 م ، و نظراً لكوني قد اعتدت على العمل و على ملء الفراغ و تمضية الوقت بما يفيد ، فقد هاجرت إلى قطر و عملت هناك لمدة خمس سنوات ، براتب مضاعف مع توفير السكن و الطعام و لوازم الحياة الاخرى ، وكنت أزور البلاد بين وقت و أخر .

وبعد مضي السنوات الخمس طلبت مني المرحومة ام العيال البقاء و عدم التغرب .

و ما هي قصة المدخل ، هذا الذي يفصل بين بيتك و موقع مستشفى فيكتوريا التذكاري ؟؟

يجيب الحاج محمد غيث قائلاً بعد ان فتحنا أبواباً من جهة الشمال لبيتنا و بيت اختي و بقية البيوت و كلها تطل على أرض فيكتوريا ، فوجئنا بطلب غلق هذه الابواب لأنها في حدود الأرض التي حوت مبنى مستشفى فيكتوريا ، وهذا الطلب تلقيته من أحمد درويش رئيس الأشغال العامة آنذاك و حسن مهنا رئيس في دائرة الأشغال فأخبرت صديقي يوسف ابن الشيخ رئيس بعثة الحج الذي كنت أنا أحد أعضائها لمدة تزيد على 12 عاماً ، فاخذني إلى الحاج حسن المديفع و ذهبنا إلى المغفور له بأذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين حينها ، وشرحنا له ما جئنا من اجله و حيث أنه يرحمه الله ويحسن إليه ،يعرفني معرفة جيدة و يسميني ( ممرض الوالد ) ، لذا ما أن عرضت عليه مشكلتي حتى أمر بتوفير هذا الممر الذي يفصل بين بيوتنا و المقر القديم لمستشفى فيكتوريا . و حول مصير الموقع ( مستشفى فيكتوريا ) الآن يقول : كان ملكاً للحكومة بعد ان تنازلت عنه السلطات البريطانية ، وكانت النية لوزارة الصحة أن تنشئ عليه مركز ابن سينا الصحي ، إلا أنه بعد المعاينة من قبل مسؤولي وزارة الصحة السابقين ، ومنهم الدكتور علي فخرو و الدكتور إبراهيم يعقوب و الدكتور راشد فليفل و غيرهم ، استعاضوا عن هذا الموقع ببيت فاروق ، وتمت عملية التبادل مع دفع وزارة الصحة مالاً اضافياً لورثة بيت فاروق مع إعطائهم أرض موقع مستشفى فيكتوريا التذكاري .

و لي كلمة

لقد كان الحاج حبيب غيث شعلة من النشاط ، وشعلة من الحماس لعمله كما عرف عنه عصاميته و احترامه لمرضاه و احترام أوقات العمل و الإنضباط الإداري ، كما كان يفيض حباً ووداً انعكس على من يتعامل معهم ، و ذلك في تقديمه للخدمات الصحية و غير الصحية لمن يرتاد المستشفى الذي عمل فيه ، ولمن يطرق عليه باب منزله .

و بعد نصف قرن من العمل الدؤوب تقاعد الحاج حبيب غيث عن عمله الرسمي ، ولكونه لم يعتد على الجلوس و الراحة فقد امتهن له مهنة أخرى سواء خلال وجوده في بلده البحرين أو أثناء اقامته في إحدى دول الخليج مواصلاً عمله الحر الجديد بنفس الحماس و بنفس الإندفاع و بنفس الحب ، حتى عاد إلى وطنه مرة أخرى ليعيش استراحة المحارب الذي لا يهدأ و لا يستكين ليحقق الغاية النبيلة و يبلغ الهدف السامي . هكذا نجح الحاج حبيب غيث في حياته المهنية كما نجح في حياته الأسرية أمد الله في عمر ممرضنا الحاج حبيب غيث ، ومن عليه بالصحة و العافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...