الثلاثاء، 10 مايو 2011

في ذكرى رحيل الإذاعي العراقي يونس بحري...

كتبها يوسف صلاح الدين

مر 32 عاما على رحيل الاذاعي العراقي يونس صالح بحري الجبوري الذي اقترن اسمه خلال الحرب العالمية الثانية بالزعيم الالماني ادولف هتلر وافتتاحية اذاعة المانيا النازية العربية »هنا برلين.. حي العرب« وتفوقت اذاعة برلين على اذاعة لندن العربية عندما طلب يونس من غوبلز وزير الاعلام الالماني الموافقة على تلاوة القرآن الكريم في افتتاحية الاذاعة فتردد ولكن هتلر سمح بذلك مما اجبر اذاعة لندن على ادخال تلاوة القرآن الكريم في افتتاحيتها.كان يونس أحد أسباب نجاح اذاعة برلين لما لديه من خبرة اذاعية سابقة في اذاعة الزهور التي انشأها الملك غازي بن فيصل ملك العراق في قصره في سنة 1936 مما حتم على بريطانيا انشاء اذاعة بغداد بعدها بأشهر.سبقت مصر باقي الدول العربية في انشاء اذاعات أهلية خاصة منذ سنة 1926 وانشئت اذاعة القاهرة في سنة 1934 والاذاعة الايطالية العربية التي تبث من باري في سنة 1932 واذاعة القدس في سنة 1936 واذاعة هنا لندن العربية في سنة 1938 واذاعة فرنسا العربية في سنة 1939 واذاعة جنين في سنة 1941 وانتقلت الى قبرص في سنة 1948 والاذاعة الروسية في سنة 1943 وصوت امريكا في سنة 1951 وكان ليونس كثير من المستمعين لجراءته وتصرفه على هواه في اذاعة برلين وكان يفخر باذاعته نشرات الاخبار وهو سكران واستخدام كلمات سوقية وغير لائقة ولقب الملك عبدالله بن الحسين بالحاخام ونوري السعيد بالنور الشقي بفتح النون والواو والأمير عبدالاله بالصبي.سمعت في صغري من جدي الحاج احمد بن حسن ابراهيم وجدي الحاج محمد بن عبدالله جمعة ابراهيم التميمي رحمهما الله كثيرا من نوادر يونس وعن ظروف الحرب وتأثيرها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البحرين ومنع السلطات البريطانية من الاستماع الى اذاعة برلين العربية بفرضها عقوبة السجن والغرامة ومصادرة المذياع مما أجبر الناس على الاستماع لاذاعة برلين خفية ونظرا لتأثير البث الاذاعي الخطير في مختلف الشعوب خلال الحرب فان الدول المشاركة في الحرب منعت شعوبها من الاستماع للمحطات المعادية لها ومنعت بريطانيا شعبها من الاستماع الى اذاعة برلين الانجليزية وسمت مذيعي الاذاعة الانجليزية باسم لورد هاو هاو وأشهرهم كان الانجليزي الايرلندي ويليام جويسي الذي اعتقل بعد الحرب واعدم في 3 يناير .1946
كان اقتناء المذياع مكلفا ولكن بسبب الحرب تبارى الناس في اقتنائه حتى بلغ أعدادها 511 مذياعا في البحرين وكانت الدول المشاركة في الحرب تتنافس لاستقطاب الشعوب العربية مما حفز السلطات البريطانية على افتتاح اذاعة محلية لمنع البحرينيين من الاستماع الى اذاعتي برلين وباري وقد افتتحها المغفور له باذن الله صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة في سنة 1940 في منطقة الحورة وكانت تسمى بالتيل (التلغراف) وكان البث مدة نصف ساعة ثم مد البث الى ساعة واحدة وتشمل تلاوة القرآن الكريم وأخبار الحرب وأغاني المطربين الشعبيين وبرامج الشعر وتمثيلات محلية وبعد نهاية الحرب اغلقت الاذاعة ولكن المغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أمر بافتتاح اذاعة البحرين في سنة 1955، وعرف يونس بالسائح العراقي والسندباد العراقي في العالمين الاسلامي والعربي قبل أن ينضم الى اذاعة برلين لأنه حسب قوله طاف العالم أربع مرات!! ونشر تفاصيلها ومنها مقابلته مع الملك عبدالعزيز