الثلاثاء، 11 مايو 2010

التاجر الوجيه هزيم بن عبد القادر السادة


التاجر الوجيه
هزيم بن عبد القادر السادة
(1266هـ-1339هـ) (1850م-1921م)
هو: الوجيه المحسن، وتاجر اللؤلؤ المشهور، الحسيب النسيب، السيد هزيم بن عبد القادر بن هزيم بن محمد بن هاشم بن إبراهيم بن أحمد بن كاسب بن يعقوب بن شعبان بن محمد بن محمد الصالح بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حسن بن حسين أبو الفضل بن يوسف بن رجب الكبير بن شمس الدين محمد بن عبد الرحيم ممهد الدولة بن سيف الدين عثمان بن حسن بن محمد عسلة بن علي الحازم أبو الفوارس بن أحمد المرتضى أبو علي بن علي أبو الفواضل بن الشيخ حسن رفاعة المكي بن المهدي أبو رفاعة بن محمد أبو القاسم بن الحسن أبو موسى بن الحسين أبو عبد الله بن أحمد الصالح بن موسى الثاني بن إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبيلة السادة الرفاعي الحسيني الهاشمي.
قبيلة السادة:
قبيلة السادة هي إحدى القبائل المعروفة، وموطنها الأصلي هو مدينة الرويس شمال دولة قطر، التي أسسها الجد الأول للقبيلة السيد أحمد بن كاسب. ومن السادة الآن من يسكن مدينة الدوحة كما ينتشر بعضهم في بعض دول الخليج.
هاجر جد القبيلة السيد أحمد بن كاسب من العراق على إثر غزو فارسي لجنوب العراق ففي أواخر رجب عام 1145هـ (1732م) بدأ نادر قلي بحشد قواته للهجوم على بغداد واستطاع في وقت قصير محاصرة بغداد والسيطرة على سامراء والحلة وكربلاء والنجف والديوانية وعلى الرغم من الضيق الذي أصبح عليه السكان في بغداد بسبب الحصار الشديد الذي فرضه عليهم نادر قلي حيث أخذت ويلات المجاعة تأخذ شكلاً مروعاً فإنهم أصروا على المقاومة ووصلت الحال بأهالي بغداد إلى أن أكلوا لحوم الحمير والكلاب والقطط، ولكن أهل بغداد بقيادة أحمد باشا أبو الاستسلام لنادر قلي وفي اليوم السادس من الصفر عام 1146هـ (19 تموز 1733م) وصلت القوات العثمانية بقيادة طوبال عثمان باشا لإنقاذ بغداد من حصار الإيرانيين، ووقعت معركة شديدة بين الطرفين قرب بلد واستمرت تسع ساعات متواصلة وانتهت بهزيمة ساحقة للإيرانيين وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح تقدر بثلاثين ألف قتيل وثلاثة آلاف أسير. أنظر (موسوعة تاريخ إيران السياسي) للدكتور حسن كريم الجاف (3/94).
وحيث إن السيد أحمد بن كاسب لم يستطع البقاء في العراق فقد هاجر إلى الكويت ولم يقم فيها طويلاً، وبعد وفاة زوجته أم هاشم سافر عبر البحر مروراً على المنطقة الشرقية فالبحرين إلى أن وصل قطر، وكان بصحبته ابنه الأكبر هاشم.
اليوسفية:
سكن السيد أحمد قرية اليوسفية الواقعة جنوب قرية أبو الظلوف حالياً وعاش هناك مع قبيلة المنانعة وتزوج منهم ورزق من زوجته بـ: عز الدين، وشعبان، وإبراهيم، وتاجر.
الغبيبة:
ثم انتقل السيد أحمد من اليوسفية إلى منطقة بين الرويس وأبو الظلوف تسمى "الغبيبة" (أرضها رملية ويظهر فيها الفقع، تتحسن تربتها باتجاه الجنوب وبها مرتفعات بسيطة وتقع على أطراف الساحل عند مدخل ميناء الرويس حالياً)، سكن مع السيد أحمد بن كاسب في الغبيبة ناس لم يتسنى معرفة أصولهم.
