بقلم أحمد بن خليفة ال بن علي
يشهد التاريخ أن شعب البحرين شعب متوحد، ومثقف، ومتطور مقارنةً مع الشعوب الأخرى في المنطقة. فلقد كانت البحرين قديماً غنية بالكثير من النعم التي أنعمها الله عز وجل على شعبها مثل مغاصات اللؤلؤ، والعيون الطبيعية، ومزارع النخيل الكثيفة والمنتشرة في شتى مناطق البحرين، إضافة إلى الثروة السمكية وتوفر أنواع كثيرة من الفواكه وغيرها من النعم. وبعد مرور القرون والعقود، قامت قبيلة العتوب (بني عتبة) من أهل الزبارة بتحرير البحرين من النفوذ الفارسي بزعامة حاكم البحرين آنذاك الشيخ نصر بن ناصر آل مذكور وإسقاط حكمه، دون حدوث أي مقاومة تذكر، ماعدا الحامية الصغيرة التي استسلمت في قلعة البحرين (قلعة الديوان) في 23 يوليو ,1783 وفقاً للوثائق البريطانية المدونة في .1783 ومنذ ذلك التاريخ عادت البحرين إلى حضن الأمة العربية إلى يومنا هذا. علاقة أهل الزبارة بالبحرين قبل 1783 بما يقارب المائة عام وبعد إسقاط حكم آل مذكور في البحرين في 23 يوليو ,1783 انتقل أهل الزبارة إلى البحرين حيث سكنوا في بادئ الأمر في جزيرة المحرق ومدينة المنامة. وكانت البحرين بالنسبة لهم ليست شيئاً غريباً، لأنه سبق وأن سكنوها في الربع الأخير من القرن السابع عشر، ثم انتقلوا منها إلى البصرة عام .1701 وفي عام 1753 سمح حاكم البحرين آنذاك الشيخ نصر بن ناصر آل مذكور للعتوب أهل الزبارة استخدام مغاصات اللؤلؤ بالبحرين مكافأة لهم لما قدموا إليه من مساعدة في فتح البحرين والاستيلاء على الحكم وانتزاعها من آل حرم. لذا كانت المعاملات التجارية بين أهل الزبارة وأهل البحرين من الطائفتين السنية والشيعية سائدة قبل فتح البحرين عام 1783 بأكثر من مائة سنة تقريباً. ومن أهم أسباب مبايعة أهل البحرين ليتولى أحد كبار القوم من أهل الزبارة آنذاك وهو الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة حاكماً على البحرين، هي تلك العلاقة الحميمة المبنية على الثقة المتبادلة بين الطرفين (أهل الزبارة عامة وأهل البحرين عامة) والتي استمرت لسنوات عديدة جيلاً بعد جيل. وكان الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الملقب بالفاتح هو أول حاكم من آل خليفة يحكم البحرين قبل فترة وجود الاستعمار البريطاني فيها. لذلك لم تحدث أي قلاقل داخلية في البحرين في عهد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بسبب الموافقة والترحيب الشعبي لهم وأن أهل الزبارة ليسوا غرباء على البحرين. أسباب الترحيب من أهل البحرين أثناء عمليـة الفتـــح عــام 1783 وهناك عدة أسباب للترحيب أثناء عملية الفتح في 23 يوليو 1783 وذلك للأسباب التالية: أولاً العلاقة الحميمة والطيبة بين أهل الزبارة من الطائفة السنية وأهل البحرين من الطائفتين السنية والشيعية حيث كانوا يتعاملون معاً في التجارة والمبايعات للسلع والبضائع وبساتين النخيل والغوص وغيرها. ثانياً: المعرفة القديمة لأهل البحرين بأهل الزبارة حيث إن هناك من أهل الزبارة من سكن البحرين قديماً وتملكوا بساتين كثيرة في مختلف القرى الزراعية بالبحرين. وكان أهل الزبارة أيضاً يوكلون أهل البحرين من الطائفة الشيعية للبيع وشراء النخيل نيابةً عنهم، والذين كانوا أي أهل البحرين من الطائفة الشيعية، أيضاً متضمنين (مستأجرين) في تلك المزارع حيث يعملون فيها ويزرعون فيها ويحافظون عليها، وهذا يدل على وجود ثقة عالية ومتبادلة بين أهل الزبارة وأهل البحرين. ومنذ 1753 - 1783 أي 30 عاماً، كانت قبيلة العتوب (بني عتبة) وغيرهم من القبائل والعوائل العربية أثناء تواجدهم في الزبارة يستخدمون مغاصات اللؤلؤ القريبة من البحرين، بينما يضيفون الجزء الآخر من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن في مزارع النخيل المملوكة لهم في البحرين. فلذلك لم يقم أهل البحرين بمقاومة أهل الزبارة لأنهم مطمئنون أن الحكام الجدد هم أناس تربطهم علاقة صداقة قديماً، وأنهم ليسوا غرباء على أهل البحرين من الطائفتين السنية والشيعية. نمو التجارة في البحرين بعد عام 1783 قال المقيم البريطاني في البصرة سامويل مانستي والمقيم البريطاني في بغداد هارفورد جونز في عام 1790 