آل سعود في الرياض في سنة 1925 وبحضور الأمير فيصل عندما علم الملك عبدالعزيز بولادة مولوده الثالث والستين فابتسم الامير فيصل فأستفسر الملك عبدالعزيز عن ابتسامته فأخبره ان يونس لديه اربعة وستون مولودا من الذكور غير الاناث. شارك يونس من دون اعداد مسبق في سباق لعبور القنال الانجليزي سباحة وفاز بالمركز الاول وأصدر يونس عدة مطبوعات كجريدة العقاب السياسية الأدبية وعمل في اذاعة قصر الزهور التي انشأها الملك غازي لتعبر عن آرائه خلال سنوات 1935 إلى .1939
هرب يونس بطريقة افلام المغامرات من العراق في سنة 1939 بعد وفاة الملك غازي في حادث سيارة لأن يونس اتهم في صحيفته الانجليز ونوري السعيد والامير عبدالاله بافتعال حادث السيارة لأن الملك كان ضد الانجليز فخرجت مظاهرة كبيرة في الموصل ادت الى مقتل القنصل البريطاني فادرك يونس خطورة بقائه في العراق فساعده القنصل الالماني في بغداد على الهرب الى المانيا وأصبح يونس خلال فترة قصيرة قريبا من القيادة الالمانية وقابل هتلر والزعيم الايطالي بينيتو موسوليني وكان يحضر الاحتفالات الرسمية مرتديا البدلة العسكرية الالمانية برتبة مارشال. كان يونس مطلوب القبض عليه بعد سقوط برلين وقصة هروبه مثيرة وبعض أحداثها يصعب تصديقها منها تغيير اسمه العربي الى اسم مشابه بالحروف اللاتينية وقوله ذهابه مع بعض العرب الذين حاربوا مع الجيش النازي الى شارل ديغول طلبا لمساعدته وقول آخر عن وصوله إلى مرسيليا من دون أن يقع بيد الحلفاء وسفره الى الجزائر وأن الملك عبدالله بن الحسين طلبه للاقامة في الأردن. هاجم يونس الزعيم جمال عبدالناصر بأمر من نوري السعيد قبل يوم واحد من انقلاب 14 يوليو 1958 وبعد مدة أطلق سراحه الزعيم عبدالكريم قاسم وفتح يونس بحري مطعما في بغداد وكان منتدى للسفراء والوزراء والكتاب وكان يونس يقوم بطبخ الاطباق العديدة التي تعلمها من رحلاته العديدة ولكنه غادر الى بيروت بعد ان وعد قاسم بعدم مهاجمته اعلاميا في الخارج وخصص قاسم له راتبا بمائة دينار يتسلمها شهريا من السفارة العراقية في بيروت.
اصدر يونس بعض الكتب والمجلات منها مذكراته في سجن ابوغريب وانتقل الى باريس وأصدر مجلة العرب وانتقل الى الكويت وابوظبي واصدر صحيفة ابوظبي نيوز الناطقة بالانجليزية وعمل مسئولا في وزارة اعلام ابوظبي. هناك تناقض ومبالغة في مذكرات يونس المنشورة في حلقات صحفية عن الأماكن التى زارها وتواريخها وعلاقاته مع الملوك والروساء وعلاقاته النسائية ووقوعهن في حبه وتركهن لحبه الحرية والانتقال الى بلاد أخرى وقال في مذكراته:
أنه تزوج تسعين زوجة شرعية والف زوجة مدنية وانجب من الاولاد 365 ذكرا ولم يرى او يربّ أيا منهم وذكر في أحد المقالات أن أحد أبنائه وهو رعد يونس بحري كان قائد الأسطول الفلبيني (ملاحظة قمت بالدخول على موقع البحرية الفلبينية ولم أجد هذا الاسم) ولا يعلم يونس عدد الاناث وله الف حفيد وقابل معظم رؤساء العالم وله صداقات معهم وحكم عليه بالاعدام أربع مرات ويجيد 16 لغة وانشأ 16 اذاعة وأنه ولد في أول القرن يقصد في سنة 1900 وقول آخر في سنة 1903 وأن اول سفرة له كانت في سنة 1923 ورجع الى العراق بعد سنتين وقول آخر اول سفرة كانت في سنة 1921 لمدة ثلاث سنوات وعشرة أشهر ورجوعه الى العراق في سنة 1924 كان يونس يفخر بتدينه ولهوه ومجونه ووفائه وغدره ووطنيته وهناك قول بكونه جاسوسا للانجليز وكان يتنقل حاملاً في حقيبته جواز سفر، قنينة عرق، فرشاة أسنان وأدوات الحلاقة.
افتخر يونس بكونه إمام أول مسجد في باريس في سنة 1927 ويؤذن للصلوات الخمس ويتولى إمامة المصلين عند الحاجة وفي الليل كان يعزف على العود ويغني ويرقص في ملهى شرقي بالقرب من المسجد وعمل في الهند مراسلا لصحيفة هنديه وراهبا في النهار وراقصا في ملهى ليلي وأصدر في اندونيسيا مجلة الحق والاسلام ومجلة الكويت والعراق مع عبدالعزيز الرشيد سنة 1931 وتوقفت عن الاصدار سنة 1937 وعمل مفتيا في احدى جزر اندونيسيا ومن نوادره حضور أحد السكان المسنين وبصحبته فتاة في منتهى الجمال طالبا منه عقد قرانه عليها ولكنه استحلى الفتاه فقال للرجل انه لا يجوز شرعا لرجل مسن الزواج بفتاة اصغر منه سنا فترك المسن الفتاة و تزوجها يونس. مات يونس وحيدا ومفلسا في بغداد في مارس 1979 بعد حياة حافلة وقاسية وسعيدة وحزينة ومترفة وبائسة مؤكدا القول المعروف »سبع صنايع والبخت ضايع« ولكنه لم يتحسر على شيء لانه عاش حياته كما تحلو له من غير ضوابط. ولكنه ترك تراثا من الصعب نسيانه ومازال الناس يستمتعون بقراءة مذكراته وكتبه التى كتبها باسلوب بسيط ومشوق وبلغت ستة عشر كتابا. أثناء كتابتي هذا المقال أعلمني الباحث الأستاذ بشار الحادي مشكورا بأن يونس زار البحرين في يوم الأربعاء 9 يوليو 1930 وأول من قابل عند وصوله هو السيد سلمان كمال الذي أخذه الى السيد يوسف بن عبدالرحمن فخرو بالمحرق وفي يوم الجمعة بعد الغداء اجتمع يونس بحري مع سلمان كمال، يوسف فخرو، قاسم الشيراوي في عمارة علي بن عبدالله العبيدلي واثناء المناقشات في بعض الأمور السياسية عن حزب الوفد والدستوريين غضب أحمد فخرو لأنه فضل في العلم مكرم عبيد على مصطفى النحاس.عزم سلمان كمال يونس بحري، أحمد بن حسن ابراهيم، محمد عبدالله جمعة واخرين على الغداء وعزم يوسف بن أحمد كانو يونس بحري وآخرين على العشاء وفي اليوم التالي احتفل المنتدى الاسلامي بيونس وحضر الاحتفال كثير من الوجهاء وشكلت لجنة في المحرق برئاسة أحمد فخرو للاحتفال بيونس في مجلس المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة.غادر يونس البحرين يوم الثلاثاء 22 يوليو 1930 الى كراتشي في طريقه الى اندونيسيا لاصدار صحيفة مع الشيخ عبدالعزيز الرشيد وودعه في فرضة المنامة كل من سلمان كمال، يوسف بن أحمد كانو، جاسم وعلي ابنا محمد كانو، علي ابراهيم الكليب، عبدالرحمن الزياني، محمد الباكر، أحمد بن حسن ابراهيم.
ولكني لم أسمع من جدي او أي شخص آخر عن هذه الزيارة ولم يذكرها يونس في مذكراته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...