الرويس مستقر الأسرة:
بعد ذلك انتقل السيد أحمد إلى منطقة الرويس التي لم تكن مأهولة، وبنا فيها بيته ومسجده. امتد به العمر هناك وكبر أبناؤه وأصبح معروفاً لعلمه وتدينه، حيث كان المفتي والإمام والخطيب. جاء بعلمه من العراق وقد حاز على إجازة الفتوى على المذهبين الشافعي والحنفي، يتردد عليه الكثير من الناس من أبرزهم المنانعة، كان يتواصل معهم وكذلك مع أهل الغبيبة وساعد في ذلك قرب المكان. من غير المعروف عن السيد أحمد بن كاسب فيما إذا كان قد أنجب أولاده في اليوسفية أو الغبيبة أو الرويس، إلا أنه عاش معظم حياته مع أبنائه في الرويس وتوفي فيها. بعد أن توسعت الرويس في عصر السيد أحمد، كان الناس يأتونه ويصلون معه الجمعة، ويقصدونه لطلب علوم الدين والكتابة، حتى إنه لم يكن يجد الوقت الكافي لذلك، فأوكل المهمة إلى ابنه عز الدين، الذي كان أبرز من تأثر بعلمه من بين أبنائه وأصبح من بعده الشيخ والمفتي.
عند قدوم السيد أحمد بن كاسب من العراق، كان في سن 40 إلى 45 عام وتوفي عن الثمانين عاما تقريباً. وقد تولى أبناؤه مهامه وأخذوا مكانته عند هرمه وبعد وفاته. في ذلك الوقت كان أفراد السادة من ذريته لازالوا قليلي العدد في الرويس، وحتى القرى المجاورة كانت قليلة المنازل. بدأت الرويس تكبر وتزدهر، وتكاثرت فيها ذرية السيد أحمد، وانتقل منها عدد من ذريته إلى البحرين والكويت وشرق السعودية والإمارات المتصالحة آنذاك.
والد السيد أحمد هو السيد كاسب بن يعقوب بن شعبان، توفي في بغداد وقبره موجود حالياً في شارع الرشيد. وكان مسقط رأسه قرية "السبيليات" في جنوب العراق بالقرب من البصرة وشط العرب. ويسكنها حالياً من يسمون بالشعابين من ذرية السيد شعبان بن محمد الدرويش بن محمد الصالح، وهو جد السيد أحمد بن كاسب.
هاشم يغادر إلى الكويت:
أما هاشم أكبر أبناء السيد أحمد، والذي هاجر معه إلى قطر فقد عاد إلى الكويت، وتزوج هناك من أهل أخواله وعرفت ذريته بآل هاشم الذين يسكنون الكويت، ويسمون الرفاعية حالياً، ومنهم السيد سليمان بن علي وذريته، والسيد عبد المحسن وجماعتهم.
أسرة السيد هزيم:
والده هو السيد عبد القادر بن هزيم بن محمد السادة تزوج ورزق بولدين هما: السيد أحمد والسيد هزيم -المترجم له- فأما أحمد بن عبد القادر فرزق من الذرية بـ: يوسف، وخالد، وحمد، وعلي، ومحمد، وصالح، وإبراهيم، وعبد الله، وعيسى. وأما السيد هزيم فيأتي الحديث عن ذريته. ويذكر أن الذي انتقل من الرويس إلى البحرين هما السيدان عبد القادر ومحمد أبناء هزيم بن محمد بن هاشم بن إبراهيم السادة وهم أول من سكن حالة النعيم، ثم جاؤوهم النعيم، فهم سكنوا شمال الحالة، والنعيم سكنوا جنوب الحالة، وأصبحوا هم الأكثر أي النعيم، فسميت الحالة بحالة النعيم واستمر الاسم إلى اليوم.
المولد والنشأة:
ولد السيد هزيم بن عبد القادر في حالة النعيم بالبحرين ونشأ بها في أسرة محافظة وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وحفظ قسطاً وافراً من القرآن الكريم.
عمله في تجارة اللؤلؤ:
يذكر السيد خليفة بن إبراهيم بن خليفة بن عبد الغفور السادة أن السيد هزيم بعد أن شب وكبر عمل في تجارة اللؤلؤ، وكان يساعده في هذه المهنة شقيقه الأصغر السيد أحمد بن عبد القادر السادة، وقد كانت تلك الفترة التي عملوا فيها من أفضل الفترات، حيث كانت أسعار اللؤلؤ في ارتفاع متواصل، وكانت تدر عليهما أرباحاً طائلة، فكانا يتعاونان في السفر إلى بلاد الهند فأحياناً يسافران معاً، وأحياناً يسافر أحدهما، ويبيع للآخر ما يجمعه من اللآلئ.
سفنه:
ويذكر العم يوسف خليفة بوقيس - وهو من أهالي حالة النعيم وقد عاصر المترجم له- أن السيد هزيم كانت لديه سفينة تدعى "سهالة" وهي من نوع الجالبوت، أما شقيقه السيد أحمد بن عبد القادر فكانت سفينته تدعى "فتح الخير" وهي من نوع الجالبوت أيضاً، ويشير العم يوسف بوقيس إلى أن "سهالة" كانت أكبر وضخم من سفينة "فتح الخير". ويذكر أنه بعد وفاة السيد هزيم بيعت سفينة "سهالة" على السيد إبراهيم بن خليفة بن عبد الغفور السادة وهو من تجار اللؤلؤ من أهالي منطقة الحد وكان يستعملها للطواشة.
زواجه وأولاده:
تزوج السيد هزيم بأكثر من زوجة، الأولى هي السيدة مريم بنت شمسان والثانية هي السيدة لطيفة بنت خليفة بن عبد الغفور السادة ورزق منهن بعدد من الأولاد والبنات وهم: محمد، وخليفة، وعبد الله، وآمنة، ومريم، ورقية.
فأما محمد بن هزيم فرزق بـ: هزيم.
وأما خليفة بن هزيم فرزق بـ: نجيب.
وأما عبد الله بن هزيم فرزق بـ: عبد الباسط، وأحمد، وتركي، وهزيم ، وصالح، وعدنان.
أصدقاؤه من التجار:
كان السيد هزيم على صلة وثيقة بعدد من تجار اللؤلؤ من أمثال الشيخ راشد بن مهنا النعيمي شيخ قبيلة النعيم، والحاج فضل بن مهنا النعيمي، والسيد خليفة بن عبد الغفور السادة، وغيرهم.
صلته بالشيخ عيسى بن علي:
كان السيد هزيم على صلة وثيقة بحاكم البلاد آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وكان من المقربين لديه، يستشيره في أمور الحكم والسياسية، ويأخذ برأيه ومشورته.
صفته وهيئته:
يصف العم يوسف بوقيس السيد هزيم بن عبد القادر - وهو من أواخر من رآه من أهل البحرين إن لم يكن آخرهم على الإطلاق – يصفه بأنه ضخم الجسم، معتدل القامة، إلى الطول أقرب منه إلى القصر، وبشرته بيضاء، أما لحيته فقد ملأها الشيب. كما يذكر العم يوسف أنه كان يمتلك (دربيلاً) منظاراً، ودائماً ما يضعه عنده يراقب به المنطقة، كذلك كان لدى شقيقه السيد أحمد بن عبد القادر (دربيل) منظار آخر.
صفاته وأخلاقه:
يذكر العم يوسف بوقيس أن السيد هزيم كان صاحب كرم زائد عن الحد والوصف، وأنه من أثرياء البحرين آنذاك، كما تميز بأخلاقه العالية، وآدابه الراقية، طيب القلب، عف اللسان، نظيف الثياب، ذا نخوة عربية ومروءة.
السيد هزيم أول مالك لسفينة بخارية في تاريخ البحرين:
كما يذكر أن السيد هزيم هو أول من تملك سفينة بخارية – أي ذات محرك بخاري- في تاريخ البحرين، وكان ذلك في عام 1338هـ (1919م) ولذلك حكاية ظريفة يرويها لنا العم يوسف بن خليفة بوقيس وهو من أهالي حالة النعيم وقد عاصر تلك الحادثة وحضرها شخصياً يقول:
في عام 1337هـ (1918م) أُصيب أحد التجار الهنود من طائفة البونيان بضائقة مالية كبيرة فأراد سُلفة من أحد تجار البحرين، وقد كان مبلغ السُلفة بآلاف الروبيات، لكن لم يشأ أي أحد من تجار البحرين آنذاك أن يقوموا بإقراض هذا التاجر، خصوصاً وأنه ليس من أهل البلد، كما أن المبلغ كبير للغاية، فقد كانوا يخشون أن يأخذ المبلغ ويهرب به دون رجعة، وبالتالي فقد قام هذا التاجر الهندي بعدة محاولات مع تجار البحرين إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، وفي آخر المطاف دُل على السيد هزيم بن عبد القادر، فقرر زيارته وكان معه ترجمان فشرح له الأمر بالتفصيل ثم سأله رأيه. فأطرق السيد هزيم قليلاً ثم قال لا مشكلة توكلنا على الله فاستغرب التاجر الهندي من موافقة السيد هزيم على إقراضه هذا المبلغ الضخم وقال له: انصرف أنت الآن وأنا أرسل لك المال فيما بعد. وبعد أن وصل التاجر الهندي إلى متجره واستراح وجد طارقاً يطرق عليه الباب فإذا هو بخادم السيد هزيم وقد أحضر المال فسر هذا التاجر الهندي سروراً عظيماً بذلك، وأمر كاتبه أن يقوم بكتابة ورقة تثبت حق السيد هزيم في المبلغ، وأنه قرض إلى أجل، ثم وقع على الورقة، وأرسلها إلى السيد هزيم كي يبقيها عنده ليطالبه بالمبلغ في أي وقت شاء، فلما وصل خادم التاجر الهندي إلى السيد هزيم وأعطاه الورقة قرأها فلما رأى ما فيها غضب السيد هزيم ومزق الورقة، وقال للخادم: قل لسيدك أنه ليس بيننا وبينك ورق، إنما هي الثقة فحسب، والله على ما نقول شهيد.
فلما ذهب الخادم لسيده الهندي وأخبره ماذا قال السيد هزيم فرح كثيراً وقرر أن يكافئ السيد هزيم على معاونته له، وعلى ثقته به وهو لا يعرفه. وسافر هذا التاجر إلى الهند وهناك قام ببيع محصوله من اللؤلؤ، وجنا من ذلك أرباحاً كبيرة، وأراد أن يكافئ السيد هزيم فقام واشترى له سفينة بخارية وملأها بالرز والطعام والخيرات من جميع الأصناف، ثم أرسلها إلى السيد هزيم مع أحد خدامه.
يقول العم يوسف بوقيس: ولما وصل هذا المركب إلى حالة النعيم استغرب الناس وتقاطروا عليه يريدون النظر إليه، حيث إن المراكب البُخارية عادة لا تدخل إلى حالة النعيم بل تمر عليها من بعيد. يقول العم يوسف: وقد حملني بعض الأهالي وكنت إذ ذاك صبياً صغيراً ووضعوني في سفينة صغيرة، وذهبنا نشاهد المركب ونتفرج على ما فيه عن قرب، يقول: وقد كان المركب محملاً بالكثير من الأطعمة والخيرات من شتى الأصناف. وقد قام خادم هذا التاجر الهندي بالنزول عن المركب وذهب لإعطاء السيد هزيم رسالة من التاجر الهندي يذكر فيها أن هذا المركب وما فيه هو هدية منه على ما قدمه، وعلى أخلاقه الفاضلة، كما أن الخادم أعطاه مبلغ السُلفة كاملاً.
ويشير العم يوسف بوقيس إلى أن الأمر لم يخف على تجار اللؤلؤ، حيث إنهم علموا في نفس اليوم قصة السفينة البخارية التي وصلت للسيد هزيم بن عبد القادر، فأصابهم من ذلك غم شديد، وذهبوا على الفور إلى حاكم البلاد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ليشتكوا على السيد هزيم.
فقلت للعم يوسف بوقيس: لماذا يشتكي تجار اللؤلؤ على السيد هزيم؟
فقال: لسببين،
الأول: هو أن السيد هزيم كان من عادته أنه إذا جاء لشراء اللؤلؤ فإنه لا يتعب النواخذة ولا يطيل الكلام معهم والأخذ والرد، بل يسألهم سؤالاً واحداً وهو: كم أعطوكم في القماش؟
فيجيبون: كذا.
فيقول لهم: حسناً هذا المبلغ وزيادة، هل هذا يناسبكم؟
فيجيبون: نعم، فينتهي الأمر عند هذا الحد، ولذلك فلم يكن النواخذة يبيعون على أحد سوى السيد هزيم، فكانوا يقدمونه على غيره من التجار، ولا يبيعون على أحد إذا كان هو موجوداً، والسبب في ذلك هو حسن تعامله مع النواخذة، وإعطائهم أحسن الأسعار في القماش.
والسبب الثاني: أن السيد هزيم سيستخدم هذا المركب البخاري لينتقل بالسرعة الفائقة إلى الهيرات ويشتري اللآلئ من النواخذة، خصوصاً وأن النواخذة ينتظرونه بفارغ الصبر ليبيعوا عليه، كما أنهم يقدمونه على غيره من تجار اللؤلؤ لحسن معاملته كما أشرنا إلى ذلك، فعند ذاك أيقن تجار اللؤلؤ بأن هذه هي الهلكة بعينها، وأنهم لن يحصلوا على أي شيء من اللآلئ على اليقين لا الشك، وبالتالي فقام جمع كبير منهم بالذهاب إلى حاكم البلاد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وأخبروه الخبر، فما كان منه إلا أن أرسل إلى السيد هزيم يطلب منه أن يحضر عنده في قصره بالمحرق ليعرض له الأمر وشكاية تجار اللؤلؤ، وفعلاً ذهب السيد هزيم إلى الشيخ عيسى بن علي وشرح له سبب استدعائه فقال السيد هزيم للشيخ عيسى: اللي تامر به يا طويل العمر أنا حاضر.
فقال له الشيخ عيسى بن علي: لا تستخدم السفينة البخارية التي أُرسلت لك من الهند.
فقال السيد هزيم: إن شاء الله طال عمرك.
وانتهت المشكلة عند ذلك الحد، وبالتالي فقد ذهب السيد هزيم وكتب رسالة للتاجر الهندي وأخبره بالمشكلة التي حصلت وأنه يشكره على مشاعره الطيبة والنبيلة تجاهه، وأعاد عليه السفينة وما فيها ولم يأخذ منها أي شيء.
المستشار يشير إلى هذه الحادثة في أحد رسائله:
ويذكر أن مستشار حكومة البحرين قد أشار إلى هذه الحادثة في رسالة له أرسلها إلى المعتمد البريطاني وهي بتاريخ 23/4/1928م يقول فيها:
حكومة البحرين
رقم 868
التاريخ 23/4/1928م
إلى معتمد الدولة البريطانية
البحرين
سيدي إشارة إلى مسألة استعمال السفن ذات المحركات اللنجات من قبل الطواويش أتشرف لاطلاعكم على الحقائق التالية:
المسألة مهمة وتهم غالبية العاملين في صناعة اللؤلؤ إذ أنها تتعارض مع مصالحهم وتقلق بالهم بالوقت الحاضر. ينوي حوالي ستة أشخاص من كبار تجار اللؤلؤ استعمال اللنجات للذهاب بها إلى المغاصات لشراء اللؤلؤ على رأسهم جماعة القصيبي التابعين لابن سعود. هذا الأمر حدا بعدد من كبار تجار اللؤلؤ لتقديم عريضة إلى الشيخ حمد يطلبون فيها منع الطواويش من استعمال اللنجات خلاصتها ما يلي: البحرين تعتمد كل الاعتماد على تجارة اللؤلؤ التي يعتاش منها الغني والفقير، والطواويش الذين يذهبون الآن إلى المغاصات يجدون فرص الشراء متساوية بينهم، أما إذا استعملت اللنجات فإن مالكيها سيتفوقون على أولئك الذين لا يملكونها، إذ أنهم يستطيعون التنقل من مكان إلى آخر بسرعة فائقة، وإنه إذا ما صادف يوم، كانت الرياح فيه ساكنة فإن أصحاب اللنجات يستطيعون الذهاب إلى المغاصات وشراء لؤلؤ الغواويص خلافاً للسفن الشراعية التي لا تستطيع الحركة لعدم وجود ريح تحركها.
إن استعمال اللنجات سيغير كل القواعد المتعارف عليها في هذه التجارة ، فمن المتعارف عليه أن من يصل أولاً لسفينة الغواص له الحق في الصعود إليها وأنه لا يجوز لأحد غيره أن يصعد إلى تلك السفينة قبل أن يغادرها. إن اللنجات ستعطي الأغنياء فرصاً وامتيازات كبرى، فمن المعلوم أن التاجر الصغير في الوقت الحاضر لديه فرصة لشراء اللؤلؤ مثله مثل الآخرين المستعملين لنفس وسائل التنقل وإن استعمال اللنجات سيضر بالأغلبية . ومع أن عدداً كبيراً من مقدمي العريضة أغنياء ويستطيعون شراء لنجات ولكنهم مراعاة لشعور متوسطي الحال يعارضون استعمالها، مع العلم أن بعضهم يملك لنجات.
في سنة 1338هـ (1919م) منع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بحريني اسمه سيد هزيم من استعمال لنج للطواشة مع العلم أن المذكور كان صديقاً حميماً للشيخ عيسى وكانت لنجة صغيرة وتسير بالبخار وتطلب العريضة من الحكومة اتخاذ نفس الإجراء الآن ومنع استعمال اللنجات. بعض مقدمي العريضة يقولون إذا كان سيسمح لاستعمال اللنجات، فلماذا الحكومة لم تعلن عن موافقتها على ذلك للجمهور وتلغي المنع الصادر سابقاً؟ اعتقد أن قولهم هذا له ما يبرره. أما أصحاب اللنجات فيقولون إن التجارة حرة وأن استعمال اللنجات خطوة في سبيل التقدم.
ثم يكتب بلكريف بخط يده عبارة تتعلق بمنع السيد هزيم جاء فيها:
صدر الأمر إلى العموم بمنع استعمال اللنجات وبلغ سيد هزيم شفهياً أو كتابياً بمنعه من استعمال لنجه وقد اختلفت الرواية عن حجم اللنج التي أراد أن يستعملها، وقال رئيس الكتاب (الحاج صقر بن محمد الزياني) أنها كانت من الحجم المتوسط بينما روى آخرون أنها كانت عبارة عن مركب صغير، انتهى كلام بلكريف.

من أعماله الخيرية:
قام السيد هزيم بالعديد من أعمال الخير والبر والإحسان، وهذه بعض الأمثلة التي وقفنا عليها أثناء تنقيبنا عن سيرته، وما ذكر يدل على ما سواه.
1-إقراض الحكومة لتوسيع فرضة المنامة:
من الأعمال المهمة التي تذكر للسيد هزيم قيامه بمساعدة الحكومة في توسيع فرضة المنامة في العام 1335هـ (1917م) وذلك عن طريق إقراض الحكومة مبلغاً من المال قدره 2.000روبية، تقوم الحكومة بتسديده على فترات طويلة دون فائدة، وهذا نص ما ورد في الوثيقة:
أولاً: نحن الموقعون أدناه اتفقنا على جمع تبرع بمبلغ 60.000روبية لتوسعة اللسان البحري للفرضة بمقدار أربعين ذراعاً طولاً 10 أذرع عرضاً.
ثانياً: يكون البناء بأحجار مربعة والمتبقي من المبلغ سيخصص لتسقيف جزء من اللسان البحري لحماية البضائع من الأمطار والشمس. ولقد تم الاتفاق على تعيين السيت مهراج محاسباً لهذا المشروع.
ثالثاً: يوزع من دخل الفرضة على المساهمين في هذا المشروع بنسبة تقدر مرة كل شهرين بشرط أن يكون ذلك تحت إشراف سيت مهراج ويوسف بن أحمد كانو.
رابعاً: المبلغ الذي ساهم فيه الحاكم يستثنى من هذا الاتفاق على أن يتم تحويل ملكية توسيع الفرضة باسمه شخصياً بعد تسديد قيمة التوسعة للمساهمين.
خامساً: يضاف رسوم بقيمة آنة واحدة تساوي 12 بيزة على كل صندوق ونصف آنة 6بيزات على كل خيشة صادرة أو مستوردة من الميناء لدفع حصة المساهمين، وبعد تسديده الحصة كاملة بدون فوائد، يتم تحويل ملكية اللسان لحاكم البلاد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة.
سادساً: بعد تسديد قيمة المشروع للمساهمين، يتم تخفيض الرسوم الجمركية من آنة واحدة إلى ست بيزات على كل صندوق ومن نصف آنة 3 بيزات على كل خيشة، وتخصص هذه الرسوم كدخل خاص للحاكم على أن يتكفل بصيانة المشروع.
سابعاً: يبدأ سريان الرسوم الجمركية آنة واحدة على كل صندوق ونصف آنة على كل خيشة وثلاث بيزات خيشة النورة أو الرز من يناير 1917 والذي يصادف أول ربيع الأول 1335 بعد تحصيل المبلغ من المساهمين، ويعتبر المبلغ المحصل من المساهمين بمثابة قرض بدون فائدة.
البضائع المصدرة من مخازن التاجر يتم تحصيل نصف الرسوم عليها.
أخيراً: لقد وافقت على ما تم الاتفاق عليه أعلاه ودفعت مبلغ 10.000 روبية.
توقيع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة
المتبرعون:
صاحب السعادة الشيخ عيسى بن علي 10.000روبية.
علي بن عبد الله بن محمد 3.000روبية.
شاهين بن صقر الجلاهمة 2.000روبية.
علي بن إبراهيم الزياني 2.000روبية.
يوسف بن أحمد كانو 2.000روبية.
يوسف بن عبد الرحمن فخرو 2.000روبية.
عيسى بن أحمد سيادي 2.000روبية.
عبد الرحمن بن محمد الزياني 2.000روبية.
أحمد بن جاسم بن جودر 2.000روبية.
محمد بن راشد بن هندي 2.000روبية.
سيد عبد الله بن إبراهيم 2.000روبية.
سيد هزيم بن عبد القادر 2.000روبية.
راشد بن مهنا النعيمي 2.000روبية.
الحاج سلمان بن حسين بن مطر 3.000روبية.
الحاج عبد الله بن حسن الدوسري 2.000روبية.
الحاج محمد علي زينل علي رضا 3.000روبية.
محمد شريف قطب الدين 1.000روبية.
يوسف خنجي 1.000روبية.
حجي أبو القاسم وحجي حسن بو شهري 1.000روبية.
عبد الرحمن بن أحمد الوزان 1.000روبية.
محمد طيب خنجي 1.000روبية.
مهراج 3.000روبية.
بيت دواسر 1.000روبية.
بيت بداه 500 روبية.
بيت جيلاه 1.000روبية.
أحمد منصور 1.000روبية.
أحمد بن عبد الله حاجيه 1.000روبية.
عبد الله محمود بن إبراهيم 1.000روبية.
المجموع : 56.500 روبية.
* * *
2-إقراض الحكومة لبناء مخازن للبضائع بفرضة المنامة:
كما قام السيد هزيم جزاه الله خيراً بإقراض الحكومة مبلغاً قدره 1.000 روبية لبناء مخازن في الفرضة وذلك لحفظ البضائع من الأمطار وعوامل البيئة، وهذا نص ما ورد في الوثيقة:
اتفق التجار على مشروع بناء مخازن في الفرضة والذي بدأ المشروع في نفس فترة بناء اللسان البحري 27 ديسمبر 1916م (2/3/1335هـ) وقد ساهم فيه كل مما يلي:
يوسف بن أحمد كانو 1500 روبية.
محمد علي زينل علي رضا 1500روبية.
عبد الرحمن بن أحمد الوزان 500 روبية.
أحمد بن عبد الله حاجيه 500 روبية.
أحمد بن عبد الله منصور 500 روبية.
حجي حسن زار حسين الشيرازي 500روبية.
عبد الله محمود 500 روبية.
محمد شريف عوضي 500 روبية.
حجي محمد طيب خنجي 500 روبية.
يوسف حجي لطف علي خنجي 500روبية.
عبد الله بن حسن الدوسري 1000روبية.
شركة سيد جانكرام تمكداس 1500روبية.