في تقريرهما عن التجارة في الخليج العربي والفارسي التالي عن تجارة البحرين: ''... ومن هذا الوقت (أي 1783م) سيطر العتوب (بني عتبة) على جزيرة البحرين من دون أي مقاومة فارسية لاسترجاعها. تستمد البحرين أهميتها وقيمتها من مهنة صيد اللؤلؤ القديمة والواسعة النطاق والتي أعطت في جميع الأوقات الثروة لملاكها. إن تجارة البحرين مؤخراً والمستقلة عن قسم اللؤلؤ كانت طفيفة جداً''. وواصل المقيم البريطاني في البصرة سامويل مانستي والمقيم البريطاني في بغداد هارفورد جونز الكلام في تقريرهما المذكور أعلاه عن البحرين وسكن قبيلة العتوب (بني عتبة) في البحرين وتجارتهم حيث قالوا التالي: ''إن اكتساب البحرين مؤخراً أشجع عرب قبيلة بني عتبة الذين يقطنون الجزيرة لشراء السفن لتيسيرها في رحلات إلى الهند واستخدامهم في مثل هذه الرحلات. وأصبحوا ينقلون اللؤلؤ إلى سورات مباشرة وأن يستوردونها سنوياً إلى الزبارة والقطيف، ميناء أساسي للوازم الضرورية للبضائع الهندية والأوروبية التجارية كما ذكرنا سابقاً دون دفع الضريبة التي كانوا عرضة لها عند مرورهم بقناة مسقط''. وذكر المقيمان البريطانيان سامويل مانستي وهارفورد جونز في نفس التقرير التالي: ''....أصبحوا (بني عتبة) الآن محترمين ومهابين في الخليج الفارسي بشكل عام، وأصبحوا بالتالي أقوى العرب الذين يبحرون فيها، فهم يملكون جوالبيت وسفناً عديدة وكبيرة وقد احتكروا تجارة الشحن الجارية بين مسقط وموانئ الساحل العربي في الخليج الفارسي، وقسماً رئيساً من تجارة الشحن بين مسقط والبصرة، وفي مدى الاحترام والصرامة والعدالة فإنه من الممكن مع ملاءمة أن يتم مقارنة حكومة القرين والزبارة والبحرين بحكومة مسقط، فإن الغرباء الذين يزورون تلك الموانئ ''التجار المقيمين فيها'' يتمتعون في كل حين بالحماية الدائمة تقريباً لكل أشخاصهم وما يملكون. ومنذ استيلاء عرب قبيلة بني عتبة على جزيرة البحرين ضلت هناك عداوة غير نشطة وسلبية ومنتظمة بين تلك القبيلة والفرس وقد دمر هذا الشيء العلاقات التجارية تماماً والتي كانت قبل تلك الفترة متبادلة بشكل مفيد بين المجموعتين''. ولم يكن شيوخ العتوب يتقاضون رسوماً على الاستيراد في بداية الأمر، وكانت مصالح التجار تلقى من جانبهم الرعاية الكاملة. وكان أهل البحرين عندئذ يسيطرون سيطرة شبه كاملة على تجارة اللؤلؤ في الخليج، وكانت وارداتهم من الهند التي قدرت في ذلك الوقت بحوالي 10 لاكات من الروبيات كل سنة يدفع معظم قيمتها باللؤلؤ من سوق مسقط. الثقة المتبادلة بين أهل البحرين المبايعات بين أهل البحرين قبل وبعد الفتح عام 1783 وبعد الاستقرار السياسي في البحرين عام 1785 بعد وفاة علي مراد خان حاكم شيراز وزوال التهديدات الفارسية، باشر أهل الزبارة في شراء مزارع النخيل في مختلف القرى الزراعية للبحرين. وهناك من أهل البحرين من الطائفة الشيعية من هم من ملاك المزارع ومنهم المتضمنون لتلك المزارع بحكم مزاولة مهنة الزراعة، ومنهم التجار في بيع وشراء السلع، وغيرهم من المهن. وبحكم العلاقة القوية بين أهل الزبارة من آل خليفة حكام البحرين وقبيلة العتوب (بني عتبة) وغيرهم من جهة وأهل البحرين بجميع أطيافها من جهة أخرى، كانت هناك مبايعات كثيرة بين الطرفين مما يؤكد التلاحم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البحرين، دون وجود نقطة واحدة من الطائفية التي بدأت تنتشر في العراق بعد الغزو الأمريكي عام .2003 وكانت وثائق ملكيات النخيل آنذاك تعرف بالصكوك، وهي الورقة الشرعية آنذاك لمبايعات النخيل والأراضي بحكم عدم وجود إدارة للتوثيق أو وزارة للعدل أو جهاز للتسجيل العقاري كما هو موجود اليوم، حيث فيها كاتب الصك وشهود وتصديق من القاضي الشرعي في البحرين من الطائفتين السنية والشيعية على حسب من هو البائع والمشتري، وكان يسمى القاضي الشرعي آنذاك ''خادم الشرع الشريف في البحرين''. وهذه وثيقتان من الوثائق الكثيرة للمبايعات قبل وبعد فتح البحرين بين أهل البحرين من الطائفتين السنية والشيعية
المراجع
آل فاضل العتوب بشار الحادي
مجموع الفضائل راشد بن فاضل آل بن علي
وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق