الجمعة، 12 مارس 2010

عيسى الحادي وبواكير الرياضة والمسرح والبلديات


عندما تأتي سيرة المحرق على اللسان ، وعندما يذكر رجالاتها وفرجانها ، ومدارسها وأنديتها ، وكل ما هو موجود على أرضها ، وفي زمانها الماضي الجميل ، ثم عن تلك الأنشطة والفعاليات المكثفة والسائدة ذلك الزمن الماضي منها الثقافية والأدبية أو العلمية وحتى الرياضية وغيرها من الأنشطة الأخرى ، عندما يتطرق إلى تلك السيرة العطرة لماضي هذه المدينة العريقة ورجالاتها وشبابها يقفز إلى الأذهان ذلك الاسم اللامع الذي ملأ سماء المحرق في تلك السنين الغابرة بنشاطاته ومشاركاته المتعددة في مختلف مجالات الحياة .
لقد تبوأ المرحوم بإذن الله عيسى الحادي عدة مناصب في الدولة كان آخرها منصب أمين سر الهيئة البلدية المركزية ، ولاشك بأنه من خلال تلك المناصب الحكومية التي تولاها قد ساهم مُساهمات فعالة ومؤثرة في تطوير العمل الإداري نظراً لخبراته الطويلة الواسعة في الميادين الإدارية التي تنقل إليها عبر خدماته هذه ، والتي امتدت سنين طويلة قضاها بكل تفاني وإخلاص ونزاهة في الأداء والعمل خصوصاً وأن السيد عيسى الحادي كان معروفاً بين زملائه ومعارفه بدماثة الخلق ، وصاحب كفاءات العالية في الشئون الإدارية والمالية والتنظيمية بجانب ما كان يتحلى به دوماً ومع كل الناس بالخلق الرفيع والمعاملة الطيبة مع الكبير والصغير لا فرق عنده ولا تمييز .
إضافة إلى ما اشتهر به خصوصاً عند مخاطبته الناس بذلك الأسلوب الرائع السلس والصدر الواسع الرحب ، سواء من خلال عمله اليومي في الحكومة أو مع مختلف شرائح المجتمع في مدينة المحرق .
كان بو عبد الله وكما كان يردده الناس "مالي كرسيه" إنه بالفعل أحد رجالات المحرق البارزين والمتميزين ، والذين مارسوا العديد من المهن كما هو ملاحظ من سيرته الحافلة بمختلف النشاطات الأدبية والثقافية ومنها الرياضية أيضاً . ومن جراء اطلاعه المستمر ومشاركاته الكثيرة في مختلف أوجه الحياة اعتبر في زمانه ذلك أديباً ومثقفاً لأبعد الحدود بل كان يطلق عليه كنز متنقل من المعلومات العامة .
كنا نستمع إليه وهو يتحدث ويتنقل في شتى المواضيع بقدرة فائقة ، وكأنه العالم الملم بكل ما يجري خصوصاً في العالم العربي .
كان يشد السامع إليه خصوصاً إذا كان الحديث أو النقاش يدور عن مصر وأدبائها ومؤلفاتهم أو الشعراء ودواوينهم أو علمائها أو فنانيها أو غير ذلك من مختلف المواضيع . كل ذلك كان يدور في عمارة الدوي التي كان يلتقي فيها كبار وخيرة رجالات المحرق أو في مجلسه الخاص الذي اعتاد الناس أن يزورونه فيه . كان هذا الرجل يأسرك بحديثه ويجعلك أذناً صاغية له . لقد كان السيد عيسى ومن خلال تلك اللقاءات معه يعتبر بالفعل موسوعة تاريخية من المعلومات . لقد كانت له موهبة في حفظ كثير من الأحاديث الأدبية أو الثقافية وخصوصاً أشعار كبار الشعراء المعروفين .
أما إذا تحدثنا عن مجالات الرياضة فإن بو عبد الله دخلها من أوسع أبوابها حيث ترك ورائه بصمات كبيرة واضحة لا يمكن أن تنسى في هذا المجال بالذات . ويكفي إلقاء نظرة على نص الرسالة التي بعثها إلي خلال منتصف الثمانينيات والمنشورة ضمن هذا الكتاب ، وهو يتحدث فيها عن ذلك الدور والجهد الكبير الذي قام به في لم وتجميع شباب المحرق في مجلسه بغية التدارس والتشاور حول كيفية إنشاء الفرق الرياضية خلال فترة الثلاثينيات .
لم يكتفي عيسى الحادي بهذا القدر من الإنجاز في الميادين الرياضية بل واصل سيره وسعيه الحثيث في تحقيق هدف آخر لا يقل أهمية عن الهدف الأول . فقد شارك مع زملائه وإخوانه من أبناء مدينة المحرق في تحقيق ذلك الحلم الذي طالما راود الجميع في هذه المدينة العريقة . كان ذلك إنشاء "نادي البحرين" وقد تحقق ذلك الحلم الكبير على أيدي صفوة من رجالات وشباب المحرق المخلصين .
وبتاريخ 19 / 8 / 1992م إنطفئ ذلك السراج الذي أضاء سماء المحرق سنين طويلة . عندما انطوت معه صفحة بيضاء ناصعة من تاريخ ابن المحرق البار وأبرز رجالاتها المخلصين الذين أفنوا زهرة شبابهم وحياتهم حتى مماتهم في خدمة هذا الوطن بعطاء مُتواصل لم ينضب أو يقف في يوم ما . لقد أحب الناس وأحبوه لا لماله أو جاهه أو لمناصبه ، بل لتلك الأخلاق الرفيعة ، والنفس المرحة الطيبة ، والسيرة العطرة . رحم الله عيسى الحادي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .
8 رجب 1426هـ
13 أغسطس 2005م
خليل بن محمد المريخي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي بقلم الباحث بشار الحادي

القول الجلي في تحقيق مولد سمو الشيخ عيسى بن علي وهو سمو الشيخ عيسى بن علي  بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين طيب الله ثراه ...