فاشنمال كملام 250 روبية.
مولجان جافراج 500 روبية.
جاشنمال 500روبية.
لكمداس ثورواس وشركاه 250 روبية.
ريت نشان شوركرم 500روبية.
مول شان 500روبية.
علي بن عبد الله 1500روبية.
عيسى بن أحمد سيادي 1000روبية.
راشد بن مهنا 1000روبية.
شاهين بن صقر الجلاهمة 1000روبية.
عبد الله بن إبراهيم 1000روبية.
يوسف بن عبد الرحمن فخرو 1000روبية.
سيد هزيم بن عبد القادر 1000روبية.
أحمد بن جاسم بن جودر 1000روبية.
محمد بن راشد بن هندي 1000روبية.
علي بن إبراهيم الزياني 1000 روبية.
عبد الرحمن بن محمد الزياني 1000روبية.
المجموع : 25.000روبية.
* * *
بعض ما قيل فيه:
قال الباحث السيد عبد الله بن حسين بن صالح السادة: "السيد هزيم بن عبد القادر: اشتهر بالشجاعة والكرم، فكان لا يخلو مجلسه من الضيوف، وكان ثرياً جداً ولا يرضى بالغلبة في أي مجال من مجالات الرجولة والشجاعة والبذل، وما طاول عليه أحد أو ناجزه إلا كانت له الغلبة على خصمه، وكان مع ذلك تقياً صالحاً متديناً".
مرضه ووفاته:
يذكر العم يوسف بوقيس أن السيد هزيم في آخر حياته مرض وأصيب بالشلل الكلي فلم يكن باستطاعته تحريك أي جزء من أطرافه، فأخذه شقيقه السيد أحمد بن عبد القادر وأبناء السيد أحمد إلى الهند للعلاج، وفي الهند تم علاج السيد هزيم وأخذ إلى بعض الينابيع الحارة للاستحمام، لكن لم يستفد السيد هزيم من العلاج كثيراً.
يقول العم يوسف بوقيس: لقد شاهدت السيد هزيم بعد أن رجع من الهند، وكان يجلس على الكرسي المتحرك، ولم يستطع أن يحرك يده إلا إصبعه كان يحركه بشكل بسيط جداً، ولم تطل المدة به حتى توفي وانتقل إلى رحمة الله تعالى ودفن في مقبرة عراد بعد أن شيعه أهله ومعارفه وأهالي حالة النعيم إلى مثواه الأخير رحمه الله تعالى.
انتقال ذريته إلى قطر:
ويشير السيد خليفة بن إبراهيم السادة أن أبناء السيد هزيم قد قاموا بالرحيل عن البحرين واستقروا في دولة قطر وما زالوا بها إلى اليوم نفع الله تعالى بهم.
مصادر الترجمة:
1-مجموعة الوثائق، خاصة بالكاتب.
2-مقالة للأستاذ طارق العامر جريدة الأيام.
3-مقابلة مع السيد خليفة بن إبراهيم بن خليفة بن عبد الغفور السادة.
4-مقابلة مع السيد أنور بن خليفة بن إبراهيم السادة.
5-شجرة قبيلة السادة، أعدها الأستاذ عبد الله بن حسين السادة، طبعت عام 1999م.
6-البحرين بين عهدين الحماية والاستقلال، راشد بن عبد الرحمن الزياني.
7-مقابلة مع العم يوسف بن خليفة بن جمعة بوقيس، من أهالي حالة النعيم.
8-مقابلة مع العم السيد محمد بن صالح بن أحمد بن عبد القادر السادة.
9-موقع قبيلة السادة على شبكة الأخبار العالمية الإنترنت.
10-موقع جوجل إيرث.
11-موسوعة تاريخ إيران السياسي، للدكتور حسن كريم الجاف.

هناك تعليق واحد:

  1. اخوي بشار الشكر لك على اهتمامك بجمع هذه المعلومات التاريخيه
    واود ان اوضح ان الصورة المعروضه خاصة بالسيد محمد بن هزيم الساده ابن هزيم المترجم له رحمهم الله جميعا

    خالد هزيم محمد هزيم عبدالقادر الساده
    alsada.com@gmail.com

    ردحذف

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...